يحكي الدكتور محمد مختار الشنقيطي أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم (أين هو الآن؟) ..يحكي الشيخ رواية تستحق الإنتباه..زار الرجل القاهرة في أيام حكم الرئيس حسني مبارك ..في أحد الشوارع لفت نظره وجود منزل عليه حراسة مشددة..ظن الشنقيطي أن رئيس وزراء مصر يسكن في الدار المحروسة..بعد أن استفسر وجد أن المحروس كان وزير داخلية في عهد الرئيس الراحل أنور السادات. ذات الاحساس خالج زميلنا عادل سيدأحمد خليفة يوم حدثته نفسه بزيارة مولانا الميرغني في منفاه بقاهرة المعز لاجراء حوار صحفي..من طرف الشارع كان رجال الخدمة السرية من رجال الأمن المصري يسألونه عن الهوية والمهمة..لم يطمئن قلب صديقنا عادل الا بعد أن تداولته الأيدي السودانية داخل القصر المخصص لإقامة مولانا في مصر . في الاسبوع الماضي كان لص يسطو على منزل الوزير السابق آدم مادبو في المنشية..بعد أن ظفر الزائر بما خف وزنه وزاد سعره..رأى اللص أن يكرر تجربته وتسوَّر منزل الشيخ الترابي..في منزل أشهر رجل في تاريخ الحياة السياسية في السودان كان اللص يسرق بعض الهواتف ومسدس..لم يكتفِ بذلك بل وجد سعة لأن يعيد فرز بضاعته المسروقة من الجيران..ترك اللص شرائح هواتف عائلة مادبو الأنصارية في بيت شيخ الحركة الاسلامية ثم مضى الى حال سبيله..لو أن في مدخل بيت الشيخ نقطة حراسة لتردد اللص ألف مرة من دخول البيت. أمس الأول بعد أن أدى الدكتور مامون حميدة وزير الصحة بالخرطوم صلاة الظهر توجه الى مكتب مجاور لعقد اجتماع..قبل أن يلج الى مقر الاجتماع كان طبيب غاضب قد احتد في النقاش مع الوزير..المجادلة الخشنة انتهت بأربع طعنات في جسد الوزير..لو أن مع السيد الوزير حرس شخصي ربما اختلف السيناريو ولم تصل الأمور لمرحلة اراقة الدماء. في مدينة بعيدة كان الصول علي كوشيب يتجول في شوارع نيالا مصحوباً بحرس وسائق شخصي..رغم الحماية المكثَّفة حاول أحدهم أن يقتل أشهر صول في افريقيا..الرصاصات الغاضبة نالت من أرواح مرافقي كوشيب والذي مسه من الشر جرح طفيفة..لو أن الرجل كان يقود عربته بلا حراسة لأصبح اليوم أسيراً في أفضل السيناريوهات. واحدة من مشكلات الخيال السوداني السياسي إنه لايتحسب للأسوا..في أكثر من مرة تجد رئيس الدولة ونوابه في لحظة واحدة يحضرون مناسبة حاشدة..مثل عقد قرآن لا تستطيع أن تميِّز العدو من الصديق أو وداع شخص على حافة القبر حينما يتدافع الناس بالمناكب..عقلنا الجمعي يستعصم بأننا شعب مسالم لا يعرف ثقافة الاغتيالات..الحقيقة أن النفس السودانية البريئة باتت تقتل بدم بارد في اليوم مائة مرة..استرخاص الروح يمكن أن يصل الى الخرطوم في ظرف التباغض والتشاحن. في مصر أخت بلادي تجد لكل فنان (بودي قارد)..في بلاد الدنيا توفِّر الشركات الأمنية خدمات تأمين المنازل..من يصدِّق أن بيت الترابي غير مزوَّد بكاميرا مراقبة وأن الوزيرة حميدة لايصاحبه حارس وأن كوشيب تأمينه أعلى من قادة البلاد. تراسيم عبدالباقي الظافر [email protected] الاهرام اليوم www.facebook.com/traseem