استمرار الحرب هو استمرار لمعناة اهلنا البسطاء في دارفور الذين اتخذوا من معسكرات النازحين واللاجئين والعشوائيات في اطراف المدن بيوتا لهم ، الذين فرضت عليهم العيش في معناة اركانها نقص حاد في الغذاء والماء والمآوى والدواء ، الذين تواجههم اصعب المشاكل الاجتماعية من تشرد وتفكيك اسري وازدياد الفاقد التربوي وتفشي تعاطي المخدرات وشرب الخمر وسط اجيال من المفترض ان تستفيد من وقتها وامكاناتها في تكريس كافة ما لديها لكسب العلم والمعرفة. والشيء المؤسف جدا ان تسعي قيادات الحركات المسلحة في تشريد المواطنين من قراهم حتي سيقروا في معسكرات النازحين واللاجئين وفي العشوائيات بطراف المدن لخدمة اجندتهم في استدرار عطف المجتمع الدولي والاقليمي وقبض المنح والهبات بسم هؤلاء المساكين لاشباع رغباتهم وطموحاتهم وذلك يتجسد في قولو بوسط دارفور وام قونجة ومرلا بجنوب دارفور ولبدو ومهاجرية في شرق دارفور {والقائمة تطول} التي دخلتها الحركات وانسحبت منها فنزحت اهلها الذين كانوا يعيشون في امن اطمئنان وخير وفير في امل ان يعم السلام كافة ارجاء الاقليم والوطن. فاهلنا في معسكرات النازحين واللاجئين وفي دارفور عموما ليسوا ضحايا الحرب وحدها فقط بل ضحايا سياسات الحكومة وسياسات الحركات المسلحة على حد سواء. الحالة التي تعيشها هؤلاء البسطاء اشبه بالحالة التي عاشها اهل دارفور البسطاء في عهد المستعمر الانجليزي. لا اعتقد ان احد يفوت عليه ان الذين استفادوا في التعليم في عهد الحكم الاستعماري هم ابناء زعماء العشائر والقبائل من شيوخ وعمد وشراطي وغيرهم حيث كانوا يحرضون ويقولون انذاك للناس "لا تسمحوا للنصاري ان ياخذوا اولادكم ليعلموهم في مدارسهم لانهم يحولونهم الى مسيحين وكفار" مما هداء بالناس الى اخفاء اولادهم وارسالهم بعيدا عن عيون النصاري وبعيد عن العلم والوعي والمنطق والفهم في حين انهم يرسلون اولادهم في مدارس النصارى ليحذوا بالتعليم ليصبحوا مثقفي مجتمعاتهم ويكون لهم اليد العليا في سدة حكمهم العشائري واقوياء لا يستطيع بسطاء القوم منازعتهم في حكمهم الاهلي بل كانوا يهيئون البيئة لابناءهم بان يكونوا شركاء الحكومة في المركز وعلى المستوى المحلي والولائي. وعلى غرار زعماء العشائر اتي من "استطاعوا وساعدتهم الظروف" في ان يصبحوا زعماء الحركات المعارضة المسلحة الدارفورية بسياسية لا تختلف كثيراً من سياسة زعماء العشائر وقتذاك وهذه السياسة تتمحور حول تحريض وتاليب النازحين واللاجئين في المعسكرات بعدم العودة وبعدم قبول اي عملية سلمية والتطبيل على الحركات بل اكثر من ذالك استهداف القرى والمدن الامنة لافتعال نزوح جديد وزج اهلها في في المعسكرات من جديد حتى يستمر الازمة وهم المستفيدون الوحيدون وينتي المطاف بالبسطاء في المعسكرات ليتسرب ابناءهم من التعليم ويلجئون الى القيام بالاعمال الهامشية في الاسواق والاحياء لكسب قوتهم اليومي واكاد ان اجزم بانه ليس لاي قائد تنفيذي من قادة الحركات المسلحة الدارفورية اسرة {ابن او بنت زوج او زوجة} في معسكر ما من معسكرات النازحين او اللاجئين. هم يتمتعون في الخارج حيث يتوفر لهم الامن العيش الراغد والتعليم المناسب مقارنة بالاوضاع الانسانية المزرية في معسكرات النازحين واللاجئين حيث الجوع والمرض ، الخوف والتعاسة ، الفاقد التربوي وتجنيد الاطفال. فلا ارى خير في استمرار الحرب ومعاناة اهلنا النازحين واللاجئين في المعسكرات وهذا ليس تشجيعا لترك الكفاح المسلح الذي فشل في تحقيق الاهداف المنشودة وتوحيد الرؤى والافكار ، ولا دعما لسياسات النظام الذي فشل في ادارة البلاد والحفاظ على التنوع الثقافي والتعدد الديني والاثني في الدولة السودانية ولكن لا يمكن ان تستمر المعاناة وتستمر تشرزم الحركات المسلحة وسياسات تبني واعطاء الاولوية للقضايا العشائيرية والمصالح الاسرية والشخصية التي وجدت حظها بين ابناء الاقليم. يجب توحيد الجهود والرؤى والافكار ووضع هموم وقضايا اهلنا في دارفور سواء كانوا في معسكرات النازحين او اللاجئين او العشوائيات او المدن الذين يعيشون ظروف انسانية لا تليق بمكانة وكرامة الانسان في ظل غياب الامن والغلاء الفاحش للاسعار وتراجع الانتاج الزراعي والحيواني بسبب الحرب وانتشار المجموعات المسحلة ومليشيات الجنجويد والمليشيات الاخرى سواء ان كانوا يتبعون ويتخذون تعليماتهم من الحكومة مباشرة او يستقلون الظروف الامنية في الاقليم لكسب عيشهم باسهل الطرق نتيجة للانتشار الواسع للاسلحة الخفيفة والثقيلة بلا تحكم. يجب ان تتوحد الحركات المسلحة الدارفورية على الفور تحت قيادة واحدة على الصعيدين السياسي والعسكري بعيداً عن التمييز العنصري القبلي الذي نشهده الان بين ابناء المنطقة ويجب ان يعطى الاولوية على قضايا المواطن الذي حملوا السلاح من اجله على مستوى الاقليم وعلى مستوى الدولة لتحقيق الديمقراطية والسلام والتنمية والعيشية الكريمة والتعليم المناسب على كل المواطنين على قدم المساواة دون اي تمييز لا على اساس جغرافي او ديني او عرقي او فكري او سياسي تنظيمي. محمد علي كوكاس [email protected]