صديقتي (س) شابة المعية متميزة في حياتها المهنية ، درست الأعلام بكلية شرق النيل الجامعية وعملت بعد التخرج مندوبة أعلامية في أحدي الشركات التجارية الخاصة بالمنطقة الصناعية بحري ، وقد ترقت في السلم الوظيفي حتى صارت مدير العلاقات العامة بالشركة ؟ كل ذلك ولم تتجاوز الخامسة والعشرين من العمر ؟ فظهرت عليها أثار النعمة ، وصارت تمتطي سيارة كورلا بيضاء فاقع لونها تسر الناظرين ، وقامت باستئجار منزل لأسرتها بحي المهندسين ، لقد صارت من بنات الذوات ، وتغيرت نظرتها الاجتماعية بصورة جذرية تجاه سكان بانت الحي القديم الذي نشئت وترعرعت فيه ، فانقطعت عن زيارة صديقاتها بالحي ، وقامت بتغير رقم الهاتف المحمول الذي يخصها ، ويقول الوشاة أسرت لصديقتها في العمل أنها فعلت كل ذلك لأن بانت وسكانها يذكرونها بأيام الحرمان والمعاناة التي كانت أسرتها تتكبدها ، فوالدها ألمتوفى حديثا كان يعمل في وظيفة غفير بسوق امدرمان الكبير وكان أقصي ما تمناه في حياته أن يمتلك بيت جالوص بمنطقة الفتيحاب التي كانت حينها من العشوائيات الراقية بالعاصمة القومية ، ووالدتها الحاجة (ن) أطال الله بقاءها هي واحدة من رائدات تجارة الفسيخ بسوق بانت القديم ، كانت نعم المرأة العصامية المكافحة التي تكد وتجتهد لتوفر لعائلتها الاحتياجات الضرورية التي تقيها مسألة الناس أعطوها أو منعوها ، لهذا وفقها الله وقامت بتعليم بناتها الخمس علي نفقتها الخاصة ، لم تمد يدها بالغلط لزوجها ليساهم معها في تكاليف التعليم ، لأنه ببساطة حزرها مرارا وتكرارا وافهمها بصريح العبارة أن تعليم البنات مضيعة للوقت ورمي للموال في البحر ، فالبنت لزوجها ، وهو غير مستعد ليخاطر بالمال القليل الذي يجنيه في عملية استثمارية خاسرة ، ودارت دورة الأيام ، فتخرجت البنت الكبرى من كلية الطب جامعة جوبا سابقا ، ثم بعد عامين لحقت بها شقيقتها الثانية لتكون دكتورة خريجة كلية الطب جامعة الخرطوم ، وكادت الثالثة أن تلج أبواب الجامعة لولا أنها فضلت الزواج من شاب مغترب ، وتخرجت الرابعة من كلية العلوم بجامعة السودان . اما أخر العنقود صديقتي (س) كما أسلفت فقد درست الاعلام بشرق النيل وخططت لتكون مذيعة تلفزيونية لامعة ، لأنها تمتلك كل المواصفات التي تؤهلها للاطلالة عبر الشاشة البلورية ، فهي جميلة بدرجة مثيرة ، وبرونزية البشرة وتمتلك قوام خليجي مثل القوام الذي تتميز به المذيعات في القنوات الاخبارية الخليجية ، لذا تخصصت في مادة ألاذاعة والتلفزيون ، وتخرجت بمعدل جيد جدا ، واول ما استلمت الشهادة الجامعية طرقت أبواب الاجهزة الاعلامية وقدمت في كم وظيفة كانت متاحة لأستيعاب المذيعين الجدد ، وفي كل مرة كان الحظ يعاندها ، وتعود خالية الوفاض ، فكفرت بحقيقة كونها فتاة استثنائية الجمال ... أخيرا اعتراها اليأس بالكامل في ان تصير مذيعة ذات شأن كما كانت تعتقد ، فاستسلمت لقدرها ، وارتضت أن تكون السند والعضد لوالدتها التي تقدمت في السن ، فجميع شقيقاتها تزوجن وسافرن الي دول الخليج ، ووالدها انتقل الي رحمة مولاها ، فلا فكاك لها من أن تدير شئون والدتها العجوز ، فبقيت علي هذا الحال حتى خرجت ذات مرة بكامل زينتها تقصد فرح أحدي قريباتها بمنطقة الختمية بحري ، وأوقعها حظها العاثر لتقابل هذا الرجل صاحب الشركة الكبيرة الذي وعدها أن يوظفها بالشركة خاصته ... وقد كان ، ففي ظرف شهر واحد اصبحت صديقتي من سيدات الاعمال ، فقد أثرت ثراء فاحش ، فتقدم لخطبتها عدد من الشباب الميسور ماديا ، وتباري الكثير من الناس علي خطب ودها ، ودائما ما كانت تواجه عواطف المعجبين بمذيدا من الاستهتار والاستخفاف ، وكانت تصد الجميع بالقول أن الزواج هو أخر ما يمكن ان تفكر فيه ؟ ... ثم سافرت القاهرة لبعض المهام الاعلامية المتعلقة بالشركة كما قالت لوالدتها ... ومر أسبوعان علي سفرها وفي نصف الاسبوع الثالث تواترت عنها بعض الاخبار التي تفيد بأنها تم القبض عليها بمصر وأودعت السجن النسائي بالقناطر الخيرية ، بعد أن ضبطت تقوم بتهريب المخدرات لصالح الشركة التي تعمل بها ، فتمت أدانتها بالسجن عشرين عاما مع الاعمال الشاقة ، ولم تستجيب السلطات المصرية لمرافعات هيئة الدفاع الذين اقسموا بأن المتهمة ضحية لغرور وجشع زوجها صاحب الشركة الذي تزوجها عرفيا ، وخدعها أن البضاعة التي بحوزتها عبارة عن عشبة بن علي وبعض الخلطات الطبيعة التي تتغذي الشعر وتخفض من ضغط الدم ؟ [email protected]