هذه ليست المرة الأولى التي تستضيفني إذاعة القوات المسلحة في برامجها، إلا أن برنامج "آراء حرة" الذي يعده ويقدمه الإعلامي النشط الأستاذ إبراهيم جمعة حمدان أثار عبر الحوار الإذاعي معي قضية الساعة المطروحة في الساحة السياسية، وهي "حوار الحكومة مع القوى السياسية". رأيت أن أشرككم في استعراض أهم ماجاء في برنامج "آراء حرة" لاقتناعي بأنكم أصحاب الشأن وأن مستقبل الوطن يهمكم وأنكم مسؤولون أيضًا في دفع الحراك السياسي المتعثر نحو الغايات المرجوة بما يعود بالسلام والخيرعليكم وعلى هذا البلد الطيب. قلنا إن الحوار ليس جديداً فقد بادرت الإنقاذ منذ سنواتها الأولى بابتدار مؤتمرات الحوار الوطني حول قضايا السلام والنظام السياسي والإعلام والدبلوماسية. كما عقدت مجموعة من الاتفاقات الهادفة لتحقيق السلام، لكنها كما تعلم الحكومة لم تحقق النتائج المرجوة لأنها كانا تستهدف استصحاب الآخرين معها وفق أجندتها الحزبية. معروفة ثمار الاتفاقات التي تمت بما في ذلك اتفاق نيفاشا 2005م الذي أحدث اختراقاً حقيقيًا، ولكنه أثمر انفصالاً موجعاً مازالت آثاره السالبة تلاحقنا في حياتنا اليومية، وقد أثبتت كل الاتفاقات الثنائية والجزئية فشلها في تحقيق الاستقرار والسلام، ومازالت هناك توترات شمالية وجنوبية واستقطاب سياسي حاد بين الحكومة والمعارضة والنزاعات مازالت قائمة خاصة في دار فور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وحول أبيي. قلنا أيضًا إن الحوار مع الآخر، خاصة مع حملة السلاح كان حول قسمة السلطة و الثروة، لذلك توالدت الحركات المسلحة خاصة في دارفور، ليس لصالح أهل دارفور وإنما لأخذ نصيبها من كيكة السلطة وكيكة الثروة، فتضخم الجهاز الحكومي على المستويين الاتحادي والولائي ومازال يتمدد بلا طائل. حمدنا الانتباه إلى أهمية الحوار السياسي الجامع الذي لايستثني أحداً، وقلنا إنه لا مفر من التنادي له بعيداً عن التخندق خلف الأجندة الحزبية وادعاءات الوصاية والحكمة دون الآخرين، وقلنا إن ذلك يستوجب تهيئة كاملة للمناخ السياسي.. اعتبرنا إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين خطوة فيهذا الاتجاه، ولكنها خطوة غير كافية في ظل استمرار سياسات العنادوالمكابرة ومحاولة إقصاء الآخر المعارض حتى داخل الحزب االحاكم، وفي ظل استمرار الإجراءات الاستثنائية التي تضيق على الحريات خاصة حرية العمل السياسي العلني وحرية التعبير والنشر التي للأسف لم تتوقف بل ازدادت شراسة كما حدث مؤخراً في الزميلة "الصحافة". لذلك قلنا إنه لابد من تعزيز خطوات تهيئة المناخ السياسي وإيجاد صيغة انتقالية غير إقصائية لترتيب إجراءات المرحلة الانتقالية التي لابد منها للعبور من حالة دولة الحزب إلى دولة الوطن الذي يسع الجميع. كلام الناس نورالدين مدني [email protected]