بلا انحناء فاطمة غزالي [email protected] لمصلحة مَنْ تُغْلَق أبواب المعرفة ؟!!! سؤالٌ يطرح نفسه على الساحة السودانية بعد الهجمة الشرسة على منابر المعرفة والاستنارة، ألا وهو (لمصلحة من يشتد التضييق على منظمات المجتمع المدني والمؤسسات التي تغذي العقول بالمعرفة الحقوقية والاستنارة)؟!!. في تقديري إنها خطوة – أيّ إغلاق المنابر- تولد الاحتقان وتفتح الشهية لأن يتلقف الناس من مواعين العنف ليصبح الوسيلة التي يتجه نحوها البعض مجبرين.. تقديرات المسؤولين وتوجيهاتهم بإغلاق أوتجميد، أوشطب مراكز(الدراسات السودانية، والخاتم عدلان، وأرى) خطوة جانبها الصواب ومهما كانت مبرراتها، وتعكس مدى الاستهانة بالدور الذي تقوم به هذه المؤسسات المدنية التي كانت هي منبر المعرفة في وقت تضاءلت فيه ساحات العلم والاستنارة والتثقيف في كافة المجالات الاجتماعية والحقوقية والوطنية.. وهلم جرا. لا أحد يستطيع أن ينكر الدور الذي لعبه مركز الخاتم عدلان في قضايا الراهن السوداني بتقديمه للدراسات والأفكار التي تخدم مصلحة الشعب وتتلمس همومه ومشاكله وليس هذا فحسب بل يقدم الحلول، وينظم اللقاءات والملتقيات من أجل أن تخرج الحلول ديمقراطية، وتعكس وجه الحقيقة.. ونجح مركز الخاتم عدلان أيضاً في خلق تشابك بينه والمجتمع المدني في منظوماته المختلفة.. ليس من العدالة أن تُوأد منابر اتخذت من التنوير والتدوال المعرفي منهاجاً للمساهمة في بناء الوطن، وليس من الحصافة أن تصطنع السلطات حرباً بينها والمراكز التي تُشبع حاجات الشعب الثقافية والاجتماعية وتدلهم إلى الارتواء من بحر العلوم عبر الورش التدريبية واللقاءات الفكرية ومشاهدة الأفلام التي تسبر غور التأريخ وتعطي الأجيال دورساً في الإنسانية والوطنية، وتكشف عورة الشر الذي ظل يصارع الخير في علاقة سرمدية ينتصر فيها الأخير على الأول.. وثورة الحقوق المدنية التي قادها مارتن لوثر كنج. يبدو واضحاً أن التعامل مع هذه المراكز ينطلق من زواية الانتقائية؛ لأن قرارات التجميد والشطب لم تقترب إلا من المنظمات التي يُنظر إليها بمنظار الاختلاف السياسي، ومن بوابة (من ليس معنا فهو ضدنا)، أو من زاوية (معنا أومع العمالة) مادامت هذه المراكز تناصر الحقوق وتناهض انتهاكها وتدعو إلى إصلاح ما أفسده الدهر.. هذه المراكز لقناعتها بمنطق النهج السلمي سعت إلى انتزاع حقها في البقاء والعطاء عبر القانون والإعلام والتعبير السلمي عن طريق المذكرات والوقفات الاحتجاجية التي وجدت الصد والرفض من قبل السلطات؛ إلا أنها وصلت إلى أعلى قمة في الدولة ممثلة في رئيس الجمهورية بالرغم من محاولات منع وصولها، كما أنها أظهرت مصداقية مفوضية حقوق الإنسان التابعة إلى الدولة في وقوفها مع الحقوق.. نأمل أن تجد المذكرة استجابة من رئيس الجمهورية المشير عمر البشير ليفك وثاق هذه المؤسسات العملاقة. الجريدة