في النيل في الجهة الغربية معقل الوطنية مدينة ام درمان ، كان اللقاء - بعد الغياب - بعد عقدين من عمر الزمان خرج من مدارج ظعينا وقتذاك ميمماً وجه شطر نيالا البحير حيث حط رحاله ممثلاً رباناً في جهازها التشريعي فكان منافح بلغة ملؤها الشفافية و الوفاء ، فأنطلق منها كسيل وادي برلي مندفعاً الي قضارف الخير عوناً وسنداً في جهازها التنفيذي حيث كان من حظوته ادارة ملف الاقتصاد بين يديه و ترجمة رواءه من النيرة عملاً وسعياً دؤوب يشع من رؤي و افكار نيرة ينبثق سني وميضها من تخصصه الاقتصادي ، فألفته اهلوها بكل ربوعها وشعابها شخصية فيها البداوة و الأريحية مشبعة بحنين المهاجر الطيور المهاجرة للوطن حيث كانت الهند وروسيا وغيرها احدي محطاتها اكتسب منها قيمة الوطن الذي لا تعرف الحدود الجغرافية بين ولايته ولا التفرقة بين سحناته ، طاب به المقام في قضارف الخير حتي صار فلاحاً يعشق اديمها الخصب و يتوق الي رؤيتها فكان تردده عليها بين كل لحظة و آخري ، كانت الخرطوم احدي محطاته التي ثقلت شخصيته و صار شديد المراس في اضابير السياسة و الهم الوطني ، كان مستوزراً في الزراعة و التجارة و رئيساً للجنة التجارة و الصناعة تحت قبة البرلمان . عاد بعد الغياب الي مدارج ظعينا ، فالعود حميداً مستطاب ، لسان حاله كقول العباس : فارقتها و الشعر في لون الدجي و اليوم عدت به صباحاً مزهرا ، رغم اني اؤمن بأن العمر يقاس بالعطاء ، فلولا عطاؤه لما اصطفاه الجميع فمدي قبول الآخر له مساحات ممتدة في الوجدان تؤكد ان المحبة و صفو الواد طبيعة لا تكلفا ، و محبة الناس لأي شخص هبة ربانية أن وفقت في التعبير. في الجهة الغربية للنيل و تحت قبة قاعة شباب ام درمان كنت حضوراً بدعوة كريمة من الهيئة البرلمانية لنواب شرق دارفور ، لقاء تفاكري تشاوري لرسم معالم الطريق للولاية الوليدة ، مرحبين ومهنين بأخيهم و ابنهم البار د. عبد الحميد كاشا ، كان الحضور نوعي من ما يناهز الألف من ابناء الولاية خاصة و السودان عامة سياسيين و مفكرين ، اساتذة جامعات و طلاب ، شيب وشباب ورجال اعمال ، كانت المرأة حاضرة من القيادات د. فاروق احمد آدم ، و اللواء / فضل الله برمة ناصر، ووكيل الناظر / محمود مادبو، والناظر/ موسي جالس ، و المهندس / مسار وغيرهم مما لا يسع المجال لذكرهم. من ملامح اللقاء رمزية و عبقرية المكان أي مركز الشباب فالمرحلة القادمة – كما اجمع المتحدثين- تحتاج الي الشباب لحمل معاول البناء فالجيل السابق تحمل المسئولية في المراحل السابقة وصقلته الخبرات بالتجارب الحياتية أما الجيل الحالي صاغه العلم دون العمل فما زال علي رصيف الانتظار بفعل " الكنكشة" ، فالشباب بالعلم و العمل و غيرهم بالتجربة تتكمل اللوحة بالنماء و نهضة المجتمع ، وكذلك عودة عقارب الزمان حيث كانت شرق دارفور - الضعين وعديلة و شعرية - وكافة ربوعها مكون واحد الكل كان يعشق التراب و يحدوه الحنين لوطنه الصغير ، اللقاء جامع ، كنت أتسأل ، هل كل هؤلا تدافعوا بالحضور مهنئين للمحتفى به ؟ أم انهم تواقين و مشفقين لوطنهم الصغير بفعل تمزق النسيج الاجتماعي ؟ نكون أو لا نكون ، في اعتقادي الأولي و الثانية كانا حافزا لهؤلاء لتلبية النداء لأن بعدي الشخصية و الحدث كفيلا بروعة المشهد. د. كاشا كان شفافاً وصريحاً كعادته بعد استمع لبعض الأفكار و الرؤي من بعض القيادات لطبيعة وخصوصية الدعوة ، تقدم الأخ/ الوالي بالتجلة و الثناء للحضور الكريم و أمن علي تلك المحطات التي مررنا بها استعراض بإسهاب مقتضب من تلك القيادات فكل الوفاء لها استحقاقاً تتضح بعض معالمها خلال الثلاثة اشهر القادمة بإذن الله علي حد قوله ، من تلك المحطات الأمن ثم الأمن حتي يلج الاطمئنان كل نفس ، و سير حركة القطار كالسهم منصلطاً و السيل مندفعاً نحو نيالا لكي ينعم مواطنيها في ظل حياة كريمة تتوفر له فيها ابسط ضروريات الحياة من وقود ومواد غذائية . من جانب آخر تحدث عن عدم نيته في عقد مؤتمرات الصلح فهي تعتبر محفزاً لكل من تسول له نفسه لانتهاك حقوق الآخرين وأكل حق الغير دون وجه حق فالعدل اساس الحكم الرشيد ، كما اوضح بأن يسارع الخطي بسند من المركز في اعادة حركة الطيران بمطار الضعين ، و افتتاح مركز غسيل الكلي بالضعين خاصة ان ظاهرة امراض الكلي ظلت تستشري بصورة كبيرة في المجتمع و البعد عن مراكز العلاج لا شك ذو تأثير مادي وعضوي ، كما اكد علي علاقة حسن الجوار مع ولاية بحر الغزال لضمان التداخل الاجتماعي الذي ظل مستمراً عبر القرون التي نشهدها في النشاط الرعوي و التجاري ، كما تطرق لبناء مؤسسات الولاية بداءً بالخدمة المدنية مع استصحاب معيار الكفاءة وليس تلبية مطالب العشائر بفعل محاصصة المكونات التي تم رفضها كمبدأ ، فشرق دارفور تمثل مكوناً واحداً – المواطنة - كما افاد كاشا ، بالنسبة لموضوع انشاء جامعة الضعين رغم ايمانه بالفكرة كمبدأ و لكن تحتاج الي مراحل كبيرة بداءً بمجلس الوزراء ، مشوار الميل يبدأ بخطوة . اخيراً نري ان اللقاء يمثل منعطف تاريخي خاصة بأنه عاد الترابط الاجتماعي بين مواطني الولاية و نتمني أن يؤسس ذلك بمبادئ راسخة تتضافر فيه الجهود لبناء ولاية شرق دارفور ، ومن جانبي اري ان الجميع متفائل مستبشرا لعودة كاشا بتراكم الخبرات و العلم الي وطنه الصغير و يتفق الكثير من المراقبين مع قول كاشا :( هذه المرحلة لا تمثل له سوي تمرين رغم عظمة المسؤولية و لكن ليس هنالك مستحيل طالما هنالك رغبة و ارادة ) ، و لكن اضيف " أن نجاح تمرين المباراة يتركز في مهارة اللاعبين مهما عظم شأن الكابتن بالاحتراف لأن اللاعب الجيد لا يشترط أن يحرز هدف ". [email protected]