كلنا نعرف حفرة الدخان ... و ﻻ أعتقد أن هنالك بيت سوداني يخلو منها ... وحتى الذين بنوا العمائر والشقق تفننوا في هذه الحفرة ... أو إستعاضوا عنها بعلبة نبدو .. أو جردل بوهية ... أو إناء فخاري ... أو غير ذلك ... المهم حاجة تريح المرأة وتجلس عليها ... وفي يوم الخميس الناس ماشة لصلاة المغرب أو العشاء تلاحظ الدخان يتصاعد من كل البيوت ... كأن هنالك حريق طوب في ( الكمائن ) !!! لكن الفرق واضح بين دخان الكمائن ... ودخان ( حفرة الدخان ) ... أو كما نقول فرق الليل من النهار .. في حفرة الدخان يستعمل النساء الشاف أو الطلح ... وهذا الأخير أكثر شيوعا وإستخداما ..وكلاهما يمتازان برائحة طيبة وزكية ...وكلاهما يساعدان في تفتيح البشرة ونعومتها ...وبالتأكيد هما أفضل من الدهانات الكريمات رضينا أو أبينا ...مع إصرار البعض أن الكريمات أفضل ... ولكل وجهة نظره ... أما نحن نموت في الدخان ونعتبره ﻻ شيء أفضل منه إطلاقا ...و ﻻ حتى عطورات باريس ولندن وواشنطن ... يقول مختص في أمراض الجلد : أن للدخان فوائد عديدة ، فهو مبيض للبشرة ، ويحتوي على مواد مقشرة ... ويفرز كمية من الأملاح عن طريق التعرق الناتج من إلتفاف المرأة ب ( الشملة الصوفية ) أو غيرها من الأقمشة لفترة ليست بالقصيرة ...وتلك الإفرازات الملحية مفيدة لصحة الجسم ...فالدخان فوائده عديدة ، فغير تلك الفوائد الصحية ؛ فإنه يزيد من الرغبة الجنسية للرجل تجاه زوجته .. ويحببه لها ...وديننا الحنيف يأمرنا إلى فعل كل ما يحبب الزوجين بعضهما لبعض ... ومن ذلك جاءت مشروعية أن يتزين الرجل لامرأته كما تتزين له ...وصارت هذه المسائل من أهم دواعي الجماع ومقدماته ... ﻻ كما تفعل البهائم ... التخلص من الإوراء الغريزي بأي وسيلة ، وبدون أي بروتوكولات ... إننا في دول الإغتراب نعاني من الدخان و ( حفرة الدخان ) ... ولو وجدنا فرصة لشراء هذه الحفرة ، لفعلنا ، مثلها وسائر حاجياتنا اليومية ... وللأسف بعض الشعوب غير السودانية تتباين رؤيتها حول الدخان ، فالبعض منهم ونتيجة لإحتكاكهم مع بعض الأسر السودانية صاروا كالسودانيين في حبهم للدخان ...أما بعضهم الآخر وهم الأغلبية ﻻ يفضلون دخان السودانيين ، و ﻻ حتى السكن معهم ... وأذكر أننا رحلنا في شقة جديدة ، وذات ميزات خاصة للدخان وكأنها خصصت لنا .. ففي نفس الليلة التي رحلنا فيها فاجأتنا امرأة في زيارة ليلية لتبارك لنا الشقة ... وفي أثناء تجولها بين الغرف والممرات شاهدت مكانا يصلح للدخان ، فما كان منها إلا أن قررت بتنفيذ ليلة (الدخان ) عندنا .... وفي أثناء عمليتها هذه تصاعد الدخان على كل الطوابق حتى تفاجأنا بطرق بابنا من حارس العمارة والجيران وغيرهم ، يتساءلون عن سبب الدخان فرد الأولاد أن هذا بخور سوداني !!! وفي الفجر ونحن عائدين من صلاة الصبح جاءتني التساؤلات من هنا وهناك حول دخاننا ، فما زدت على رد الأولاد ( أنه بخور سوداني ) ...لم تمضي هذه الليلة ( ساكت ) ... فبعد فترة قرر المسؤول من العمارة تغيير شقتنا إلى شقة أخرى في الأسفل ( معفنة ) لأن زوجة شقيقه تضررت من دخاننا .. وقرر أخوه : إما نحن ، وإما هو في العمارة ... فرضينا بقرار رحيلنا الشقة السفلى ومن ثم الرحيل النهائي ... والحمد لله وجدنا شقة أخرى في عمارة جميع ساكنيها يبدو أنهم من أولئك البعض الذين يفضلون الدخان السوداني ...وأكرر ليس أحسن من السودان لمن أراد حفرة الدخان ... [email protected]