بالمنطق لماذا تعثرت الثورة ..؟!! صلاح الدين عووضه [email protected] *فالآن هو أوان التساؤل المشروع هذا ... * ولاحظ أننا قلنا ( تعثرت) ولم نقل ( تعذرت) ... *فللشاعر العربي عمرو بن معدي كرب حكمة صاغها شعراً في إحدى قصائده تقول: (إذا لم تستطع شيئاً فدعه، وجاوزه إلى ما تستطيع ) .. * وحكمتنا السودانية الشعبية القائلة: (الأرضة جرّبت الحجر) هي تحض على فضيلة التجريب، ولكنها لم تشر إلى تجاوز دابة الأرض للحجر بعد أن أدركت أنها لا تستطيع نخره.. * ولو كانت دابة الأرض أقسمت (إما الحجر أو بلاش) لما كانت عاشت وتناسلت وتكاثرت إلى أن يأتي اليوم الذي تأكل فيه منسأة سليمان - عليه السلام- لتتبيَّن الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين.. *وكذلك بعض الشعوب من حولنا حين حاولت أن تتجاوز (أحجار الواقع!!) التي وضعتها أنظمة بلادها في طريق تطلعاتها المشروعة تبيَّن أفرادها أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في عذاب مهين تسيمهم إياه عروش أكلت أركانها دابة الفساد.. *فقد تبيَّن التونسيون - مثلاً - أن نظام بن علي الذي كان يبدو في ظاهره جبروتياً ما هو في حقيقته - أو باطنه - إلا هياكل لأجساد أجهزة حكم أكلتها دابة الفساد.. *والشئ نفسه تبيَّنه المصريون إزاء نظام مبارك ... * وتبينه الليبيون واليمنيون من بعدهم ... *ويتبينه السوريون الآن .... * والذين تبيَّنوا هؤلاء - أو من هم بصدد أن يتبيَّنوا - يجمع بينهم جميعاً عامل مشترك وهو العمل بحكمة: (إذا لم تستطع شيئاً فدعه، وجاوزه إلى ما تستطيع).. * فقد تجاوزوا محاولات حث حكوماتهم على إجراء الاصلاحات المطلوبة.. *وتجاوزوا أيضاً محاولات تجريب نخر صخرة الواقع التي وضعتها في طريقهم حكوماتهم هذه.. * ثم تجاوزوا - كذلك - حتى محاولات حث أحزابهم المعارضة على اثبات وجودها من أجل إجبار الأنظمة القائمة على الشروع في الاصلاحات المنشودة.. *وبرزت في الدول هذه من حولنا قوة ثالثة فرضت كلمتها على الأحزاب الحاكمة والمعارضة معاً.. *قوة قوامها الشباب (اللامنتمي!!) .. *ونحن في السودان نحتاج إلى مثل هذه القوة ذات القدرة على (التجاوز) الآن.. *تجاوز الحكومة من جهة ...... *وتجاوز أحزابنا المعارضة - من جهة أخرى - بعد أن ثبت أنها هي نفسها أكلت (أحشاءها!!) دابةٌ من نوع آخر هي دابة الاختراقات والاستقطابات والانشقاقات والإغراءات.. * ويبقى من المهم أن نشير إلى أن الشعارات التي ترفعها هذه القوة ذات الطريق (الثالث) عليها أن تكون متوافقة مع ديننا وأعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا.. *عليها أن لا (تتجاوز!!) هي نفسها ما هو بمثابة ثوابت لدى الغالبية العظمى من أبناء هذا الشعب.. *فالدين لا يتعارض مع الديمقراطية.. * والديمقراطية لا تتعارض مع ما تواضع عليه المجتمع من سلوك وقيم وأخلاق.. *فبعض دعاة الديمقراطية في بلادنا لا يميزون - في غباء سياسي شديد - بين (الحرية) و(التحرر) .. *ونعني ب(التحرر) هنا التطرف في ممارسة الحرية إلى حد العجز عن تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من فجر المطالب المجتمعية المشروعة.. *ولطالما استغل الإسلامويون في السودان (العجز) هذا في تخويف المحافظين - والمحافظات - من عهد (ذي انحلال!!) إذا ما قُدِّر لدعاة الحرية الهيمنة على مقاليد الأمور.. *وفي أمريكا - رائدة الحريات في العالم - أُضطر عضو بالكونغرس إلى تقديم استقالته بعد إنكشاف أمر رسالة هاتفية فاضحة كان قد أرسلها إلى فتاة.. *و لم يقل الأمريكان - الديمقراطيون حتى النخاع - إن هذه (حرية شخصية!!) .. *هذا - إذاً - هو الطريق الثالث الذي نتمنَّى أن يسلكه (اللامنتمون) الكثر في بلادي من الذين لم يجدوا ضالتهم (السياسية) في الحاكمين والمعارضين على حدٍّ سواء .. *إنه شيء مثل الذي يعكف عليه أصحاب منبر الوسط للتغيير هذه الأيام .. *والمنبر هذا يؤمه - للعلم - نفر من الذين يئسوا من الحاكمين والمعارضين على حد سواء .. *نفر من الذين كانوا يهتفون حتى الأمس القريب : لن نصادق غير الصادق ... *أو يهتفون : عاش أبو هاشم !!!!!! الجريدة