عبدالهادي محمود محمد [email protected] قبل أكثر من شهرين ونصف كنت قد كتبت مقالاً تحت عنوان (الخطر الذي قد يشعل ما تحت رماد الشرق ) إبان تصريح وزير الدولة بالداخلية السيد بابكر دقنة والذي صرح أن الوزارة بصدد القيام بعملية تسليح أبناء القرى الحدودية تحت مظلة الشرطة الشعبية بمعدل عشرة شباب من كل قرية لمجابهة عصابات الإتجار البشر وقد أوضحت خطورة هذه الرؤية على إستقرار المنطقة والتي قد تجعل من الشرق دارفور أخرى أشد ضراوة وإشتعالاً وقد تساءلت حينها لماذا لا تُخصص الحكومة قوة متخصصة من الشرطة السودانية لهذه المهمة بدلاً من أبناء القرى الحدودية إلا إن كان في الأمر أهداف أخرى كما عودتنا في مناطق أخرى بالبلاد ، لأن العملية ستكون أشبه بتسليح بعض قبائل دارفور وترك الأخرى خاصة أن هذه القرى ذكرت أنها لمكون عرقي بعينه والاتهامات بممارسة الإتجار توجه لعرق آخر بغض النظر إن كان الاتهام صحيحاً أو غير صحيح حتماً ستسيل الدماء وسيتحول لقتال بين هذا العرق وذاك مما يجعل أبناء العرقين للدفاع عن أنفسهم و وجودهم . ما حدث أمس الأربعاء 22يناير2013م بمنطقة الشجراب هو بداية لتحرك ما تحت الرماد فمنطقة الشجراب يسكنها عدد كبير من الشعب السوداني بجانب الشعب الأرتري في المعسكر المخصص للاجئين ففي المرة السابقة قلت أن أي إنسان إذا صارت حياته في خطر سيدافع مهما كلفه الأمر لأنه لا يوجد إنسان يختار ألا يكون إن كان بإمكانه ولو بقليل صبر وصمود أن يكون كما يشاء ويريد . فما كان من ردة فعل بعض أبناء المنطقة بجانب بعض الأرتريين شيء طبيعي كان على الحكومة توقعه لأنه عندما يتم التعدي على عرض الناس وخطف الحرائر فكل حر أبي لن يصمت وإن لم تكن له بها علاقة حسب أو نسب أو حتى دين . ففشل الحكومة السودانية في قمع هذه العصابات الإجرامية التي تمارس الجريمة المحرمة دولياً هو سبب ما يحدث من فلتان قد يؤدي كما أوضحت لنسف الإستقرار الهش وتدهور الأوضاع بالمنطقة خاصة أن هؤلاء المجرمين الذي يقومون بهذه العمليات بدأت تتوسع شبكاتهم وتتنوع وسائلهم وتتطور أدواتهم في إنجاح جرائمهم فإن الصمت المريب الذي بات وكأنه ضوء أخضر من الحكومة لمزيد من الجرائم ففي كثير من القضايا تصمت حتى تتسع وتفلت عن يدها تأتي لتتحدث بعد أن كان بإمكانها منذ الصرخة الأولى حلها بإصدار قانون رادع حكمه واحد وهو الإعدام لكل من ثبت ممارسته لهذا الفعل الإجرامي وأن يتم أمام الجميع ليكون عظة وعبرة لكل من تسول له نفسه التلاعب بأرواح الأبرياء . سعي الحكومة في الزمن الضائع بمساعيها لعقد مؤتمر دولي إقليمي حول الجريمة ينم عن أنها صارت فوق قدرات الدولة السودانية بأجهزتها الأمنية التي يصرف لها ما يقل بقليل من الجملة الكلية لميزانية البلاد فهل سينجح المؤتمر في إيقافها أم أنه مجرد حجة لإستقطاب دولارات وريارات ودراهم المشاركين في مؤتمر الإتجار ثم توجيهه لصالح أشخاص ومشاريع أخرى في أماكن لا علاقة لها بالإنسان الذي تتسولون بإسمه في الفترة الأخيرة . هذه القضية تحتاج لقوة مدربة تدريب عالي بشتى أساليب التدريب مزودين بخبرات كبيرة وخبراء مع تسليح و وسائل حركة وطيران يمكنهم من الوصول مع الوهلة الأولى لأي عملية إجرامية وتخصص لها محكمة خاصة وقانون رادع لا مكان فيه لتلاعب النصوص والتحايل عليه من قيل بعض شركاء هذه العصابات من بعض أفراد الأجهزة الأمنية الذين لديهم صلة وطيدة برؤوس المتاجرين بأعضاء وأرواح البشر فإن فشلت الدولة في ذلك فعلى المجتمع الدولي الضغط على الحكومة للقيام بواجباتها تجاه مواطنيها أولاً وتجاه اللاجئين بصفتها المستضيفة لهم وحمايتهم مسئوليتها خاصة أنها تتلقى دعم كبير من المنظمات الدولية المهتمة بشئون اللاجئين في مختلف بقاع العالم وإن إستمر الفشل والصمت عليها أن تتحمل وزر صمتها وتقاضي الطرف عن ما يحدث ولن يكون هناك خيار سوى أن ينطلق أبناء هذه المناطق بقوة للدفاع عن أنفسهم بشتى الأساليب والوسائل ولنستعد حينها لمعارك مع إشراقة كل صباح كما اسلفت سابقاً بين المُتهِم (بكسر الهاء) والمُتهَم (بفتح الهاء) ولكل قدرته والكل يؤمن بصلات الدم التي تجمعه بالآخر وبأخيه لنبدأ مسيرة دافور جديدة في إقليم هو كالقنبلة الموقوتة قابلة للإنفجار في أي وقت . إستقرار هذا الإقليم داعم رئيسي لإستقرار كل السودان فهو ليس كدارفور أو الشمال النيلي أو النيل الأزرق أو جبال النوبة وكردفان ليس إنقاصاً من أهمية تلك الأقاليم بل لأن إستقراره داعم لإستقرار منطقة القرن الإفريقي بأكملها لأهميته وموقعه الإستراتيجي الذي قد يتحول لموطء قدم لعصابات وشبكات تتنوع جرائمها ولن يفيد حينها البكاء على اللبن المسكوب . كفى ونلتقي في قضية أخرى وليس بعد الليل إلا فجر مجدٍ يتسامى