بسم الله الرحمن الرحيم الطريق الثالث أعتقد أن الطريق الثالث هو مخرج أو حل أقرب الي التوافق يطرح عند تباعد المواقف بين فرقاء حول قضية محددة الي درجة التطرف او الرفض المطلق لبعضهما، وفي نفس الوقت عجزهما عن حسم الامور نهائيا لصالح أحد الطرفين، مما يجعل الوضع في حالة مراوحة او علي حاله، وهي حالة تزداد سوءً مع مرور الوقت وتجعل إيجاد مخارج في غاية الصعوبة وذلك إذا لم تلامس حواف المستحيل! وصعوبة طرح مثل هذا الطريق تكمن في أنه يشكل بيئة خصبة ومهيئة لإستقبال ورعاية تهم التخوين والتواطؤ أو بيع القضية من الطرف الذي يشعر أنه أكثر تضرر وخسارة وتضحية! لذلك فهو يستحق المزيد وليس أقله بالطبع من تشكيل كل المستقبل وفق إرادته وما يراعي مصالحه وهو غير قابل او قادر علي وضع اياديه اومجرد قبول فكرة التقارب او التعايش مع جماعة سببت لهم ولبلادهم كل هذا الاذي بدمٍ باردٍ وفقدان للإحساس والمسؤولية! باعتبار أي تنازل يصب في مصلحة الطرف الآخر، الذي يحوز كل الامتيازات من غير وجه حق! وهذا الطرف بدوره يشعر كأن هنالك مؤامرة تستهدف ما يمتلكه ويستمتع به ويشكك في مشروعيته بصفته وصل اليه بصورة قهرية او فرضه فرضا علي الآخرين. النظام بشهادة الجميع وليس نفسه بالطبع، حاز علي الفشل من كل اطرافه وفقد مبررات وجوده منذ ميلاده الفاجع، وإستمراره عبارة عن تحصيل حاصل لأمر محسوم سلفا، وذلك بسبب عجزه عن إدارة البلاد بصورة سليمة وتأسيسه للخراب والفساد بطريقة منظمة ومقننة، وفقدانه الفعلي لمشروعية الوجود ناهيك عن إستمراره القهري، وعبر هذا النظام تم إنتزاع الدولة ومصادرتها وتوظيفها لمصلحة قلة لا تملك القدرة والجدارة والإستقامة، بعد أن ازاحة مجمل الشعب من الفعل والتأثير والمشاركة والمطالبة اي تمت عملية تقصير وتقزيم لدوره وأهليته وأهميته وبالتالي استباحته وجعله حق مشاع ومجاني لسيطرتها وتلبية رغباتها ونزواتها، بعد ان وظفت جزء كبير من أموال الدولة لإنشاء اجهزة أمن وشرطة ودفاع شعبي وجيش ..الخ ، مهمتها الأساسية حراسة هذه الأوضاع المجحفة، وبناء جدار فولاذي يحد من تطلعات الشعب لنيل حقوقه المشروعة والعادلة، وتمكينه من تحطيم هذه الأوضاع الشاذة وإحالة منسوبيها الي مزبلة التاريخ كجزء من محطاته السوداء التي اذاقت الإنسانية مرارة كأسها وعقم عطائها وبلادة حسها! ولكن لماذا استمر نظام بهذه المواصفات طوال هذه الفترة؟ هنالك الكثير الذي قيل ويقال في هذا الشأن الأليم، وتدفقت سيول من الآراء التي قد تفسر هذا الوضع او تعجز عن تفسيره، وقد تم وضع ميراث من الأفكار والآراء التي عرّت بقائه واكدت عدم استمراريته، وقالت في مساوئه ومخاذيه وهي محقة! ما لم يقله مالك في الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، ولكن المؤكد أنه ما زال موجود حتي الآن ويمارس في هوايته التخريبية، بالرغم من حالة الضعف البائنة التي تحاصره من كل إتجاه والإنشقاقات والإضطرابات التي تعصف به، والخوف والهلع الذي يظهر بوضوح في شكل الخطاب الإنفعالي والألفاظ المستخدمة من قبل قيادته! وفي جانب المعارضة فهي ايضا قد نالها من الحب جانب، وهي تتعرض للهجوم الكاسح والنقد المبرح فيما يخص ضعفها وتفككها وعجزها عن لملمة أطرافها وتشكيل خطر جدي علي بقاء النظام الهرم! وهو يقدم لها الفرصة تلو الفرصة والسلاح بعد السلاح الذي يمكنها من القضاء عليه قضاءً مبرما وإلقائه في سلة المهملات، وهو يدمن إرتكاب الأخطاء والخطايا وإذلال الشعب والضغط علي موارده الشحيحة وتوظيفها لمنفعته الخاصة بترف وسفه وفجور! وما يطمئن ان النقد الموجهة للمعارضة هو نقد منبعه المحبة والخوف عليها وعلي وجودها ومصداقيتها ودورها المفصلي في اللحظة الراهنة، وهذا النقد بالتأكيد يجب عليه ألا يغفل عن دور المعارضة الإيجابي بكل أطيافها ومدي تضحياتها، وحَدّها من شراسة هذا النظام وإجباره علي تقديم هامش من الحريات يستحق البناء عليه وتحويله لطوق يسمح بخنق هذا النظام وتخليص البلاد من شره! وايضا ألا يمثل التصدي للعمل المعارض في مواجهة هكذا نظام من قبل اللأعبين السياسين، هو في حد ذاته درجة من التضحية وقبول للمخاطر والتضييق، بمعني آخر كان يمكن لهولاء النفر من المعارضين اي كأفراد أن يرتضي كل واحد منهم لنفسه حياة عادية اي السعي للحصول علي وظيفة مريحة او الهجرة الي الخارج ومن ثم الحصول علي زوجة حسناء ومجموعة أطفال حلوين يرتعوا في نعيم أبيهم لا هم و لا نصب، وهو من يمتلك الذكاء والكفاءة وروح المبادرة وغيرها من الصفات التي تسمح له بكل سهولة التمتع بنصيبه من الحياة الدنيا وعدم نسيان حق آخرته، وهو في مكتبه او منزله او غرفته آمن مطمئن! وبالتأكيد المقصود بهذا الكلام ليست العناصر المعارضة الهشة الميالة لفرض أجندتها الذاتية ومصالحها الخاصة علي العمل السياسي، وتوظيف الصالح العام وإتخاذه كوسيلة تمكنهم من نيل مآربهم باقصر الطرق مع ظلال من الوطنية و الشعارات الإنسانية لتفتح لهم ابواب القبول والإنطلاق، او تضمن لهم خط الرجعة إذا سارت الامور بعكس أمانيهم المريضة! فهم كالفراشات والعصافير في الرشاقة وهم يتنقلون بين التنظيمات من غير تقديم مبررات مقنعة اوحجج دامغة تبرر هذه التنقلات! او إتخاذ مواقف ضد أخطاء محددة يعتقدون انها تخالف خط الحزب المعني أو الإحتجاج والإعتراض علي تسلط القيادة ومطالبتها بتبني الخط الديمقراطي في إدارة الحزب وفتح نوافذ الإختلاف والجدل لكل الأعضاء، فكل هذا مقنع ومقبول ويستحق الإحترام إذا كان من أسباب هذه التنقلات وهو ما نفتقده غالبا! وما زاد الطين بلة والقلب حسرة ان هذه العناصر تمثل الداعم الأساسي للأنظمة الشمولية وهي تألف الإستبداد والمكاسب تحت رايات ذله! وغالبا هي الأعلي صوتا وأكثر تعصبا اي هم ملكيين اكثر من الملك! وذلك بسبب التشكك في ولائهم! وهم من يوفر السند والمبررات الواهية الكذوبة لإستمرار الإستبداد بإعطائه صبغة التنوع وتمثيله لكل أطياف التنظيمات السياسية! ولكن المقصود اولئك الفضلاء الذين تنجبهم الأوطان في كل حين ببخل وندرة شديدة وهم يتنفسون الوطن وهموم مواطنيه، تقودهم الي ذلك أرواحهم الشفافة التواقة للعدل والمحبة والسلام، والسعي الجاد لفعل الخير لعموم الجماهير اخوانهم في الوطن، ومن اجل ذلك يسترخصون المال والجهد والصحة وحريتهم الشخصية وقد تصل لأرواحهم نفسها من أجل هذه الأهداف السامية! وهنالك سؤال هام يطرح نفسه أليست المعارضة في حقيقتها صورة عاكسة لواقع النخب الوطنية اي قوتها من قوة تلك النخب بمعناها العريض(كتاب مفكرون مبدعون ...الخ) والعكس صحيح اي النخب هي التي التي تفرز معارضتها وللأسف حكامها!!؟ ويقودنا ذلك الي سؤال آخر اليس تغيير النظام هو مسؤولية الجميع والفائدة من ذلك ستنعكس علي الجميع!؟ وبالتأكيد تتفاوت حجم المسؤولية بحجم التأثير والإمكانيات، ويصدق أن العبء الأكبر واقع علي المعارضة، بإعتبارها تملك أدوات اكبر للفعل إضافة الي ان دورها اساسا معني بالحكم ورعاية مصالح الجماهير والسهر عليها او الإشراف علي أدارة العمل بجهاز الدولة! ولكن المؤكد ايضا ان هذا الدور المعقد لا يمكن أن تلعبه لوحدها ويحتاج لمشاركة الجميع كل حسب أدواته ومقدراته و هي عملية مكملة لبعضها البعض، أي علي المعارضة خلق المبادرات وإقناع النخب والتواصل مع الجماهير والإحتكاك بها وعكس همومها وإحتياجاتها وبلورة أفكار وبرامج تستجيب لرغباتها وتطلعاتها وطمأنة مخاوفها وبالتالي إقناع وجذب هذه الجماهير للوقف معها بل والإلتصاق بها والدفاع عنها/عن مصالحها، وعند هذه النقطة يبدأ دور الجماهير بالإلتفاف حول المعارضة للعمل معا لإنجاز أهدافهم، وهو في الحقيقة هدف واحد وهو مصلحة القاعدة العريضة من الجماهير عبر برامج المعارضة/من ثم الحكومة، وهي برامج ترتضيها الجماهير وتملك فيها حق التعديل والرفض والقبول والمحاسبة! والخلاصة المسؤولية جماعية علي المعارضة ان تكون في المقدمة وتملك القدرة علي التصدي وعلي الجماهير الوقوف معها والإستجابة لنداءتها ودعواتها او إجبارها علي القيام بهذا الدور إذا تخاذلت عنه! والنتيجة نحن أمام واقع محدد(لا نملك تجاهه خيار بعد حدوثه ولكننا نملك القدة علي التاثير فيه ودفعه للأفضل مستقبليا) أي معارضة ضعيفة ومفككة وشعب تائه ومستكين فاقد للدليل! فهل يجب الوقوف الي جانب المعارضة وتقويمها والصبر علي إصلاحها وتقويتها بكل الوسائل ، وتبصير ودعوة الشعب للإلتفاف حولها و الإلتقاء معها في طريق وسط ، يتيح الفرصة للبناء علي أساس موجود او خبرات سابقة يمكن بقليل من الجهد تلافي عيوبها ومعالجة نقاط ضعفها، ليتمكن الجميع من الخروج من هذا المأزق بأقل الخسائر، أم الغاء كل هذا المجهود بحجة ضعفه وعدم قيامه بواجبه والبدء من جديد في بناء أشكال لم تتضح ملامحها بالتحديد، او رفض الموجود من غير إيجاد بديل مقنع او علي الأقل يثبت انه أكثر كفاءة ومقدرة مما هو موجود! او اللجؤ لخيار العنف وهو سهل في البداية ويعفي من جدل الوسائل الأخري ويحمل طابع عالي التضحية، ولكن عواقبه والسيطرة عليه هذا ما لا يملكه أحد! إضافة الي انه يفتح الطريق الي مجهول كل التجارب تؤكد بؤس نتائجه وعدمية حصاده! وكل ذلك يقودنا الي التفكير في طريقة او آلية، حول كيفية اشراك الكتلة العريضة من الجماهير في إحداث عملية التغيير وذلك لأسباب بسيطة اولاً لأنه واجبها وثانيا لأن مشاركتها في عملية التغيير يعني إستمرارية دورها في تشكيل السلطة الجديدة ومراقبتها ومحاسبتها وإمكانية عزلها إذا ما حادت عن الطريق، وفي نفس الوقت يجعل تلك السلطة اكثر مسؤولية وخوف من الجماهير صاحبة الحق في إختيارها! أما إذا ما تم التغيير من فوق الجماهير وبمعزل عن مشاركة اكبر قطاعاتها وبتجاوزها يعني ذلك بالضرورة إستبعادها عن عمليات تكوين السلطة، وإتخاذ القرارت نيابة عنها! وبالتالي إنعدام فاعليتها او قدرتها علي السيطرة علي تمدد نفوذ وسلطات الجهة المنفذة للتغيير! بغض النظر عن طبيعة تلك الجهة او نوعية اللأفتات التي ترفعها ديمقراطية كانت ام شمولية او نوعية العقيدة او الأيديولوجيا السابحة في مراهقة تصورتها التي تحركها! فهي بالتأكيد ستبحث عن مصالحها اولاً او علي الاقل ستفرض ما تراه صحيحاً!! وهنا مكمن الخطر الذي افسد كثيراً من الأنظمة والحكومات والسلطات! والنتيجة إعادة إنتاج مسلسل الوصاية علي الجماهير والنفي المستديم لأهليتها في إدارة شئونها والتحكم في مصيرها! ما سبق يجعلنا نتقدم بطرح متواضع يمثل إمتداد لإطروحات في نفس الإتجاه او هو في الحقيقة مجموعة (تلاقيط) كما الرزق في مأثورنا الشعبي، و لأ نملك حق إبتكاره او ايجاده من العدم، وهو في النهاية لا يتعدي كونه راي قد يجد القبول من البعض او الرفض من الجميع، وعندها علي الأقل يكون خلصنا من أحد الإحتمالات لنفكر في غيره، في حياة لا تحتمل ولا تعاش من غير أمل وإحتمالات متجددة علي الدوام، خاصة ونحن نعيش ظروف أزمة وطنية خانقة تطال الجميع دون فرز حتي صانيعها! وتهدد بقاء كيان الدولة نفسه! وهذا الطرح يعتمد علي المعارضة كفاعل سياسي وعلي السلمية كوسيلة لإنجازه! وهو لا يغفل أنه موجه لنظام تغيب لديه السياسة ومعلنة لديه الأساليب الأمنية و العنفية والإجرامية كسبيل وحيد لبقائه في السلطة! فالنظام يُعرَف بعنفه ويُعرَّف به اى هو والعنف تفسير لحالة واحدة، وهذا الأمر ظاهريا يفسر لصالح النظام ويصوره كقوة لا تقهر، ولكن لحسن الحظ ان العكس هو الصحيح، بمعني آخر النظام وطن نفسه علي مواجهة العنف، وهو ما يرغب فيه ويكسبه اوراق رابحة تخدم استمراره المَرضْي في السلطة، ولذلك عند مواجهته سلميا يتم تجريده من إسلحته وإستراتيجيته لجذب الآخرين لدئرة العنف التي يبرع فيها! وحتي لو إنتابه الجنون كبشار الأسد! فهذا بدوره اثبت خطله وبواره وما حالة بشار منا ببعيدة، وهو يُحاصر ويُضيق عليه الخناق وتنعدم لديه الخيارات مع مرور الأيام وتسد في وجهه كل المخارج والقِبل، وأصبح مجرد خروجه آمن في حكم المستحيل ناهيك عن إستمراره في الحكم وتربعه القسري علي قلوب شعبه بعد ان فقد الشرعية المزعومة والإحترام! وهذا الطرح ينطلق من فرضية او رؤية للسلطة ليست كجسم واحد متماسك، وإنما كمجموعات متباينة تجمع بينها المصالح وأحيانا الخوف، والمستهدف من هذه المجموعات بالتحديد، المجموعة الصغيرة المتحكمة في صنع القرار والمستفيد الأول وبشكل كلي من إستمرار مثل هذا النظام الذي يكسبها امتيازات غير مستحقة وفي نفس الوقت يحافظ علي هذه الأوضاع الشاذة بكل المقايس وبأي منطق سليم! وتشمل هذه المجموعة مؤسسة الرئاسة والوزراء وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية ورؤساء كل المؤسسات والبنوك وكبار متنفذيها وكل الراسمالية الطفيلية التي تمتهن السمسرة والإحتكار وأصحاب الأموال المشبوهة التي يعجزون عن اثبات مصادرها! وغيرهم ممن يستفيد من هكذا أوضاع وحشية وإستبدادية مجردة من اي قيم إنسانية ولا تُحتمل باي شكل من أشكال الإحتمال! كأنهم تربية وحوش وغابات ومصاصي دماء! ومجموعة وسيطة تحتل مناصب هامة في جهاز الدولة او في الأسواق وترتبط مصالحها مع هذا النظام او ربطت المجموعة الأولي مصالحها معها بصورة كبيرة، كالرتب الوسيطة في الجيش وعمداء الكليات وكبار الموظفين في جهاز الدولة، والمجموعة الأخيرة وهم الأدني في هذه السلسلة وهم الأكثر عدداً في هذا النظام ويقومون بكل الأعباء الشاقة والمهينة أي هم من يدفع الكلفة العالية لبقاء النظام ماديا ومعنويا ولكنهم يحوزون علي الفتات في تكوين هذه المنظومة الإجرامية، ونقصد بهم الجنود وصغار الموظفين وكثير من البسطاء الذين تنطلي عليهم الأعيب النظام كاسطوانة الكباري والطرق والسدود! وإيهامه لهم بأنه لا بديل أفضل منه!!! والطرح يتمثل في أن تستجمع المعارضة كل قواها وتركيزها (كمن يريد تنفيذ آخر ضربة جزاء في الزمن الضائع وهو مهزوم ظلما) وتستصحب معها منظمات المجتمع المدني وإرث إكتوبر وأبريل وأجواء الربيع العربي، وتتفق علي هدف مرحلي تؤجل كل القضايا الي حين إنجازه، وهو ليس التخلص من النظام بشكل كلي لصعوبة ذلك عمليا كما أكد الواقع (الغير رغبوي) وكما تعكس موازين القوي! ولكن أن تضع المعارضة خطط للتغيير تنفذ علي مراحل أولها إزالة او إستهداف المجموعة الأولي المتحكمة(هذا التقسيم لا يغفل ان كل المجموعات شركاء في الجرم، ولكن من باب للضرورة أحكام و لا أظن ان هنالك ضرورة اكبر من سلامة الوطن وحفظ أرواح مواطنيه) وذلك عن طريق أستقطاب المجموعات الوسيطة والدنيا في التنظيم والدخول معها في مساومة تاريخية لفك ارتباطها بالمجموعة الأولي والذي يعني عمليا سقوطها! وذلك أولاً بسبب كثرتها العددية وثانيا بوصفها المحرك الفعلي لدولاب العمل بجهاز الدولة! أي يعمل المخطط علي عزل المجموعة الأولي سبب المصائب! عن طريق إقناع بقية المجموعات للمشاركة في عصيان مدني صلب وشامل مع بقية الجماهير في الشارع العريض! وذلك لن يتم إلا بعد عرض ضمانات لتلك المجموعات المستهدفة بالمشاركة وهي اولاً ضمانات قانونية بعدم ملاحقتها أمنيا وقانونيا بعد إعترافها وإعتذارها او بغيرها من الوسائل التي يجيد صناعتها أهل القانون وبالأخص اولئك الناشطون في قضايا المصالحة الوطنية وجبر الضرر أمثال القانوني الضليع والعلامة كمال الجزولي و الدكتور امين مكي مدني وغيرهم، وثانيا ضمانات إقتصادية بترك جزء من إمتيازاتهم ووظائفهم في مكانها بعد إرجاع كل الأموال والإصول المنهوبة بغير وجه حق وثالثا يجب إقناعهم سياسيا بأن البلاد معرضة للتفكك والإنهيار وعندها لن يستفيدوا من مناصبهم وإمتيازاتهم وما إكتنزوه بغير وجه حق! والأهم من ذلك مستقبل أبنائهم في مهب الريح والضياع في ظل بقاء الأوضاع او إستمررها بهذا الشكل تحت رحمة المجموعة الأولي الضالة التي تقود مصير البلاد اليه! وفي هذا المخطط يجب إعطاء عناية خاصة للجنود بالجيش والشرطة وإقناعهم بأن مصلحتهم ومصلحة البلاد في ذهاب المجموعة الأولي وذلك عبر توظيف الأسر والاخوان والجيران والصداقة وغيرها من الوسائل وإقناع بعض الضباط اي إحداث إختراق لتلك المؤسسات! أما بالنسبة للأجهزة الأمنية فلو أمكن تحييد منسوبيها من الرتب الدنيا والجنود وإعطائهم ضمانات بإعادة تأهيلهم وتخليصهم من العقيدة الفاسدة التي يعتنقونها وهي حماية النظام بدلاً عن حماية الوطن! أي تخليصهم من الضلال التنظيمي الي رحاب الهداية الوطنية، وإكسابهم معارف او مهارات منتجة تفيدهم وتفيد بلادهم، و تخليصهم من هذا الخواء الوجودي والعدمية التي يعيشون في ظلها! كأفراد تم تجريدهم من إنسانيتهم وحرية عقولهم وفطرتهم وتم إعدادهم إعدادا خاصا بحيث لا يكتمل وجودهم الا بإبعاد الآخر وإعتقاله وإحتقاره وتعذيبه او تصفيته! وهو يشاركون في لعبة قذرة تستهدف أمن وكرامة شعبهم، وهم يساعدون مجموعة فاسدة ومفسدة في السيطرة علي البلاد وشعبها بوضع اليد! وهي مجموعة تحتقر الجميع وأولهم أجهزتها الأمنية وهي تعتبرها كأدوات آدمية تم مسخها ويتم تحريكها بالإشارة لعمل كل ما لا يليق عمله! أما بالنسبة لمجموعة كبيرة من الإسلامين وبعد ذهاب مشروعهم الهلامي أدراج الرياح! يجب إعادة تأهيلهم سياسيا وإقناعهم بفك الإرتباط بين الممارسة السياسية و العنف وتخليصهم من التعصب والدعوة لمزيد من التحاور والنقاش والمجادلة بالحسني، وقطع الطريق أمام اي مشاريع سياسية تتدثر برداء بالدين في المستقبل لأن تلك المشاريع تضعف السياسة بتحريم النقاش والإختلاف ولا تخدم الدين في شئ لان الدين مكتفِ بذاته، مقدس متعالٍ مطلق، و إلا لما كان دين. ما يدعو للإطمئنان ان هنالك نماذج داخل الخدمة المدنية ما زالت بخير ويمكن الإعتماد عليها علي الرغم من السوس الإنقاذي الذي نخر عظامها واصابها بالشلل والضمور، ولدي تجربة في فترة ماضية في إدارة الجوازات وهي بإعتبارها من أكثر الإدارات إصابة بداء الكيزان والمماطلة(الجرجرة) والعبوس والإمتهان، ولكن عكس التوقعات والتوجس وجدت ضابط في غاية المهنية والإنضباط والتهذيب قضي لي اموري بسلاسة ومعه معاونين لم يقصروا معي بتاتا! وهي من الوظائف التي تحتاج للتعامل الطيب ولا نقول الإبتسامة لصعوبة ذلك علي طباعنا المتجهمة!؟ لأنها مرتبطة بالمغادرة والعودة الي رحاب الوطن! وفي الحقيقة التعامل الطيب مطلوب في كل المهن إلا انه اكثر طلبا في المهن الطبية وإدارة الجوازت والهجرة كما أعتقد! وهنالك نماذج لأطباء في غاية الروعة كما حكي لي صديق عن بعضهم في بعض المستشفيات وأحيانا داخل عياداتهم الخاصة، وغيرهم في كل المجالات و لايسمح المكان بذكر المزيد، والغرض من إيراد هذه الأمثلة لندلل علي أن هنالك نماذج وطنية رائعة يمكن الإعتماد عليها وأن حواء السودان ولود وتحمل في أحشائها وعد الخلاص! ولكن المعضلة في هذا الطرح تتمثل في شيئين إثنين اولهما قدرة المعارضة علي الإتفاق وإيجاد آليات او وسائل للوصول لهذه المجموعات المستهدفة وإقناعها بالمشاركة وثانيا كيفية تخطي الكوادر الأمنية المبثوثة كالبعوض في كل الإتجاهات بكثافة شديدة! وسوء ظنها بكل كلمة معارضة او إحتجاج او مظاهرة او تجمع! وهذا ما يحتاج لكثير من الجهد والنقاش والسرعة في وقت لا يحتمل اي ضياع للزمن! والغرض من هذا الطرح هو المحافظة علي هيكل الدولة من السقوط وذلك لصعوبة قيامه من جديد، ولذلك من الأفضل تغيير محتواه، من محتوي شمولي إستبدادي إحتكاري صانع للفتن ومستثمر جيد في الخراب والدمار ضال ومضل! الي محتوي ديمقراطي تحرري وتشاركي يعتنق للشفافية مقسط في أحكامه وقيمه، يستهدف الإنسان كقيمة ووجود، مكرس دوره لهدف واحد هو الإعلاء من شأن الإنسان والحياة! فأنبذوا الخلافات والفتن وتضامنوا وتماسكوا كالبنيان المرصوص وقوموا الي نضالكم وإسقاط هذه المجموعة/النظام يرحمكم الله. [email protected]