[email protected] أني اعترف بأن مقياس حب الوطن عندنا في ادنى مستوياته _مقارنة بالشعب المصري_ على سبيل المثال وتقريبا للمفهوم . فالكثير منا لا يحب السودان ، و لا يشعر بالانتماء لهذا الوطن ، لدرجة انني في بعض الاحيان ، اذهب في الاعتقاد بأن السودان عبارة عن تكتلات عرقية و جهوية ، تضمها أرض ،و لا يوجد رابط اجتماعي يوحدها وطنيا" . وانخفاض مستوي الوطنية عندنا يعزى الى اسباب عديدة: اولى هذه الاسباب اننا لم نحصل علي استقلاننا عن طريق حرب ، وانما بريطانيا وهبتنا الاستقلال و وهبتنا دولة كاملة الدسم ، بسكة حديدها ،و خدمتها المدنية ، و برلمانها ...... الخ. وذكر عدم خوض حرب من اجل نيل حريتنا يقودنا الى سبب أخر,فالسودان ايضا لم يخض حرب " دولية " حتى تساهم في ارتفاع مقاييس الحب الوطني ، فالحرب عندنا كانت و لا تزال حرب " أهلية " بين ابناء الوطن . و ما تنتجه الحرب " الأهلية " هو المساهمة في تقليل الانتماء الوطني ، فالحرب الاهلية تجعل الأخر يكره الوطن و يبغض الاخرين الذين ساعدوا الظالم على ظلمه ، مما يجعل كل شخص يبحث عن من يوفر له الحماية , سوى انتماء عرقي او حزبي او طائفي ، الامر الذي يؤدي بدوره الي تفتيت " اللحمة الوطنية " على حساب تكتلات أثنية و عرقية و حزبية وطائفية. ضف الى ذلك ,الثنائية النمطية التي نعاني منها " ثنائية الجهة و الطائفة " فنحن مازلنا نتعامل بمنطق الجهة ، شمالي و جنوبي ، شرقي و غرابي ، و انصاري و ختمي ، و هلالابي و مريخابي ,,, الخ كل هذه الانتماءات العصبية اذابت الوطن في داخلها ، مع عدم مراعاة الأخر او الاعتراف به. هناك سبب أضافي ومهم جدا ادي الي تقليل الحس الوطني , هو ان الدكتاتوريات تلجأ غالبا الى تكوين حزب سياسي يعبر عنها ، و لانها ترفض مبدأ التعددية السياسية ، فأن احزاب الدكتاتورية غالبا ما تحمل في اسمها " الوطني " مما يجعل من يعارضها في خانة " عميل " ضد الوطن. بالاضافة الي ضعف المادة الوطنية التي تقدم على مستوى المناهج التعلمية . اما ما يقدم علي مستوي الدراما و المسرح فلا يرقى ابدا لأن يصنع شخصية وطنية. فعذرا" وطني ، لا احد يكرهك ، و لكن الجميع يحبون انفسهم.