بالمنطق * هل يمكنك تخيُّل أن يظهر وزير الاسكان الأمريكي أو الألماني أو البريطاني- إن كان في الدول هذه وزير للإسكان- على شاشة التلفزيون ليقول (مسحنا كذا، ووزعنا كذا، والباقي كذا)؟!.. * أو يظهر وزير الصحة ليقول إن وزارته وضعت خطة لمواجهة أوبئة الفصل الفلاني من فصول السنة؟!.. * أو يظهر وزير الزراعة ليبشّر الناس بتحسُّب وزارته لغزوٍ جراديّ قادم؟!.. * أو يظهر وزير الداخلية ليطمئن المواطنين بأن (الأجهزة) تقوم بواجبها (التأميني) على النحو الأكمل؟!.. * لا أظنك تتخيل حدوث أمر مثل هذا إلا من باب (النكتة).. * ففي الدول هذه- والتي تشابهها تطوراً- الوزراء (يفعلون) ولا (يقولون).. * وكذلك المسؤولون في مختلف مواقعهم التنفيذية.. * فالشخص يُختار وزيراً- في الدول هذه- من أجل أن يعمل (أصلاً) دون أن ينتظر من (يصفق) له وهو يقول: (والله كتر ألف خيرك).. * والغريبة أن الذين (يتكلّمون)- عندنا- من الوزراء والمسؤولين في أجهزة الإعلام يستشهدون دوماً بالآية الكريمة القائلة: (قل اعملوا فسيرى اللهُ عملكم ورسولُه والمؤمنون).. * طيب؛ ربّ العزة قال (اعملوا) لتُرى أعمالكم هذه ولم يقل (تكلموا).. * يعني- وهذه من عندنا- أعملوا كما يعمل نظراء لكم في البلدان المتطورة دون أن يقولوا: (عملنا وفعلنا وسوّينا).. * وبسبب (افتتح) و (زار) و (دشّن) و (تفقّد) هذه أضحى تلفزيوننا القومي (أبيخ) تلفزيون من بين أشباهه في العالم كافة.. * صحيح أن حكاية فعل وعمل وسوى هذه ألفها تلفزيوننا منذ لحظة افتتاحه- سيما خلال العهود الشمولية- ولكن المسألة زادت عن الحد في عهد الإنقاذ هذا.. * فحكومة الإنقاذ الآن فيها أكثر من (ثمانين) وزيراً ووزير دولة (ثلاثة) منهم داخل وزارة الموارد البشرية (وحدها).. * فلو كل واحد من هؤلاء- بخلاف من هم دونهم من مسؤولين- حرص على أن يأخذ (فرصته الكلامية) في التلفزيون فكم من زمن البث (يتبقَّى) للبرامج الجاذبة للمشاهدين إذن؟!.. * أما إن كانت هنالك فتوى من (هيئة علماء الإنقاذ) تقول ب(وجوب) اقتران الفعل بالكلام- حتى يثبت الأجر- فإننا نطالب بالمساواة في الجانب هذا إحقاقاً للعدالة.. * يعني مثلاً من حقّ سائق الوزير- أي وزير- أن يحظى بثوانٍ تلفزيونية يبين فيها كيف أنه (داخ) بالسيارة (السبع دوخات) ما بين البيت والوزارة والمدارس والكوفير وبقالة (الأنفال).. * ومن حق طبّاخ الوزير أن يعدّد صنوف الأكلات التي (تفنن) في صناعتها وهو يواجه (حرّ) الأفران والشويات والسخّانات.. * ومن حق طبيب الوزير أن يباهي بانجازاته في احتواء ضغط (البيه) وسكريه وقاوته وآلام مفاصله في (آن واحد).. * أفلا يتعاطى هؤلاء (أجوراً) نظير (أعمالهم)؟!.. * وكذلك الوزراء ووزراء الدولة والمسؤولون.. * وما تبقى من زمن في خارطة التلفزيون البرامجية يُخصَّص للسيسي المسكين كيما يوضّح أن (عمله) في مجال السلطة الإقليمية لدارفور متوقف على (الفلوس).. * فهو لا يجد (فَرَقَة) ولو بمقدار (سيسي). آخر لحظة [email protected]