كتاب مذكرات السيد محمد الامين الامير مدير عام الخطوط الجوية السودانية الاسبق الذي صدر حديثاً بالعنوان أعلاه، يعتبر كنزاً من كنوز المعلومات المهمة والضرورية لكل مهتم بمسيرة هذا المرفق الذي اصبح حاله لا يسر، ونتمنى من قادة الخدمة المدنية الذين تقاعدوا ان يتبعوا نهج السيد/ محمد الأمين الامير ويطلعونا على تجاربهم من مذكرات لا بد أنها سيكون لها عظيم الفائدة للذين يتحملون مسؤولية ادارة مؤسسات الدولة ممثلة في مرافقها المهمة، واخص منهم الذين عملوا بمشروع الجزيرة من الاداريين والزراعيين والمهندسين، ونحن احوج ما نكون لتجاربهم للنهوض بالمشروع العملاق الذي يتطلب بذل الكثير من الجهد لكي يعود الى سيرته الاولى، وفي ذلك اصلاح لاقتصاد السودان. الكتاب يتناول سودانير منذ نشأتها في عام 1947م، ويتتبع تطورها والجهود التي بذلت من أجل أن تصبح مؤسسة رائدة في العالمين العربي والافريقي في يوم من الايام، وذلك للنهج الذي كانت تنتهجه ادارتها التي حرصت على تدريب منسوبيها داخل وخارج السودان، ولم يكن التدريب منحصراً في الطياريين وإنما كان يشمل المهندسين والفنيين بالاضافة لكورسات الإداريين، وشمل التدريب العمال المهرة الذين عملوا مع إخوانهم في ورشة الصيانة التي بدأ العمل فيها منذ عام 1974م بعد ان اصبحت عمليات الصيانة تتم بمطار الخرطوم بدلاً من لندن وشركة طيران الشرق الاوسط. وبلغ عدد العاملين الذين تم تدريبهم بمعهد تدريب الخطوط الجوية السودانية في عام واحد «612» متدرباً، وكان ذلك بمعهد تدريب الخطوط الجوية السودانية «1968م» الذي عقد «37» دورة في تلك السنة. وكانت أعداد كبيرة من المهندسين والطيارين قد تم تدريبهم خارج السودان، واستفادت دول عربية كثيرة من خبرات هؤلاء لما تميزوا به من كفاءة عالية وسلوك قويم. وتحدث صاحب المذكرات عن سجل الخطوط الجوية السودانية في السلامة، ويقول في مستهل هذا الباب: «يعتبر سجل الخطوط الجوية السودانية في مجال السلامة من انصع سجلات شركات الطيران في العالم»، وحصر الحوداث التي وقعت منذ نشأتها وحتى عام 1977 في ستة حوادث فقط لا يسع المجال لذكرها بالتفصيل في هذا المقال، ومنها اربعة حوادث لم يصب فيها احد، ولا نعرف ما الذي حدث للخطوط الجوية السودانية فيما بعد، وما هي اسباب تعدد حوادث الطيران التي من المؤكد أنها قد أجبرتها على التراجع عن سجلها المذكور في هذه المذكرات. ويلاحظ قارئ كتاب مذكرات السيد/ الأمير، أن للاستقرار الإداري الذي تمتعت به الخطوط الجوية السودانية في الفترة التي تم التوثيق لها في الكتاب، دوراً كبيراً في النجاحات التي تحققت لتصبح رائدة في المنطقتين العربية والأفريقية، وأكبر دليل على هذا الاستقرار هو أن من تعاقبوا على إدارتها منذ عام 1947م وحتى عام 1977م لم يكونوا أكثر من ثلاثة مديرين، وكانوا كلهم من الكوادر المؤهلة والمدربة بالخطوط الجوية السودانية، وكان كل واحد منهم ينهل من معين سابقه ويضيف إليه ليكونوا كلهم قد شاركوا في التطور الذي وصلت إليه آنذاك. ونحن هنا ندعو القيادات التي عملت بالخطوط الجوية السودانية والذين عاصروا عهدها الزاهر ونهلوا من خبرات قادتها من أمثال السيد/ الأمير والذين جاءوا من بعده، أن يوثقوا للفترة التي جاءت بعد 1977م، بغض النظر عن مواقعهم الآن داخل او خارج السودان. وفي هذا التوثيق فائدة عظيمة للجيل الجديد الذي لا نريده ان يبدأ مشواره من الصفر لانتشال الخطوط الجوية السودانية مما هي فيه الآن، وتلحق برصيفاتها الخطوط الجوية الإثيوبية والخطوط الجوية الأردنية والخطوط الجوية المصرية. تُرى هل يوثق الإخوة بروفيسور شمبول عدلان والكابتن شيخ الدين وإخوانهم مسيرة الخوط الجوية السودانية لفترة ما بعد 1977م.. نرجو ذلك. الصحافة