[email protected] كنت وعدتكم بمقال عن ابتلاء حسين الزبير، الا ان قرآتي للآتي في الراكوبة، اربكتني و اغضبتني واثارت حفيظتي، و اوصلتني للحالة التي تجعل النوبي ان يضع نواة بلح تحت اضراسه، ويفجر غضبه في كسر اضراسه، لكي لا يرتكب جريمة اصابة احد ابنائه او زوجته بعاهة مستديمة: (وإعترف أسامة للإذاعة السودانية أمس بأخطاء صاحبت قيام سد مروي وقال كنا نظن أن التعامل سيكون سهلاً ولكن واجهتنا صعوبات ..وكذاك التقديرات المالية لم تكن صحيحة وغير عملية بيد أننا تجاوزنا ( الغباء )والمشاكل التاريخية والسياسية والشخصية خاصة تدخلات الأحزاب السياسية غير المبررة التى لا تهدف إلى المصلحة العامة حسب تعبيره واردف يجب ترك ما لا يغني وما لا يسمن والإبتعاد عن المحاصصة السياسية ..) كنت اسمع كثيرا عن فشل هذا السد، لكني لم اصدق لبعض حسن الظن فيهم: يجعلوا من مشروع السد مصدرا لاكل المال الحرام، وكل اساليب الفساد، جائز، لكن ان يفشل المشروع كله؟؟ لا حول ولا قوة الا بالله. و الادهي و الامر ان الحياة تمضي في الخرطوم عادية، والحكومة تعقد اجتماعاتها الروتينيه، لا اوقفت الوزير المسؤول عن العمل و لا اعتقلت المهندسين الفنيين الذين اشرفوا علي التنفيذ للتحقيق، لا ... كمان "وحذر معارضي قيام سدي كجبار والشريك من تفويت الفرصة لأنها لا تتكرر .." يا مثبت العقل و الدين ثبت قلوبنا علي دينك، رب لا نسألك رد القضاء و لكننا نسألك اللطف فيه. و انا في ذهولي تذكرت حكايتين قديمتين، فخففتا عني بعض الأحباط لطرافتها: 1. كان خالي يوسف فرحات، الذي جاور المسجد عابدا و زاهدا في متاع الدنيا في آخر ايامه، كانت به شقاوة في ايام الصبا، فهو من شباب امدرمان في خمسينات القرن الماضي، وكان والده جدنا فرحات يحرص علي اصطاحبه لصلاة الجمعة. ويبدو ان رفاقه كان لهم برنامج في تلك الجمعة، فقرر الزوغان من الصلاة فقال لوالده يا ابوي انا ما عندي طاقية وما باقدر امشي الصلاة، لكن الحاج فرحات لم يتردد في اعطائه مبلغا من المال ليذهب و يشتري الطاقية لكن خالي لم يفقد الامل في "دك" الصلاة، فذهب و اشتري طاقية ليست في مقاس رأسه. و عندما حان موعد الصلاة ناداه والده قائلا: يالا يا يوسف عشان نلحق الصلاة، فرد عليه بنبرة حزن (افتقدها في تصريح الوزير): يا ابوي الطاقية دي طلعت صغيرة! فقال له الشيخ الساخر: يا يوسف انت لما اشتريت الطاقية راسك كان معاك و الله كنت نسيته في البيت!! و لا ادري ما الذي "نساه" الوزير المهندس او "تناستها" الاجهزة الفنية للمشروع؟؟ يا ربي نسوا دراسة الجدوي؟؟! و هذه موضوع الحكاية الثانية. 2. في السنوات الاولي للانقاذ كان وزير الري مهندسا (من الاسلاميين طبعا) يحمل درجة الدكتوراة من جامعة امريكية، و لمناقشة مشروع معين اجتمع بالتيم الفني، فذكر له احدهم ان هذه الخطوة يجب ان تسبقها دراسة الجدوي، فماذا كان رد الوزير الدكتور؟؟ قال لهم: دراسة الجدوي بدعة غربية و نحن لا نؤمن بها في حكومتنا الاسلامية!!! اللهم لا راد لقضائك، و لا اعتراض في حكمك. فالسيد الوزير المهندس اسامة عبدالله مطالب بان يحترم هذا الشعب الذي من ابنائه اجيال من المهندسين و الاقتصاديين الذين يستطيعون ان يقيموا اي شرح فني لفشل المشروع، او فلنقل الأخطاء، و ما هي مآلاتها (consequences) واثرها علي فعالية (effectiveness) "السد الرد"، أن ينشر علي الملأ تقريرا وافيا عن هذا المشروع الذي سيدفع كلفته ثلاث اجيال علي الأقل. و ان كنت لا تثق في جيلك من المهندسين و الاقتصاديين، لأنهم "معارضة حاقدة" علي المشروع الحضاري، فبين ظهرانينا عدد من جيل كلية غردون امد الله في عمرهم و متعهم بالصحة و العافية، و ان اغتالت احدهم السكتة القلبية ، سيكون الجناة امثالك من الذين ينفقون مليارات الدولارات، و يعلنون ببساطة في مقابلة اذاعية ان المشروع حدث فيه اخطاء للعجلة و الحماس. اذكر لك اثنين من هؤلاء علي سبيل المثال لا الحصر: المهندس عبد المنعم عباس الذي كان مديرا للسكة حديد في قمة مجدها، و السيد منعم منصور الذي ظل يقدم النصح و المشورة الاقتصادية سرا و جهرا للحكومات المتعاقبة. كما اني انبه السيد الوزير انه اذا كان هذا المشروع فاشلا، فان انجازات الانقاذ في ربع قرن من الزمان سيتقلص الي ثلاثة كباري و طريقين، و ان قارنت هذا بالتضحيات التي قدمها الشعب السوداني : انفصال الجنوب، انهيار البني التحتية من تعليم و صحة و زراعة ...الخ، التفسخ الذي اصاب المجتمع ، و تشويه صورة الدين الاسلامي في اذهان الشباب، وبيع ممتلكات الشعب دون وازع او ضمير، ستجد انه لا يستطيع اي انسان في كامل قواه العقلية ان يذكر هذه الكباري كانجاز. نسأل الله العفو و العافية و الستر في الدين و الدنيا و الآخرة. و آخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.