قلنا في السابق أن نظام المؤتمر الوطني يتجاهل حقائق الواقع في السودان الذي يتكون من تعددات وتنوعات ثقافية، عرقية، لغوية،دينية، مذهبية وطائفية غير مسبوقة الا في إندونيسيا والهند. وأكّدنا أن إستهداف المسيحين في السودان لم يأتي من فراغ، بل هو خطة مدروسة وحملة رسمية منسجمة مع توجيهات متطرفة أطلقها الرئيس البشير في القضارف قبل عامين من الان. ونصّحنا نظام المؤتمر الوطني من قبل ،وقلنا أن تطبيق الشريعة الاسلامية هو بمثابة أعلن الحرب علي الهامش الثقافي والديني في السودان ،و تسألنا أن مبررات بقاء ( كوكو المسيحي) جندياً في القوات المسلحة أو الشرطة أو الأمن مدافعاً عن الدولة السودانية طالما هي لا تمثله في شئ،وقلنا أن الحلم بدولة (قريش) مازال يعشعش في أذهان كثير من الرجرجة والدهماء والمهوسّين والمنبّتين أمثال الطيب مصطفي وغيره،وأوضحنا أن عملية البحث عن النقاء العرقي العربي التي يسلكها النظام ستكلف السودان الكثير وتؤدي في نهاية المطاف الي مذيد من التمزيق والتشتت. وبالرغم من أن الدستور السوداني يلزم الدولة بإتاحة حرية الاعتقاد والعبادة والضمير، لكل أتباع الأديان والمعتقدات والأعراف،ويشير الي الحق في العبادة أو الاجتماع من أجل كل ما له صلة بأي دين أو معتقد والحق في تدريس تعاليم الدين أو المعتقدات في أماكن مناسبة لهذه الأغراض، رغم كل هذا نجد أن الاجهزة الامنية قد أنتهكت هذه الحقوق نهاراً جهاراً ،ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أن هيئة علماء السودان وجماعات دينية متطرفة تقوم من حين وآخر بتحريض المسلمين ضد المسيحين دون أن تحرك أي جهة ساكن، والمؤسف حقاً هو صمت القوي السياسية المعارضة وعدم أدانتها لهذه الانتهاكات،كما أن الشارع السوداني نجده أحياناً يتماهي مع هذه الاعتداءات المتكررة ضد المسيحين من أثنية "النوبة"، وهذا مؤشر خطير وأستمراره يؤثر بلا شك في التماسك الوطني وقد يدفع أقاليم أخري فيما تبقي من السودان الي المطالبة بتقرير المصير. وبحسب المعلومات المتوفرة من جهات كنسية وحقوقية فأن نظام البشير اعتقل في حملته الأخيرة ضد المسيحين من أثنية النوبة حتي الان (55) من القساوسة والمبشرين وهدّد (100) من القيادات الدينية بالطرد خارج البلاد ودمر (7) كنائس ومركزاً صحياً. وفي الثامن عشر من فبراير اقتحمت قوة من جهاز الامن مركز الثقافة الانجيلية وصادرت الكتب والافلام ومستندات ،وفي التاسع عشر منه صادر جهاز الامن حاويتين مملوءتين بالكتب الدينية . وفي أوقات سابقة قام متطرفين اسلامين بالتواطؤ مع الاجهزة الامنية بأحراق كنيسة الجريف غرب ،كما هاجمت مجموعة من الاسلاميين المتطرفين من بينهم أعضاء في المؤتمر الوطني منزل الأسقف النيل ادم اندودو " أسقف الكنيسة الانغليكانية " في محاولة لقتله، الا أن الهجوم وجده خارج المنزل ،بينما ترك المهاجمين رسالة تهديد تحذره من هجمات مماثلة . وفي الثامن وعشرون من يونيو العام قبل الماضي أحرق أسلاميين الكنيسة الانجيلية اللوثرية بالسودان في أم درمان ،وفي نفس العام تم تدمير الكنيسة اللوثرية ،وتلقي (10) من زعماء الكنيسة رسائل تهديد نصية من اسلاميين متطرفين ابلغوهم فيها انهم و مباني و مؤسسات الكنيسة اصبحوا هدفا مشروعا لهم. والغريب في الأمر هو أن السلطات الأمنية أبلغت بعض الكنائس في الخرطوم بضرورة الحصول علي أذن رسمي قبل أقامة أي صلوات،وهنا نتسأل هل تحتاج العبادة ل( أذن)،وأخيراً نقول علي الشباب المسيحي أن يفكر في بدائل عملية وفاعلة لمواجهة النظام و المتطرفين في الخرطوم...ودمتم !! جاتيكا أموجا دلمان [email protected]