أمدرمان مدينة متميزة ، شكل انصهار القبائل المتنوعة فيها لوحة رائعة الجمال والتفرد ،ولذلك نجد إعتزاز سكانها بها عميق وحبهم لها متأصل فى نفوسهم. ولكن هذا الأعتزاز في كثير من الأحيان يفوق حد الخيال ويبدو أقرب الى الأستعلاء والإستهبال على الآخرين.ولك أن تعلم عزيزئ القارئ أن هناك بعض النوادي الأجتماعية فى أمدرمان لاتقبل إلا الذين ولد آبائهم في أمدرمان. والمضحك" حد التدحرج" على الأرض عندما يدور حديث عن الخرطوم أو بحري ينبري لك أحد أبناء امدرمان رضي الله عنهم قائلا (الخرطوم دي لحم راس) . واللوبي الأمدرماني المسيطر على وسائل الاعلام القومية والخاصة ، جعل من امدرمان مدينة فاضلة ،ورسخ عبر عملية التكرار والبرامج المملة أحجية أن الناس قسمين أمدرمانيون وعشاق أمدرمان.و أصبحنا نتأفف من قصص حسين خوجلي المصحوبة بغَرودة العيون وسماجة خالد عز الدين.. ولان التاريخ لايكذب فيستحيل أنت تكون أمدرمان الحضارة وهي التي شيدها المهدي ودراويشه، وفي جنوبالخرطوم تقبع حضارة سوبا العتيقة. وسنار وما أدراك ما حضارة سنار. وكرمة وما أدراك ما حضارة كرمة . وفي مجال الفن يحاول اللوبي الامدرماني الغير مركزي أن يصور لنا أن الفن والطرب والكورة صناعة أمدرمانية ، ولأن عثمان حسين أعتلى سدة الفن فى البلاد تجد شخص مهبوش مثل حسين خوجلي بأستعلائه الأهوج يقول لك " عثمان تربية أمدرمان" وحتي أغنية الوسط يحاولوا أختصارها عليهم بتسميتها الأغنية الامدرمانية. وانا شخصيا أعشق الأغاني الكردفانية وأبذل جهدا للحصول عليها لأنها غير متوفرة فى التلفزيون القومي. وأصبح العقل الجمعي السوداني يؤمن أن أمدرمان مدينة الطرب والفن رغما عن انف الكاشف وعثمان حسين وحتى فرفور والحوت. وتجد المطربين والأدباء الذين ولدوا لآباء غير أمدرمانيين تجدهم يفرضون أنفسهم على وسائل الاعلام عبر الأنتشار الجماهيري فى الحفلات . ومبدع مثل الهادي حامد خطأه الكبير أنه لم يولد أمدرمانيا وهو صاحب مدرسة متميزة فى الفن السوداني، ومبدعي ولاية الجمال مدني عليهم الجمع والتمام وأخذ التابعية الأمدرمانية . الطريقة اللامركزية التي يعمل بها اللوبي ساهمت كثيرا في جعل التفوق الامدرماني الكاذب من المسلمات في ذهنية السوداني البسيط لاضير فى أن يحب أبناء أمدرمان مدينتهم، ولكن فرض ذلك على الآخرين عبر الوسائل القومية لن يجدي نفعا ،وهو أمر غير مقبول، ويجب على التلفزيون القومي أن يمنح الفرص للمدن بالتساوي بالرغم من صعوبة هذا الأمر نسبة للوجود الكثيف للأمدرمانيون داخل الحيشان التلاتة. [email protected] --------------- * إعلامي مقيم بالدوحة