جرت العادة أن تكون ضربة بداية مهرجان البقعة المسرحي في كل عام متزامنة مع اليوم العالمي للمسرح وهو السابع والعشرين من مارس. وفي هذا العام يعتلي المهرجان عتبة السلم الثالثة عشرة وتستمر عروضه إلى الرابع من أبريل كهدية موسمية لجمهور المسرح - الذي تناقصت أعداده وتباعدت خطواته عن العروض العامة لعوامل شتى - ليشهد عروضاً متنوعة تم اختيارها من بين المشاركات المحلية والولائية وتمثلها البحر الأحمر وشمال كردفان والدولية وتمثلها أمريكا والجزائر ونيجيريا ومصر. وبحكم متابعتي لبعض مراحل الإعداد ومشاهدتي لمختلف العروض المحلية التي نافست للمشاركة أدرك وأقدر تماماً مدى الجهد الذي بذله المسرح الوطني خاصة والمسرحيون المشاركون بصفة عامة سواء حظيت أعمالهم بالاختيار أم نالت أجر الاجتهاد وهو معنوي مما يدل على التجرد والتضحية لجعل الفن المسرحي يسعى بيننا كأداة ثقافية وفنية تحرك الساكن في بركة المسرح وتجسد قضايا مجتمعنا وتخاطب وجداننا وترتقي بمعايير تذوقنا. ولكي لا تنتهي الاحتفائية السنوية كالعادة بانتهاء أيام المهرجان يتوجب على القائمين بأمره أن يحرصوا على توثيق الأوراق النقدية والدراسات التي تصاحبه رفداً لمكتبة المسرح والعمل على إيصال مخرجاته لمسارح أخرى داخل حدود الولاية وصولاً للولايات وبالأخص تلك التي حظيت أعمالها بالمشاركة. وإذا كانت ولاية الخرطوم قد بدأت في إقامة موسمها المسرحي الأول وشرعت في اختيار الأعمال فلا ضير أن تنتقي من يبن أعمال مهرحان البقعة ما يعينها على توسيع دائرة المشاركة خاصة وأن هذه الأعمال جاهزة وليس من العدل أن تعرض لمرة واحدة تنتهي بانتهاء المهرجان بل إنها سانحة للإلتفات إلى البنية التحتية للمسارح وشيخها المسرح القومي، مثلما كان يحدث إبان الدورات المدرسية فتحظى المدن بنصيب من المنشئات المعينة على استمرارية الفعل الثقافي والرياضي. وكنا في الأعوام الماضية نعلق أسباب ضمور النشاط المسرحي على شماعة ضآلة التأليف وعلو كعب الإعلان وارتفاع سقف الضرائب الذي يفوق عائد المسرحيات فتكون الحصيلة صفراً إن نجت من شرك الخسارة، لكننا مع بداية موسم ولاية الخرطوم المسرحي سمعنا عن إعفاءات ضرائبية وتسهيلات إعلانية قد تشجع العاملين في هذا المجال لكسر طوق العزلة وتفعيل الانتاج المسرحي خاصة وأن كماً هائلاً من المبدعين المسرحيين يقفون رهن إشارة الضوء الأخضر. وإذا ما تأملنا الكم الهائل من النصوص المسرحية التي نافست في مهرجان أيام الخرطوم يسقط تماماً قناع هذا السبب ويبطل العجب. ولعل السانحة تجعلنا نتساءل عن تلك النصوص الفائزة في المسابقة والتي لو تم إخراجها، دون غيرها مما بدأ يطل مؤخراً كإضافة خارج نطاق المنافسة، يمكن أن تشكل مواسم ثرة بالعطاء. هل يا ترى أنها في الحفظ والصون أم أن هناك عوامل أخرى نأت بها عن دائرة الإخراج. يجدر بي أن انتهز فرصة الاحتفال بيوم المسرح العالمي لأزف التهنئة للعاملين في هذا المجال وأخص بالتهنئة جماعة المسرح الوطني - مسرح البقعة، لكونهم لم يخلفوا الوعد السنوي ولإحداثهم حراكاً راتباً يستحق الثناء والتقدير وكل عام وانتم والمسرح بخير. صلاح يوسف [email protected]