قال تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ). وقال تعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى* مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى* وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى* عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى* وَهُوَ بِالأفُقِ الأَعْلَى* ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى* فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى* فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى* أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى* وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى* عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى* إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى* لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى). معاني الإسراء: (أسرى) في العربية.. تعني الذهاب إلى مكان مرتفع، زيادة على المعنى المعروف تداولاً الذهاب ليلاً. ولذلك فإننا استندنا في بحثنا هذا على ذلك المعنى "الذهاب إلى مرتفع" في أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في رحلته "الإسراء" أنه ذهب مباشرة إلى المسجد الأقصى، وهو ليس كما جاء في التفاسير بأنه "بيت المقدس" فكل الدلائل القرآنية تشير إلى غير ذلك.. وأدقها دليلاً بأنه في ذلك الزمان ما كان القدس يسمى بهذا الاسم "الأقصى "إنما كان معروف بكنيسة "إيليا" إلى أن تم تشييد المسجد الأقصى الحالي في عهد الخليفة "مروان بن عبد الملك" في الدولة الأموية، وذلك فإن المسجد الأقصى المعني في الآية الكريمة فإنه مسجد آخر، وفعلاً هو مسجد أقصى يعني بعيداً جداً جداً خارج نطاق الكرة الأرضية في الفضاء مثلاً، وبما أن "مكة" ثبت أنها هي مركز اليابسة في الكرة الأرضية فما هي الجدوى أن يكون مسار الرحلة نحو بيت المقدس ثم من ثم إلى السماء؟! ما بين الشك والسؤال: أيعقل أن يكون السبب الوحيد بأن بيت المقدس هو مهبط الرسالات.. أننا نشك في ذلك وأن كل ما جاء في جميع التفاسير أتى متناقلاً دون الوقوف ودون التدبر في الذكر الحكيم، وعدم التخلي الكامل عن قدسية الرواية والتي هي عند البعض أدق تحقيقاً في القرآن ولأننا لا نأخذ إلا القرآن كمرجعية ثابتة أولاً وأخيراً ؛ فبهذا كان نهجنا في هذا البحث. وعليه فإننا وجدنا أن الرحلة الحقيقية كانت مباشرة من المسجد الحرام "مكة" الأرض الحرام التي خص الله بها الرسالة المحمدية الخاتمة، بينما وصف الأرض المقدسة "بيت المقدس" بجميع بقية الرسل قبل الرسول الخاتم والذي بدأ رسالته في الأرض المحرمة "مكة" البادية والصحراء، وفي ذلك مدلول آخر وسؤال محوري، لماذا لم تبدأ الرسالة الخاتمة أو تستمر من بيت المقدس والذي هو أكثر تمدناً وتحضراً في مكة التي يسكنها العرب "البدو" !؟ وهذا بحث آخر ليس المكان الآن مجاله. ذكرنا آنفاً بأن للرحلة الفضائية "الإسراء والمعراج" كانت مباشرة من مكةالمكرمة "المسجد الحرام" إلى المسجد الأقصى، والذي ذكرنا بأن الأقصى تعني مكاناً مرتفعاً بعيداً جداً عن محور الكرة الأرضية، أي نحو الفضاء "السموات السبع" ونرجح بأن المسجد الأقصى هو بوابة الدخول إلى السموات السبع عبر "الثقب الأسود" الذي يعتبر أفق ما توصل إليه علم الفيزياء حتى اليوم.. الثقب الأسود عنده "سدرة المنتهى": "سدرة المنتهى" وكلنا نعلم ما يعرف عن الثقب الأسود بأنه ينجذب نحوه كل جسم يقترب منه حتى الضوء يختفي عنده إلا عن نقطة معينة وبزاوية دقيقة جداً يمكن لأي جسم أن يخترق هذا الثقب فيعبر نحو السماء الثانية ثم الثالثة إلى السابعة وأما كيفية الرجوع فحتى الآن لم يتوصل علم الفلك إلى ذلك "حسب رواية الدكتور مصطفى محمود". وحسب بحثنا بأن هذا القرآن وهو كتاب الكون المفتوح وهو العلم الجامع الشامل وفيه خبر الماضي والحاضر والمستقبل.. فإننا نرى بأنه وحتى يومنا هذا أن الشخص الوحيد الذي عبر نحو السموات هو الرسول الكريم (محمد) صلى الله عليه وسلم (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) وعاد منها بقدرة الله العلي القدير سواء كانت بوسيلته "البراق" أو غيره لا يهم، فالمستقبل سيظهر لنا ذلك علماً بأنه وحتى الآن لن يستطيع أحداً في أن يصل إلى كوكب المريخ في السماء الدنيا. المعراج الحقيقة الغائبة: وقد اقتدينا في منهجنا هذا في كيفية العروج في الفضاء بعد أن وجدنا أن سيرة المعراج لم تذكر صراحة أبداً في القرآن بينما أتت ذكرى الأسراء "الآية" (سبحان الذي أسرى بعبده...)، فمن أين أتت السيرة بأن الرسول أسرى ثم عرج إن لم تكن هنالك رواية حقيقية كانت معروفة وقد تم إخفاؤها كما تم إخفاء الكثير في تفاسير القرآن بفعل الإسرائيليات في التوراة والتي تم دسها بفعل اليهود في تلك القصص عمداً حتى لا يعلم المسلمون ذلك، وهذا أيضاً ما يؤكد رحلة المعراج إلى الفضاء العريض ويزيل كل الشكوك التي ثارت حول أن الرسول عرج بجسده أم بروحة فقط أم عبر رؤيا منامية في حلم نحو المستقبل والذي سوف يثبت لنا المستقبل علمياً وعملياً بأن رحلة الإسراء والمعراج ما كانت إلا من مكة مباشرة إلى المسجد الأقصى هنالك عند "سدرة المنتهى" والتي عندها جنة المأوى دليل بشارة بالفوز بالجنة تلك التي هي غير موجودة الآن إنما تكون موجودة مستقبلاً بعد نهاية هذا العالم وتكوين عالم آخر جديد يوم تكون السماوات غير السموات والأرض غير الأرض عندها توجد "الجنة والنار". أي بمعنى أن نهاية الكون (الدنيا) تبدأ هنالك وأيضاً بداية (الآخرة) تكون هنالك؛ حيث جنة عرضها السموات والأرض، وهنا العرض ليس بمقياس إنما عرض بمعنى شيء معروض (Show) كما في الإنجليزية وإننا في بحثنا هذا نرى بأن الله قد ذكر الجنة وبتعبير "جنة المأوى" وهو المأوى الذي يريده الله لكل العباد وحتى أولئك الذي اغترفوا من الذنوب ما اغترفوا، فان باب التوبة مفتوح إلى طلوع الشمس من مغربها "بداية النهاية لهذه الحياة الدنيا" ولم يذكر اسم جهنم حتى يراها الذي لا يثوب واقعاً معاشاً وحيث لا ينفع الندم "ذكر الجنة بشارة وذكر النار وعيد" والله لا يريد لعباده وعيداً. وأخيراً: نختم بحثنا هذا بأن كل ما حدث مع الرسول الكريم من أحداث بما فيها الإسراء والمعراج بعد نزول القرآن، لم يكن معجزة مادية كمعجزات الأنبياء ما قبله وإنما كان ما حدث له تبريره العلمي كإعجاز زمني لا كمعجزة خارقة "أسطورة". والله أعلم. أبو أحمد خليل [email protected]