العلمانية .. شمس العدل التى لا تغيب ... بقلم / مؤنس فاروق [email protected] يكثر الحديث و يدور اللغط و تمتد الحوارت حول العلمانية .. خاصة فى الدول الاسلامية و العربية .. و حقيقة رغم ان تعريف العلمانية و معناها واضح و شفاف و بسيط الا اننا نجد ان هناك العديد من المفاهيم و التصورات الخاطئة هى السائدة عند الكثيرين مثل ان العلمانية كفر و الحاد .. و انها فجور و معصية ... والخ من تلك التعريفات و العبارات التى لا تمت الى العلمانية بصله و جاءت مقصوده من قبل من اطلقوها لتشوية و اغتيال العلمانية و من يدعو لها .. العلمانية هى نظام يخص الدولة و مؤسساتها فى المقام الاول بحيث يضمن لها حريتها و نزاهتها حتى تؤدى الدور المنوط بها بكل حيادية و تجرد .. لكن عندما تكون الدولة او المؤسسة مرتبطة بالفرد كما هو الحال فى بلداننا لابد ان يحدث تعارض . فالعلمانية نظام قائم ليتماشى مع الدولة المؤسسية و ليست الفردية .. لكن اذا اردنا ان نورد ابسط تعريف لمفهوم العلمانية نجده هو ( العلمانية هى .. الحياد الايجابى للدولة ) بمعنى ان العلمانية تعمل اولا على المساواة بين الجميع فى الحقوق و الواجبات و تحافظ على التنوع و تحمى الراى و الراى الاخر تساعد على الابداع و الابتكار . العلمانية هى الحل الامثل لجميع الفروقات و الاختلافات الموجودة بين البشر و بالتالى هى الضمان الحقيقى للسلام و التعايش بينهم . فهى لا تنحاز لفئة على اخرى و نقصد هنا الدولة (المؤسسة ) ولا تضطهد شخص للونه او جنسه او دينه فهى لا شأن لها بذلك بل تضمن له حريته و كافة حقوقه. فالعلمانية اساسها العدل و سقفها النزاهة لا تترك فاسدا الا و حاسبته او مجرما والا ردعته . لقد عاشت اروبا عصورا طويلة من التخلف و الاقتتال الطائفى و الاثنى و ذاقت ما يكفى من الظلم و الضياع حتى وجدت ضالة الحق و العدل و الطريق الى التطور فى العلمانية ... العلمانية ليست ضد الاديان او ضد الانسان كما يشيع البعض بل على العكس تماما هى تكفل للفرد الحرية الكاملة فى الاعتقاد و التعبير و تحافظ على حقوق الاقلية قبل الاغلبية و تقوم بواجبها على اساس المواطنه فقط و ليس اى تصنيف اخر فاذا كانت العلمانية (كفر) و تقف ضد الاديان و تحاربها لكانت المسيحية الان فى اروبا وامريكا نسيا منسيا ولم نكن لنجد الاسلام و المساجد و حتى النقاب فى اروبا .. ان الذى يحافظ على حقوق الاقليات المسلمة فى اروبا و امريكا هو الحياد الايجابى للعلمانية.. فالعلمانية لا ترفض الاخر .. بل تحميه و تحافظ عليه .. رغم انهم فى اروبا و امريكا لم يجدوا شيئا من الاسلام سوى القتل و الدمار. و جوهر الحقيقة اننا لا نرفض العلمانية بل نرفض الاخر و لا نعترف به .. نرفض الحرية فى التفكير و الابداع و الاعتقاد نرفض حتى العدل و المساواة نرفض المؤسسات و نعظم الافراد .. ان العلة فينا نحن و ليست فى العلمانية و الفرق واضح بين دولا علمانية سماتها النزاهة و العدل و كفل الحقوق و الحريات و بين الدولة الدينية التى سماتها الظلم و الاقصاء و الفساد و التخلف (سواء كانت مسلمة او مسيحية ) ..ان العلمانية هى من اتاحت لعرب اسرائيل مقاعد فى الكنست و وزارت و مناصب حكومية فى معظم اروبا و هى من حافظت على حقوق المسلمين فى الهند لكن فى المقابل ماذا حل بيهود فلسطين و مصر و العراق و اين هم .. و دونكم ما يعانيه المسيحيين العرب فى بلدانهم الان .. الازمة ليست فى العلمانية بل فى العقول التى ترفضها و فى العنصرية التى لا ترى او تقبل غير نفسها . ان الشعوب المتطورة و الحديثة ابتكرت العلمانية لتقيم العدل و تحفظ الحقوق و توفر الخدمات و تدير المصالح و تحمى البشرية من شرور و اطماع البشر انفسهم .. بدلا عن الدولة الدينية التى كانت تفرض الوصاية عليهم فى ملبسهم و مشربهم و حتى افكارهم.ان تاريخ الدولة الدينية فى الاسلام اتسم بالفساد منذ عهد عثمان بن عفان ا ( المؤامرات و الدسائس و القتل و التوريث..الخ )وصولا الى الخلافة العثمانية .. هل يقصد دعاة الدولة الدينية الان انهم يفهمون الدين وسيطبقون الاسلامو دولته اكثر من عثمان و معاوية. فمتى نفيق و ندرك ان لا علاقة للدين بالدولة .. فالدولة التى صنعها الانسان ليس مفروض عليها الصلاة او الحج و التسبيح مثلا .. و رغم ان العرب و المسلمين هم الاكثر تشددا فى ربط الدين بالدولة نجد ان بلدانهم ابعد ما تكون عن الدين الذى هو العدل والرحمة و ابعد ما تكون عن الاخلاق التى هى الصدق و الامانة .. وهنا الفرق .... ربما ننفق كل العمر .. كى نثقب تغرة... ليمر النور للاجيال.. مره ربما لو لم يكن هذا الجدار .. ما عرفنا قيمة الضوء الطليق ... .............. دنقل