إبراهيم الميرغني: مولانا رفض أن نحصل على جوازات أجنبية خبير دبلوماسي: كان يجب عليهم إعادة الجوازات إلى أصحابها بعد أن أصبحوا وزراء!! نبيل أديب: القانون السوداني لم يناقش هذه المسألة //////// يحكى أن جنديا أمريكا من أصل عراقي ابتعثته وزارة الدفاع إلى العراق بعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين بأشهر قليلة، الفوضى حينها كانت تعم بغداد وغيرها من المحافظات والمدن، الأمر حسب المفهوم الأمريكي يتطلب خطة محكمة وحسما عسكريا قويا.. بدأ التنفيذ للفرقة الخامسة (ج) في إحدى مناطق العاصمة، الجندي سامي، وقف إلى جانب رفاقه الجنود، لكنه شعر فجأة أنه عاجز عن إطلاق النار مثلهم على أفراد عراقيين.. قائد الفرقة كتب تقريرا عن الحادثة، الإدارة فضلت عودته إلى الولاياتالمتحدة، وهناك تم تحويله إلى وظيفة إدارية في أحد الملحقيات التابعة للبنتاغون.. يبدو أن المسئولين هناك أدركوا بأن الولاء شئ لا يمكن للقانون أن يحدده.. فإن كان هناك ولاء فطري لبلد الإنسان وموطنه، فهناك ولاء آخر جاء لاحقا، له حقوق وعليه واجبات، وتم فيه فيه أداء القسم تقرير: لينا يعقوب في تسعينات القرن الماضي، كانت القوانين السودانية تمنع المواطن السوداني من أن يحمل جوازا أجنبيا، في الوقت الذي كانت تتكرم فيه الحكومة السودانية بإعطاء الجواز السوداني لعدد من الشخصيات الإسلامية العربية، ولعل عدد من المراقبين يتذكرون منح الحكومة رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الجواز السوداني. غير أن القوانين التي تعدلت وتغيرت مكنت المواطن السوداني من حمل جوازه الأخضر أو حتى الأزرق، برفقة جواز آخر دون أن يسقط عنه.. وأن يحمل أي من السودانيين جوازا أجنبيا فالأمر لا يثير الانتباه أو يجذب الاهتمام، لكن حينما يحمله سياسي أو وزير، فبالتأكيد أن الأمر يأخذ أبعادا أخرى، ذلك لأنه في موقع اتخاذ القرار أو النضال من أجل حقوق الشعب والمواطنين وهو ما يتطلب أن يدين ذلك الشخص بالولاء إلى بلده فقط لا غير. سياسيون أجانب! في عام 2007، أدلى السفير البريطاني إيان كاميرون كليف بتصريح مثير، حرك البركة السياسية آنذاك، حيث قال أن ثلثي وزراء الحكومة السودانية بريطانيون، وهو تعليق يحتمل عدة أوجه منها ما هو إيجابي بأن أولائك الوزراء بإمكانهم تعزيز وتلطيف العلاقات بين البلدين ومنها ما هو سلبي، فيكيف لأشخاص يشغلون مناصب دستورية أن يكونوا حاملين لجوازات أجنبية. سياسيو السودان، يحملون جوازات أجنبية، على سبيل المثال لا الحصر، مولانا محمد عثمان الميرغني يحمل الجواز الاريتري، د.قطبي المهدي، يمتلك الجواز الكندي، الزبير بشير طه، مصطفى عثمان إسماعيل، السماني الوسيلة، جلال يوسف الدقير " الجواز البريطاني"، عبد الرحمن إبراهيم الخليفة، د.كرار التهامي، محمد محمد خير "كندي" علي الحاج "ألماني" د.محمد الأمين "بريطاني" الفاتح عروة "أمريكي" وغيرهم كثر. وتختلف الأسباب من شخص لآخر في حصوله على الجواز الأجنبي، وفي طريقة استفادته به، فمنهم من قام بركن الجواز الأجنبي جانبا ولم يستخدمه وتحسس من إرجاعه، ومنهم من استفاد من تسهيلاته.. ورغم أن أحد المصادر قال ل(السوداني) أن الحسن ابن مولانا الميرغني يحمل جوازا أمريكيا، إلا أن الناطق باسم الاتحادي الأصل إبراهيم الميرغني، نفى أن يكون أي من أبناءه يحمل جوازا أجنبيا، بل كشف في حديثه ل(السوداني) أنه كان بإمكانهم الحصول على جوازات سعودية أو مغربية أو أردنية أو أوروبية، إلا أن الميرغني رفض بصورة قاطعة أن يتحصل أي منهم على جواز آخر غير السوداني. ويكشف مصدر من مطار الخرطوم أن د.جلال الدقير يستخدم في بعض سفرياته الرسمية جوازه البريطاني، الأمر الذي يدل – حسب رؤية المصدر – أن الجواز السوداني لازال "يتلتل" صاحبه في مطارات العالم. حالتين! كان الزواج من أجنبية إحدى المحرمات لأي من العاملين في وزارتي الدفاع والخارجية، وقد سُجلت حالتين فقط سُمحتا بأن تكونا استثناءا، الأولى تمثلت بزواج العقيد معاش أبو الفتوح من ألمانية، والسبب كما كشف أحد المصادر الأمنية في حديثه ل(السوداني) أن ألمانيا حينها تعاونت مع السودان في تعزيز وإمداد الأسلحة، فكان قبول زواج أبو الفتوح من تلك المرأة إظهارا لعلاقات استثنائية، والحالة الثانية تمثلت في السفير فرانسيس دينق المتزوج من أمريكية. وبلا شك، ليس القانون السوداني فقط، إنما حتى المصري مثلا، يمنع أن يكون البرلماني حاملا لجنسية مزدوجة، بل ويمنع على مرشح الرئاسة أن يكون أحد والديه حاصلا على جواز آخر غير المصري. هناك أسباب موضوعية جدا، جعلت السياسي يحمل جوازا أجنبيا غير أن أداء القسم لحمل ذلك الجواز يتطلب منه أن يكون صادقا في ولائه وانتمائه للدولة التي وافقت بمنحه جنسيتها. ويتساءل أحد أعضاء المعارضة قائلا " كنت أجد عذراً (للمعارضين) في حمل جوازات السفر الأخرى لأنها توفر لهم قدراً من الحماية، لكنهم اليوم يحتفظون بالسلطة والجواز الثاني كمن يبيتون النية للعودة مرة ثانية لبلدانهم الأخرى"!! وعلي الحاج استثناء! إن كان بعض السياسيين في الحكومة أو المعارضة يحملون جنسية أخرى إضافية فعلي الحاج حتى هذه اللحظة يعتبر استثناء للقاعدة، ذلك لأن القانون الألماني لا يسمح بإعطاء الجواز إلا بعد إسقاط الجنسية (الأصل) كما أنه لا يسمح للمواطن الألماني بحمل جواز آخر، إلا في حال تنازل عن جنسيته الأصل، وعلي الحاج في تصريح سابق ل(السوداني) رفض الإجابة على سؤال إن كانت الجنسية السودانية أسقطت عنه. والمعلوم أن ألمانيا من "أعقد" الدول في منح الجواز، خاصة للأفارقة والآسيويين، إلا أن سفير السودان السابق عثمان السيد أشار في حديثه ل(السوداني) بأن كثيرين من أبناء دارفور المعارضين يتجهون إلى ألمانيا ويحصلون على الجواز منذ ذهاب القيادي أحمد دريج قبل عشرات السنين إلى هناك منوها إلى أن الرجل أصبح في كثير من الأحيان حلقة الوصل ما بين دارفور وألمانيا، غير أن السيد يستبعد وجود تسهيلات معينة تقدمها الحكومة الألمانية تحديدا لمواطني دارفور، في الوقت الذي يؤكد فيه خبير أمني أن لألمانيا مصالح في إقليم دارفور تعلو على مصالح أي دولة أخرى الأمر الذي خلق تواصل أكبر مع قياداتها. الدورة السياسية السياسة لُعبة دائرية، تُعاد أحداثها كل فترة، باختلاف الزمان والشخصيات، فمن كان يعارض نظام نميري وعبود وغادر خارج البلاد وحصل على جنسية دولة أخرى، عاد إلى الخرطوم وهو اليوم في الحزب الحاكم، ومن يعارضون الحكومة القائمة اليوم ويطالبون بإسقاطها، خرجوا إلى دول أفريقية أو أوروبية، وأيضا حملوا جنسياتها.. وربما يعودون يوما ما إلى السودان فيخرج آخرون مغادرين إلى الخارج ويحملوا جوازات سفر أخرى. سفير السودان السابق نجيب الخير عبد الوهاب، يرى أن مسألة حصول السياسيين السودانيين على جوازات أخرى مسألة تعكس حالة عدم الاستقرار السياسي والانتقال السريع من خانة اللاجئ إلى خانة الحاكم ويقول في حديثه ل(السوداني) أن كثير من حملة جوازات السفر الأجنبية كانوا لاجئين في الخارج وأنه نتيجة لتبادل الانتقال من المرحلة الديمقراطية إلى المرحلة الديكتاتورية وتقلبات الأنظمة، ظهر كم هائل من حملة الجوازات الأجنبية، ويرى الخير أن أخطر ما في هذا الموضوع أن تجربة (اللجوء) لم تترك السياسيين يتذكرون أن هناك دورة خبيثة ستعيد الكرة بعد أن أنتجت الأنظمة الديكتاتورية معارضين في الخارج، ويتفق الخير مع كثيرين رأوا أن على المسئولين المتولين مناصب دستورية أن يعيدوا جوازاتهم إلى بلدانها حيث وصف الاحتفاظ بها "بغير الأخلاقي" القانون يتحدث هل يمكن لشخص متعدد الولاءات أن يتبوأ مناصب دستورية في الدولة؟ الإجابة على السؤال تبدو واضحة ومطبقة وهي "نعم".. غير أن الخبير القانوني د.نبيل أديب يشير إلى أن القانون السوداني لم يناقش مسألة إزدواجية الجنسية في تبوأ المناصب ويعزو السبب بأن قوانين الجنسية وضعت من منظور ومنطلق سياسي بالدرجة الأولى ويضيف قائلا بأن الحكومة قامت بتعديل القانون في تسعينيات القرن الماضي لتمنح بعض الشخصيات الإسلامية جوازات سودانية وأن مواطني الجنوب الذين اسقطت عنهم الجنسية نص القانون أن بإمكانهم الحصول عليها (نصا أو حكما) ويعتبر أديب أن الكلمة الأخيرة غامضة وغير واضحة. بلا شك أن ذلك السياسي أو المسئول يقف في مكان ما أمام (محكمة، وزارة الداخلية،...) لأداء القسم الذي تختلف صيغته من دولة لأخرى، رغم أنه يشترك في مضمون الولاء للدولة المعنية، والمحافظة على أمنها وعدم خيانتها، ويعلق أديب على الأمر بأن الوزير جزء من الطاقم الذي يدير الدولة وفي حال حدث نزاع بين السودان والدولة التي يحمل الوزير أو المسئول جنسيتها فقد يحدث تنازع في الولاء بعد أن أدى ذلك الشخص القسم. الخبير القانوني يشير إلى نقطة مهمة وإيجابية في القانون بأن حاملي الجوازات الأجنبية يخضعون للقانون السوداني فيما يتعلق بالمحاسبة على الجرائم والمخالفات مضيفا أن الجواز الآخر لا يحميه إن كان في داخل البلاد أو خارجها. لينا يعقوب [email protected]