لما فاحت رائحة الفساد ، وأكلت القروض القادمة من أهل عاد ، انتقل السدنة من الخطة (أ) إلي الخطة (ب ) وفحواها كلو سليم في السليم . وعلي عجل صدرت القرارات (الفورية) عن إقرارات الذمة التي لابد أن يكتبها كل سادن بخط يده ، ويسلمها للجهات العدلية كيما تتأكد من عدم وجود أي (ريشة) علي رأسه . وعلي طريقة المثل المصري ( قالوا للحرامي أحلف قال جالك الفرج ) قال السدنة وروني إقرارات الذمة واقعدوا فراجة . وسارت الخطة ب علي أحسن ما يرام وكتب كل سادن في إقرار ذمته أن مرتبه الذي يناله لقاء توليه منصبه الدستوري قدره كذا وكذا ، وأن بدلاته المالية الرسمية قدرها كذا جنيه وأن حوافزه السنويه قدرها كدة وكدة . وللتأكيد أرفق مع الإقرار شهادة مرتب ممهورة بتوقيع المدير المالي للوزارة المنكوبة ومختومة بالختم الرسمي . وحمل الإقرار بنفسه للجهة المختصة ، قائلاً في شماتة ( عندكم معاي حاجة تاني ؟ ) . ووضع الإقرار في درج بني عليه العنكبوت ، وختم عليه بالشمع الأحمر ومعناها انتهي التفتيش المالي . وقبل أن ينتهي يوم العمل الرسمي رنت التلفونات المتبادلة وسأل السدنة بعضهم البعض عن حكاية الإقرارات التي في طرفها (شمارات ) وكانت الإجابات متطابقة . لم تشمل الإقرارات العمارات والقصور الكائنة في الأحياء الراقية لأنها مسجلة باسم الزوجات والأبناء . ولم تشمل الإقرارات حسابات البنوك بالعملات المحلية والأجنبية لأنها مسجلة بأسماء حركية . ولم تشمل الذمم المضروبة الشركات وأسماء الأعمال لأنها مسجلة تحت اسم الأقارب وأبناء العمومة . وبالطبع لم يشمل الإقرار العمولات والرشاوي التي تلقاها السادن نظير التسهيلات التي يقدمها للبعض فيما يتعلق بالعطاءات والمشتروات الحكومية . كما لم يشمل الإقرار الأموال التي حولت إلي ماليزيا وسويسرا لحسابات مكتوبة باللغة الهيروغلوفية للتمويه . ولن تنتهي قصة الإقرار عند هذا الحد ، فبعد أن تراجع اللجان المختصة الإقرارات ستحيلها للجان المنبثقة ، والتي ستحيلها بدورها للجان العامة ثم المتخصصة وبعدها للجنة العليا ولكل لجنة حوافز وجوائز ومنافذ . وعندما يخرج التقرير الختامي للعلن ، سيكتشف الجميع أن السدنة والتنابلة في زمرة الفقراء ومحدودي الدخل ، وسيطالب كل سادن بنصيبه من زكاة الفقراء وسيناله علي داير المليم . أما الصحفيون والمعارضون الذين سيتحدثون بعد ذلك عن الفساد ، فدونهم المحاكم والحراسات التي تشبه أقفاص الجداد ، والما عاجبو يمشي كاب الجداد وكلو سليم في السليم يا أخوات نسيبة وسعاد الميدان