ريال مدريد ينهي خلافه مع مبابي    هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    سألت كل الكان معاك…قالو من ديك ما ظهر!!!    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    أنشيلوتي: فينيسيوس قريب من الكرة الذهبية    حمّور زيادة يكتب: ما يتبقّى للسودانيين بعد الحرب    هجوم مليشيا التمرد الجمعة علي مدينة الفاشر يحمل الرقم 50 .. نعم 50 هجوماً فاشلاً منذ بداية تمردهم في دارفور    عاصفة شمسية "شديدة" تضرب الأرض    مخرجو السينما المصرية    تدني مستوى الحوار العام    «زيارة غالية وخطوة عزيزة».. انتصار السيسي تستقبل حرم سلطان عُمان وترحب بها على أرض مصر – صور    د. ياسر يوسف إبراهيم يكتب: امنحوا الحرب فرصة في السودان    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    كلام مريم ما مفاجئ لناس متابعين الحاصل داخل حزب الأمة وفي قحت وتقدم وغيرهم    الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة    مرة اخري لأبناء البطانة بالمليشيا: أرفعوا ايديكم    تأخير مباراة صقور الجديان وجنوب السودان    الكابتن الهادي آدم في تصريحات مثيرة...هذه أبرز الصعوبات التي ستواجه الأحمر في تمهيدي الأبطال    شاهد بالصورة.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تشعل مواقع التواصل الاجتماعي بأزياء قصيرة ومثيرة من إحدى شوارع القاهرة والجمهور يطلق عليها لقب (كيم كارداشيان) السودان    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    بالصور.. معتز برشم يتوج بلقب تحدي الجاذبية للوثب العالي    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    محمد سامي ومي عمر وأمير كرارة وميرفت أمين في عزاء والدة كريم عبد العزيز    مسؤول بالغرفة التجارية يطالب رجال الأعمال بالتوقف عن طلب الدولار    مصر تكشف أعداد مصابي غزة الذين استقبلتهم منذ 7 أكتوبر    لماذا لم يتدخل الVAR لحسم الهدف الجدلي لبايرن ميونخ؟    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    مقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر.. معلومات جديدة وتعليق كندي    النفط يتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتوقعات العرض الحذرة    النموذج الصيني    غير صالح للاستهلاك الآدمي : زيوت طعام معاد استخدامها في مصر.. والداخلية توضح    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    إسرائيل: عملياتنا في رفح لا تخالف معاهدة السلام مع مصر    الجنيه يخسر 18% في أسبوع ويخنق حياة السودانيين المأزومة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    زيادة كبيرة في أسعار الغاز بالخرطوم    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    نانسي فكرت في المكسب المادي وإختارت تحقق أرباحها ولا يهمها الشعب السوداني    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يؤدى حكم الأخوان لمصر، لبداية نهاية حكم الأنظمه الأسلاميه؟
نشر في الراكوبة يوم 05 - 10 - 2012


[email protected]
مدخل لابد منه:
لابد من التفريق الأمين والتمييز الدقيق بين (الأسلام) الذى نزل فى بداية الدعوه الأسلاميه فى مكه على مستوى متقدم و(ديمقراطى)، يمكن أن يتعائش مع كآفة الأديان والأفكار، ولأ يتغول على حريات الآخرين أو يفرض عليهم اعتناقه بالعنف والأرهاب و(السيف)، لكن ذلك المستوى لم يكن فى طاقة ذلك المجتمع القبلى العنصرى الخارج لتوه من جاهليه غليظه، قانونها من (غلب سلب) والقوى يفرض ارادته على الضعيف، وكانت المرأة اضعف مكون فى ذلك المجتمع وكانت توأد حية خشية العار وحتى لا تؤخذ (سبية) فى الحروبات التى تغير فيها القبائل على بعضها البعض، لذلك حينما جاء (الأسلام) فى تلك الظروف وبذلك المستوى المتقدم الذى ساوى بينها وبين اخيها (الرجل)، لم تكن مستعدة لتلك المساواة مثلها مثل باقى الفئات المستضعفه فى المجتمع (عبيد) و(ائماء)، بل من بينهم ساده من قبائل ضعيفة.
وكأن ذلك المستوى من (الأسلام) شرع لأنسانية هذا العصر، الأكثر لطافة ورهافة لكى تتعامل به البشرية وبقيمه حينما تصبح مهيأة لذلك بفضل العلم والتطور فى (النفوس) والأحاسيس يعنى تطور (مدنى)، يسبقه تطور (حضارى) يعنى فى الصناعه والتكونولوجيا والأكتشفات العلميه وقد أشار القرآن لذلك فى الآيه التى تقول: (سنريهم آياتنا فى الأفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق).
وما هو مدهش أن المسلمين الآن على مختلف مذاهبهم وطوائفهم يستفيدون من هذه (التكنولوجيا) ويرتفقون بها فيسافرون بالطائرات لا الجمال والبغال ويتعالجون بالليزر لا يالمشرط، دون ان يشعروا بالم، ثم يلتفتون للناحية اليسرى يلعنون مكتشفي تلك الوسائل ومخترعيها ويقعدون لهم عند كل مرصد متربصين بهم لقتلهم، وهم من انقذوهم من ديكتاتور جائر كاد أن يفتك بهم ويبيدهم عن آخرهم كما حدث فى (ليبيا)، التى رد (الأسلاميون) فيها ذلك الجميل بقتل السفير الأمريكى فى بنغازى.
ذلك المستوى من الأسلام الصالح لأنسانية هذا العصر والذى لم تكن البشرية مهيئة له، يقول قرآنه: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) و(من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) و(ماعلى الرسول الا البلاغ)، و(فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر) و(واتبعوا أحسن ما أنزل اليكم من ربكم)، وكثير من الآيات التى تسير فى هذا السياق التى (نسختها) آيات (السيف) التى نزلت مع فرض احكام الشريعه، وآيات أخرى (ارجئت) حتى يأتى اليوم الذى تصلح فيه للتطبيق وفى هذا المعنى تقول الآيه: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير).
لذلك وحتى لا يساء للأسلام وحتى لا يتهم بأنهم دين ديكتاتورى وشمولى، لا بد من التمييز بين ذلك المستوى (الأحسن) كما نصت الآيه وبين مستوى آخر نزل فى المدينه كان ملائما تماما للقوم الذين نزل فيهم وهو كما قلنا (الشريعة) التى يقول قرآنها :(فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) وآية أخرى أشد عنفا من الأولى بغير المسلمين تقول: (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) .. للأسف تلك هى (الشريعه) التى تدعو لهذه المفاهيم والتى يتمسك بها غالبية المسلمون اليوم، شرقا وغربا (متطرفين) و(معتدلين) فى عدم وعى ومعرفه مسئين بذلك، للأسلام الشامل الذى نزل (اولا) متسامحا وديمقراطيا فلم يطقه أهل ذلك الزمان، فأستبدل لهم بتشريع يناسبهم، أشد عنفا وغلظة وأقل بسطا للحريات الشخصيه والدينيه، دون شك لم (يغير) الله رايه تنزه وعلى ، وأنما ادخر ذلك التشريع حتى يأتى زمان أهله الذين يستحقونه رجالا ونساء، وتشير لهم الآيه اشارة لطيفة تقول: (وآخرين منهم، لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم) ويؤكد ذلك المعنى الحديث الذى قال فيه الرسول (ص): (واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا: أولسنا إخوانك، يا رسول الله؟! قال: بل أنتم أصحابي!! واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا: أولسنا إخوانك، يا رسول الله؟! قال: بل أنتم أصحابي!! واشوقاه لإخواني الذين لما يأتوا بعد!! قالوا: ومن إخوانك، يا رسول الله؟! قال: قوم يجيئون في آخر الزمان، للعامل منهم أجر سبعين منكم!! قالوا: منا أم منهم؟؟ قال: بل منكم!! قالوا: لماذا؟؟ قال: لأنكم تجدون على الخير أعوانا، ولا يجدون على الخير أعوانا).
وعن هؤلاء جاء فى الحديث: ( إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء بقربهم ومقعدهم من الله يوم القيامة).
للأسف بعد كل هذا يتمسك تمسك غالبية المسلمين – بوعى أو لا وعى - بتشريع ثبتت (عمليا) فشله وقصوره وعدم ملاءمته للعصر ولأنسانيته التى أصبحت (مرهفه) الحس مع الأعتراف ببعض التجاوزات والسلبيات غير المنكوره والتى لن تزول بصوره نهائيه الا مع عودة المسيح (المخلص) الذى تنتظره كآفة الأديان، لكى يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وصحيح أن (الغرب) الذى تقدم كثيرا فى جانب الديمقراطيه وأحترام حقوق الأنسان لا زال يتبنى يمارس الظلم ويتعامل بازدواجية معايير، لكن ذلك (الظلم) لا يصل ما يحدث فى مجتمعاتنا التى تعانى من الديكتاوريات (العسكريه) و(الدينيه)، ولابد أن نعترف بأن صور العنف (شديدة) الغلظه لا زالت تأتى ممن يدعون انتماء للأسلام، حيث يقومون بذبح الأنسان الذى كرمه الله على باقى مخلوقاته ذبح الشاة.
وبما أن تلك (التشريعات) لا تناسب روح العصر وثقافته ومواثيقه فأن (المتشبثين) بها على غير علم أو بغرض المتاجره باسم الدين، يلجأون للمداهنة وللنفاق و(للمراوغه)، مستعينين بمفردات اللغة العربية حمالة الأوجه لكى لا يعترفوا بما يحتويه هذا التشريع من (نقص) وتمييز عنصرى بعد أن كان ضرورة (مرحله) وكان ملبيا لحاجة قوم لم يكونوا مستعدين لأفضل منه بسبب تدنى ثقافتهم وبسبب البئية التى نشأوا فيها وكان شرعها كما ذكرنا (من غلب سلب)، وما كانوا يعترفون بشئ أسمه العدالة والمساواة أو حقوق الأنسان، فالرق والعبوديه وما ملكت الأيمان معترف بهما فى تلك الشريعه وتحريم ولاية المسيحى والمرأة على المسلمين منصوص عليه فيها، أى أنه تشريع لا يعترف بقيمة سائدة فى العصر الحديث أسمها (المواطنه) المتساويه، التى بدونها لن يتحقق أمن أو استقرار أو تنمية فى أى دوله، ورب العزه وعد المستضعفين والمهمشين وفى مقدمتهم (المرأة) بنيل حقوقهم تقول الآيه: (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين).
اضافة الى ماىقدم ذكره فهناك جوانب عديده غير انسانية فى ذلك (الشرع) لا تناسب هذا يبررها (الأسلاميون) على نحو غير مقنع كزواج القاصرات، وحقيقة الأمر العيب ليس فى ذلك (التشريع) الذى كان مناسبا لأؤلئك القوم ولزمانهم، أنما العيب على من يسعون (لأجترار) ذلك الزمان بكل ما فيه من نواقص واعادة تلك التشريعات لتحكم زمانا غير ذلك الزمان.
والأسلام على نحو شامل ظهر قبل 1400 سنه وأصبح له اتباع بالمليارات، وهذا لا يمكن أن يكون عبثا، وهو دين ساهم فى ترقية النفوس وهذب الأخلاق وساهم فى تغيير سلوك المجتمعات السابقه بفرض (شريعه) رغم نقصانها اذا قيست بمعايير اليوم وبما تنص عليه مواثيق حقوق الأنسان, اليوم لكنها كانت متقدمه على الشرائع السائده وقتها وبمراحل.
ثم جاء قوم من بعدهم أخذوا من ذلك الدين ما يناسب عصرهم لكن – دون منهجية – واضحه، تعالج مشاكل المجتمعات السياسيه وأن عالجت مشاكلهم الأخلاقيه والسلوكيه على نحو فردى كما نجد فى الفكر والأدب والتربية (الصوفيه) الحقيقيه، القائمه على الزهد والتقشف.
والفكر الوحيد المستند على الدين والمأخوذ من القرآن والسنه وفى ذات الوقت لا يتعارض مع ثقافة (العصر) هو الذى قدمه الشهيد الأستاذ (محمود محمد طه) فى شجاعة وثبات ودفع ثمنا لذلك حياته وهو راض ومبتسم على المقصله، وهو القائل أن افضل وسيلة للحكم فى السياسة هى (الديمقراطيه) وفى الأقتصاد هى (الأشتراكيه) ولا أظن مفكر أو رجل دين غيره قال مثل هذا الفهم وفتح بأستشهاده على ذلك النحو الطريق لغيره اذا كانوا صادقين للمواصلة فى ذات الدرب لتخليص البشرية وتحقيق سعادتها، ولو كان الأعلام نزيها وأمينا لأستفاد من علم ذلك الرجل الذى يحتاجه الكون كله اليوم ولعكس ارائه النيره التى يمكن أن تنقذ البشريه من التطرف والأرهاب والأستقطاب الدينى الحاد الذى نراه الآن، الذى جعل الصدام الحاد بين المسلمين انفسهم واردا، دعك من أن يكون بين المسلمين وغيرهم من اصحاب الديانات الأخرى.
ولابد أن يعترف (الأسلاميون) بأن الأسلام عن طريق (الشريعه) لا يمتلك منهجا أونظاما للحكم بعد أن فشلت كأفة التجارب التى تدعى انها انظمة اسلاميه خاصة فى الجانب الأقتصادى، لأنها تدغدغ مشاعر البسطاء بتطبيق (شرع الله)، وبمجرد أن تستولى على السلطه، تجد بأنه لا مفر من التعامل (بالقروض) الربويه دائنه أو مدينه!
وفى الجانب السياسى فأن الأنظمه التى تدعى تطبيقا (للشريعه) لا تعترف بالمؤسسيه وبالفصل بين السلطات، مثلما لا تعترف بالديمقراطيه وحقوق الأنسان، لأنها تتبنى (الشورى) منهجا للحكم، ولأنها تؤمن بالولايه المطلقه للحاكم حتى لو (اظهرت) نفاقا، خلاف ذلك.
بالطبع لا يمكن اخذ التجربة (التركيه) بأعتبارها نظام اسلامى، فرئيسها قالها بكل وضوح انه مسلم فى دوله (علمانيه).
ولا داعى أن نتوقف عند تجربة نظام أمراء (بنى أميه) قريبة العهد ببدايات الاسلام وقد كانت تجربة مريرة رسخت لأسمى معانى الديكتاتوريه والأستبداد والبطش والقمع وكان الأمتناع عن اساءة الخليفة الرابع (على بن ابى طالب) على منابر المساجد، سببا لقتل الأمام مهما بلغ علمه، ولم يستثن من ذلك الحال سوى (امير) واحد أو أثنين اصبحوا مشهورين لأنهما استثناء.
وتفشى خلال عصرهم المجون والغلمانيات ومعاقرة الخمر زما ملكت الأئمان والتغزل فى ذلك كله، وفى ذات الوقت يطبقون شرع الله وحكمه كما يدعون، ويجلدون ويحدون.
أما فى العصر الحديث فقد علو (الأسلاميين) بصورة واضحه على (ارض الحجاز) بتحالف بين (الدين) و(السلطه) ممثلا فى الأسره السعوديه التى تمثل الجانب (السياسى) ومحمد بن عبد الوهاب، الذى يمثل جانب (الدين) والذى رسخ للفكر(الوهابى) المتشدد الذى خرجت من عباءته غالبية الحركات المتطرفه الآن.
وظهرت قبل ذلك جماعة أخرى من فصائل الأسلام السياسى تؤمن (بالميكافيليه) و(البرجماتيه) كأسلوب يجمع بين الدين والسياسة هم جماعة (الأخوان المسلمين)، لكن ظهورهم فى بداياته كان هادئا وغير مؤثر على يد مرشدهم الأول (حسن البنا) لكن بروزهم الحقيقى كان مع تلميذه (سيد قطب) الذى وجد تاييدا من مجموعه كبيره من (الأخوان) سموا انفسهم (بالقطبيين) وأتخذوا من كتابه (معالم على الطريق) منهجا اساسيا لفكره، وقد تنامى وتمدد حجم الأخوان المسلمين يوما بعد يثوم خاصة بعد العنف والقمع الذى وجدوه من نظام (جمال عبد الناصر) فى مصر، رغم انهم الذين بدأوا العنف ومحاولة اغتيال (عبد الناصر) الذى كان قريبا منهم فى بداياته.
ذلك العنف والتعذيب منحهم قدر كبير من تعاطف الشعب المصرى وفى ذات الوقت أصبحوا (فزاعة) للوطن والشعب الذى تعاطف معهم وأضحى يخشى وصولهم للحكم وتبديلهم للصبغة المدنيه لوطنهم، ولذلك قبل الشعب بأى وضع ديكتاتورى أو فاسد وصبروا عليه طالما كان البديل، نظام (الأخوان) الذين كان لهم دور فى استمرار هذه الفزاعه بما اظهروه من عنف وأرهاب وأغتيال للسياسيين والكتاب والأدباء ويعتبرون ذلك (جهادا)، ومن بينهم خرجت مجموعات اشد تطرفا، وأنتهى الأمر بعد ثوره 25 يناير المصريه بتحالف بينهم وبين (السلفيين) الذين كانوا يحرمون الأشتغال بالسياسة ويرون أن دورهم هو الدعوى.
بعد رحيل (عبد الناصر) جاء (انور السادات) الذى قوبل منذ بداية عهده بمعارضه يساريه و(شيوعية) قوية، فأتجه نحو (الأخوان المسلمين) ولقب نفسه بالرئيس (المؤمن) ودعم تيارا (الأخوان) وغيره تيارات لمواجهة قوى اليسار.
وغير (السادات) نهج البلد الأقتصادى من اشتراكى الى (الأنفتاح) الرأسمالى الذى يجد هوى عند (الأسلاميين) الذين أكثر ما يحبونه فى الدنيا جمع المال وتعدد النساء، طالما سمحت لهم الشريعه باربعه نساء، وبجمع المال مهما كبر حجمه طالما يستخرجون زكاة وهى ربع العشر أو اثنين ونصف بالمائة، لا كالنظام الأشتراكى الذى يفرض ضرائب تصاعديه، لكى لا تصبح دولة من الأغنياء منكم.
وقد ساهم الأنتصار فى حرب اكتوبر 1973 الذى تبعه ارتفاع مذهل فى سعر البترول الى انتعاش اقتصادى رهيب فى دول الخليج وفى مقدمتها (السعوديه) وتبعا لذلك أصبحت هنالك حاجه للعمال والمهنيين الذين هاجروا لتلك الدول، وبالطبع كانت أكبر نسبه وافده من المصريين، (فتهجن) الفكر الأخوانى المصرى بالوهابى السعودى وكان المنتج الجديد فى غالبه اقرب لفكر تنظيم (القاعده).
وبعد أن تنامى حجم (الأسلاميين) وحصلوا على دعم خارجى وداخلى واستفادوا من تحويلات كوادرهم أنقلب السحر على الساحر وبدأ ضغطهم على (السادات) خاصة بعد توقيعه لأتفاقية (كامب ديفيد)، وأعلن تكفيره واهدار دمه.
وأنتهى الأمر بأغتياله على المنصة خلال مشاركته شعبه وجيشه الفرحة بذكرى ذلك الأنتصار عام 1981.
وكان لأنتصار الثوره الأيرانيه قبل ذلك فى عام 1979 بقيادة (الخمينى) دور مهم فى ارتفاع صوات الأسلاميين رغم الأختلاف (الفكرى) بين السنه والشيعه.
وبعد اغتيال السادات تولى عرش مصر (مبارك) الذى عن أفرج عن كآفة المعتقلين فى السجون ، ومن بينهم يساريين واسلاميين معلنا توجها أكثر نحو الديمقراطيه مع مواصلته فى طريق سلفه (الأنفتاحى) وبعد أن كانت اوراق اللعبه فى عصر السادات كما قال بنسبة 99% فى يد امريكا اصبحت فى عهد (مبارك) 100%، واصبح مبارك وكأنه رئيس (ولاية) امريكيه فى منطقة الشرق الأوسط، ينفذ أجندة امريكا ويعمل شرطيا لها بصوره أفضل مما تريد.
ومن مساوئ نظام (مبارك) خاصة خلال العشر سنوات الأخيره تزاوج (السياسه) مع (البزنس) مما ادى الى فساد رهيب ونهب وأهدار للمال العام بعدة طرق، وفى نفس الوقت أستمرت (فزاعة) الأخوان التى تأكد الآن أنها حقيقة وأنهم ديكتاتوريين وشموليين مهما تبرأوا من تلك التهمه والمصيبه انها ديكتاتورية تلتحف ثوب (الدين) وتأخذ منه مبررات ممارستها.
فاذا حاولوا ان يضعفوا دور المرأة وأن يسحبوا منها ما تحقق لها من انجازات اٌقرتها المواثيق الدوليه، برروا ذلك بأن (الشريعه) الأسلاميه لا تجيز مساواة الرجل بالمرأة فى الميراث أو فى بعض الحقوق الأجتماعية الأخرى.
ولا أدرى هل تجيز تلك (الشريعه) طالما هم متمسكين بها بموالاة (الكفار) والملحدين وبتعاون تجارى مع (الصين) الشيوعية الملحده، التى تدخل المسلمين فى سجونها؟ وهل تجيز التعاون مع البرازيل العلمانيه، وتركيا التى قال رئيسها انه (مسلم) فى دوله (علمانيه)، وهل تجيز الحصول على قرض منها أو من البنك الدولى بفائدة مهما قلت نسبتها؟
الشاهد فى الأمر وصلت انظمه عديده تدعى بأنها اسلاميه وتطبق (شرع) الله فى العديد من الدول ومن اولها السودان عام 1989 بانقلاب (الترابى – البشير) على الديمقراطيه ومعلوم ما فعله ذلك النظام فى السودان بابادته وتشريده لحوالى ربع سكان السودان مسلمين ومسيحيين ومن بينهم ابادة 2 مليون و500 الف فى الجنوب وأكثر من 300 الف فى دارفور، لأن من يعارض النظام فهو مفسد يحارب الله، بحسب ما تقول (الشريعة).
وفى الوقت الحاضر وصل الأسلامويون للحكم فى العديد من الدول بعد ما عرف بثورة (الربيع العربى) فى تونس وليبيا والمغرب على نحو (اقل) لكن اهم دوله وصلوا فيها للحكم هى مصر.
وأتوقع أن تكون تجربتهم فى مصر المحكوم عليها بالفشل، تمثل بداية النهاية لهذا الفكر الديكتاتورى الشمولى مهما تبرأوا من ذلك وأن يكون نهاية الأنظمه التى تدعى الحكم بأسم الاسلام.
وأتوقع أن يقتلعوا من أرض مصر اقتلاعا مثل رفاقهم فى السودان.
فأنظر لتصرفاتهم المتناقضه بل غير الأخلاقيه منذ نجاح الثوره المصريه وحتى الآن، حيث ضغطوا لتمرير الأعلان الدستورى الأول بسرعة وأفتوا بأن من يصوت بنعم فهو مسلم وسوف يدخل الجنه ومن يصوت بلا فهو كافر وسوف يدخل النار.
وكان الغرض من ذلك الا تؤسس (جمعية تأسيسيه) تصيغ الدستور مكونة من كأفة الوان الطيف السياسى والأجتماعى المصرى، قبل أن يحصلوا على اغلبية فى البرلمان بأى صوره وحتى اذا حل البرلمان، يتشدقوا بأنهم اصحاب الأغلبيه التى أيدها 30 مليون مصرى كما يرددون الآن.
ولأول مرة فى التاريخ اسمع أن جماعه تصر على انها صاحبة الأغلبيه بعد أنتخابات ثبت بطلانها وأنها غير قانونيه ولم تحقق العداله والمساواة بين المواطنين.
وتواصل ضغطهم وارهابهم (للمجلس العسكرى) الحاكم وباقى القوى السياسيه وكان من اسوأ تلك المظاهر أحتشادهم امام (المحاكم) للضغط على القضاة لأصدار قرارات تصب فى مصلحتهم، وكذلك احتشادهم فى كآفة الميادين مهددين ومتوعدين قبل ظهور نتيجه رئاسة الجمهورية، بل أنهم قاموا باعلان النتيجه قبل أن تصدرها اللجنه القضائيه المكلفه بذلك العمل.
وللأسف كانت للقوى المدنيه والليبراليه المصريه رؤيه قاصره فى التعامل مع الأنتخابات وفى مواجهة هذا (التيار) بعدم توافقها على مرشح واحد خلاف (شفيق) أو (عمرو موسى) المحسوبان على النظام السابق، وأى مرشح (مدنى) كان بمقدوره الفوز على (مرسى) فى انتخابات كانت محروسه بجهة محائده مهما اختلف الناس حولها هى (المجلس العسكرى)، وكانت مراقبة من العالم كله.
ومن الصعب أن تتوفر فى الأنتخابات القادمه حياديه أو نزاهة كما يتصور المتحالفون الآن من التيارات المدنيه.
فالأسلاميين عندهم الأنتخابات الديمقراطيه والنزيهة مرة واحدة يستخدمونها كسلم ثم يرمون بذلك السلم، لأنهم يحكمون بأسم الله، ولا يمكن أن يسمحوا (لليبرالى) أو اشتراكى أن يصل للحكم مرة أخرى، فتصبح الدوله محكومه بالطاغوت حسب رؤيتهم.
ومن المعلوم أن مرشحهم (محمد مرسى) الذى ما كانوا انفسهم مقتنعين به، لم يفز فى المرحلة الأولى وأحتاج لمرحلة اعادة ولأصوات القوى الليبراليه والمدنيه وكالعادة (خدعوهم) وعقدوا معها اتفاقا (شفهيا) يؤكد مدنية الدوله وديمقراطيتها مع تعهد بعدم الهيمنه أو الأستحواذ.
وبعد أن فاز (مرسى) بفارق ضئيل من مرشح (الفلول)، انقلبوا على القوى المدنيه والليبراليه وهيمنوا على (الجميعة التأسيسيه) وبدأوا فى فرض فكرهم وأيدلوجيتهم الواضحه على مواد الدستور، وكل من خالفهم رموه بتهمة العلمانيه والليبرالية ومعاداة (الشريعه).
رغم ذلك كله فأن أن (الأسلاميين) وقعوا فى شر اعمالهم بتربعهم على عرش (مصر) التى لديها مؤسسات راسخه وعتيده وأن سعوا لأضعافها فى الجيش والقضاء والصحافه.
لكن ما صعب عليهم ولا اظنهم يستطيعون عليه هو (الأعلام).
الذى يرهقهم بكشف الفساد – الأخلاقى – حتى الآن والتناقضات فى اقوالهم وتعهداتهم.
وقد اعتمدت الأنظمه (الأسلاميه) فى السودان على سبيل المثال، على قمع الأصوات وعلى عدم كشف الحقائق، وبالهيمنة والسيطرة على وسائل الأعلام وهذا هو اسلوب الأنظمه التى تلتحف عباءة الدين منذ قديم الزمان.
لكن (الأخوان) فى مصر فشلوا حتى الآن فى السيطرة على (الأعلام) ولهذا فمن المتوقع أن تكون هذه بداية النهاية لهذا الفكر الذى شغل الكون كله لعدة عقود يرهبون ويسفكون الدماء ويدعون محاربة الطاغوت وحتمية ايلولة السلطه لأنظمه تطبق (شرع الله) وحكمه، وهاهم عندما استلموا السلطه أعلنوا التزامهم باتفاقية (كامب ديفيد) بكل ما فيها من عوار، وأعلنوا نيتهم لخلق علاقة قويه مع أمريكا التى كانوا يتهمون الأنظمه السابقه بالعماله لها.
بل كرموا (السادات) الذى كانوا يتربصون به فى حياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.