فجر شعب تونس البطل ثورة الياسمين ، وايقظ اشواق العرب للحرية والكرامة الانسانية ، وانتقلت الثورة بموكبها الميمون الي ارض الكنانة مصر ، وفرح الجميع حتي الذين لا يذالون تحت قهر الديكتاتورية ، كما في بلادي ، لأن مصر هي رأس الرمح في المنطقة ، ثقافة وسياسة وذلك لموقعها الجغرافي وقدم دولتها الضارب في جزور التاريخ. عندما تفجرت الثورة كان الحلم ان تتغير كل المفاهيم ، لأن الثورة تعني بالضرورة التغيير الشامل في المجتمع ، والمبدأ الاعظم هو ترسيخ قيم الديمقراطية واحترام القانون وعدم التعدي علي الغير . اخطأ مبارك في اجتياح حلايب ، لأسباب نعلمها انها مكايدة سياسية عقب عملية اديس الفاشلة لاغتياله ، ولأن الحكم في السودان يديره ساسة لا يملكون القدر الكافي من الحنكة والقوة للحفاظ علي الارض والسيادة ، تمادى مبارك ولا نعيب عليه كثيرا لأنه دكتاتور انتهك حرمات شعبه وسرق مقدراته ، وكان مثالا للقهر والظلم والبطش . اما مصر بعد الثورة فيجب ان تكون غير مصر مبارك ، المتابع للتصريحات الرسمية ، والصحافة المصرية ، عن قضية حلايب ، والعصبية في التعاطي والتشنج في تبعية حلايب لمصر ، ومن المؤسف لا يدركون ان مصالح مصر في السودان اكبر من حلايب بكثير ولأن الثورة هي احقاق الحق ، و علي مصر ان تعي التغيير الذي حدث ولا تتوانى في الذهاب بقضية حلايب للتحكيم الدولي ، لأنه السبيل الوحيد الذي يذيل اسباب خلاف وتوتر عميق سيطرأ في العلاقة بين مصر والسودان ، ان كان نظام عمر البشير يخشى المواجهة حتي في الحق ، فلا يعني ذلك ان الشعب السوداني يرضى بهذا ، بل لأن نظام البشير ضعيف سياسيا ومطلوب للعدالة الدولية ، فلا نعول عليه في خدمة مصالح شعب مصر والسودان في صورتها الطبيعية ، والصحيحة ، وعلي مصر ان تذهب بهذه القضية للتحكيم الدولي ، لأن الوضع في مصر وضع ديمقراطي والقانون لا يخيف من جاء بالديمقراطية والذهاب للحق لا ينتقص من السيادة . ما نرجوه من الاعلام المصري ان يذيل الغشاوة التي فرضت علي شعب مصر تجاه السودان وشعبه ، وان يعرف الشعب المصري بأهمية الدور السوداني في حياة مصر وشعبها ، وان يخرج من نفق المكايدات السياسية والاستهتار بالعلاقة مع السودان وشعبه ، وللمسؤلية يجب علينا ان نضع النقاط فوق الحروف ونلمس الحقائق لأن اي خلل في العلاقة بين مصر والسودان الخاسر الاكبر هو مصر ، وعلي مصر ان تعي دور ثورتها في التغيير الايجابي للمصالح مع الشعب السوداني. فعندما اتجول في شوارع القاهرة لفت انتباهي ان معظم من يدخلون الصرافات لتبديل العملة هم سودانيون ، وان تجولت في شوارع وسط البلد يسألك الكثير بسؤال تعود السودانيون عليه وهو(صرف) فهذا ان دل يدل علي ان شعب السودان لم يتخلى عن مصر في احلك الظروف عندما يتخوف الاخرون يأتي السوداني للسياحة العلاجية ، وللتنزه ، والتسوق ، فهل يعرف شعب مصر ذلك ؟ اجاوب بلا لأن شعب مصر لا يعرف ما قدمه السودان لمصر بعد النكسة و في حرب اكتوبر فقط واعلامه يغيب ذلك عن عمد ويظهر السودان في وجه المصري بالتعالي والفوقية . السودان كان مهبطا للطيران المصري ، الذي نجي من ضرب اسرائيل واستضاف السودان الكلية الحربية المصرية لعشر سنوات ، في السودان وكيف كان يدعم الراحل جعفر النميري الاقتصاد المصري ، باصداره الشيكات السياحية ، وهذا قليل من كثير لا يعلمه شعب مصر. للسودان الف وجهة ووجهة وليس لمصر وجهة سوى السودان علي مصر الثورة ان تعي ذلك وللحديث بقية. [email protected]