بسم الله الرحمن الرحيم لِمَ لا تبدأ الآن وتحقق أهدافك؟!! ما هي أهدافك التي تودُّ إنجازها في هذا العام؟ وهل قمت بكتابتها على إحدى الأوراق؟ فإن لم تكن أهدافك مكتوبة فذلك معناه أنه ليس لديك أهداف بعد، بل هي مُجرَّد أحلام وأمنيات، وحتى الشخص المجنون لديه أحلام وأمنيات. فإذا أردت لهذه الأحلام أن تصير أهدافاً فما عليك سوى كتابتها، فعندما تكتب أهدافك فذلك معناه أنك تجعلها قيد الاستدعاء والتذكر، وبإمكانك أن ترجع إليها في الوقت الذي تريده، كما أنك تستطيع بكل يسر أن تتحقق من مدى إنجازها، ولن تستغرق الكتابة منك سوى ثلاث دقائق فقط، فهل هذه الدقائق الثلاث كثيرة على مستقبلك؟. لا تقل لي: "إنني أحفظ أهدافي في ذاكرتي، وإنني لست في حاجة للكتابة"، فهذا لَبْسٌ يقع فيه كثير من الناس وكأنهم لا يعرفون أن هنالك الآلاف من الأفكار التي تدور في دماغ الإنسان يومياً، ومن السهل جداً أن تتداخل الأهداف مع تلك الأفكار اليومية وتتوه في زحمتها. قبل سنوات لم أكن أكتب أهدافي على ورقة ظاناً أنني أحفظُ أهدافي جيداً وأنني لست في حاجة للكتابة، ثم شاهدت محاضرة لجيم روهن عن كتابة الأهداف مما جعلني أكتب أهدافي بعدها، وأحصل على نتائج سحرية في تحقيقها. فقبل فترة وجيزة التحقت للعمل بأكاديمية أكسفورد السودانية، وقبل أن أذهب للمقابلة الأولى كتبتُ قائمة بعشرة أهداف أودُّ تحقيقها من هذه الوظيفة، وبعد شهر واحدٍ تفاجئتُ بأن جميع أهدافي قد تحققت! فمن الأهداف التي كتبتها: (التعرف على أصدقاء جدد بالمدرسة) و(تقديم محاضرات عن النجاح للتلاميذ)، ومنذ يومي الأول في المدرسة سعيت للتعرف على معلمات ومعلمي المدرسة، وقد استقبلوني جميعهم بحفاوة عالية، كنت انتقل بينهم كالفراشة بين الأزهار، أسال هذا عن اسمه وأسال الثاني عن مادته التي يُدَرِّسُهَا، وأسال الآخر عن الجامعة التي درس فيها والمدارس التي عمل فيها من قبل، وما أن انقضى الأسبوع الأول إلا وأنا أحفظ جميع أسماء المعلمات والمعلمين والإداريين وموظفي الاستقبال وعمال النظافة ومشرفي البوفيه، وجدتُ متعة كبيرة وأنا أفاجئ زملائي صباح كل يومٍ وأحييهم مبتسماً وأنادى عليهم بأسمائهم التي اجتهدت كثيراً في حفظها.. وبعدها صرت صديقاً محبوباً من الجميع، فلو لم يكن من بين أهدافي (التعرف على أصدقاء جدد بالمدرسة) لما حظيتُ بكل هذا القدر من الاحترام والتقدير، فما حدث أنني كنت أسعى للتعرف بالزملاء عن وعي وإدراك وكنت اهتم بهم من الوهلة الأولى لأحقق هدفي، فلو لم أكن قد حددت أهدافي من العمل بالمدرسة، كنت سأقابل أؤلئك الزملاء مقابلة مقتضبة ثم أدير لهم ظهري لألحق بحصتي أو لأصِلَ مكتبي مُسْرِعَاً وأشرع في تصحيح كراساتي. أما هدفي الثاني (تقديم محاضرات للطلاب عن النجاح) فقد وجدتُ أن جميع التلميذات والتلاميذ يجتمعون في أيام الأحد والثلاثاء والخميس من كل أسبوع في ساحة المدرسة قبل طابور الصباح، كانوا يجتمعون للتلاوة الجماعية، وبعدها يقوم أستاذ هيثم بتقديم درسٍ قصير في أحد الموضوعات الدينية، عرضتُ على أستاذ هيثم أن أشترك معه بأحد الأيام.. فما كان منه إلا أن رحب بالفكرة وأبدى سروراً أن يجد من يشاركه في هذه المسؤلية الكبيرة، وتنازل لي عن يوم الثلاثاء من كل أسبوع.. وبعدها صرتُ أتكلم عبر مايكرفون المدرسة عن النجاح وتحقيق الأهداف وتنمية الموهبة.. وقد وَجَدَتْ تلك الموضوعات تجاوباً كبيراً من التلميذات والتلاميذ الذين صاروا يكتبون أهدافهم ويبرزون مواهبهم بشجاعة على الطابور الصباحي، بل اكتشفت أن بعض المعلمات والمعلمين صاروا يأتون إلى الساحة ويستمعون أيضاً، فقد قال لي بعضهم بأنه استفاد كثيراً من ذلك الكلام. سردتُ هذه القصة لأوضح أهمية كتابة الأهداف، فلو لم تكن أهدافي من الوظيفة الجديدة واضحة، لما وجدتُ فرصة للتحدث عن تلك الموضوعات المفيدة، ولما تخيلتُ أن الفترة الصباحية التي يقدم فيها أستاذ عبد الرحيم التلاوة الجماعية ثم يعقبه أستاذ هيثم بدرس ديني.. لما تخيلتُ أن تلك الفترة يمكن أن تصلح للحديث عن النجاح وتحقيق الأهداف. فإذا استطعتُ أنا أن أحقق جميع أهدافي التي كتبتها قبل الالتحاق بوظيفتي الجديدة، فَلِمَ لا تكتب أنت أهدافك التي تريد تحقيقها في هذا العام، ولَمَ لا تبدأ الآن، ابدأ الآن قبل أن يخبؤ حماسك، وبعد عامٍ من الآن ارجع إلى ورقة أهدافك وستشعر بالفرحة لأنك حققت جميع أهدافك، وستشعر بالحزن لأنك لم تكتب أهدافاً كبيرة. فيصل محمد فضل المولى [email protected]