بسم الله الرحمن الرحيم أعلن الجنرال السوداني عمر البشير ، يوم الإثنين 1 أبريل 2013 ، عن إطلاق سراح المعتقلين السياسيين السودانيين ، مجدداً دعوته إلى كافة القوى السياسية والأحزاب في البلاد من أجل الحوار، وشدد على أن السودان وطن يسع الجميع بثقافته وتنوعه وتاريخه ومستقبله . وقال البشير مخاطباً افتتاح الدورة الجديدة لبرلمان حزبه " انؤكد أننا سنمضي في الاتصالات مع القوى السياسية والاجتماعية كافة ، دون عزلٍ أو إستثناءٍ لأحد ، بما في ذلك المجموعات التي تحمل السلاح " . وأضاف "نجدد إلتزامنا بتهيئة المناخ لكافة القوى السياسية التي أدعوها إلى إعلان استعدادها للحوار الجاد والتفاهم حول الآليات التي تنظِّم ذلك الحوار" . وتعهد بالسعي الجاد من أجل استئناف الحوار حول منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق بما يمكِّن للوصول إلى حلول مرضية تُكمل حلقات الأمن والاستقرار كافة . دعوة الحوار أعلاها أيها السادة القُراء تأتي من الجنرال عمر البشير ( أيوه يا جماعة من عمر البشير زاتو ) الذي يحكم السودان لأكثر من 23 عاما .. وهو نفس الجنرال الذي رفض أي حوار مع القوى السياسية السودانية المعارضة في السابق بحجة أنها تعمل جنباً بجنب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل لزعزعة استقرار بلاده ، وأن نظامه ماضي في جعل الشريعة الإسلامية دستورا لبلاده ، وأن لا مجال للحديث عن التنوع السياسي واللغوي والثقافي في السودان بعد انفصال جنوب السودان .. فما الجديد حتى يطلب الجنرال المستبد ممن وصفهم بالعملاء والخونة الذين وضعوا أيديهم مع أيدي الشيطان لضرب نظامه للجلوس معه ؟؟ . طبعا النظام أتى بحجج واهية ووهمية ليستهبل ويستغفل المعارضة - كقوله ان الحكومة تدعو جميع خصومها السياسيين إلى تجاوز مرارات الماضي وابتدار حوار وطني ، يقرب وجهات النظر بين جميع مكونات البلاد السياسية ، حرصا على حماية التوجه العام للدولة . والسؤال المهم الذي يطرح نفسه هو .. كيف يمكن للناس تجاوز 23 عام من جرائم ودسائس واساليب دنئية وخبيثة مارسها النظام في تدمير حياة وحرمان ملايين السودانيين من حق الحياة والعيش الكريم ؟ . هذا النظام بلا قيم وبلا مبادئ وأخلاق ودين ، لايحتفظ بصديق على المستويين الشخصي والرسمي ، ولايقيم وزناً للعهود والمواثيق والإتفاقات مع الآخرين ، حيث دائماً ما يتنصل من كل التزاماته إذا ما رآى أنها تهدد وجوده في السلطة .. فما الجديد حتى تدخل المعارضة معه في حوار - أي حوار ؟؟؟؟؟؟ . الجديد الذي أفظع النظام وأرهبه ليتخلى عن مكابرته السياسية ويطلب من المعارضة الدخول معه في حوار سياسي - هو أمور كثيرة - منها : 1/ الإنتصارات الكبيرة التي حققها الجيش الشعبي على مليشيات النظام في مدينة " مفو " بالنيل الأزرق في فبراير من العام 2013 ، والتي كانت من كبرى المعارك التي خاضها الجيش الشعبي منذ سقوط مدينة الكرمك في 2011 ، وسقوط عدد من المناطق التي كانت تحت سيطرة جيش البشير في أيدي الجبهة الثورية ، وتعذر وصول الإمدادات لجيش النظام المحاصر في مدينة " الكرمك " .. كانت هذه الإنتصارات واحدة من أسباب جنوح النظام للحوار والبحث عن مخرج له من خلال استغفال المعارضة . 2/ ميثاق الفجر الجديد الذي وقعت عليه عدد من القوى السياسية في يناير 2013 ، هذا الميثاق الذي أرعب النظام رعباً كبيرا ، الأمر الذي أدى إلى اعتقاله عدد من موقعي ميثاق الفجر في مطار الخرطوم عند عودتهم من كمبالا ( مكان التوقيع ) . 3/ وقوع أكثر من 80% من ولاية جبال النوبة تحت سيطرة الجيش الشعبي ( قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ) ، وعدم قدرة جيش البشير الخروج من كادقلي عاصمة الولاية ولو لمسافة خمس كيلومترات . 4/ تدهور الأوضاع الأمنية بصورة كبيرة في اقليم دارفور في الآونة الأخيرة مع تزايد العمليات العسكرية التي تقوم بها الحركات المسلحة ك( مناوي وعبدالواحد محمد نور ) مع سقوط عدد من المدن والبلدات في يدها ، وبعضها محاصرة تماما كمدينة ( نيالا ) . 5/ الحالة الإقتصادية المزرية للبلاد . وفي ظل الوضع المزري القائم في السودان اليوم ، جاء النظام بخدعة الحوار الوطني للبحث عن مخرج له من خارجه لشد ازره في الحكومة الفاشلة التي يقودها ، خاصة بعد ادراكه باستحالة معالجة الأمور التي ذكرناها في الأعلى بالمكابرة ونكران الحقيقة . ولمعرفة الناس في السودان بمكر النظام وبخداعه لثلاثة وعشرين عاما ، يتساءل كثيرون عن جدوى تنظيم هكذا حوارات معه ، ويرون أن هذه الحوارات لن تكن مجدياً ، ولن تحقق أي نتائج لصالح العامة ، خاصة وأن أهل الحكم يراهنون على قبول المعارضة لدعوتهم ليتحججوا بها - بالقول ان حكومتهم تملك شرعية الاستمرار في السلطة . أن هذه الدعوة وحدها لا يمكنها إخراج البلاد من المأزق السياسى الراهن ما لم يرحل المؤتمر الوطني عن السلطة وتسليم الحكم لحكومة وطنية انتقالية ، وأن أي قبول من المعارضة لدعوة النظام بالجلوس للحوار والتفاوض سيضع كل البلاد في مأزق حقيقي ، وسيقطع الطريق على امكانية تغيير هذا النظام الغاشم الظالم الذي أشاع الرعب والخوف في قلوب الملايين من السودانيين على مدى عقود مريرة ، حيث انه نظام مرعب لا شبيه له ولا سابق لأساليبه القمعية والوحشية في التعامل مع الناس ومع الأحزاب والقوى السياسية . المعارضة السياسية السودانية اليوم أمام مسؤولية كبرى في عدم السماح لهذا النظام بالإستمرار في الحكم من خلال الإستجابة لدعوة الحوار الوطني المزعوم ، فهذا النظام لم يكن ليحمل أدنى قيمة للمعارضة أو للإنسان السوداني ، إلآ بما يتوافق مع أفكاره الشريرة التي تستوطن رأسه المريض .. والدعوة المقدمة منه لم تنسي المرارة التي عاشها السودانيون لثلاثة وعشرين عاما ، إلآ برحيله نهائيا عن السلطة . والسلام عليكم ... [email protected]