بسم الله الرحمن الرحيم خطوات مقترحة نحو دولة مستقرة أربعة وعشرون عاما ونحن نتلظي بجبروت حكومة بائسة ، غيرت جلدها أكثر من مرة : من جبهة ميثاق بعباءة الحركة الاسلامية ، الي حكومة إنقاذ وطني ، ايضا بعباءة الحركة الاسلامية ، الي حزب " المؤتمر الوطني ، برئاسة قادة من الحركة الاسلامية وجمهرة من الغوغاء والنفعيين والانتهازيين . ضاع جيش السودان القومي ، حامي البلاد والعباد وسط الزحام، وتحزب وتسيس وتسلط عليه اللئام . حتي اللحظة ، يصر الحزب الحاكم علي أنه " إسلامي" التوجه!! بينما الشئ الوحيد الذي يمكن أن نستدل به علي صدق هذه المقولة ، بالرجوع الي الكتاب والسنة وبالنظر الي الأداء العام وآثاره المدمرة علي البلاد والعباد نجد أن صفة " النفاق" الخالص هي السمة الظاهرة الوحيدة التي بينها الاسلام إيما تبيان ، بل وحذر منها وقد ثبت ، بما لا يدع مجالا للشك أن هناك من غير أهل المدينة من " مردوا علي النفاق" بل وإمتهنوه ، سياسة وحكما. هذه النتيجة ظاهرة وماثلة للعيان، لا تحتاج الي برهان أو دليل ، فالحديث كله كذب ، والوعود مخلفة ، والأمانة ضائعة بين الخونة ومن يرد ان يدحض آيات المنافقين هذه فليأت بمايثبت عكس ذلك. إذن ، نحن نتعامل مع مشكلة أخلاقية بالأساس وهي في غاية الحساسية لأنها تتلبس بلباس الدين قولا وتعارض أحكامه ومبادئه فعلا . بل يمكن أن نجد أنفسنا ، علي المستوي الفردي ، أمام إمتحان إلهي . قال تعالي : َ"ولَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ "العنكبوت/آية11. بسبب هذا الأداء السيئ نفر كثير من الناس ، وخاصة الشباب من حكم الدين مع أنه لم يطبق أصلا ، ومعاذ الله أن تكون العلة في الدين ، فهو الجوهر وهو المبتغي ، وإنما العلة في الذين يزعمون تطبقيه، فقد إتخذوه وسيلة لكسب متاع الحياة الدنيا ولم يطبقوه حتي لا علي أنفسهم خلقا وعملا ، وبسبب هذا التشويش بدأنا نري ظاهرة ، لم تكن موجودة من قبل في مجتمعنا ، إذ تخلي بعض الشباب عن دينهم ، فمنهم من تنصر ، إما بسبب ضعف عقيدتهم وإما بسبب الجور في الحكم والشطط باسم الدين ، وإما بسبب قوة إغراء أجهزة التنصير، وإما بسبب الرغبة في الهجرة بذريعتي الالحاد والتنصير. كل هذه الكوارث كان يمكن تجنبها لو أن الدولة قامت بواجبها كما ينبغي تجاه النشء ، تماما كما ورد في الدستور الانتقالي لعام 2005 ما نصه : النشء والشباب والرياضة 14 (1) تضع الدولة السياسات وتوفر الوسائل لرعاية النشء والشباب وضمان تنشئتهم على وجه صحي بدنياً وأخلاقياً وحمايتهم من الاستغلال والإهمال المادي والأخلاقي) ، وما كان لهذا أن يحدث لو كان النظام قائما علي الحق والعدل وتفعيل القوانين!!. ظل الحزب الحاكم ، منذ إستيلاءه علي السلطة وحتي الآن يحكم بحزبه ولنفسه فقط دون الدولة. من الافرازات السالبة أيضا التي لا يتعامل معها الحزب الحاكم بجدية ولا بحرفية ، وإذ فعل ، ماطل فيها ، الفساد المالي والاداري والخلقي المقنن تحت ذريعة الحصانة الدستورية، والغير مقنن تحت مظلة القبيلة وعضوية الحزب. في هذا الوضع المخز ، يمكن أن نقول أننا أن لم نكن في بؤرة الفساد فنحن الفساد بعينه. بعد أربعة وعشرون عاما من الحكم الجائر ومن الدكتاتورية المتفردة التي تحكم زورا باسم الدين ، ثبت للشعب السوداني أن الحزب الحاكم لا يملك ، لا برامج ولا فكر ولا رؤي موحدة تصب لصالح السودان الدولة ، وإنما هي مصالح شخصية تصب في مصلحته وتابعيه. كما ثبت ايضا بعدما أعلن الرئيس رغبته في عدم الترشح أن الحزب الحاكم بكامله مغتزل في شخص الرئيس نفسه . وتأتي المفاجأة بأن هذا الأمر قد صدم الكثيرين من أعضاء حزبه لكونه سيرفع عنهم غطاء " السترة" ويفتح الملفات ، بينما أفرح آخريين لاعتقادهم أنهم سيحلون محله !!. هيهات ... هيهات ، فلن ندور في هذه الحلقة المفرغة بعد الآن ، ولابد أن ننتشل انفسنا من بؤرة الفساد هذه ، وإذا كان الحزب الحاكم قد " خدع " الرئيس أو إنخدع هو بهم أو خادع معهم فلن يخدعنا أحد بعد الآن وعليه ، يجب علي الحزب الحاكم أن يستجيب ، ليس لرغبة الرئيس بعدم التجديد وإنما لدستور السودان المؤقت لعام 2005 والذي ينص بعدم التجديد لأكثر من ولايتين فقط (2005-3015) مع ملاحظة أن الدستور نفسه محل جدل ، فقد إستغل الحزب الحاكم بنوده اسوأ إستغلال خاصة بندي الحصانة الدستورية والمخصصات وهو علي كل صمم علي مقاس إتفاقية السلام الشامل وقد أخذ الجنوب حقه بالانفصال ولم يتبقي الا تفعيل قانون المشورة الشعبية الخاص بولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان والذي لم تنتهي إجراءته حتي الان ( إجراءات المشورة الشعبية بالنيل الأزرق ، حيث أعيش شبه منفذة ولم يتبقي الا إستطلاع آراء النخب والقواعد الشعبية ورفع التوصيات للمركز ، بعكس جنوب كردفان الذي لم تبدا إجراءته بعد). إن " اللعب" قد اصبح علي المكشوف ولا مجال للمدارة والمداورة ولا مكان لفقه " السترة" بعد الآن ، فالله تبارك وتعالي لا يحمي اللصوص ولا يدافع عن الذين يستهزؤن بالدين ولا ينصر من لا ينصره والحمد لله أن الملفات والمستندات قد بدأت تظهر تتري ، وربما الشهود والبينات لاحقا ، وتعرض الفضائح تباعا علي روؤس الأشهاد ، وليس بيد الرئيس الآن إلا أن يختار أي من السيناريوهات الآتية : 1- أن يستمر في الحكم حتي تنتهي فترة ولايته ويترك الأمور تسير ، كالعادة ، كيفما إقتضي. 2- أن يسمي بديلا له ، وهذا لن يحل المشكلة ، وربما سيزيدها تعقيدا لكون أن المرشحين المحتملين يمكن أن يكونوا محل شبهة تمنعهم من تولي هذا المنصب. 3- أن يستجيب لحزبه ويغير الدستور ، وهذا غير ممكن ، لأن الدستور نفسه (مؤقت) يفترض أن ينتهي أجله بالاتيان بدستور جديد متوافق عليه ، وهذا أيضا لم يحدث بعد ، كما أن الدستور الحالي سينتهي بنهاية ولاية الرئيس في 2015. 4- أن يستقيل من رئاسة حزب المؤتمر الوطني ثم : أ- ينحاز الي الجيش ، نازعا عنه صفة التسيييس ، ليقوم بواجبه الوطني المجرد بالدفاع عن البلاد وحماية الشعب وحقوقه . ب- يقيل الحكومة الحالية ويشكل حكومة من التكنوقراط المحترفين الغير مسيسين تكون مهمتهم إدارة شؤون البلاد بأقل عدد وتكاليف ممكنة . ج- يحل كل المجالس التشريعية وتسيير شئون الولايات بنائب مؤقت ومدراء تنفيذيين في مجالات التخصص. د- أن تشكل لجنة محايدة من كل الأطراف والأحزاب السياسية وعلي رأسهم المعارضة ، السلمية والمسلحة ، تكون مهمتها وضع دستور قومي حقيقي يعترف بالجميع ويمنح فرصة المنافسة علي حكم البلاد ويفضل أن تكون أهم مواصفات الرئيس القادم أن يكون منحازا للشعب وقضاياه القومية ولا يكون متحزبا متطرفا لحزبه أو متعاطفا مع حزب ما دون غيره ويفضل أن يكون غير متحزب. ه - أن يعرض الدستور المٌتفق عليه علي الشعب ويتم إعتماده عبر إستفتاء شعبي عام ، ومن ثم ، تبدأ الانتخابات الحرة قبل عام 2015. أما عن قادة المعارضة المسلحة في الداخل والخارج ، فلا يحسبون أنهم سيستفردون يوما بالسلطة كما فعل هؤلاء ، هذا إذ أردوا بناء سودان قوي ومعافي، بل سيكون من واجبهم الوطني ، إذا كان لهم مبادئ وقضايا حقيقية يقاتلون من أجلها ، وضع اسلحتهم وإنخراطهم في العمل السلمي والتنافس علي السلطة أما فرادي أو عبر أحزابهم. الوطن ليس بلعبة يتصارع عليها الصغار ، فما بالك بالكبار الراشدين، لذلك ، ندق ناقوس الخطر فقط من أجل شبابنا والأجيال اللاحقة ، فمن الشرف أن نورثهم وطنا قويا يستطيع العيش وسط هذا الكون المتلاطم ، ومن الخزي والعار أن نورثهم وطنا ينزلق نحو الهاوية بفعل حماقات الحمقي من مدعي السياسة. بالله عليكم ، يا من تمسكون بزمام الأمر في هذا البلد ، سواء في الحكومة أو في المعارضة ، ثوبوا إلي رشدكم ، فأنتم تدمرون بلدا وتقضون علي مستقبل شعب ، فإذا نسيتم أنفسكم ، فلا تنسوا أن لله الخلق والأمر. قال تعالي " ُقلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ "يونس/آية 31. الدمازين في:01/04/2013 محمد عبد المجيد أمين(عمر براق ) [email protected] [email protected]