كان المكان خانقاً !.... خرج " عطا " الى الشارع الفسيح كان الشارع الفسيح مكتظاً هرب الى شاطئ النيل كان الموج غاضباً !!؟... عصفت الريح بالأشجار ضم الريح الى صدره وجلس على عصفها !!؟.... أخذته رعدة مضى يحتمي بجذع شجرة " لبخ " هدأت الريح ... هده الصراع أهلكه الهرب فظل منهكاً يتهدده الخمود .... * * * السماء فضاء يتشاسع أمسيات المدينة قاحلة !!؟.... الأمس الماجد أكذوبة كبرى !.... " كان " هذا الفعل الناقص ... يثير خبايا الماضي وينبش في أسرارها لكنه لا يفتأ يطلق الخطاب على عواهنه والمخاطب كان غائباً !!؟... لا زال خطاب الماضي يبحث عن المخاطب الآني !!!؟؟.... دون جدوى... أعاد الفعل الناقص الى صيغة الخطاب نفاذها وفعاليتها إلا أنه تشظى متناثراً نهض " عطا "من خموده متوثباً حفر عميقاً في الماضي عن ومضة فعثر على رفاتها مقبورة لاذ بالوهن توهم همس الموج أنصت لدفقاته وهي تتكسر على رمال الشاطئ..... لامست قدماه العاريتان جسم الماء الفاتر فشملته رعشة خفيفة أقشعر لها شعر جلد ساقيه !؟.... تراجع الى الخلف دفن قدميه تحت ذرات الرمال الدافئة إستعادتا نشاطهما..... جرى بطول الشاطئ حتى أنهكه اللهاث فأقعى ينتظر قدوم رهط من الناس يغذون السير نحوه !!؟.... طال النهار خاله دهراً كاد النهار أن ينقضي ولم يصلوا يتمازج الضوء والعتمة وينسجان ثوباً شفيفاً من لون رمادي حدق صوبهم بغتة هبطوا قبالته عبثاً حاول أن يتبين ملامحهم كانوا بلا قسمات واضحة !!؟... أحاطوا به طرحوه أرضاً إمتدت أذرع أخطبوطية أعملت أصابعها الطويلة فيه !!؟..... أصابته غيبوبة توقف الزمن إستعاد وعيه كان بلا أحشاء !!؟.... كانوا قد أفرغوا أحشاءه وباشروا طقوسهم ثم إنصرفوا صار من الرجال الجوف تحول الى رجل أجوف يكاد الخواء أن يحيله الى " همبول " إحتوى رأسه بين كفيه رجه عدة رجات..... خاف أن يكون دماغه هو الآخر قد أفرغ تماما!!؟.... فر هارباً من قبضة سلطان الوهم مرتداً الى أرض الواقع حيث الجهد الباهظ مقابل الحصيلة الزهيدة هنا غربة الروح الناجمة عن إلتباس علاقة الذات بالآخر !!؟.... وهناك مرافئ السفن الماخرة عباب ما وراء البحار ثمة خياران الهرب من العذوبة الى الملوحة هشاشة إندفاع موجة النيل وعنفوان إنجراف موجة البحر !!؟.... إستهواه خيار الرحيل سفن راسية بواخر ماخرة إكتظاظ المرسى يفجر رغبة الإلغاء أرعبته فكرة الإنسلاخ عن أرض الجذور جاء متوهجاً وأرتد منطفئاً !!؟... لم يلبث أن إستعاد الجمر المنطفئ وهجهه إلتهبت الجراح القديمة وتوقدت فظل هناك يراوح بلا منارة !!؟.... * * * إلتبس عليه الأمر بين الحياد والإنحياز كيف ينحاز ومتى يكون محايداً لم يعد قادراً على سبر أغوار الذات فكيف له بذوات الآخرين !!؟... كسر محارة العزلة والإنفرادية الموحشة حاول طرح نفسه بصورة أفضل من ذي قبل أمام مرآة الذات..... لم يعد ذلك الفتى الصنديد ثاقب الأشياء!!!... إنحاز الى عذوبة النيل لكن قلبه لا زال ملتبساً !!!.... حياده جعله معلقاً بين الملوحة والعذوبة أكدره ألا يجد قبولاً من كليهما رحلة الحياة تطول بل تتقاصر واليباب يحيط به من كل جانب والتوق الى حياة ثانية !!!... يطمس معالم الطريق بذرة الإشراق دونها خرق القتاد !!؟... غير أنه لا يني يتهكم ساخراً أكذوبة الماضي التليد وخدعة المستقبل المشرق تحاصران حاضره السليب فلا يعيش أيهم !!... ثلاثتهم خطوط باهتة ومتعرجة في لوحة ذات .. ملتبسة !!!... ينفلت من عمق اللحظة هرباً من لا شئ يطارده !!!؟.... كان يبحث عن اللا شئ !!؟... يلتقي بنفسه تائهاً بين أرصفة المدينة * * * عقب إفراع جوفه من قبل الرجال الجوف صار لاشئ !!!... كان يبحث عن ذاته المختلقة لكنه لا يلتقيها هي الأخرى !!؟... يتلفت يتوقف يتفحص ملامح الوجوه متفرساً دون جدوى !!؟... يقاوم يدفع عن النفس سطوة الإلتباس يصطدم بالخواء !!!... يتقهقر متكوراً يحدق صوب "الما وراء" !!!؟... يطيل التحديق.... يظل هناك مسجوناً بين نقطتي البداية والنهاية !!؟... تتوسطهما فجوة عصية العبور لكنه لا يكف عن ملاحقة هاجسه !!!... يوسع خطاه متسارعاً تتبدى له من بعيد رآيتان بيضاء وأخرى حمراء فيركض ملتبساً صوبهما لا يدري أيهما يلتقط !!!؟..... فيصل مصطفى [email protected]