قال فيما معناه ان الضربة القاضية ستأتي الى وجه النظام الانقاذي المزمن ، من أحد أطراف جسده ومن داخل حلبته المحيطة به .. وليس بالضرورة أن تكون في حلبة كمبالا التي أعدت ميثاقها أخيرا ! هذا ما جاء على لسان آخر المتحدثين الاسلاميين الذين أحبطتهم تجربة الانقاذ التي راهنوا عليها وهي تقفز الى السلطة من علو الدبابة ، وهو المفكر الدكتور حسن مكي ، وقبله كثيرا ما جأر غيره ممن يحسبون على التيار الذي نأى بنفسه مبكرا عن ضفة الحكم وان كان موقعهم لم يكن ليتعدى دكة الفريق الفني الذي يشير له من بعيد بالتوجيهات الحادبة عليه تخوفا من السقوط ، بيد أنهم رغما عن تحفظاتهم تلك فقد تركوا الباب مواربا على ساحة الحكم لتسريب أنفاس ونظرات الشفقة عليه بل وبالأحرى على التجربة الاسلامية السياسية السودانية برمتها من تصرفات النظام التي يراها البعض منهم أنها طاشت بعيدا عن البرنامج الذي حلموا بتحقيقه من تحت مظلته ولو كانت مثقوبة السقف والجوانب ولكنهم لم يتوقعوا أن تفضي الى هذا الغرق بل والطوفان الذي بات يتهددهم جميعا . ولن يكون في نهاية المطاف هنالك تفضيل لمعتدل ينتقد في لغة خجولة من تلك الدكة المتاخمة للخط ،على متزمت أو لاعب منهم داخل مستطيل الحكم بشقيه الحزبي والحكومي ! بالأمس لّوح الدكتور نافع برأس سوط لسانه الفالت الى وجود من أسماهم بعض ( المحبطين ) داخل الحزب الحاكم وقد يشمل ذلك من هم في الحركة الاسلامية ، وليس هذا بجديد على الرجل وكل قيادات النظام الذين لا يحتملون النقد سواء من خارج عباءتهم فيصفون ذلك من قبيل التأمر على الوطن و استهداف العقيدة الى آخر تلك الأسطوانة التي لم تعد تطرب احدا ، فباتوا يتضايقون من ململة كوادرهم الناقمة اما من التهميش الذاتي أو توجسا من غد التغيير الأتي ! الدكتور الكودة كان أكثر نزوعا الى قلب ظهر المجن على الجماعة الاسلامية بشقيها الحاكم والافتائي وذهب في الطريق الى آخره وهو الان مستضاف لدى أمنهم الواجف على خلفية موقفه الذي حسبه الكثيرون له ! شقيقه مبارك الكودة ومن المطار عقب انزال الشيخ يو سف من الطائرة مباشرة الى محبسه ، قال وهو يصف الطريقة بل ومبررات اعتقال أخيه ، بانها تعكس حقيقة أزمة النظام الذي هو من ابنائه ، ثم أضاف بالحرف الواحد ، لو كان ذلك الذي سعى اليه أهل كمبالا فيه ا صلاح لهذا الحال المائل أوبديل ولو من خلال تأجيل الفصل في مسالة الدين عن الدولة الى ما بعد انجاز المسائل الوطنية العالقة من خلال مؤتمر دستوري شامل وحكومة انتقالية ، فانه سيكون شخصيا أول الموقعين ! الشيخ النعيم نائب رئيس حزب الوسط الاسلامي ، صرح غاضبا هو الآخر معقبا على اعتقال رئيس حزبه ، بان الحالة التي وصلت اليها البلاد والشعب لا سيما المتصلة بالمعيشة وانهيار الاقتصاد لن تجعل صمت الشارع يطول ، لذا فان البحث عن مخرج لابد أن يكون هو سبيل العقلاء ، والا فان السكوت سيزيد من كوارث وعثرات الوطن ! هي معركة تكسير عظام و عض اصابع بين بعض أهل النظام ومن جاورهم أو حالة هروب عنهم لمن بادلهم طويلا حلاوة الريق بعد أن أحس لا حقا بمرارة مذاقهم ! وهي تداعيات حتمية افرزتها شهوة الانفراد بالسلطة و الاستئثار بالنشب وراتفاع وتيرة الغرور في الجماعة الحاكمة هنا وهناك ، فانقلب بعضهم على بعضهم بعد ان خسروا المربعات التي حققوها على مدى سنوات النفاق في بعض المجتمعات باسم الدين ! تنداح بينهم وتتسع رقعتها ليس ربيعا وانما حريقا بدأ مبكرا في السودان ، وهاهو يشتعل بينهم في تونس ومصر اذ بدأوا يتجاذبون ورقة التوت الدينية عن عورات حبهم للسلطة والنشب هناك ! وكل ذلك باعتباره ليس ببعيد عن مشهدهم العام عبر الحدود فانه لابد سيلقي بظلال الشك في نجاح مساعيهم في ليبيا ويشكل عقبة في طريق سعيهم لسرقة الثورة في سوريا عبر دعم الدوحة المفضوح ، ودخول لوبي ايران وتركيا ومصرالمتنافر والمتصالح في ذات الوقت و الذي جمعته مخاوفهم على ذهاب الغنيمة بعيدا عن التنظيم رغم تباعد الهوى المذهبي بينهم ! ففي السودان من وصفهم نافع بالمحبطين يعرفون الكثير ، ولكنهم لا زالوا يرمون فقط بما علق عند طرف اللسان ، سواء الذين عاركوا دفة القيادة والحكم كالدكتور غازي صلاح الدين ، أو الذين اكتفوا بالمناصحة من على البعد كالدكتور حسن مكي والبرفيسور الطيب زين العابدين أو الدكتور عبد الوهاب الأفندي ، فاننا نقول لهم ، ان كانت عقولهم مع الوطن فانه خالد حتى قيام الساعة فليقولوا كل ما عندهم تبرئة لذممهم ،و اما ان كانت قلوبهم على الحركة الاسلامية والنظام فساعتهما آتية ولن يطول بقاؤهما ، فصمتهم سيكون ساعتها أجدى توفيرا لبقية طاسات عقولنا حتى لاتطير عن أبراجها ! [email protected]