شرطى سعودى... وموقف انسانى..!! منتصر نابلسى [email protected] الانسانية ليست مجرد مجاملات قشرية، او ادعاءات فضفاضة لا تحتوى المواقف الحقيقية التى تستحق منا نكران الذات، بقليل من التواضع وشىء من الشجاعة وكثير من الشهامة، لنجدة محتاج او اغاثة ملهوف ... ان مساعدة الاخرين نعمة ونعيم لاتاتى به الا... النفس السخية، التى لا تنظر الى مفابل مادى فانى..زائل... ولا تطمع من هذه (الفزعة) كما يحلوا للاخوة السعوديين تسميتها ...فى نجدتها لمحتاج الى كلمة ثناء اوكاميرات تصوير اوشهرة نجومية اومتاع من الدنيا قليل... ولكن هناك نفوس تسعد ايما سعادة حين تمد يد العون والغوث ، وهى تعلم تماما ان غاياتها من هذه المساعدة تتخطى حدود الشكر وحيز العرفان ... ويرى البعض الاخر انه واجب يمليه عليه ضميره وتناديه اليه انسانيته ....بينما ينام البعض الاخر فعلا وقولا عن نصرة الحق والزود عنه ولم تعلمهم حتى الايام والاحداث الصوم عن الباطل وتجنبه ... فما اضعف من منحته الايام سلطة وسطوة فاهدرها فى الاستلاب والانتهاب طمعا او تجبرا ...اوسخرها لصناعة الشر والاحجام عن نجدة الملهوف، و بين مفرط فى غطرسة الاستكبار ولغة الاستعلاء ...ومتهاون فى تفاعله مع المواقف الانسانية، اما استصغارا او استهتارا... ولكن قطعا يوجد بينهما الهمام، من يمد بكل اريحية وسخاء نفس يد العون والمساعدة ، بدون تكلف او عناء ترفع.....للاخرين حفظ الله مثل هؤلاء... وايدهم بنصره..... كنت فى مهمة عمل خارج مدينة الرياض، تقلنى سيارتى فى طريق شبه ميت... لا تمر به السيارات الا نادرا ... ومع دندنة الاستاذ محمد ميرغنى تناسيت بعض من التوتر منسجما مع موسيقاه العذبة الغنية بالروعة ، وصوته الشجى الدافىء ،وتلك الكلمات المعبرة التى تهدهد الاحساس بالعاطفة والشجون، وتنثر الاشواق بكل لطف ...وحنين الى الوطن الذى لا نكاد ننساه... لحظة الا نتذكره كل لحظة من عمر غربتنا ، فهو فى الوجدان رغم شرخ الايام وجراح ...المسافات البعيدة.....ونزيف الذكريات العديدة.... وبدون مقدمات تصدر السيارة العزيزة اصوات نشاذ غريبة ، ثم حركة تفاجأ بها انتباهى ثم صرير ثم توقفت السيارة تماما... وهو الوقوف الغير متوقع ... فى المكان الغير مناسب.... ترجلت من السيارة ... حاولت ان اعرف مصدر_ اللكلكة _ فلم اتبين شىء واضح.... رغم محاولاتى اليائسة هنا وهناك ..... حقيقة انزعجت كثيرا، فانا فى منطقة نائية فى طريق شبه بالمهجور على بعد 200 كيلو من الرياض ومعى سيارة متغطلة... ولا اعلم كيف السبيل... الى خروج من هذه الورطة العجيبة... التى لم احسب لها حساب حاولت الاتصال عبر الموبايل ولكن لاجدوى فالمكان لاشبكة فيه كررت المحاولات ولكن لاحياة .... ولم املك الا الانتظار الذى لا املك غيره ...وانا بين يأس ورجاء... لربما يظهر ابن حلال يقلنى الى اى محطة اجد فيها اما سيارة نقل سيارات او ميكانيكى لعلاج العلة التى المت بسيارتى....وهاهى الشمس قد بدأت اشعتها تخبو...وهى تاذن بالغروب والاختباء خلف تلال الظلام... ولكن من على البعد لاح شبح سيارة قادمة... ما لبثت ان توقفت سيارة شرطة ..الحمد لله...نزل منها شرطى فى مقتبل العمر هاشا باشا.. صافحنى بكل ادب وهو يقول : سلامات عسى ما شر...اخبرته عن ما حل بسيارتى.... حاول ان يعالج العطب الذى طرأ على السيارة .. ثم حاول توصيل البطارية عبر اسلاك من سيارته ...ولكن بدون فائدة.... قال لى بكل طيبة نفس سوف احضر لك ميكانيكى سيارات الان ، لن اتأخر كثيرا وكانت اقرب محطة تبعد 15 كيلو .. لم يمضى الكثير من الوقت حتى عاد الشرطى وبصحبته الميكانيكى، الذى بدوره قام بفحص السيارة وتبين له السبب وبحمد الله اصلحها .... اخيرا.... ولكن ظل ذلك الشرطى ينتظر حتى تاكد ان سيارتى قد استقر حالها تماما... ثم ودعنى باطيب العبارات ....ختمها بقوله تصحبك السلامة ماتشوف شر ... لقد كان موقف رجل انسان بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.... فان كانت الشهامة لا تحتاج الى منصب.... فالعطاء والسخاء يحتاجان الى انسان... ان الشرطى الحقيقى ليس من يلبس زى العسكرية ويتعالى بها او يحمل سلاحه ويخيف الناس الامنين... ولكن الشرطى الحقيقى الذى لا ينتظر الاوامر من رؤساءه لاداء واجب يحتمه عليه... دينه وضميره... لك التحية ايها الجندى المجهول وصحبتك السلامة اينما تكون، ووفقك الله حيث ما ساقتك اقدارك، واعانك الله على فعل الخير وكثر من امثالك ... ولكن اعذرنى ايها الاخ العزيز... فانا لم اتعرف على اسمك الكريم حتى ادرجه فى هذه المقال ...ولن اتمكن من ارسال مكافاة تستحقها انت ولكنى متاكد ان امثالك لا يبحثون اصلا عن مكافاة ... لقاء مساعدتهم الاخرين.... ولكن حتما اخى العزيز... ستصل دعواتى الصادقة لك...بدوام التوفيق.....والنجاح