انهيار البنية السودانية بدأ بهزيمة التدين الشعبي في السودان , وخلط الدين بالكسب السياسي وما اخطر هذه المجازفة وقد كانت فنجح حزب المؤتمر الوطني المستأنس من الجبهة الاسلامية القومية في التلاعب بمشاعر التدين السوداني الاسلامي وكافة قيم التدين بمذاهبها المختلفة ولعلنا هنا نخوض في امر التدين السوداني وفق رؤية مقارنه (بكسر الراء) لما جرى وصار وقاد الى ضياع البيت السوداني بكامله فمنذ ان اعلن النميري في غيبوبته تلك عن كونه الامام وضياع الاقتصاد وكثرة تناقضات نظامه واتحاده الاشتراكي اعلن القوانين الاسلامية كمنقذ لنظامه وقرر جلد الشعب وقطع الايدي والبلاد من فقر الى ضنك ومن عذاب الى آخر ظل السودان يتدحرج الى الوراء بلا ادنى حساب ولعل ابلغ دليل كانت المجاعة والمويلح كمعسكر نازحين جراء الجفاف والتصحر وهكذا دواليك انهالت المصائب وظل التذرع بالبلوى وان كثرت وهنا طلت في قاموسنا السياسي مفردة الابتلاءات وظل المصطلح يلاحقنا من العام 1983 م – وحتى تاريخ كتابة هذه الحروف ودونكم خطاب المساعد الضار جداً نافع علي نافع حول الضربات المتلاحقة من بورتسودان واسرائيل وامريكا وكل الدول صغيرها وكبيرها وقد اسُتبيح الوطن السوداني واخذ كل جار منه ما يعتبره حقه في زمن الوهن الانقاذي فاريتريا , اثيوبيا, مصر, تشاد , افريقيا الوسطى لكل من هؤلاء مصلحة وقد اخذ من الارض ما يعتبره له نصيب , غير الهوان السوداني والتريقة والتقهقر التعليمي والانكفاء على الذات والتدهور على المستوى الثقافي وحتى الديني والاخلاق ونحن نرفع شعار الابتلاءات لاننا نطبق شرع الله والله تعالى وشرعه براءة مما اتت به الانقاذ واهلها كافة (الحردان) والقابض على المشروع المهزوم من يومه الى القابض على مصالحه الخاصة من كعكة الوطن المبذولة لكل اهل اللحى الحرام . الان بدأ السودان ينهار من اطرافه ومشروع الهامش المسلح يمضي وفق حاجته للاعتراف بحقوقهم وهامش المركز يتم قمعه ووالي الخرطوم يتحدث عن تأمينه للولاية وانهم قادرون على صد اي عدوان فالى اين نسير وتسير البلاد ؟ أما من رشيد في صفوف هؤلاء يقول للناس انتبهوا الهاوية قاب قوسين او ادنى ؟؟ اما من عاقل يتزحزح عن مصالحه الخاصة لصالح وطن ينهار ؟؟؟ اما من رشيد فيكم ما من غيور وله وطنيه ؟؟ ااخُتصر الصراع في(السائحون) ؟؟؟ اين بناء الاوطان وشأن شأوها من همومكم ؟؟؟ على اية حال كان الوطن في السابق يقتسم اللقمة وعلى علم بخطط اخراجه من فقره الذي تنبني له معالجات هنا وهناك كان مشروع الجزيرة يسد حاجة الكل ويتم تصدير ما يعود على الخزينة بعوائد النقد الاجنبي الذي يكفي البقية من الطبقة الوسيطة وبقية الذين لا تشبع بطونهم لكن حاجتها انذاك ما هي حاجة اليوم . كان التدين السوداني الشعبي , كانت الزاوية والمسجد والمسيد يؤدون ادوارهم دونما ادلجة في اطار النية السليمة للعمل الديني والمقصد مرضاة الله ما كان الدين سلعة وتجارة ومظهر , ملخص القول انني حضرتُ لقاء للشيخ عوض الله صالح مفتي الديار السودانية يرحمه الله وتم سؤاله عن البطاقة وحياته الشخصية والخافي على الناس من حياة مرجعيتهم الدينية وقتذاك وكان السؤال هل تسمع اغاني قال نعم بكل ثقة وشرح ان هناك كلمات تستحق السماع وقال مثل شذى زهر ولا زهر للكابلي وقال الغناء تهذيب للوجدان فيما غير اخلال بالادب وخدش حياء الناس فهو مقبول او شيئ من هذا القبيل هكذا كنا سماحةً وادباً واخلاقاً , دونما تزمت او تذمر او تنطع , على كل حال في المدرسة الابتدائية كان لنا استاذ دين او تربية اسلامية فيما بعد ونحن في السنين الاولى للدراسة بالامتداد (5) الابتدائية بنين الان ازالتها الانقاذ وباعت الارض لاحد اصحاب اللحى في هذه المدرسة تفتحنا على عوالم الحياة خارج البيت والاسرة في المدرسة اللعب والعلم والاداب واختلاف الامزجة والمشارب والتربية والمواهب والعادات المختلفة في هذه المدرسة كان استاذ الدين يدرسنا وكان لنا زميل اسمه متى على اسم انجيل متى ونحن نناديه ميتى لا اعلم اين هو الان برغم انه رحل معنا الى اركويت لكن السنوات فرقت بينا ودانيال صديقي وزميلي فيما بعد بالجبهة الديمقراطية في المدرسة الثانوية انذاك, كانا الشابان مسيحيان لكنهما يحضران معنا الحصة وكان ميتى على حسب نطقنا يحفظ الايات على اسرع ما تكون الذاكرة الجلية ويستشهد به الاستاذ بل دخل معنا امتحان الشهادة الابتدائية وقتها وتفوق في التربية الاسلامية كان استاذ الدين يحفظنا في السنين الاولى السور الصغيرة فكان يقول لنا احفظوا على هذه الطريقة مقابل السورة يعطينا اهزوجة او رجز فلا ازال اذكر ( ألم ترى كيف كسيرة رهيفة , جدادة سمينا تعشي فكينا , الفضله تجينا, خروف جربان يكفي الحيران) في زمن دين الانقاذ المقصود من وراءه سرقة الناس باسم الدين والسيطرة على الثروات باسم الابتلاءات التي لا تغشاهم البتة طوال اربعة وعشرين عاما عجافاً في زمن دين الابتلاءات التي تحيط بالشعب عدا اهل الانقاذ وتحط على رقاب ابناء شعبنا ولا تمس ابناء اهل الانقاذ المترفهين في شرم الشيخ وبيروت وماليزيا , في عهد دين الابتلاءات و الامتحانات السماوية التي تحط بكلكالها على الفقراء من ابناء شعبنا ويتخم اهل الانقاذ وكل الذين يطوفون حولها ويرسلون للناس بلغة الصبر والابتلاءات وربط البطون في ظل دينهم تشظى الوطن وتشتت اوصاله وصائر الى ذكرى وطيف من خيال وطن , لم يكن الدين الاسلامي في السودان الا خليق باهله بسيط من بساطتهم غني باخلاقهم يسير معهم الى السوق والجامع والمدرسة والبيت كان دين يدعو للتسامح والمساواة لا التمايز بالظلم والاستعلاء وارسال آيات الابتلاء على جموع الشعب والغنى والثراء لاهل الدولة جاء في الاثر ان الاسلام لايزال منيعاً ما اشتّد السلطان وليس شدة السطان ضرباً بالسوط او قطعاً بالسيف انما اخذً بحق وقضاءً بعدل ولعل المتشدقين بالاسلام من اشباه علماء او علماء السلطان والذين اثروا وافحشوا زواجات بلا حدود او عقل ومنهم من قدم حياته قرباناً للزواج بمن تدنوه سناً بالعقود ومنهم من الجمته الصدمة جراء الحاجة بلا قدرة لعنة الله على من يتاجر بدين الله مقابل مصالح العباد كُنا في وطن فقير نعم لكن فقره عدل وقتها فكنا نتقاسم الطابور والسكر والعيش , وغناؤه ظلم الان الخبز موجود الان لكنه يستعصي بالعبد عم ن مدخول الغلابة وخبز الغلابة به من الصغر ما يحتاج الى عين عين مجردة وفي داخله السوام والهوام والاغبرة والحجارة ما يكفي الى الانتقال للمشافي العصية بالتالي على الفقراء وحميدة يبيع العامة ما كنا متفاخرين ولا استهلاكيين كما اليوم كان الدخل معلوم والحاجة محددة , كنا نكتفي بالجزيرة والاقطان والصمغ كمورد والان حاجة الحكومة وصقورها اكبر من كل ميزانيات السودان منذ استقلاله وعلى حساب تعليم وصحة الشعب وابناء الشعب ومستقبلهم , لعل ابلغ رسالة نقولها لهيئة علماء الانقاذ ذات الكروش والقروش أن اتقوا الله فيوم تزيغ الابصار وتبلغ القلوب الحناجر , يا ويلكم ما لكم وقتها من حميم والفقر والعوز اهون مما يجابه مصيركم لو كنتم فعلا علماء . ألا رحم الله الشيخ عوض الله صالح . [email protected]