[ ان نحيل اختيار الرئيس القادم الى اكبر عملية تربوية تعبوية تجديدية فى المجتمع – كما اشرنا من قبل – هو اهم مطلب يواجه السودان وهو يقترب من اجل الرئاسة الحالية . لكن المقلق ان ردود الأفعال لتصريح الرئيس تبدو حتى الان رهينة لذهنية التقديس التقليدية التى تستلذ بالإنجراف العاطفى ولاتريد ان تجهد ذهنها فى المسألة .لقد سمعنا اراءً مدهشة مثل القول ان هذا الأمر ستقرره مؤسسات الحزب ، متجاهلين حقيقة ان مؤسسات الحزب قد قررت فعلاً ان تكون هذه الدورة الرئاسية الأخيرة، حيث ينص النظام الأساسي للمؤتمر الوطنى فى المادة 36على انه( لا يجوز اعادة انتخاب او اختيار شاغلي المهام التنظيمية للمؤتمرفى كافة المستويات التنظيمية لأكثر من دورتين . جزماً لزماً.. الذى اشار اليه الدكتور غازى عن الإرتهان لذهنية التقديس التقليدية التى تستلذ بالإنجراف العاطفى يمثل نوعاً من عدم مواجهة الذات لتسمية الأشياء باسمائها او هو محاولة منه للبحث عن اعذار بنعومة تخفى بشاعة الواقع .. لأن المباشرة فى مواجهة الموضوع تشير الى ان مجتمعنا انقسم الى قلة تموت من التخمة وأكثرية يقتلها الجوع ، فاذا اتفقنا على ان هذه القلة هم ربائب الحزب الحاكم وهم اصحاب المصالح فى بقاء الوضع على ماهو عليه .. وهم اهل التمكين .. وهم من بيدهم مفاتيح البلد ومغاليقها ..فالذى يسميه د. غازى إنجرافاً عاطفياً هو فى حقيقته إنجرافاً مصلحيا.. اي تغيير سيكون من اكبر مهدداته ..وفى هكذا واقع يكون الحديث عن تقرير مايشتمل عليه النظام الأساسى ليس بالأمر الذى يشغل البال ..لأن الحزب الحاكم بتراكمات ربع قرن من الخبرات فى الحشد والهتافيات لن يعجزه ان يقوم بتجميع الحشود التى من شانها ان تعدِّل النظام الأساسى او حتى الدستور .. لانخال ان هذا ممايفوت على رجل فى قامة الدكتور غازى .. لكن الشاب الذى خرج مع الجبهة الوطنية فى سبعينات القرن الماضي و قاتل فى دار الهاتف إبان احداث ماعُرف بالمرتزقة فى سلطة نميرى ، ولم يكتفى بتلك بل جاء مع انقلاب الإنقاذ على خيار الشعب الديمقراطي .. وظل على رأس المفاوضات مع الجنوب حتى اتفاق مشاكوس.. هل كان الشعب وارداً فى ذهنه كشعب صاحب إرادة وصاحب قرار ؟! وحتى القرار الذى اتى ببروتوكول مشاكوس كتبنا وقتها عشرات المقالات على ان يلتفت المتفاوضون للشعب صاحب القضية الأصيل ويعودون اليه باستفتاء عن البروتوكول .. ولم يعر كتابتنا احدٌ منهما انتباهه .. واليوم نعذرهم لأنهم على رأي الدكتور الفاضل ( كانت الذهنية وقتها تستلذ بالإنجراف العاطفى ) حتى جاءت اتفاقية السلام التى ذهبت بثلث الأرض وثلث الشعب ..لبعض هذا عندما ياتى الحديث عن الدستور والنظام الأساسي وكل مايشير الى دولة متمدينة لأي متحدث من هذه المنظومة التى حكمتنا ربع قرن لايمكن ان ناخذه الا من باب ( اخيراً ياجماعة ؟!)..لكن مافات على د.غازى هو ان قضية شعبنا ليست فى ذهاب الرئيس فانه قد حسم امره على رؤوس الأشهاد ، ولاخلافات المؤتمر الوطنى حول نظامه الأساسي هى الهم الكبير .. الهم الأكبر هو كيف يحكم السودان .. فلقد اخذت الطائفية فرصتها ..واورثتنا الفشل ..واخذت العسكرية الفرصة.. واورثتنا الفشل .. واخذ الإسلام السياسي اكبر الفرص .. واورثنا الفشل .. واليوم هب ان المؤتمر الوطنى قبل إعتذار الرئيس الذى زهد وقال كفاية .. واختاروا د. غازى بكل اطروحات الإصلاح والتففنا حوله فليقل لنا كيف سيحكم السودان ؟! وسلام ياااااااااوطن حيدر احمد خيرالله [email protected]