في مقدمة أخبارها ، هتفت صحافة الخرطوم .. ثم ومن خلال برنامج خطوط عريضة في القناة القومية ، رقص صحفي النظام سيف الدين البشير ، لقرار الرئيس عمر البشير القاضي بمنع شقيقه على.. من الانخراط في العمل القيادي بالحركة الاسلامية ! وأعلى سيف الدين صوته وكأنه قد تمّلك البطاقة الخضراء من جهة ما لتوجيه سهام الطعن نحو سيطرة العائلة الواحدة أو القبيلة المعنية أو الجهة المحددة على مفاصل الوظائف الدستورية أو الادارية ضاربا المثل بوجود سبعة مسئؤلين لم يسمهم في مرفق واحد ، ووصف ذلك بأنه احتكار يحرم من هم أولى بتلك الوظائف ولكنهم لا يجدون الدرج الذي يمكنهم من الصعود اليها في ظل هيمنة جهات بعينها ولاعتبارات لا تخفى على أحد ! كلام جميل جدا.. لو أخذناه بصورته الهلامية المعروفة لكل عود جاف يشكو التعرية في صحراء الظلم التي عطشّت كل مستحقي السقيا الذين تيبسوا هناك نتيجة استلاب حقهم من الماء الذي تحولت جداوله ، لمسكيت المؤتمر الوطني وحسكنيت الاسلاميين ، فتفرعت غصونهم المسمومة وسدت الدروب على الآخرين من أصحاب الاستحقاق في ذلك الوطن المسلوب بكلياته ! وخطوة الرئيس في رأينا.. لا تمثل حتى الحد الأدنى من المثالية من رئيس.. ( متفق عليه جماهيريا ) كما وصفه مطبلا.. سيف الدين البشير ! فالعمل بالحركة الاسلامية هو شأن في ممارسة السياسة من منطلق عقائدي لكل شخص منتمي الى تلك الحركة وفق قناعاته الذاتية و لا يحق لأحد أن ينتزع حقه فيه ! وهو بالتالي ليس عملا في الوظيفة العمومية يؤثر بصورة مباشرة على فرص بقية الناس ، الا اذا كان الرئيس على قناعة بان الانتماء الى الحركة الاسلامية هو مدخل لمأرب تأخذ لقيصر شيئا مما لبقية خلق لله ، وهنا فالمنطق يقول بان المنع يجب أن يشمل الشاحنة التي تحمل المشبوه وليس انزال مساعد الحلة لوحده ! فالانتماء لجهة سياسية بالصورة المثالية المفترضة في المواضع الصحيحة ، مثلا ليس ممارسة للتجارة استغلالا لوضعية قرابة الرئيس كما يفعل علانية شقيقه اللواء عبد الله وبقية الأشقاء الذين كنسوا ممرات الأسواق ركوبا على صفتهم التي أكتسبوها بالانتماء الى عائلة كانت حتى انقلاب 89 تعيش في بيت من الجالوص وذلك شرف يرفع من قدر أهلها لو هم تمترسوا عند ذلك المستوى أو ارتفعوا فوقه قليلا دون مد اللسان لذلك التاريخ الذي لا يعتبر عيبا وانما يعلي من سمعة العائلة والرئيس! فبقية عائلة الرئيس الأمريكي أوباما لا زالت تعيش تحت أسقف .. ( قطاطي ) قديمة في ريف كينيا ولا زالت جدته ترعى أغنامها وترفع عود ( ملودها التقليدية) عاليا وسط حقلها البسيط هناك مثلما هي مرفوعة الرأس بان حفيدها يجلس على مقصورة سفينة العالم كله ! ولو أن الرئيس البشير أمر بالتحقيق فيما نسب الى شقيقه عبد الله وحرمه وهما ضابطان بالقوات النظامية من علاقات مشبوهة مع رئيس المنظمة العربية للتنمية الزراعية وقد ملأت صورهما وهما يجلسان مع المسئؤل الاقليمي بالزي ا لرسمي صفحات الاتهام بالصحف المختلفة ! لكان ذلك على الأقل ، أعطي مؤشرا بان الرئيس قد استيقظ ولو متأخرا لما يجري في بيته فيجعله ربما بالتالي وهو يصلي صلاة مودع يتجه في انفتاحه للتقصي وبصورة جادة عن مصادر عفن الفساد في كل أرجاء حكمه وحقب ولايته الطويلة ! وربما كنا سنصدق التمثيلية التي صفق لها سيف البشير ، لو أن الرئيس قد منع كل المسئؤلين أثناء توليهم المنصب الرسمي من ممارسة اى عمل تجاري الى جانب وظائفهم وبدأ باشقائه وأهل بيته ! أو اصدر قرارا يمنع وجود أكثر من مسئؤل من بيت واحد كالزوج والزوجة أو الأشقاء في مرفق عام واحد ! فالقرار الذي رقص له سيف البشير ، لا يمثل الا مسا لا يجرح حتى طرف اذن جمل الفساد الذي جثم وترهل ولا حل يفضي الى الخلاص منه ، الا نحره من الرقبة ليهمد الجسد ! والا ..فكأننا كمن يضرب على البردعة ، فيما الحمار يرفس عليه باستفزاز ولا يلوي على ذلك الضرب البعيد عن جلده التخين ! [email protected]