د. غازي صلاح الدين وعودة الوعي كنت بصدد الكتابة عن ما بعد رحيل هؤلاء القوم ولكن استوقفتني عبارة وردت في مقال للدكتور غازي صلاح الدين بتاريخ 2004/8/2 في سودانايل و بالتحديد في الصفحة الثامنة من مقاله الطويل وجب الرد عليها. Quote "و أيما سياسة دعت إلى التنكيل و الانتقاء والانتقام وتصفية الحسابات مع الخصوم في هذه الأيام هي سياسة قاتلة" أهذه من علامات عودة الوعي للدكتور بعد أن غادر القصر وصار يرى بعين بصيرة وعقل ثاقب؟ وما زال هؤلاء القوم يستهزئون بالشعب السوداني ويظنون أن هذا الشعب صار فاقد الذاكرة. أتذكر يا دكتور أن ما جاء في عباراتك أعلاه هو عين ما أتيتم به في 30 يونيو 1989. نكلتم بهذا الشعب و أنتقيتم من والاكم وانتقمتم من خصومكم، أتظن أن هذا الشعب قد نسى التشريد وبيوت الأشباح ؟ أنسيت وانت في سدة الحكم أن السودان لم يشهد في تاريخه Diaspora كما شهدها في تسعينات القرن الماضي ؟ مئات من الآلاف من أبناء السودان الشرفاء شردتموهم وفصلتموهم من وظائفهم وحاربتموهم في رزقهم حتى غادروا البلاد قصرا واحتوتهم بلدان العالم شرقا وغربا وجنوبا وشمالا من الكرة الأرضية غير الذين أذلولوا في بيوت الأشباح. واضطر العلماء والاطباء و المهندسين وغيرهم من سائر المهن بقبول مغادرة البلاد ولو بتاشيرة "راعي" إلى الخليج، وتأتي اليوم لتقول أن سياسة التنكيل و التشريد و الانتقام سياسة قاتلة في هذه الأيام "!فهل كانت " حلالا" في "تلك الايام"؟ فمن فاقد الذاكرة يا ترى؟ و ما زلتم تظنون أنكم " الثابت" والمتحرك هم من يأتون لقسمة السلطة و الثروة عجبي... د.غازي صلاح الدين بعد أن أبعد القصر عاد ليسدي النصح للحكومة ويعيب عليها التنكيل بالخصومات والانتقام منهم. أتدرون من هم الخصوم الذين يتحدث عنهم الدكتور؟ هم أخوان الأمس في المؤتمر الشعبي الذين تحق لهم العودة تحت عباءة الشيخ. و بالطبع لا يعني الدكتور بقية الشعب السوداني بإغلبيته الساحقة ! إنه سجين دائرة المؤتمرين الوطني و الشعبي و لا يرى أبعد من ذلك. لقد أحلت له شريعته في الخمسة عشر سنة الماضية التنكيل بالخصومات و الانتقام منهم في بيوت الأشباح و التعذيب بكل أشكاله وعاد ليقول للملأ إن سياسة التنكيل و الانتقام سياسة قاتلة " في هذه الأيام " مرحبا بعودة الوعي Better late than never. كان الأجدر بك يا سيادة الدكتور أن تقف وتقول للشعب السوداني بملء فيهك إن سياسة التنكيل و الإنتقام التي اتبعتموها كانت سياسة قاتلة كما تراها اليوم ولكن هذا يستدعي شجاعة، ولا خوف في قولة حق كهذه، وتسألون الله العفو و الغفران و تعيدون للشعب حقه فقط برحيلكم دون ضجة أو ضوضاء. تهللون و تكبرون كلما ضاقت بكم الحلقات وتصفون كل هجوم عليكم بأنه هجوم على الاسلام و الإسلام منكم براء. د. غازي صلاح الدين يعيب على حكومته بأن تصف ما يدور في دارفور بأنه هجمة على الإسلام و يقر بأن الأمر لا علاقة له بالإسلام. هكذا شهد شاهد من أهلها - و تتوالى عودة الوعي الذي نرجو أن تكتمل حلقاته بالرحيل بعد الاعتراف بأن سياسة التنكيل و الانتقام من الخصوم سياسة قاتلة، ليس في هذه الأيام فحسب، و لكن في كل مكان وزمان وهي ضد سنن الديانات و الأعراف وحقوق الإنسان وخاصة في سنن الإنقاذ. و حتى الذين هاجروا لم يسلموا من العذاب - عذاب أخر في شكل جبايات قسرية شيدتم بها ديوان الزكاة و شؤون المغتربين تقف ك White Elephant وأتيتم بجيوش من موظفيكم ليقتاتوا من عرق المغتربين الذين يجأرون بمر الشكوى، تتقاسم ون عرق جبينهم دون حق. نسأل الله لكم العفو والغفران. لقد حان وقت الرحيل واتركوا الفرصة لهذا الشعب الحزين ليلتقط أنفاسه ويدير أمره كسائر الشعوب ويختار حكامه. و نقول للذين شيدوا القصور وكنزوا الأموال في الداخل و الخارج، لكم أن تعتبروا بخطبة الوداع لأشرف الخلق و المرسلين سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه التي جاء فيها. Quote " فما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت و ما سوى ذلك للوارثين " و أسأل الله لسائر شعبنا الحزين أن يجئ الحق و يزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا. فقط لا تنسوا وصية الرحيل فقد أرقنا من طول هم بات يعرونا يثير من لأعج الذكرى و يشجونا، وكيف نقبل أسباب الهوان( السودان ملطشة العالم هذه الأيام) ولنا إباء صدق من الغر الميامين، وكيف بربكم ترضون من الدنيا و إن عظمت و لا تملكون من جميل الذكر خردلة. رحم الله العبادي. د. أحمد محمود يوسف / جنيف [email protected]