عبد الفلاح السوداني وزير التجارة في العراق حمل أموال العراقيين وهرب إلى بريطانيا وطنه بالجنسية البريطانية التي حصل عليها. والعراق قبل الاحتلال كان من الدول التي تمنع قوانينها ازدواج الجنسية حتى جاء العام 2003م فأصبحت الكلمة الأولى والأخيرة لذوي الجنسيات الثانية الذين توجهوا من دول المهجر إلى مواقع السلطة. فمعظم أعضاء المجلس النيابي والوزراء والرؤساء وقيادات نافذة في الأحزاب السياسية اليوم هم مزدوجي الجنسية وهم أصحاب القرار والذين يضعون ويعدلون القوانين لحماية مصالحهم لا مصالح الوطن. وحسين سالم رجل الأعمال المصري هرب بأموال المصريين الى اسبانيا فهو يتمتع بالجنسية الاسبانية بجانب المصرية. ورفضت اسبانيا تسليم مواطنها الى مصر بعد تخليه عن الجنسية المصرية وأعلنت انه لن تتم محاكمته على غير أرض اسبانيا. وحسين سالم ليس وحده فكثير من قيادات الدولة المصرية قبل رحيل مبارك هم من ذوي الجنسيات المزدوجة ومن النماذج: الجنسية البريطانية: حملها وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ووزير الاستثمار ووزير التجارة والصناعة. الجنسية الكندية: حملها رئيس الوزراء ووزير التموين. الجنسية الأمريكية: حملها صفوت الشريف وأحمد بهجت وزير النقل وبطرس غالي وزير المالية. الجنسية الفرنسية: حملها وزير الثقافة وحمل الجنسية الايطالية رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب. كما أن جمال مبارك الذي كان يخطط لتوريثه بريطاني الجنسية مثل والدته سوزان ثابت التي تحمل الجنسية البريطانية بالميلاد حيث أقامت والدتها في ويلز وأنجبت سوزان هناك. وجدير بالذكر أن عدد المهاجرين المصريين يبلغ ثمانية ملايين منهم مليون في أمريكا. وأن قانون الجنسية المصري 1995م هو الذي سمح للمصريين بالجنسية الثانية مع الاحتفاظ بالجنسية المصرية. أما الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وزير خارجية السودان وقتها فقد قال مفاخراً أمام توني بلير رئيس وزراء بريطانيا وقتها في زيارة له للبلاد: انه ظل يدلي بصوته باستمرار لصالح حزب العمال في الانتخابات البريطانية. وإبان مظاهرات يناير الماضي في الخرطوم تم القبض على أحد الشباب الذي لم يجد إلا الاحتماء بجنسيته الكندية. ومعلوم أن مجلس الوزراء في السودان أحال بعض تعديلات أجازها في قانون الجنسية السودانية 1994م (تعديل 2005م) للمجلس الوطني وبحسب المنشور في الصحف اليومية فإن التعديلات لا تمس ازدواج الجنسية. وظاهرة ازدواج الجنسية في دول العالم الثالث كانت محصورة في معظمها في المبعوثين للدراسة ثم انتشرت باللجوء السياسي. ولذلك نلاحظ أن قوانين الجنسية في ثلاثين بلد إفريقي تقر بنظام الجنسية المزدوجة ومنها السودان. ومن حملة الجنسيات المزدوجة سياسيون ووزراء ومستشارون وخبراء وأعضاء في المجالس التشريعية والنيابية وأعضاء لجان مركزية ومكاتب سياسية بل ومسؤولين تنظيميين مركزيين لأحزاب حاكمة وأخرى معارضة. وازدواج الجنسية في السودان لا علاقة له بقيام دولة الجنوب ولا رعاياها ومسألة الجنسية هنا تحكمها الاتفاقيات والقانون الدولي. والدعوة لمنح السودانيين الجنوبيين في الشمال الجنسية المزدوجة من أنواع الدجل السياسي المفضوح والذي يلحق الأضرار بحقوق السودانيين الجنوبيين في الشمال كما سنبين لاحقاً. وللجنسية أهميتها البالغة للفرد والمجتمع والدولة بسبب ضرورتها الاجتماعية وآثارها القانونية حيث يتم من خلالها التمييز بين المواطنين والأجانب وبموجبها تنشأ الحقوق والواجبات، فالفرد ملزم بالولاء لدولته والدولة ملزمة بحماية مواطنها خارج بلده والدفاع عن مصالحه. فالجنسية تقتضي اندماج الفرد في الجماعة الوطنية للدولة التي ينتسب إليها وعليه الإخلاص لها دون غيرها وهذا يتعذر تحقيقه والوفاء به في وقت واحد لأكثر من وطن. وازدواج الجنسية يتعارض مع وظيفة الجنسية وطبيتها. ومعروف أن كل دولة تكيِّف قوانينها في ضوء مصالح شعوبها وكثير من دول العالم تسمح قوانينها بازدواج الجنسية وأخرى تمنع الازدواجية كما دولة ألمانيا مثلا حتى إذا تنازل الأجنبي طالب الجنسية عن جنسيته الأصلية. وموضوع الجنسية المزدوجة كان محل نظر البرلمان الهولندي بالنسبة لبعض الوزراء ونواب البرلمان بعد تعيين وزير الدولة للصحة العامة. وهي سيدة تحمل الجنسية السويدية بجانب الهولندية. وتبلغ أعداد مزدوجي الجنسية مليون هولندي. ونذكر أن زعيم حزب الحرية اليمني تقدم بمقترح للبرلمان الهولندي في 2007م بسحب الثقة من النواب مزدوجي الجنسية إلا بعد تخليهم عن الجنسية الثانية ولم يجد اقتراحه السند المطلوب. وفي مايو الماضي أعلنت فرنسا عزمها بإعادة النظر في قانون الجنسية الخاص بالجاليات ذات الأصل الأجنبي بإسقاط الجنسية المزدوجة المعمول بها الآن. وأن على مزدوجي الجنسية (المغرب، الجزائر، تونس) إذا رغبوا في الترشيح التخلي عن جنسياتهم الأصلية. ويتم إسقاط الجنسية الفرنسية عن كل من يتمسك بجنسيته بما يعني خروجه من دائرة المواطنة الفرنسية. وقانون الجنسية الفرنسي للجاليات يسمح بالجنسية المزدوجة ويضمن لحامليها التمتع بكافة الحقوق التي يتمتع بها الفرنسيون وذوي الأصول الفرنسية ومن ذلك حقوق الانتخاب والترشيح والعمل والمعونات والمنح المالية في حالات المرضى والبطالة وفقدان الوظائف في القطاعين العام والخاص. وهذه سانحة للتفريق بين اكتساب الجنسية بالتجنس والجنسية الأصلية لأشخاص أصولهم من دول أخرى. فكثيرا ما نسمع أن أشخاصا من أصول عربية أو إفريقية أو غيرها ترشحوا لمناصب رئاسية في أمريكا الجنوبية أو الشمالية.. فذوي الأصول هم الذين هاجر أجدادهم وآباءهم منذ سنين طويلة وأصبحوا مواطنين في تلك الدول وأن ولادة أبنائهم قد تمت هناك، فالسيد أوباما أمريكي من أصول إفريقية.. وفي السودان يوجد سودانيون من أصول مصرية أو تركية كما يوجد سودانيون شماليون من أصول جنوبية ومن هؤلاء شخصيات بارزة وتاريخية مثل البطل عبد الفضيل الماظ وقائد ثورة 1924م علي عبد اللطيف ومولانا عبد المجيد إمام رئيس القضاء الأسبق وابرز قيادات ثورة أكتوبر 1964م. وقانون تنظيم الجنسية يمنح الدولة كامل الحرية في تنظيم جنسيتها دون النظر الى موقف قوانين الدول الأخرى. وعلى الرغم من ذلك فإنه لايمكن تصور إنسان بلا جنسية أي إنسان فاقد لحقوقه المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولذلك تم الاعتراف بحق كل إنسان في التمتع بجنسية دولة ما. فكانت معاهدة جنيف 1930م ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م وجعلت المادة (15) من الإعلان العالمي حق الحصول على جنسية من الحقوق الأساسية للإنسان. والأصل أن يكون للشخص جنسية واحدة. لأن ازدواج الجنسية يتنافى مع المنطق السليم ويتناقض مع مصلحة الشخص نفسه ولذلك تتعاون الدول لتفادي ازدواج الجنسية لمخاطره وآثاره السالبة على الشخص وعلى علاقات الدول. واحتراماً وتطبيقاً للحق في الجنسية أقر المجتمع الدولي ثلاثة مبادئ هي: 1 لكل فرد الحق في أن يكون له جنسية منذ الولادة وحتى الوفاة. 2 حق الفرد في تغيير جنسيته. 3 عدم جواز نزع الجنسية عن الشخص تعسفاً. والمادة (7) من الدستور القومي الانتقالي 2005م نصت على: 1 أن تكون المواطنة أساس الحقوق والواجبات لكل السودانيين. 2 لكل مولود من أم أو أب سوداني حق لا ينتقص في التمتع بالجنسية والمواطنة السودانية. 3 ينظم القانون المواطنة والتجنس ولا يجوز نزع الجنسية عمن اكتسبها بالتجنس إلا بقانون. 4 يجوز لأي سوداني أن يكتسب جنسية بلد آخر حسبما ينظمه القانون. وهي المادة التي تقابل المادة (48) من دستور الإقليم الجنوبي 2005م (الملقى). والفقرة (4) من المادة (7) من الدستور المؤقت 2005م هي أول نص دستوري في السودان يبيح اكتساب الجنسية الثانية مع الاحتفاظ بالجنسية السودانية. بل أن مسودة دستور اللجنة القومية للدستور 1998م وفي المادة (58) اشترطت ضمن شروط أخرى لأهلية المرشح لرئاسة الجمهورية أن لا يكون متزوجاً بأجنبية. واختفى هذا الشرط بالمادة (37) من دستور 1998م فيما عرف (بمسودة رئاسة الجمهورية) حتى ظهور الدستور المؤقت 2005م الذي لم يمنح مزدوجي الجنسية من الترشيح لرئاسة الجمهورية. على الرغم من أن تعريف الشخص كونه سودانيا يعني أنه حاصل على الجنسية السودانية وحدها. ونواصل عرض الجنسية المزدوجة وكرم القانون السوداني في فتح الجنسية للأجانب. المصادر: 1 أحمد رزق رياض مقال الجنسية المزدوجة حق كفله القانون الدولي 14/9/2010م. 2 حيدر ألمكاشفي جريدة الصحافة العدد «6456» 3 د. علي أحمد السيد المحامي.. مقالات في دستور الإنقاذ. 4 فاضل بشتان المحامي الفلسطيني دراسة في القانون الدولي الخاص (بحث الجنسية). 5 الدستور القومي الانتقالي 2005م. 6 صحيفة النهار المصرية 6 يونيو 2011م. 7 the green lrag network 3/12/2010م. 8 راديو هولندا. 9 منتديات روسيا اليوم مايو 2011م الجنسية المزدوجة ولاء مزدوج واحتماء بدولة اجنبية1\2 جريدة الوان العدد:4637 15\7\2011 Mohammed Khogali [[email protected]]