استهداف مطار مروي والفرقة19 توضح    محمد وداعة يكتب: المسيرات .. حرب دعائية    مقتل البلوغر العراقية الشهيرة أم فهد    إسقاط مسيرتين فوق سماء مدينة مروي    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    ب 4 نقاط.. ريال مدريد يلامس اللقب 36    كهرباء السودان: اكتمال الأعمال الخاصة باستيعاب الطاقة الكهربائية من محطة الطاقة الشمسية بمصنع الشمال للأسمنت    الدكتور حسن الترابي .. زوايا وأبعاد    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أحمد السقا ينفي انفصاله عن زوجته مها الصغير: حياتنا مستقرة ولا يمكن ننفصل    بايدن يؤكد استعداده لمناظرة ترامب    الأهلي يعود من الموت ليسحق مازيمبي ويصعد لنهائي الأبطال    أرنج عين الحسود أم التهور اللا محسوب؟؟؟    الصناعة.. قَدَر الخليج ومستقبله    شاهد بالفيديو.. حكم كرة قدم سعودي يدندن مع إبنته بأغنية للفنان السوداني جمال فرفور    شاهد بالصور.. رصد عربة حكومية سودانية قامت بنهبها قوات الدعم السريع معروضة للبيع في دولة النيجر والجمهور يسخر: (على الأقل كان تفكوا اللوحات)    هل فشل مشروع السوباط..!؟    سوق العبيد الرقمية!    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    أمس حبيت راسك!    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحديث عن دولة المدينه تهرب (اسلاموى) من دولة المواطنة.
نشر في الراكوبة يوم 04 - 08 - 2013

ذكرت فى أكثر من مقال بأننا لا ولم نسئ للأسلام كما يظن المهووسين وكما يدعى البسطاء، اصحاب الغرض والفكر المحدود الذين يعجزون عن مقارعتنا الحجه بالحجه والفكره بالفكره، بل من بينهم من يغالط ويكابر ويرفض فكرة أو حقيقة أو معلومه دون أن يقرأ ما هو مكتوب عنها فى مراجع من الميسور الرجوع اليها، وعلى عكس ما يدعون تماما تماما فنحن نسعى لتقدم (الأسلام) قدر استطاعتنا ومعرفتنا بالصورة التى تليق به ملتزمين الصدق والحق لا عن طريق الأدعاءات الكاذبه والأحكام (المعلبه) التى ظلت تلوكها الألسن وترددها منذ مئات السنين وهى عاجزه من الدفاع عن الأسلام بلغة العصر والحجة والمنطق مع فى مواجهة المسلم المستير وغير المسلم لأنها لا تملك غير التكفير والأرهاب والسباب والأستفزاز وصرف القضايا الفكريه التى تطرح الى اتجاه آخر غير الذى طرحت من اجله ، ولذلك لم تقدم تلك الأصوات للأسلام غير النفور منه فى كل يوم وتزائد عدد الملحدين والمرتدين وعدد آخر ضخم من الذين وجدوا أنفسهم فى بيوت مسلمه وبين ابوين مسلمين فأصبحوا مسلمين (اسما) وقشرة ودون شعور بذلك الأسلام ودون قدرة للدفاع عنه بالفكر والحجة والمنطق، ولذلك تجد من أنتموا اليه بصدق تحولوا الى قتله وأرهابيين ومتطرفين لأنهم لم يجدوا امامهم غير الفكر الذى يدعو للقتل وسفك الدماء وكراهية الآخر والتحريض علي ذلك كله، خاصة فى السنوات الأخيره التى اصبح الشباب فيها يجيد التعامل مع التقنية التكنولوجيه فى أعلى مستوى ويحصلون على أدق المعلومات بأقل جهد يبذل، لذلك لم يكن امامهم غير خيارين أما أن يتحولوا الى ارهابيين وقتله ومتطرفين أو أن يرفضوا ما هو غير (مقنع) دون أن ترهبهم الدعوات التحذيريه والأحكام التكفيريه التى تمنعهم من التفكير وتطالبهم بتعطيل عقولهم والرضوخ لما جاء فى كتب التفسير القديمه حتى لو كانت تتحدث عن الكره الأرضيه بأنها جالسه على قرن ثور .. ويصل بعض اؤلئك الشباب فى رفضهم لما هو غير مقنع درجة الأرتداد والألحاد، لأنهم لا يجدون فكرا مستنيرا ومتطورا ملائما لعصرهم ولثقافتهم.
لذلك نسعى لكى نقدم (الأسلام) فى الشكل اللائق به ومن قراءنه وأحاديثه ومراجعه التى (هجرت) بسبب القمع والكبت الأعلامى والأرهاب الفكرى وبسبب كلام عن هذا حديث ضعيف لأنه يدعو للمحبه والتسامح ولعدم التحريض على القتل، ومن أجل ذلك لا نستحى من الأستفاده من رؤى وافكار رجال مستنيرين تحرروا من الظلام ومن الخوف وعرض اسهامتهم طالما كانت متوفره بدلا من تكرارها واعادتها، والهدف فى النهايه من ذلك كله، لكى لا يوصف هذا الدين الذى يهيمن للحديث عنه (الجهلاء) و(الفاقد) الثقافى، بانه دين يدعو للكراهية وللتمييز بين الناس وللعنف والقتل والأرهاب وللديكتاتوريه والشموليه ومصادرة الحريات، وهذا لا يمكن أن يتحقق الا اذا اعترف المسلمون بأن (الاسلام) فيه مستويين من الخطاب واضحين كما تضح مياه النيل الأرزق من مياه النيل الأبيض وهما يسيران متلاصقين وجنبا الى جنب لمسافة طويله. احد المستويين أو الخطابين صالح لكل زمان ومكان وهو (الأصل) وضربة البدايه، والآخر (فرع) وأستثنائى وكان (ضرورة) مرحله مثل قوانين الطوارئ أو الأعلانات الدستوريه التى تصدر خلال فترة انتقاليه تسمى (بالشرعية الثوريه) كما نرى فى العالم الحديث عقب الثورات التى لا ترعى فيها القوانين والحقوق بصوره كامله، ذلك المستوى كان صالحا لزمان معين ولقوم بعينهم لهم ثقافتهم ولغتهم وأعرافهم ومستوى تعليمهم المتدنى الذى لا يتعدى (الشعر) و(الفقه) فى مرحله متقدمه، وكانوا خارجين لتوهم من جاهلية غليظة ومن ثقافة الأستعباد والأسترقاق والجوارى التى كانت (مقننه) ومن بداوة وجلافه اعترف بها الدين الاسلامى فى قراءنه مثل الايه التى تقول: (أن الأعراب اشد كفرا ونفاقا) .. وفى الحديث الذى يقول: (من بدأ جفا)، وأكبر دليل على (المحدوديه الزمنيه) لذلك المستوى وأنه (مؤقت) هو الكفارات التى كان من ضمنها (عتق رقبه مؤمنه) والمفاهيم التى تتحدث عن حق الرجل فى نكاح اربع زوجات وعدد غير محدد من الجوارى والأيماء .. والمفاهيم التى تتحدث عن (العبيد) و(السبايا) دون الشعور بالحرج .. وعن (صلاة القصر) فى سفر لمسافات كانت تحتاج الى عدد من الأيام والى كثير من الأرهاق وفى ظروف غير آمنه، يصلها الأنسان اليوم خلال دقائق معدوده.
لكن ما جانب آخر يجب الأعتراف بأن المستويين صالحان (بحسب الزمان والمكان والظروف) ونوعية المخاطبين وثقافتهم ومدى رفاهة حسهم وشكل العقوبات التى تناسبهم، لترقية السلوك الأنسانى وتهذيبه والسمو به والمساهمه فى ابراز نماذج صالحه من البشر لكى تتولى القياده ولكى تقاد وتؤسس دول متمدنه ومتحضره ، لكن قبل ذلك كله فأن أهم ما يجب الأعتراف به هو أن ذلك الدين (الأسلام) لا يمتلك مشروعا للحكم وهذا ما سوف نبينه لاحقا من خلال رأى علماء مسلمين لا يشك فى اسلامهم، وما يجب الأعتراف به كذلك أن السياسة عمل الأحزاب التى تقدم برامج تقوم على العلم والخبره وكفاءة من يقدمونه، لا عمل الجماعات الدعويهّ، التى بسبب شعورها بالعجز وعدم القدره على تقديم مثل تلك البرامج تلجأ لخلط ما هو دعوى بالسياسى.
ولابد من التوضيح مرة أخرى بأن المعرفه والقناعه الفكريه والأخلاق والتزام (الأدب) يجعلنا لا ننتقد تصرفات أو احكام شرعها النبى (ص) فى حياته وطبقها على صحابته ومن هم فى دولته وقد كان (نبيا وأماما وحاكما) وهذا ما لا يتوفر لبشر فى عصرنا الحديث وما لا تسمح لهم به بالشعوب والدساتير واصول الفعل الديمقراطي، ولذلك لا اعتراض لنا على شكل تلك الدوله وذلك الحكم فى زمن الرسول (ص) والفترة التى تلته بقليل كان الناس فيها لا زال بينهم (نفس) الرسول (ص) تاثيره الروحى، فالحاكم كما قلنا وقتها هو رسول من عند الله ونبى (معصوم) اذا اخطأ فى امر مهما كان طفيفا، نزل اليه الوحى مصححا لذلك الخطأ، أما بعد انتقاله للرفيق الأعلى فكل شئ اصبح قابل للأخذ والرد والأجتهاد وللنظر فيه وللعمل بما هو افضل وأنسب لتنظيم حياة الناس على نحو أمثل وادارة المجتمعات بالصوره التى تحقق العدل والمساواة بينهم، ولذلك اصبح ليس من حق احد أن يحتكر الأسلام أو أن ينصب نفسه وكيلا حصريا يتحدث بأسمه أو أن يفرض على الآخرين حكما أو فقها أو تفسيرا أو تأويلا مالت اليه نفسه أو ادركه من خلال فهمه القاصر والعاجز اضافة الى اسباب اخرى روحيه وأنسانيه وما يتعلق بقضية الكسب، خاصة اذا سلمنا بصحة الحديث النبوى وتأملنا عباراته بدقة والذى يقول: (تفرقت اليهود الى أحدى وسبعين فرقة واحده فى الجنه والبقيه فى النار وتفرقت النصارى الى أثنين وسبعين فرقه واحده ناجيه والبقيه فى النار وسوف تتفرق امتى الى ثلاثه وسبعين فرقه واحده ناجيه والبقيه فى النار) وبذلك اصبح من وأجب كل مسلم حريص على دينه ومستقبله فى عالم آخر (بالصدق)، أن ينشغل بنفسه وأن يبحث عن طوق النجاة وعن الحق، فمن يدخلون النار جميعهم مسلمون بنص ذلك الحديث شهدوا بالا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وكل منهم يظن انه على (الحق) وغيره على الباطل، وبهذا المعنى لا يمكن أن يدخل (الأخوان المسلمون) و(الوهابيه) معا الجنه وذلك امر حتمي لا جدال فيه اذا لم يلجأ البعض (للمرواغه) ولتحوير المعانى الواضحه، وربما تكون الفرقتان فى النار وتسبقهم على الجنة فرقه أخرى كانوا يظنونها (خاسره) وخارجه ومرتده .. والأنسان الذكى هو من يبحث عن تلك الفرقه الناجيه ويراجع فكرها جيدا وأدبياتها وقبل ذلك كله أن يراقب سلوكها اليومى وتحري افرادها أكل الحلال الطيب لا الحرام وقبل ذلك كله أن يسأل نفسه هل هى جماعة صادقة أم تتاجر بالدين من أجل الدنيا والسياسه، وأن يستفتى نفسه وأن افتوه والا يصبح امعة.
مرة أخرى وليكن واضحا دون سوء ظن أو أفتراء فنحن لا ننتقد أفعال الرسول (ص) ولا ندعى اننا نقدم افضل مما فعل ولا ينبغى لنا ذلك ، وكلنا يعلم بأنه (ص) قد تزوج كما ورد فى السيره من تسع نساء وفى بعض الروايات من 13 أمرأة ونحن لا نشك مطلقا فى عدله حتى لو بلغ عدد زوجاته المئات، وكان يركب دابة (ناقة) فى تحركاته، ونحن فى هذا العصر نركب سيارات وطائرات وذلك العدد من الزوجات لا يجوز اليوم لمسلم بل محرم دينيا ومجرم قانونا لأسباب عديده - (غير ما هو شرعى) - يعود لتغير الزمان والمكان والبئيه والظروف والثقافه والقوانين المنظمه لحياة الناس وصعوبة تحقيق العدل بين أربع زوجات أو أثنتين دعك من 9 أو 13، وعلى ذات هذا السياق لا يمكن أن نطبق كلما كان يطبق فى زمنه (صلى الله عليه وسلم) بخلاف العبادات والجوانب العقائديه التى لا يتأثر بها الآخرون سلبا أو ايجابا، على العكس من ذلك يستفيد منها الفرد مثل (قيام الليل) الذى كان يلزم نفسه به مثل الفرض تماما.
ومثلما لا يحق للمسلم أن يتزوج اليوم من 9 نساء، فكذلك لا يحق لمسلم مهما كان وزنه وعلمه أن بعطى نفسه حقا فى فرض وسيلة (حكم) كان يستطيعها الرسول (ص) لأننا لا نشك فى عدله وهى (الشورى) التى لا علاقة لها (بالديمقراطية) الحديثه، وقد كانت (الشورى) مناسبه لذلك الزمان وأهله وسلوكباتهم وتعريف (الشورى) فى ابسط عباره تعنى (حكم الولى الرشيد للقصر التبع)، يشاور منهم فئة قليله منتقاة يسمون (أهل الحل والعقد) لكن من حق ذلك (الولى) أن ينفذ ما يراه صحيحا – حتى لو لم يكن صحيحا - دون الأخذ برأئهم والأهتمام به وخير مثال فى العصر الحديث لذلك ما فعله الرئيس المصرى الأخوانى (محمد مرسى) الذى اتفق مع كآفة القوى السياسيه ، أسلاميه ومدنيه قبل الأنتخابات، اذا فاز على تأسيس دوله مدنيه ديمقراطيه حديثه، فأتجه بعد فوزه الى تأسيس دوله (دينيه) طائفيه متطرفه وحينما تأزمت الأمور اجتمع مع تلك القوى ومع كآفة قيادات الأحزاب و(شاورهم) فاشاروا عليه بالعديد من الملاحظات وبمشاركة باقى القوى فى العمليه السياسيه وبعد أن انصرفوا اصدر اعلانا دستوريا مخالفا لم اتفق عليه معهم، جعل منه (الها) يسأل الناس عما يفعلون ولا يسأل عما يفعل، و(مرسى) كأخوانى و(اسلاموى) يعتمد على (شريعه) القرن السابع فى الحكم، لم (يخطء) فتلك هى (الشورى) التى كانت صالحه لذلك الزمان ولأؤلئك البشر الذين كان تعليمهم محدودا التزم بها طبقها بحزافيرها، والذين اخطاءوا هم من وثقوا فيه وصوتوا له دون أن يعرفوا بأن فكره ومنهجه لا يعترف (بالديمقراطيه) التى يتباكون عليها الآن، وما هو مستفاد من ذلك الدرس بعد ازاله نظامه والأطاحة به من خلال ثورة شعبيه عارمه، أتضح بما لا يدع مجالا للشك ان تلك الوسيلة الشرعية (الشورى) التى كانت صالحه فى زمن النبى، لا يمكن أن تصلح لأنسانية هذا العصر الذى تطور فيه الناس بفضل العلم واصبحت (الديمقراطيه) هى الوسيلة المناسبه والصالحه له ولذلك فأن عدد كبير من الذين صوتوا لصالح (مرسى) وهم يعلمون أنه (اسلامى) لكنهم لا يحيطون بقدر عميق باحكام (الشريعه) فى النظام (الأسلاموى)، لذلك خرجوا عليه حينما نفذ أحد وسائلها فى الحكم، لأن (الشورى) ببساطة لا تصلح الا مع حاكم (نبى) لا يخطئ واذا اخطأ صححه الوحى، لا مع حاكم (بشر)، له ايجابياته واهوائه ومزاجاته وجماعته وسلبياته.
لذلك وبصورة عامه، فأن أهم الجوانب التى تم اختزال (الاسلام) فيها حتى كاد البعض أن يقول أنه لا اسلام غيرها، مع انها لم تعد صالحه للعصر الحديث وثبت عجزها عمليا هى احكام (شريعة القرن) السابع خاصة فى جانب (الحكم) وصياغة الدساتير، ولذلك بدأ العقلاء منهم مع تحفظنا على ارائهم - يتكلمون عن وسيلة أخرى تجعل الدوله الدينيه لا زالت مهيمنه - وهى مشروع (دولة المدينه) ودستورها وهذا كله يمثل هروب للأمام من دولة (المواطنه) والديمقراطيه التى يتساوى فيها الناس جميعا دون تمييز، مسلمين وغير مسلمين ورجالا ونساء.
وفى مقالى السابق استعرضت مقترحات وبنود قدمها قانونيين لأعداد دستور (مدنى) جديد فى مصر أو لتعديل بعض مواد معيبه فى دستور 2012 الذى كان اعداده وصياغته ملبية فقط لرغبة التيارات (الأسلاميه)، وذلك كان المحرك الرئيس لثوره 30 يونيو للتخلص من نظام (الأخوان) المسلمين وحلفائهم الذى كان طائفيا ودينيا ويحتوى على كثير من المواد التى تهدد دولة المواطنه.
وما هو جدير بتسجيله هنا، هو مجرد أن (تقرن) جماعة اسمها أو يضيف حزب لأسمه (الأسلام)، فهذا يمثل شكل من اشكال التغول والأختزال للاسلام، لا يجوز ويجب أن يمنعه (القانون) .. ويمثل مخادعه وتضليل للشعوب، فكيف تسمى مجموعه من الناس نفسها (بجماعة الأخوان المسلمين) أو (الحركه الأسلاميه) فى بلد غالبيته مواطنيه من المسلمين؟
وأن تعمل تلك الجماعه كواجهة خلفيه للحزب وموازيه له بل تتحكم فى قرارات الحزب ومواقفه لأن المرشد سلطته الروحيه أكبر من سلطة رئيس الحزب؟ ولماذا لا يكتفى اؤلئك بحزب سياسى فقط، لا يوجد مانع أن تكون مرجعية قادته وكوادره (أسلاميه) بمعنى انهم (محافظين) أكثر من غيرهم بحق وصدق فى تعاملاتهم وتجماعتهم والتزامهم بالمواعيد والعهود والمواثيق وفى رفضهم للتعامل بالربا ..لا بالشعارات والهتافات وتهديد الخصوم بالقتل والسحق وبتزوير الأنتخابات ماديا أو بدعايه تقول من يصوت لهم فى الجنه ومن يصوت ضدهم فى النار .. ولماذا تؤسس جماعة (الأخوان المسلمين) فى مصر مثلا، على نحو عير قانونى وفى كثير من السريه، الى جانب (حزب) يعمل فى العلن وينافس باقى الأحزاب على نحو غير عادل أو متكافئ بما يتوفر لتلك (الجماعه) من مال تدعم به الحزب لا يعرف مصدره ومن اين أتى ولا يخعع للمحاسبه والمراقبه والمراجعه كما ينص القانون المصرى وحينما خافوا من أن بقرر القضاء عدم قانونية الجماعه سارعوا وسجلوها كجمعية (تحائلا) لأن القانون يمنع عمل الجمعيات بالسياسه ولا يعترف بشئ اسمه (مرشد) وأنما رئيس للجمعية وأمين عام وأمين صندق، ويجب أن تعين (محاسب قانونى) يراجع ميزانيتها فى كل عام.
حقيقة الأمر أن تلك (الجماعات) تتاجر بالدين وتستغله من اجل صناديق الأنتخابات والحصول على اصوات الناخبين ومن أجل المزائدات والمكائدات السياسيه ومن أجل الهيمنه والأستحواز والتمكين، وهذا امر لا يلجأ له الا الأنانيون النرجسيون عشاق الذوات والسلطه الذين تهمهم الدنيا لا الدين.
وقبل استعراض رأى كتيه مفكرون اسلاميون عن دولة المدينه وشكلها ودستورها وهل تناسب هذا العصر أم لا، استعرض تلك المواد من الدستور المصرى التى اراها جيده فى غالبها لكى تتم المقارنة – لاحقا - بينها وبين ما يسمى بدستور (دولة المدينه) ولكى نحدد ايهما اصلح لأنسانية هذا العصر دون أن نطعن فى دستور أو (شكل) دستور اقره الرسول (ص) وكان صالحا لأهل ذلك الزمان حيث كان فيهم بجسده لذلك لا يعذبون بينما نحن لا نملك غير الأستغفار،ولو عاد الزمن للوراء ولتلك الفتره لطالبت بذلك الدستور ولأعترضت على دستور الدوله المدنيه الديمقراطيه الحديثه التى تحترم كآفة ألأديان والمعتقدات وتناى بها من التدخل فى السياسه، لأن دستور هذا (العصر) لن يكون صالحا لتلك الفتره ولأؤلئك الناس الذين كانوا يغيرون على بعضهم البعض ومن غلب سلب وسبى نساء الطرف المهزوم وحولهم الى جوارى وايماء يهدى واحدة منهن أو أكثر لزعيم أو شيخ قبيله تربطه به مصالح ومنافع دنيويه.
بنود الدستور المصرى المقترح بعد تجرية الأخوان المريره، التى يمكن أن تصبح اساسا لدستور سودانى مع بعض التعديلات والحذف والأضافه وما يجعلها تتوافق مع الواقع السودانى، نصت على ما يلى:
1- جمهورية مصر العربية دولة عربية إسلامية أفريقية مستقلة ذات سيادة، موحدة ﻻ تقبل التجزئة، ونظامها ديمقراطى يقوم على المواطنة.
2- السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين فى الدستور.
3- يقوم النظام السياسى على مبادئ الديمقراطية، والمواطنة التى تساوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، والتعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وسيادة القانون، واحترام حقوق اﻹنسان وحرياته، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور.
4- ﻻ يجوز مباشرة أية نشاط سياسى أو قيام أحزاب على أساس دينى أو على أساس التفرقة بين المواطنين، بسبب الجنس أو اﻻصل أو الدين واللغة.
وبالمرعاة لظروفنا وتركيبتنا الثقافيه وأعرافنا يمكن أن تقرأ الماده رقم (1) كالتالى:
((السودان دوله مدنيه فيدراليه حديثه ذات سيادة، نظامها ديمقراطى يقوم على المواطنة المتساويه وتحترم فيها كآفة الأديان والمعتقدات ويمنع تدخل الأديان فى السياسه)).
أما بخصوص دوله المدينه التى يحاول بعض (الأسلاميون) الحديث عنها هذه الايام وفرضها على المجتعات المتنوعه والمتعدده، وهذا يمثل نوع من المراوغه والمكر والخداع والتهرب من مشروع دولة (المواطنه) بعد أن فشلت جميع مشاريع الدوله (الأسلامويه) فى العصر الحديث فى اى بلد سعت لتطبيقها حتى (تركيا) التى تتحدث عن حزب اسلامى فى نظام دوله (علمانى)، وما هو لا يحتاج الى تفكير عميق بأن مجرد الحديث عن دوله (أسلاميه) فى بلد فيه (شخص) واحد يعتنق ديانة مخالفه مهما كان اسمها، يعنى تهميش لذلك المواطن وظلم لا يرضاه الله وتعدى على حقوقه وحرياته وما يجعله يهاجر ويترك تلك الدوله، طالما كان ممكنا اقرار دستور يحكم جميع الناس دون تفرقة أو تمييز لا يتضرر منه المسلم وغير المسلم.
وكما قال المفكر الراحل (جمال البنا) وهو الشقيق الأصغر لمؤسس جماعة الأخوان المسلمين فى مصر حسن البنا، فى كتابه: (الاسلام دين وأمة وليس دينا ودوله)، والذى نستعرض بعض ما جاء فيه من أجل الفائده العامه.
والى ذات الأتجاه ذهب من قبله الشيخ على عبد الرازق حينما قال: ((أن الإسلام لا علاقة له بأصول الحكم)).
وخالفه فى الرأى المودودى وسيد قطب ومعهم بعض الأحزاب والحركات الأسلاميه التى قالت أن الإسلام هو الحاكمية الإلهية، وهو الشريعة، وهو الخلافة.
ويرى جمال البنا: ((بأنه توفرت خصائص معينة ميزت دولة المدينة عن أى دولة أخرى وتوجب تصنيفاً خاصاً، إذ فى الوقت الذى يجتمع فيها بعض وظائف الدولة، فإنها تتجرد من وظائف أخرى تعد حيوية فى كل دولة، بالإضافة إلى أنها لم تستمر قرابة خمس وعشرين سنة. منها عشرة فى حياة الرسول والباقى فى خلافة أبى بكر وعمر. وعندما طعن عمر، طعنت الخلافة الراشدة معه. وانطوت صفحتها، لأن عثمان حاد عن سيرة الشيخين، ولأن عليا عندما أراد أن يعود بها سيرتها الأولى َتأبّتْ عليه، بل ودفع حياته ثمناً لذلك)).
وقال: ((يمكن القول إنه حدث فعلاً فى تاريخ الإسلام أن قامت دولة إسلامية فى المدينة المنورة لمدة خمس وعشرين سنة، ولكنها لما كانت دولة خاصة جداً وتخالف مألوف الدول فى أبرز صفاتها، فإنها لم تدم سوى تلك المدة. أما ما تلاها فإنه كان الطريق إلى الملك العقيم العضوض الذى استمر حتى سقوط الخلافة التركية سنة 1924 ولا تحسب هذه الدولات على الإسلام لأنها لم تقم على أسس إسلامية، وإنما هى جزء من تاريخ الدول التى ادعت انتسابها للإسلام، وهى فى حقيقة الحال جزء من التاريخ السياسى الذى يقوم على الغصب والحروب والسيطرة والاستحواز على الأرض واستعباد الجماهير، وبالتالى فإن من الخطأ الكبير تصور إمكانية إقامة دولة إسلامية على غرار دولة المدينة فى عهد الرسول أو فى عهد الخلفاء الراشدين. لأن الصفات الاستثنائية التى اتصفت لا يمكن أن تتكرر)).
وعن الفتره قبل أن تظهر دولة المدينه قال:
((ألفَِ كثير من الكتاب والدعاة أن يبدءوا عرضهم لقضية الحكم فى الإسلام بالحديث عن دولة المدينة التى أقامها الرسول وواصلها الخلفاء الراشدون. وهذا وإن كان بالنسبة للحكم صحيحاً إلا أنه لا ينفى أن الإسلام لم يبدأ فى المدينة وإنما فى مكة وأن الرسول قضى فى مكة مدة أطول من التى قضاها فى المدينة، وأن أكثر من نصف القرآن نزل فى تلك المرحلة التى لم يكن فيها دولة، بل كان الإسلام فيها ملاحقاً بالاضطهاد من القرشيين)).
وأضاف:
((من المحقق أن دعوة الإسلام التى تنزل بها الوحى الأمين نزلت فى مكة، وأن الرسول دعا المكيين إلى الإيمان بها. وأن الإسلام برز متميزاً، له جوهره الخاص وهو الإيمان بالله تعالى الواحد الأحد كما جاء فى القرآن. والإيمان بالدار الآخرة وما فيها من ثواب وعقاب والإيمان برسالة الرسول وهذه المقومات التى تمثل جوهر الإسلام هى ما نزل على الرسول بمكة – ولم ينزل عليه أن يؤسس دولة – أو يجند جنداً أو يخوض قتالاً الخ ... بل لم ينزل عليه إلا ما يعد مكملاً للعقيدة دون أن يمثل إضافة فى لبها وجوهرها.
ومن المؤكد أيضاً أن هذه المدة الطويلة كانت مدرسة الإيمان التى تعلم فيها قادة الإسلام ومرنوا على الصلابة والصبر والثبات وقبول التضحية، وهى الخلائق التى يفترض وجودها فى بناة الدول.
ومعنى هذا أن الحقبة المكية أثبتت أن من الممكن ((أن يوجد الإسلام دون أن تكون له دولة)). بل حتى وهو ملاحق مضطهد من الأعداء وهذا ما يضعنا فى صميم القضية. ((فالإسلام كدعوة وعقيدة وخلق ليس فى حاجة إلى دولة على وجه الضرورة))، لأنه إيمان والإيمان اقتناع نفسى لا تستطيع الدولة أن تدعمه وتقويه، ولا أن تقاومه وتمحوه لأن هذا يتوقف على درجة الإيمان. فإذا تمكن الإيمان من النفس، فلا تستطيع القوى الخارجة أن تؤثر عليه. وهذا هو حال الأقليات المسلمة الموجودة اليوم فى عدد كبير من دول العالم التى تتعرض للاضطهاد وصنوف من التمييز، دون أن ينال هذا من إيمانها أو يمس إسلامها.
الى أن قال:
((ما نريد أن نوجه الأنظار إليه هو أنه وإن كانت مرحلة المدينة قد أوجدت "الدولة الإسلامية" فإن مرحلة مكة قد عمقت العقيدة التى قامت عليها الدولة .. والتى هى الأصل والأساس. وأنه عندما وهنت العقيدة فى نفوس الناس مع تطاول الزمن فقدت الدولة الإسلامية قوتها، وميزتها وخصيصتها. وهذه الوقائع التاريخية نجد لها سنداً فى القرآن مما يجعلها أصلاً من أصول الدعوة إلى الإسلام)).
ثم استعرض جمال البنا بعض النصوص التى تتحدث عن الاسلام كأمة لا كدوله وقال:
((من الطبيعى أن نسترشد أول ما نسترشد فى موضوع الدولة والحكم بما جاء فى القرآن الكريم أو روى عن الرسول باعتبارهما المصدرين الأصليين للإسلام، وأن كل ما يأتى بعدهما تبع لهما.
وكما سنرى هذه الأسانيد – وهى آيات وأحاديث تجعل الرسول مُبلّغاً ومبينا، وبشيراً ونذيراً وداعيا إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً – كما تجعله رحمه للعالمين، ومن باب أولى – رحمة للمؤمنين، وتجرده من كل هيمنة أو أن يكون جباراً أو مسيطراً، أو حتى وكيلاً، وهى صفات تبعده – بداهة – عن السلطة بل إنها تجرده من أى سلطة جبرية..
كما تجعل هذه الآيات الهداية من الله "إنك لا تهدى من أحببت". وتجعل الأفراد هم الذين يؤمنون ويكفرون بمحض إرادتهم بحيث تكون قضية الإيمان والكفر قضية فردية تعود إلى صاحبها وليست من قضايا النظام العام فقد أراد الله تعددية الأديان، "ولو شاء لجعل الناس أمه واحدة"، وليس من الإسلام فى شىء أن تتجادل الأديان أو أن يدعى بعضها الأفضلية والامتياز، أو أنه يحتكر الهداية، والآيات تقضى بأن الله تعالى هو – وحده – الذى سيفصل فيما كانوا فيه يختلفون يوم القيامة ويتسق مع هذا كله أن القرآن الكريم لم يضع حداً دنيويا للرِدّة..
وهذه الآيات فى مجموعها تبعد الرسل والأديان عن الحكم والسلطة قدر ما تقربهم من الأمة.
ولا يُستغرب بعد هذا أن لا يكون فى القرآن إشارة إلى دولة أو حكومة. ودائما نجد التأكيد والتكرير على "الأمة".
كما يتفق مع هذا أن تكون كلمة الحكم التى ترددت فى القرآن بمعنى القضاء ومن ثم فإنه يتبعها بحرف "بين" أما عندما يطلقها عامة فإنه ينسب الحكم لله تعالى.. وليس لأحد من البشر...
وفيما يلى هذه الآيات والأحاديث..
1. الرسول مُبلّغ.. وليس حاكما :
(مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلا الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) {المائدة 99}..
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ){الأعراف 188}..
(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ){يونس 41}..
(فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) {هود 12}..
(وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ) {الرعد 40}..
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ) {الحجر 94}..
(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ) {النحل 82}..
(وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(56) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً(57) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا( {الفرقان 56-58}..
(نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) {ق 45}..
(كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ(52) أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ(53) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ(54) وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) {الذاريات 52-55}..
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) {الشورى 6}..
(أَمَّا مَنْ اسْتَغْنَى(5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى(6) وَمَا عَلَيْكَ أَلا يَزَّكَّى) {عبس 7}..
(فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ(21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ) {الغاشية 22}..
2. الهداية من الله ...
(لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) {البقرة 272}..
(فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) {النساء 88}..
(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ). {يونس 99-100}..
(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) {القصص 56}..
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ). {فاطر 8}..
3. الإيمان والكفر قضية شخصية ..
(لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) {البقرة 256}..
(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) {يونس 108}..
(مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) {الإسراء 15}..
(وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) {الكهف 29} ..
(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ(91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنْ الْمُنذِرِينَ(92) وَقُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ){النمل 91-93}..
(مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) {الروم 44}..
(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلا مَقْتًا وَلا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلا خَسَارًا) {فاطر 39}..
(إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) {الزمر 41}..
4. لا يوجد حد دنيوى على الردة ..
(أم تريدون أن تسئلوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل) {البقرة 108}..
(ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم فى الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) {البقرة 217}..
(إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون) {آل عمران 90}..
(أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ) {النساء 137}..
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) {المائدة 54}..
(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُنْ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ( {التوبة 74}..
(مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ( {النحل 106}..
(إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ) {محمد 25}..
5. لا يوجد فى القرآن دولة، ولكن أمة ..
لم ترد كلمة "دولة" فى القرآن الكريم إلا مرة واحدة بصدد الحديث عن الفىء(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) كما جاءت إحدى اشتقاقاتها (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ).
ولا نجد فى معاجم اللغة لكلمة دولة معنى إلا بالمعنى الذى أوردها القرآن الكريم أو بمعنى الغلبة..
فى مقابل هذا نجد القرآن يستخدم كلمة "أُمَّة" فى 49 موضعاً ويجعل هذه الكلمة الوصف الجماعى للناس، وللمؤمنين. ويضيق المجال بالطبع عن إيراد كل هذه الآيات وحسبنا منها ..
]وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[ {البقرة 143}..
]فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا( {النساء 41}..
]وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ( {الأعراف 34}..
]وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ( {يونس 47}..
]كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَانِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ( {الرعد 30}..
]إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِي(92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ( {الأنبياء 92-93}..
]وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِي( {المؤمنون 52}..
ويمت إلى هذا بصلة أن القرآن الكريم – وكما سنرى السُنة – تطلق على الرسول أو القائم بالأمر تعبيراً مشتقاً من الأمة وهو "الإمام" فلا يعرف الإسلام (قرآنا وسُنة) كلمة ملك أو حاكم ولكن إمام وأئمة ]وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا) {الأنبياء 73}..
إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) {البقرة 124}..
6. الحكم فى القرآن بمعنى القضاء ..
(وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) {المائدة 42}..
(إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) {النساء 105}..
]وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ){النساء 58}..
]وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ) {النور 48}..
]فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ( {42 المائدة} ..
]خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ) {ص 22}..
]فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) {النساء 65}..
]وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ( {المائدة 43}..
]أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بَهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا( {النساء 60}..
]وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا( {النساء 35}..
كما يلحظ فى كل الآيات التى جاء فيها الأمر بالحكم بين الناس أن هذا الحكم مقيد بما أنزل الله. فالحاكم قاض يحكم بين الناس بقانون هو ما أنزل له ولا يحل له أبداً أن يحكم بخلاف ذلك، وهناك آيات عديدة تحذر الرسول من أن يحكم بالهوى أو أن يُفتن عما أنزل الله.
وهكذا نرى الحكم هو القضاء وما يوحى إليه ذلك من البعد عن معنى الحكم السياسى وحكم القادة والملوك وما يتسم به من تداعيات بعيدة عن معنى العدالة قدر ما هى قريبة من معنى الجبروت والسلطة.
وليس الحكم بمعنى القضاء غريباً أو جديداً على الأديان فقد ظل "القضاة" يحكمون بنى إسرائيل فى الفترة من موت يشوع حتى اختيار شاول أول ملك لليهود وتبلغ هذه الفترة نحو أربع مائة سنة على وجه التقريب، ولم يكن هؤلاء.. حكاماً أو قواداً عسكرين، ولكنهم كانوا أفراداً متميزين من صميم الشعب.
وقد صك القرآن الكريم تعبيراً جديداً عندما قال "أولى الأمر" "أطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم"، وأولى الأمر تعود إلى "منكم" وبالتالى تسع لعديد من الأفراد..
وهذا اصطلاح يعود إلى أصل أعم هو مجرد كلمة "الأمر" التى تستخدم فى السُنة، وكذلك فى القرآن الكريم (حوالى 72 مرة) بمعنى الحكم كما يدل على ذلك سياق الآيات :
]لَيْسَ لَكَ مِنْ الأمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ( {آل عمران 128}..
]هَلْ لَنَا مِنْ الأمْرِ مِنْ شَيْءٍ( {آل عمران 154}..
(فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر). {آل عمران 159}..
كما ذكرت فى السُنة مناسبات عديدة أشهرها ما جاء فى حديث العباس عندما مرض الرسول فطلب من على بن أبى طالب أن يسأل الرسول "فيمن يكون هذا الأمر فإن كان فينا الخ..."
وتحدث القرآن عن "ملك يأخذ كل سفينة غصبا" وعن ملك يقول "أنا أحيى وأميت" وتحدث عن "فرعون وهامان" وقارون وندد بهم بأقسى العبارات ثم وصم الملك بحكم أظهر خصيصة فيه.. ]قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ( {النمل 34}..
من هنا يتضح أن مدح القرآن الكريم لطالوت، وملكة سبأ هو استثناء مما يكون عليه الملوك من بغى وظلم مما يعد طبيعة فيهم ..لقد قيل إن الآيات التى تجعل الرسول مبلغا، ومبشراً، ونذيراً، وليس حاكماً أو ملكا آيات مكية، ولكن الحقيقة أن فيها آيات مدنية فى سورة آل عمران والمائدة والنساء والرعد والنور والتغابن وبعضها مما أنزل فى آخر العهد المدنى، فضلاً عن آيات مدنية فى سورة الأعراف وهود على أنه لو كانت الآيات مكية فهل معنى هذا أن تتحول إلى نقيضها ؟!
والقضية ليست قضية آيات قدر ما هى طبائع الأمور. فطبيعة النبى لابد وأن تختلف عن طبيعة الملك. ولقد كان المُلك سُبّة لدى الصحابة، ونددوا بمعاوية عندما أخلف ابنه يزيد لأنه جعلها كسروية وقيصرية.. وقال معاوية نفسه "تعيرونى بالمُلك فقد قبلته.. والنبى أسمى بمراحل عن المُلك وهل يعقل أن يتحدث القرآن الكريم عن نبى بمثل ما تحدث عن المُلوك ؟ فشتان ما بين من يهدى النفوس ويخرجها من الظلمات إلى النور وبين الذين يفسدون فى الأرض ويجعلون أعزة أهلها أذلة، ويخرجونهم من نور الحرية إلى ظلمات السجون.
وكيف يمكن أن يقارن الرسول الذى كانت الأيام تمر دون أن يوقد فى بيته نار، وما شبع من خبز الشعير يومين متتابعين وكان فراشه وساده من أدم حشوها الليف.. بالملوك الذين لا تهدأ مطابخهم ليل نهار وتمتلئ بكل ما يصل إليه فنون الطهى من لحوم وحلوى وشراب..؟ لقد كانت حياة العرب بسيطة وكان هو أشدهم بساطة وقد رأى بعين النبوة عهد الثراء الذى سيأتى وتصور "عهداً" إذا غدا أحدكم فى حلة وراح فى حلة ووضعت بين يديه صحفة ورفعت أخرى وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة..
هذا هو موقف القرآن الكريم، فما هو موقف السُنة ؟
لقد رأينا إن الرسول يتفق مع القرآن تماماً فى رفضه الملك، والحكم والسلطة، ولعلنا نذكر أنه رفض كل ما عرضه عليه كبار قريش وثراتها من مال أو جاه أو ملك، وأنه فى حياته فى المدينة، وقد كان سيدها المطاع والمحبوب لم يتكلف شيئاً، وعاش كما كان دائماً، متقشفاً متواضعاً.
ويتفق ما جاء عن الرسول مع ما جاء فى القرآن الكريم، ففى كثير من أحاديثه ندد بالحكم، والولاية فقال "ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور" .. وتحدث عن الولاية "أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزى يوم القيامة".. "إنها أمانة وخزى وندامة يوم القيامة إلا من أخذ بحقها وأدى الذى عليه فيها" .. "نعمت المرضعة، وبئست الفاطمة" .. وقال "ليس من والى أمه قلّت أو كثرت لا يعدل فيها إلا كبّه الله تبارك وتعالى فى النار .. وقال لا يسترعى الله تبارك وتعالى عبداً رعية فيموت يوم يموت وهو لها غاش إلا حرم الله عليه الجنة .. وقال "يا عبد الرحمن (ابن سمرة) لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها عن غير مسألة أُعنت عليها ..." وقال "ويل للأمراء، ويل للعرفاء ويل للأمناء ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض ولم يكونوا عملوا على شئ .. وقال "تجدونه من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه" .. وقال "شر الرعاة الحطمة" .. ووضع مبدءاً عاماً بالنسبة للطاعة "لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق" .. ومبدءاً بالنسبة للولاية "لا يولى من يطلبها" .. وتبرأ ممن يدخلون على الأمراء فيصدقونهم بكذبهم "الفتح الربانى – مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيبانى – من ص 20-22 الجزء 23".
حقا هناك أحاديث تحض على الالتزام بالبيعة وتندد بالذين يرفضونها، وهناك أحاديث تحذر من النكث بها.. وهذه لا تخالف تلك (أى الأحاديث التى تعزف عن الولاية) ولكنها تصور الطبيعة المعقدة للمجتمع، التى تتطلب نوعاً من التنظيم. وفى الوقت نفسه فإنها تحذر من أن يتورط الدعاة فى هذا التنظيم. لأن هذا التنظيم الذى ينتهى عند درجة معينة إلى السلطة لابد وأن يفسد الدعاة ...
من هذه الآيات العديدة نلمس عزوف القرآن الكريم عن فكرة الحكم، والملك، والسلطة، وتأكيده أن الرسول ليس إلا مبلغاً ومبشراً ونذيراً وليس له من مهمة، أو سلطة، إلا "البلاغ" وإن القرآن الكريم لم يستخدم تعبير "دولة" ولكن "أمة" ولم يستخدم تعبير حاكم أو ملك ولكن إمام وجعل الحكم أشبه بالقضاء، وأن الرسول نفسه لم يدع لنفسه ملكا – ولم يسير سيرة ملك أو حاكم، وأنه عندما خير اختار أن يكون عبداً نبياً، وليس ملكاً..
ثم تحدث جمال البناء عن (دولة المدينة أيام الرسول) قائلا:
((رغم كل ما أوردناه فى الفصل السابق من آيات قرآنية تحصر دور الرسول فى البلاغ وتجرده من أى سلطة، ورغم الأحاديث النبوية التى تندد بالحكم والولاة، فهناك واقعة تاريخية ثابتة هى أن الرسول مارس فى السنوات العشر له فى المدينة كثيراً من سلطات الحكم، وأقام نموذجاً فريداً لدولة تفوق ما قدمته أثينا فى القديم، وما حاولته النظم السياسية حتى الآن .. ونحن لا نجادل فى هذه الواقعة، ولكننا نقول باختصار. إن "دولة المدينة" – وإن كنا نتحفظ على تعبير "دولة المدينة" – ونضعه بين قوسين، وإن توفر لها بعض مقومات الدولة، فإن البعض الآخر لم يتوفر لها، وأن الرسول فى قيامه بمهام الحكم فإنه كان يقوم بها – لا كحاكم – بل كرسول. فضلاً عن أن كافة الملابسات التى تكتنفها تجعلها تجربة فريدة لا تتكرر، ولا يمكن القياس عليها، وأقصى ما يمكن أن تقدمه هى أن تكون مصدراً لاستلهام القيم التى قامت عليها والتقاليد التى وضعتها..
إن خصوصية دولة المدينة تضم جانبين الأول الملابسات التى ظهرت فيها هذه "الدولة". والثانى طبيعة المُنشىء والمؤسس لهذه الدولة)).
ونكتفى بما جاء فى كتاب جمال البنا وبقوله:
((وفى النهاية نجد أن دولة المدينة رزقت ملابسات فى التأسيس لا تتأتى لغيرها، وانسحبت أثارها عليها بحيث كانت سياقاً تاريخيا جمع بين الرسول وضرورة الحكم وانتهت بموت الرسول، لأنه لا رسول بعده.
وأن رأس هذه "الدولة" الفريدة كان رسولاً يستلهم الوحى الذى يوجهه ويؤدبه ويعاتبه، بقدر ما كان يوجب على المؤمنين طاعته. وهذا بالطبع ما لا يتأتى لأى دولة أخرى.
ومع هذا فلم تكن دولة المدينة دولة بالمعنى السائد الذى نجده فى معظم النظم السياسة، فليس لها جيش محترف ولا سجون مشيدة ولا بوليس ولا تفرض ضرائب. وليس هناك دولة متكاملة المقومات لا توجد فيها هذه.
وهذه الطبيعة الفريدة هى التى أمكن بفضلها الجمع ما بين النصوص التى تندد بالحكم والمُلك، وبين قيام الرسول بمسئولية الحكم. لأنه لم يكن حاكماً بقدر ما كان قاضياً، وداعيا إلى الله بأذنه ولأن دولة المدينة لم تكن كبقية الدول.
وهذا لا يمنع من أن الرسول خلال تجربته وضع مبادئ وأصول تعد أثمن ما تعتز به دولة. ويمكن أن تكون من أسس نظام الحكم الإسلامى مثل الشورى، ومحاسبة الحكام واستهداف العدل والعفو عن المخالفين والحرص على كرامة الإنسان الخ ...
وكان واجباً على الهيئات الإسلامية أن تضع هذه الاعتبارات ُنصب عينيها عندما تقول إن الإسلام دين ودولة قياساً على دولة المدينة، كان يجب عليها أن تقول إن دولة الإسلام دولة رحمة وعدل ونور، دولة ليس فيها أجهزة قمع من سجون وبوليس ولا لها جيش محترف ولا تفرض ضرائب حتى لا تحدث المهازل التى حدثت باسم الإسلام فى تجارب لإقامة دولة لا تختلف فى شئ عن الدولة الرأسمالية أو الشيوعية. ففيها سجون، وفيها تعذيب، وفيها تكميم الأفواه وضرب المعارضة.. ولا تنفق معظم أموالها لرعاية الشعب ولكن لشراء الأسلحة وبناء السجون .. فأى دولة إسلامية هذه.
نكتفى بهذا القدر بما سجلناه من رأى وما استعرضناه من كتاب المفكر الأسلامى (جمال البنا) ، لكى نواصل الحديث فى المداخلات والردود عن دوله المدينه التى يسعى بعض (الأسلاميون) فى مكر وخبث وادعاء وسطيه، محاولين تغيير جلودهم لأعادة انتاج الدوله الدينيه تهربا من دولة (المواطنه) التى تساوى بين الناس جميعا الذين ولدتهم امهاتهم أحرارا.
وللحديث بقية.
تاج السر حسين - [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.