مامن مسؤول رفيع يزور اى بلد الا وخرج على الصحفيين رافعا عقيرته بالتصريحات الايجابية بان الزيارة ناجحة بكل المقاييس ، وان المباحثات تركزت على تطوير العلاقات بين البلدين وسبل دعمها بما يحقق رفاهية الشعبين ، وتبقى الاسباب الحقيقية للزيارة سرا فى صدر الزائر والمزور . بالامس وصل الى البلاد وزير الخارجية المصرى نبيل فهمى فى زيارة قصيرة للبلاد التقى خلالها عدد من المسؤولين بالبلاد . وبحسب تصريحات للحزب الحاكم فى السودان فان الزيارة تأتى فى اطار تبادل الآراء والحوار بحسبان أن ما يمس امن مصر يمس الأمن القومى السودانى ،لافتا الى ان قضية الامن القومى للبلدين متداخلة وانه من الصعوبة فك الارتباط بينهما . من جانبه فقد أكد وزير الخارجية نبيل فهمي فى تصريحات صحفية بالخرطوم امس، حرصه وتصميمه أن تكون أول دولة ومحطة خارجية يزورها بعد ثورة 30 يونيو، هي السودان الشقيق، باعتباره الامتداد الطبيعي لمصر، كما أن مصر امتداد طبيعي للسودان. وقال فهمي لدى وصوله مطار الخرطوم إن الزيارة سيتم خلالها بحث عدد من القضايا المهمة بين البلدين من منظور إيجابي يحقق مصلحة الطرفين، ومن خلال روح جديدة وعلاقات تتفق مع تطلعات الشعبين الشقيقين في المرحلة المقبلة. وأوضح وزير الخارجية المصري، أنه سيتناول خلال لقاءاته مع كبار المسئولين السودانيين، شرح ما يتم في مصر على أرض الواقع، وسبل تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات خاصة في لمجال الاقتصادي، فضلا عن مناقشة الوضع في أفريقيا والتعاون في مجال ملف مياه النيل. وأضاف وزير الخارجية المصري، إن العلاقات المصرية السودانية تتجاوز أي قضية، وهي علاقات شاملة نبحثها من زوايا عديدة.. مؤكدا أن قضية مياه النيل مهمة للسودان ومهمة لمصر. هذه التصريحات المعلنة للزيارة ترى ماذا تخفى الحقيبة الخلفية للوزير المصرى وماهى الاسباب الحقيقية وراء الزيارة ؟ موقف السودان :- بحسب محللين سياسيين فان الاسباب الحقيقية لزيارة وزير الخارجية المصرى هى التأكد وبشكل رسمى من موقف السودان تجاه مايحدث فى مصر دون محاورة او مداورة بمعنى (مع أو ضد) ، وهذا تحديدا مايتحسب له السودان فمنذ الاطاحة بمرسى فى 30 يونيو 2013 وحتى احداث ميدان رابعة والسودان الرسمى يقف فى المنطقة الرمادية ويكتفى ببيان يشير فيه بان مايحدث فى مصر شأن داخلى ، ولعله بعد التاكد من مواقف السعودية والكويت والاردن صار لزاما معرفة موقف الجار اللصيق حتى يتحدد مستقبل العلاقة بين البلدين فى عهد مابعد الاخوان . وتاكيدا لتوجهات الحكومة السودانية فانها اكدت عدم رغبتها فى التوسط بين الفرقاء المصريين لتقريب وجهات النظر ، وقال الناطق الرسمى باسم الحزب عمر باسان : ان الامر مايزال بحاجة الى مزيد من التفاهمات مع الاطراف المصرية . وحتى يتقوقع السودان الرسمى فى الموقف الرمادى استبق زيارة وزير الخارجية بتصريحات اتهم فيها جهات لم يسمها بمحاولة الزج بالسودان فى الصراع الدائر فى مصر ، مؤكداً أن السودان ليس طرفا فى الصراع ولا يقف مع أي من الاطراف المتصارعة . وجدد الوطنى على لسان الاستاذ عمر باسان المتحدث باسم القطاع السياسى وصف ما يجرى فى مصر بأنه شأن داخلى ، وقال : لن ننجر وراء بعض ممن يحرصون على عكننة العلاقة بين الشعبين الشقيقين ، داعيا القوى السياسية المصرية الى عدم جر البلاد الى حالة من عدم الاستقرار ، واعلاء صوت العقل والحكمة وعدم الانجرار وراء العنف . لكن على المستوى الشعبى فقد وفرت الحكومة السودانية الغطاء وسمحت لمسيرة للإسلاميين السودانيين فى احتجاج عالى الصوت على أحداث مصر حيث تجمع العشرات من أعضاء الحركة الإسلامية بولاية الخرطوم يوم الجمعة المنصرم أمام القصر الجمهورى ، احتجاجا على فض اعتصام جماعة الأخوان المسلمين في مصر، واعلنوا تأييدهم للرئيس المعزول محمد مرسي. وردد المتظاهرون الشعارات المؤيدة لجماعة الإخوان في مصر والمنددة برموز الجيش المصري، ورفعوا صورا للرئيس المعزول . كما أعرب مجلس أحزاب الوحدة الوطنية بالسودان، عن عميق أسفه للأحداث الدامية التي وقعت في مصر. وجدد المجلس، في بيان له ، رفضه القاطع في أن يهتز عرش مصر الحرة أيا كانت الدواعي والدوافع، وتأكيده على أهمية ريادة دور مصر الإقليمي والعربي والإسلامي، مناشدا في اجتماعه برئاسة عبود جابر الشعب المصري وحكماء مصر لبذل جهود مغايرة لاحتواء المواجهات حقنا لدماء الأشقاء في مصر. كما اصدرت هيئة علماء المسلمين السودانيين بيانا حاد اللهجة وصفت فيه الاحداث فى مصر بأنها معركة بين الحق والباطل ،وبين الإيمان والخذلان ، وبين الصدور العارية والرصاص المجرم . وقال البيان : إن الإسلام محارب ولا يراد له أن يسود أو يقود وإن أتى عبر الديمقراطية التي يتمشدقون بها أو عن طريق الشورى . أذن كل المعطيات عاليه وتباين المواقف بين الحزب الحاكم والمؤسسات الشعبية التابعة له ربما جعلت القيادة المصرية فى حاجة للتأكد رسميا من موقف السودان حتى تحدد مستقبل العلاقة بين البلدين خاصة وان مصر تحتاج للسودان فى المرحلة المقبلة وتحديداً التعاون فى ملف مياه النيل وتهديدات اتفاقية عنتبى لحصة مصر . كما ان السودان لا يستطيع تجاوز مصر كقوة عربية لها ثقلها ومكانتها فى الشرق الاوسط ، وبالتالى السودان ايضا يحتاج الى وقفة متبصرة ممايجرى فى مصر يتناسى معها ضرب القوة الاسلامية هناك فى مقتل ، وبالتالى يحتاج الى تحجيم الاصوات الداخلية التى تناوىء الحكم القائم الآن فى مصر لجهة علاقة سليمة مع الدولة الجارة ، كما أن السودان يحتاج الى تحسين العلاقات مع الجارة مصر فى ظل التوتر مع الجارة الجنوبية جنوب السودان وبعض دول الجوار كيوغندا . مستقبل العلاقة السودانية المصرية :- لاشك ان صعود قوة جديدة الى سدة الحكم فى مصر بعد الاسلاميين ربما تكون لها نظرتها لنظام الحكم القائم فى السودان ، خاصة وان القوة الجديدة وصلت الى الحكم على حساب الاسلاميين وتسعى الآن الى النظر فى مقترح حل تنظيم الاخوان المسلمين نهائيا حيث تقدم رئيس الوزراء المصري حازم الببلاوي بمقترح لوزير التضامن الاجتماعي بحل جماعة الإخوان المسلمين "بشكل قانوني" . أذا حدث ذلك فأنه سيؤثر كثيرا على نظرة الحكام الجدد فى مصر لتنظيم الاخوان فى السودان ، وستجد المعارضة السودانية والنشطاء فى النظام المصرى الجديد دعما كبيرا لجهة القضاء على اسلاميي السودان اسوة باسلافهم فى مصر حتى يتخلص وادى النيل كله من جماعة الاسلام السياسى ، ولذلك فى ظل هذه الظروف فالرؤية ضبابية لانكاد نتبين شيئا حتى تخرج مصر من أزمتها بسلام ، وفى ذلك الوقت يكون جرد الحساب والنظر فى مواقف الدول وبالتالى فالمحصلة ستكون بناء سياسات وتحالفات جديدة فى المنطقة ستقتضيها الخارطة السياسية الجديدة الخالية من تنظيم الاخوان المسلمين . كروت سودانية فى ايدى مصر :- فسر كثير من المراقبين والمحللين السياسيين ان طلب مصر من جنوب السودان مساعدتها فى استرجاع عضويتها بالاتحاد الأفريقي والتي تم تجميدها بعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي فسروه على انه تجاوز للسودان وبالتالى ربما ان هذا التجاوز مقدمة لكثير من الجفوة المستقبلية لجهة العلاقة التى كانت تربط نظام الخرطوم بنظام الاخوان فى مصر . وبحسب سودان تربيون فان وزير الخارجية المصرى نبيل فهمى سيتجه الى جوبا مباشرة بعد الخرطوم حيث ستتركز المباحثات في الاساس على مناقشة الدور الذي يمكن أن تلعبه دولة جنوب السودان في استعادة مصر لعضويتها في الاتحاد الافريقي، إضافة الى تنوير مقتضب من الوزير المصري بشأن الوضع في مصر بعد عزل الرئيس محمد مرسي. أيضا هناك من يرى ان واحدة من سيناريوهات المرحلة المقبلة إتجاه نظام الحكم الجديد القائم الآن فى مصر لدعم المعارضة السودانية اذا لم يطمئن لموقف نظام الحكم الاسلامى فى السودان وذلك بتوفير الغطاء للمعارضة السودانية ودعم انشطتها الرامية لاسقاط النظام فى السودان . ولعل ذلك قد بدأ بالفعل فقد تعالت اصوات محذرة تحركات للمعارضة السودانية بالقاهرة وقال المصدر ل «الإنتباهة» إن الحكومة المصرية لم تتخذ أي موقف إزاء تحركات المعارضة السودانية، وكشف المصدر عن وقفة احتجاجية للمعارضة تعتزم القيام بها اليوم أمام مباني السفارة متزامنة مع انصراف القوى الأمنية المصرية للتجهيز لمليونية «30» يونيو المصرية . كما افتتحت الحركة الشعبية شمال مكتبا بالقاهرة لممارسة العمل السياسي، والشعبي، و بحسب الكاتب خليل محمد سليمان فى مقال له بصحيفة الراكوبة ان ذلك انما تم بفضل ثورة 30 يونيو التي اطاحت بحكم الاخوان المسلمين؛ وبدأت الحركة الشعبية نشاطها بندوة سياسية ، تحدث فيها عدد من النشطاء واعضاء التنظيم ، واللافت ان الندوة حضرها عدد مقدر من المصريين وتحدثت فيها الصحفية المصرية اسماء الحسينى . وكان قد تم من قبل اغلاق كل المكاتب التابعة للحركات، والتنظيمات السياسية السودانية . وكانت الحكومة السودانية قد توصلت فى وقت سابق الى اتفاق مع الحكومة المصرية فى عهد الرئيس مرسى الى تفاهمات تقتضى عدم ايواء اى انشطة معارضة للسودان . وبحسب صحيفة التغيير الالكترونية فان الحزبين اتفقا علي التنسيق بينهما حول كيفية التعامل مع المعارضة في البلدين،ووفق التقرير المذكور،فقد اتفق الحزبان علي استبعاد حملة السلاح في اتصالاتهما السياسية واشار التقرير الذى نشرته صحيفة التغيير فى وقت سابق الي تلقي الحزب الحاكم في الخرطوم اعتذارا رسميا من حزب الحرية والعدالة في مصر علي خلفية لقاءات جرت بين عدد من قياداته بقيادات من حركة العدل والمساواة . أذن مماتقدم فالقاهرة بامكانها تهديد أمن الخرطوم أذا نحت باتجاه احتضان المعارضة السودانية وستعتبر ذلك كرت ضغط يمكن من خلاله اكتساب اراضى اضافية لها انتزاع دعم الخرطوم لها فى ملف المياه ، وغض الطرف عن قضية حلايب وشلاتين . منى البشير [email protected]