مليونيرات.... فى زمن الفلس....( 1) منتصر نابلسى [email protected] بيت متواضع من الجالوص (الطين ) امامه شجرات نيم عملاقة ، يروق للعم حامد ان يتمدد على عنقريبه تحت ظلها الوارف مسترخيا ينعشه الهمبريب... ليخفف من عناء تعب النهار المتسلل الى جسده النحيل، وقد يسمع القادم صوت شخيره كمعزوفة اغنية منتظمة الايقاع... وهو يحمل كل يوم على ظهره اغراض الزبائن من عربته، او يرفعها اليها .... يتولى قيادة عربة الكارو وهويلوح بعصاه القصيرة، الى حماره يحثه على التقدم وسط الزحام... ليشق طريقه بتصميم مكابدا.... كل مشقة رغم زهد المردود ،وقيمة العائد المادى القليل... ولكن يقويه الصبر....ويسانده الجلد... وقد علمه الزمن قوة التحمل من اجل لقمة عيش شريفة عفيفة، يقتسمها ...بسعادة وغبطة مع اولاده الثلاثة وزوجته علوية... ورغم دخول ايمن كلية الطب... بجدارة ...ظل لا يستنكف من ان يقود عربة الكارو يقضى طلبات الزبائن مساعدا والده فى شموخ وتواضع... العم حامد يؤمن بحكمته البسيطة ان السعادة فى مودة يشتم عبيرها الزاكى... من الانس مع احبابه ....واولاده ويؤمن ايضا ان الكفن لاجيوب له... انما رضا الرحمن افضل ، واهم عنده من ..ملايين تدخل عليه بالشقاء الابدى وتنزع البركة من بيته...يؤمن تماما ان بيته البسيط هذا ليس عليه ان يبيعه مهما كان المقابل... عربة الكارو التى تقف كالمعتاد بعد الظهيرة ،امام الباب الخشبى الموارب، او كما تعود العم حامد ان يتركها كانه يفاخر بانه يطعم اهل بيته من عرق جبينه، فهو يرى ان الرجل الحقيقى هو من لا يقذف فى جوفه لقمة حرام، وهو يفهم ايضا ان طريق الكسب من العمل بعربة الكارو شاق، ولكنه قد تمكن من ايجاد اللذة فى الكدح والاحساس بالعطاء...يربط حماره الداراوى على جذع الشجرة القديم فى الركن الامامى من بيته تاركا معه ربطة من البرسيم الاخضر يلتهم منها حماره بشهية واستمتاع انه المبروك كما اعتاد ان يسميه العم حامد،و لم بنسى يوما من الايام جهد المبروك المقدر الذى يبذله فى طلب الرزق معه.... فكان يعطيه حظه من العلف كاملا غير منقوص... سكن العم حامد فى حى عريق معروف، وكان اقدم سكان ذلك الحى، مالبث ان تطاول بعض من حوله فى البنيان ، وتعملقت الفلل، كانت قبيل فترة بيوت بسيطة تفتقر الى ابسط المقومات ثم تكدست الاموال فى ايدى البعض... وجرت الملايين فى ايديهم ، وليس من العيب فى شىء ان يثرى الانسان ويغتنى... فالارض لله يرزق من يشاء بغير حساب ولكن العيب كله ان يكون مصدر الاموال ...وموردها لايتشرف به ذو المروءة والاخلاق... وهاهو..عوض جار العم حامد المستكبر والمستعلى ، ينظر الى العم حامد و بيته من طوابق الازدراء ناسيا حق الجار... فهو نوع من بنى البشر يرى عزه فى استصغار من حوله ، وينظر بامتعاض عبر البلكونات، الى ذلك المبنى الطينى البسيط وقد نسى ان بيته كان بالامس القريب مثل بيت العم حامد، فسبحان من يغير ولايتغير...و لم يستحى جاره عوض عندما طلب منه ان يبيع له البيت قائلا : لو تبيع لى بيتك دا ياحامد سوف اهده تماما يعنى باعتبار انى اشتريت منك قطعة ارض فاضية ايه رايك فى مليون جنيه ياحامد؟؟؟ .... وكانت مفاجأة عوض عندما بادره العم حامد فى غضب شديد : انا شكيت ليك يا عوض... قلت ليك انا قنعت من بيتى شكيت ليك ؟ الجار: ياخ مليون جنيه مليون جنيه تقدر تشترى بيها الداي..... وقبل ان يتم عوض كلامه بادره عم حامد: ياخ انا الحمد لله حالى مستور وراضى انت متسلط على مالك ما تخلينى فى حالى ولا نسيت قبل ايام كان بيتك ذى بيتى الماعاجبك؟ نعم لقد كان هذا العوض المليونير قبل سنة يتسلف من العم حامد....فدخل هذا الانتهازى الى ابواب الثراء عبر...نفاجات الحكومة المفتوحة... لامثاله فاصبح بين عشية وضحاها ...من اكابر الاثرياء اما عن الكيفية فلا تسأل واذا عرف السبب بطل العجب- او هكذا هو الحال مع مال الميرى.... ثم مالبث ان اصبح بيت هذا الانتهازى عمارة شاهقة وهو يطمع فى المزيد... ليذدرى من حوله اكثر... فى استعلاء وعنجهية مرضية... كانما هو الخالد على وجه البسيطة الفانية... اعجبته فخامته قاستصغر غيره وتمادى...كان دائما يردد ياخ بيت حامد دا شوه المنطقة... لازم نشوف لينا طريقة نشيلو من هنا.... اما العم حامد فكان حاله كالنسر فوق القمم الشماء ... دائما لا ينحنى امام العواصف بل يعالج فلسه بالصبر ويستمد قوته وسعادته وانشراحه... من نجاح اولاده ومودة زوجته الصبورة رغم دخله المحدود ... وصعوبة المشاوير الشائكة فى بلد اذا سرق (الانتهازى) فيها تركوه او.... اكرموه....ا و..زادوه ..... ( وللقصة بقية )