عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طيري يا طيارة!!
نشر في الراكوبة يوم 19 - 08 - 2013


بسم الله الرحمن الرحيم
أصبح الرئيس السوداني يمثل عبء ثقيل علي منصبه وعلي بلاده، في حله وترحاله وفي مرضه وعافيته وفي صمته وحديثه! فهو ومن خلال خطاباته الداخلية ولقاءاته الجماهيرية وسلوكه الإنفعالي التعجلي. يصدر قرارات إرتجالية غير مدروسة وغير محسوبة وإبنة لحظتها، تترتب عليها مترتبات وخيمة، ويكون لها مردود سيئ، علي المستوي السياسي والإقتصادي والإنساني. ويلغي في لحظة حماسة وهوجة، مجهود العشرات من الخبراء والناشطين والمهتمين والملمين بقضايا ومشاكل البلاد، من أبناء الوطن في الداخل والخارج والأصدقاء من كل مكان. الذين يسعون بكل ما امتلكوا من مهارات وإرادة ورغبة صادقة، في معالجة تعقيدات من صنعه ونظامه بشكل أساس! وهو ومن خلال مجاراته لأصوات الهتاف والتكبير وإيقاعات الحماسة، يخوض في مسائل حساسة ذات صلة بهوية البلاد، وتكوينات المجموعات المتساكنة فيها منذ مئات السنين، وهي مشحونة سلفا بأحمال تاريخية ومظلوميات ثقيلة الوطأة علي حاضر ومستقبل البلاد. مما يستوجب المزيد من التروي والحكمة والتسامح، وإختيار الزمان والمكان المناسبين لتناولها. لمعالجة جذورها وتنظيف جروحها ووضع البلسم الشافي لعلاجها. لفتح مجري التعافي الوطني، لتسير مياه التقارب والإلفة والتماسك بين كل جماعاته. التي تستحق أن تنعم بالإستقرار والأمان، كغيرها من شعوب الأرض. التي سلكت طريق الإعتراف بالأخطاء وإرجاع الحقوق لأصحابها وتعويض الضحايا عن ما لحق بهم من ظلم ومهانة. وتم ذلك بعد وضع كل تلك التكوينات الإجتماعية، علي بعد واحد من مسالة الحكم والمشاركة، وتوزيع الحقوق والواجبات بينها علي قدم المساواة. وبقول واحد وواضح تحقيق دولة المواطنة او تقديمها علي الجميع. ولكنه ومن خلال خوضه الخشن او الغير مترفق، بضعف لحمة التماسك الوطني. ولدوره الغير واعي بخطورة وتأثير منصه، او كونه نقطة تركيز إعلامية ومحاسب علي كل حرف يتفوه به او تعبير يفلت منه! وأن ما يقوله يتجاوز موقفه الشخصي او حتي التنظيمي، ليصبح سياسة دولة معلنة ومحاسب عليها. علي الأقل دوليا، بعد قهر الداخل ومنعه من التعبير عن رايه صراحة! يُعرِض سلامة الوطن وأمن المواطنين للخطر، ويتسبب في تفجير أوضاع هشة وقضايا قابلة للإلتهاب! والأمثلة علي ذلك لا تحصي! كإعلانه لتطبيق الشريعة(ما معروف ياتو شريعة) من علي منصات اللقاءات الجماهيرية، او نقضه لإتفاق إطاري مع الحركة الشعبية من علي منبر أحد المساجد!
وزاد علي ذلك العبء مسألة التهمة الموجهة إليه دوليا، لتزيد من حالة تشنج خطاباته الداخلية او الموجهة الي الخارج! وتجعل من مسألة سفره الي الخارج رحلة محفوفة بالمخاطر من كل لون وجنس! وتُشيِّع حول تلك الرحلات، حكايات اسطورية ومغامرات تذكر بمغامرات الشياطين ال13 والزعيم رقم صفر، وأجواء الغموض العجيبة التي تدقدق مشاعر المراهقين! أي تتحول مسألة سفره من كونها أمر عادي روتيني، وأحيانا محمود ومطلوب عندما يصب في رفعة شأن البلاد. بجلب إستثمارات تحرك عجلة تنميتها وتنشط أسواقها وتحسن من مستوي دخل المواطنين، أو تعكس صورة مشرقة ومشرفة عنها، تشجع الآخرين علي منحها مزيد من الإحترام والقبول الدولي. لإعطائها مساحة للمساهمة في علاج مشاكله من موقع قوة وأهمية، و للمشاركة في المنافع العامة المتاحة للدول القادرة المستقرة. الي حالة من التأهب القصوي والدخول في أجواء شبيهة بأجواء الحرب والصرع (يقوم نفس البلد العليل عند كل محاولة سفر). وكل ذلك بالطبع ينعكس علي مظهر الدولة السودانية وسمعتها ومكانتها داخل المجتمع الدولي. لتصبح عضو منبوذ مثير للمشاكل ومستجلب للعداء الدولي، وتاليا يتحاشي الجميع الإقتراب منه إلا من قبل دول علي شاكلته. وكل ذلك يصيب مواطنيه بالحرج في الداخل والخارج! ويشكك في وداعتهم وتحضرهم ومهنيتهم. بإعتبارهم ينتمون لوطن منتج للإرهاب والكوارث والمأسِ الإنسانية، ويصعب عليه تقديم جوانب خيرة أو إنسانية او مهنية تليق بدول أكثر أستقرار وتحضر وعمار. وتعكس مسألة خروجه من نيجريا مهرولا وقبل أن يؤدي مهامه التي سافر من أجلها، مدي رعبه وعدم أهليته لهذا المنصب الحساس. الذي يستدعي الإحترام والتبجيل، وتقديم كل فروض الضيافة واللياقة الدبلوماسية لشاغله خارجيا، منذ وصوله وحتي مغادرته! لذلك تمثل أي شبهة علي هذه الإهلية، طعن في شرف المنصب! بل والتسبب في الحرج والضغوطات الداخلية والخارجية، علي من يستضيف ذاك النوع من الرؤساء! وعند الوصول الي هذه المرحلة، ماذا تعني المشاركة من أصلها؟! وأي إضافة ستضيفها مشاركة من هذه النوعية؟! وأي إشكال ستساهم في حله، إذا كانت المشاركة نفسها مثيرة للمشاكل والمتاعب؟!
وقبل أن يستفيق المجتمع في الداخل والخارج من هول تلك الهرولة، والعودة علي جناح السرعة بخفي حنين، من أغراض تلك الرحلة الي الداخل الآمن! وقبل أن تٌحرك جماعات حقوق الإنسان او المهتمة بالقضايا القانونية داخل نيجريا، دعاوي بالقبض عليه داخل الأرض النيجرية، إمتثالا لأوامر صادر ضده من أعلي محكمة دولية. نفاجأ بأن سلطات الطيران السعودية، قامت بإرجاع رحلة جوية سودانية، علي متنها الرئيس السوداني بجلالة قدره، أثناء توجهها للجمهورية الإسلامية الإيرانية. في زيارة تشريفية او زيارة مجاملة من أجل حضور مراسم تنصيب رئيسها الجديد السيد حسن روحاني. من ضمن الدول القليلة المشاركة في هذا الحفل التشريفي، بحكم علاقات إيران المتردية مع المجتمع الدولي. المهم أثارت هذه المفاجأة غير السارة، عدد من التساؤلات والإستغراب، المثيرة للحرج أكثر من كونها مفجرة للغموض! فهي زيارة لم يتم الإعلان عنها قبل وقتٍ كافٍ، بعد وضع كل الإستعدادات اللأزمة التي تتناسب مع أغراضها. وذلك لأن المناسبة معلومة للكافة بمكانها ومواعيدها! أي ليست نازلة من النوازل، التي قد تفرض شئ من الإستعجال والتغاضي عن بعض الشكليات، التي لا تمس جوهر الرحلة، وإلا تم صرف النظر عنها. لأن ذلك يمثل الوضع الطبيعي لأي دولة طبيعية ورئيس يؤدي مهامه بشكل طبيعي! لذلك فإن مسألة إخفاء الزيارة وحصرها علي عدد قليل من المحيطن بالرئيس، تمثل أحد الأدلة الدامغة علي الخلل الكبير في شغله لهذا المنصب الهام.
وأيضا من الأشياء التي تبين السقوط الشنيع للجهات، التي تقدم له الإستشارات او تضع له خطوط السير، وتنظم له الرحلات والمراسم الرئاسية. هي مسألة المخالفات الفاضحة لأنظمة الطيران المحلية والدولية والقواعد الدبلوماسية. كما جاء في توضيحات سلطات الطيران المدني السعودية. فهذه الجهات إما أنها لا تعلم بهذه الضوابط والقواعد المعمول بها، وهذه تمثل فاجعة! وإما أنها تعلمها جيدا ولكنها تجاوزتها، كنوع من الفهلوة او إرضاء لسيادة الرئيس، او كنوع من إضفاء مزيد من السرية والتكتم علي هذه الرحلة العجائبية الفضائحية! وهنا تصبح الفاجعة أعظم! فالطائرة المستأجرة طائرة خاصة ومملوكة لفرد، و لايحق له إيجارها لأي جهة، لذلك يمثل إيجارها مخالفة صريحة. وكذلك عدم تقيدها وسلطات الطيران المدني السودانية، بإتباع الإجراءات المعمول بها. من إعلام جهات العبور، بميعاد العبور وطبيعة الرحلة وغيرها من معلومات الطيران المطلوبة والمتعارف عليها! قبل وقت كاف من القيام بالرحلة! ثم ألا تمثل الإستعانة بطائرات أخري او خطوط طيران أخري، ولو بطريقة سليمة. إهانة للطيران السوداني، بكل مؤسساته وأفراده، ومن ثم إهانة للرئيس نفسه. بصفته المسؤول الأول عن إدارة كل البلاد، بما فيها الطيران وهيئته وأفراده. وإذا كانت الإستعانة بالطيران المحلي، وإطلاع السفارة السودانية بالمملكة العربية السعودية بتفاصيل الرحلة. للقيام باللأزم من إتصالات وترتيبات مع الجانب السعودي كأحد وظائفها. تمثل فضح او إفشال(لزيارة تكتمية)؟! ألا يمثل كل ذلك مدعاة لإلغائها من الأساس؟ لحفظ كرامة البلاد ومنصب الرئاسة من جانب، وكرامته الشخصية من الجانب الآخر! ثم ألا تعلم سلطات الطيران المدني بشكل أساس, أن تلك الإجراءات تحيط بها المخالفات إحاطة السوار بالمعصم. وعليها واجب إبلاغ مؤسسة الرئاسة بذلك، وهذه بدورها عليها التراجع وتصحيح الأوضاع! أم أن مهمة الهيئة تتمثل في التبرير، حتي في حالة التجاوز الفاضح للقواعد والضوابط والقوانين الدولية. والتي من أوجب وأجباتها المحافظة عليها والسهر علي رعايتها. لأنها أعلم من غيرها بأهميتها، في تنظيم العمل وحفظ أرواح الركاب وإحترام سيادة الدول. والتي إذا غابت عن المتابع الداخلي بسبب الحجب والتعتيم وعدم التخصص. لن تفوت علي الجهات الخارجية التي تحكمها تلك الضوابط والقواعد، بما فيها المملكة العربية السعودية. والتي من خلال هذه الحادثة أثبتت مدي المهنية والإنضباط الذي تتمتع به مؤسساتها، علي الأقل مؤسسة الطيران داخلها بشهادة هذه الواقعة! التي تتحدث عن إلتزامها وتَقيُدها بإرشادات الملاحة الجوية الدولية وإحترامها لقوانينها ونظمها. وعدم إنتهاكها لأي سبب من الأسباب، ومن ثم البحث عن المبررات! كما يحدث عندنا في الداخل! بمعني ان السلطات السودانية وبحكم إدمانها إنتهاك اللوائح والقوانين، إذا ما تعارضت مع مصالحها. او توظفها لحماية مكتسباتها. أو تَصرُف الرئيس وقادة الحكومة والتنظيم الإسلاموي، بصورة مطلقة ومتعالية علي الدستور والقوانين، اللذان يتم تعديلهما حسب الحوجة ومتطلبات كل مرحلة. يعتقدون أن هذا المسلك وكما يطبق في الداخل دون عوائق، او يمكن تبريره بكل سهولة، دون إكتراث لتناقضه أو ردة فعل المتلقي والمتأثر. يمكن نقله الي الخارج لتطويع الدول والقوانين والمؤسسات الخارجية بنفس السهولة! وتكفي فقط كلمات من شاكلة، معكم فخامة الرئيس وفي معيتنا القائد الإعظم. وحتي هذه ومن خلال العمل علي تنسيق هذه الرحلة الكارثية، من قبل سلطات الطيران المدني السودانية. فضلت ذكر تعبير(أعلي شخصية مهمة جداً TOP VIP) كما هو منشور في عدة مقالات متعلقة بالموضوع. وذلك بالتأكيد تعبير فضفاض او حمَّال أوجه(لا علم لي بلغة الطيران أو رموزه المستخدمة, لكن تم الرجوع لاحقا للإفصاح عن هذه الشخصية، مما يبطل أي إحتمال لهذه اللغة او الرموز إن وجدت، او علي الأقل المطلوب منها بغير توضيحات لاحقة)، والمقصود منه التمويه وتمرير العملية بمزيد من الكتمان والخفاء. لإنجاح هذه (المغامرة الليلية!) او السفرة (أب كراعن برة)، التي يحيط بها العوار من كل إتجاه بصرت به! وأعتقد أن القصد من كل هذه (اللفة الطويلة) أن مؤسسة الرئاسة ومستشاريها الأجلاء، لا يسعون للمشاركة في هذه الإحتفالية فقط! وإنما لتصوير ذلك الأمر، وكأن لهم المقدرة علي كسر الحصار المفروض علي الرئيس السجين داخل بلاده. وعن مدي عبقريتهم في( نجر الحلول الخيالية بطريقة جيمس بوندية! حتي ولو كانت عبقرية تسمح بتجاوز القوانين واللوائح!) والسبب في ذلك، أولا أنهم تعودوا علي الوصول لأهدافهم، بمبدأ الحرب خدعة والغاية تبرر الوسيلة في كل الأحوال والأوقات. أي أصبح هذا المبدأ جزء من عقيدة تعاطيهم مع الشأن العام، لأنه الأقل تكلفة والأعظم عائد! ولا عزاء لا للعقيدة الدينية او القوانين الوضعية او الأعراف المجتمعية، التي تحض علي الصدق والوفاء والوضوح ومراعاة الصالح العام. وثانياً أن مسألة العقوبات والحصار الدولي الموجه تجاه الرئيس شخصيا، عبر التهم الموجهة إليه. لم يؤدِ غرضه المغرض! وأنه لم يؤثر علي منصب الرئاسة او يحد من حركتها وإسهامها خارجيا. وهو الأمر المطلوب بشدة، خاصة إذا كانت مساهمات تمس عصب مؤسسة الرئاسة، وتناقش فيها لب قضايا البلاد. التي رحل معظمها الي الخارج كطيور النوارس، التي يُنتظر عودتها الي الداخل، حيث الدفئ والمكان الطبيعي لضمها ورعايتها لمعرفة أحتياجاتها وبيئتها! ويؤدي فراغ او غياب مؤسسة الرئاسة عن حضورها، ممثل في رئيسها علامة إستفهام كبيرة؟ لا يقدر علي الإجابة عليها عتاة المبرراتية وصحف النظام بصورة مقنعة، مع ما أوتوا من قوة عين وقلة حياء وتمتعوا بسعة عطاء! تحير الحليم وتجبر المتابع علي الذهول والبكاء!
إذا كان كل ذلك صحيحا، فهو يدل علي مدي النصيحة(المهببة) التي يجيد تقديمها اولئك المستشارون(المهببون)، والطريقة(المهببة) التي تدار بها الدولة السودانية في هذا العهد الأغبر(المهبب)! فهي نصائح عاجزة، لمستشارين مأزومين ومستلبين وخائفين وأكثر عجزا عن تقديم ما يفيد. ويعتقدون ان دورهم يتمثل فقط، في إرضاء رئيسهم وطمأنته! حتي ولو علي حساب هيبة المنصب ومكانته وقوة تأثيره! وكل ذلك حفاظا علي مصالحهم وإمتيازاتهم. لأن الحصول عليها لا يتطلب مكتسباتهم من المعرفة والخبرة في تخصصاتهم، والشجاعة في إبداء آراءهم! ولكنها تتطلب رضا السيد الرئيس وتحسين مزاجه وتسكين مخاوفه! والدليل علي ذلك هو ما ظللنا نعاني منه طوال هذه السنين العجاف. من النصائح والقرارات العجيبة المفارقة للمنطق والمصلحة العامة! والتي تُفرض عنوة وإقتدار(غصبانية بتعبير إخوتنا الصعايدة في شمال الوادي. أقال الله عثرتهم ونجاهم من غدر العسكر وسوء تصرفهم حيال المدنين السلميين! وحماهم من إرهاب وسرطان الإخوان المسلمين، الذي يهدد بالحرب الأهلية وفناء الدولة المصرية!). مثل قرار البكور الإعجوبة وفي عز الشتاء! وتجنيد أطفال الثانويات والزج بهم في المعسكرات والمعارك! وحفر ترعتي كنانة والرهد بالأيدي والطواري!! والخصخصة الكفيفة للقطاع العام أو الموجه الي الجيب الإسلاموي الخاص، وتغيير السلم التعليمي، بسلم تجهيلي تطويلي تمكيني ممل! وغيرها من الإستشارات والقرارات(المهببة). ومجمل هذه الإستشارات او الإستجابة لها تعكس حقيقة جلية، وهي الأزمة التي تعيشها هذه الجماعة المتأسلمة وأتباعها والمتعاطفين معها، وهي غيابها عن راهنها الذي تعيشه، وإصرارها علي فرض واقع آخر مُتخيَّل، يستجيب لرغباتها الذاتية ونظرتها غير العقلانية للإمور! والسؤال كيف لجماعة مفارقة لزمانها ومكانها، وغريبة عن مجتمعها الذي تعيش وسطه ومتعالية عليه؟! أن تعي قضاياه المعقدة والمتداخلة والمتعددة الأبعاد، وأن تحس بمطالبه العاجلة والملحة. ناهيك عن تقديم حلول عملية وواقعية لها! بمعني كيف يتأتي ليس لفاقد الشئ فقط أن يعطيه؟ ولكن أصراره علي إمتلاك ذاك الشئ الذي يفقده، أي عدم وعيه بذاته! أن يقدم منفعة إستراتيجية لذاته، ناهيك عن الآخر المقصي من الإحترام والتقدير والأهلية الوطنية! والذي إذا قُدم أقصي تنازل له، يتم تقبله علي مضض بدرجة أقل!
وفي الحقيقة ليست الإستشارات وحدها، سبب كل البلاوي وسيادة منطق التأخر والتراجع بإضطراد! ولكن كل السياسات والقرارات منذ الإنقلاب وحتي اليوم، تتميز بالغرابة وتعاليها علي الواقعية والعقلانية! والسبب في ذلك، أنها لا تنظر لمصلحة الوطن والمواطن. ولكنها تنظر لمصلحة وحماية وتمكين الجماعة المتأسلمة المتحالفة مع العسكر! ويضاف الي ذلك الإنقلاب المشؤوم، تُهَم ومطاردات محاكم دولية. وكل ذلك علي حساب مؤسسة الرئاسة والوظيفة الرئاسية( فهو رئيس مع وقف التنفيذ الخارجي، او رئيس منزوع قدرات السفر، أي رئيس داخلي! يحق له التحليق في الفضاء الداخلي فقط! وفضاء بعض الدول الصديقة بعد إجراءات شديدة التعقيد! وهذه حالة شاذة بكل المقاييس، وتتعارض مع واجبات ومكانة ذاك المنصب! ولكنها تمثل أحد إبداعاته التي لم يسبقه عليها أحد، والتي أتحفنا بها طوال سنوات الهناء هذه، لتضاف الي سجله الخالد. لذلك حتي لا تجرفها آفة النسيان قاتلها الله، ويُنتهك حقها في التدوين كغيرها من الروائع المفقودة! فهي تستحق قصيدة عصماء، ينبري لها بغاث الشعراء. الذين يمتهنون حرفة مدح، أولئك المستبدون والأنظمة العسكرية، والشموليات المتصلبة المتكلسة المفوته للزمان والوعي والوظيفة! ويروجون لمشاريع فاشلة ونجاحات وهمية، ويعملقون الأقزام، ويقزِّمون العمالقة. ويقلبون الحقائق رأسا علي عقب، ويجهدون أنفسهم وقريحتهم، ويطوعون موهبتهم بصورة مذلة، لتحويل فسيخ الواقع لشربات، سائغ شرابها وفيها شفاء، للمواطنين المقهورين المغيبين والمخدوعين! رغما عن أنف الجرح الغائر بطول بقائهم علي سدة الحكم، وطعم الخراب والدمار الذي أنتجه حصاد الهشيم خاصتهم!). وبالعودة لمسألة التهم والقرارات الدولية، فهي ليست مسألة شخصية، ليجدي معها سلوك العنتريات(والرجالة وطالعني الخلا وسكين الضراع)، ولكنها تتعدي شخص الرئيس لمنصب الرئاسة وتاليا مصالح البلاد. وذلك لتشابك العلاقات الدولية، وسيطرة القوانين الدولية علي فضاء التعاملات الخارجية، وقوة تاثيرها ونفوذها علي اي دولة، مهما توهمت او تعللت بالحصانة والإستقلالية، والعيش بصورة منفردة كأهل الكهف! لكل ذلك إذا كان الرئيس بريئاً من هذه التهم، فاليثبت براءته بالطرق الشرعية، والكل سيقف معه إذا كان بريئاً من هذه التهم الموجهة إليه. لأن الوقوف في هذه الحالة سيكون وقوف مع الحق، بغض النظر عن الموقف منه في قضايا او ممارسات أخري! وعندها سيجد الدعم من الداخل قبل الخارج في هذه التهم بالتحديد! أما إذا عجز عن إثبات براءته وثبتت عليه التهم، فاليواجه مصيره بثبات وشجاعة، وإلا فما قيمة النفخة العسكرية التي يتشدق بها، والبدلات العسكرية التي يتزَيَّ بها! لأن ذاك نتاج ما جنته يداه. وحق الضحايا في أن ينعموا بالعدل بعد الصبر الطويل، ولتمضي مسيرة الحياة بصورة أكثر سلاسة ضد الإعتداء الأخرق عليها. والخلاصة أن مجرد توجيه تهمة مكتملة الأركان لرئيس دولة ما! يستدعي ذلك منه تقديم إستقالته، وترك المنصب لمن هو أحق منه، علي الأقل بعيداً عن مواطن الإتهامات والشُبَه التي توجه إليه داخليا او خارجيا. لأن ذلك يمثل نوع من التقدير لمنصب الرئاسة، وتقديم لمصالح الأمة علي المصالح الشخصية، حتي لو كانت في شكل عناد او عزة نفس مغالية ومتوهمة! بالتأكيد مثل هذا التصرف لن يروق لأولئك المطبلاتية الذين يزينون الباطل ويفترون علي الحق الأبلج، وينفخون في وهم الكرامة الشخصية وعزة الوطن وحِرة قلب المواطنين! وغيرها من الشعارات الجوفاء. التي تخفي المطامع والنعيم الذي يتمرغون فيه، ولا يستطيعون مفارقته او الفطام منه، او التضحية به لأي سبب من الأسباب. حتي ولو كانت أسباب وطنية يدعونها او دينية يُزايدون به علي الآخرين!
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه، لماذا إستمر رئيس فاقد للشرعية(إنقلابي) والأهلية( إتهامات دولية وعدم قدرة علي السفر الي الخارج)، ليس طوال هذه الفترة فقط! ولكن حتي عندما يعلن عن نيته المغادرة لموقعه(شكليا) تقوم الدنيا الكيزانية و لا تقعد، وتطير رؤوس لمجرد مشاطرته هذا الراي. لتوهمها عدالة التسوية والإقتسام لمغانم إشتركوا في إغتصابها! وهي مغادرة تتلبس زيف بالونة الإختبار! والسبب في ذلك وكما يري البعض، أن وجود الرئيس وبسبب إنتماءه للمؤسسة العسكرية، يمثل حالة تطمين لتلك المؤسسة، وحفظا لإمتيازات المنضوين تحت لواءها، وإطلاق لأيديهم للتصرف في أموال الدولة وقوتها بما يراعي تلك الإمتيازات! وذلك لأنها من الجانب الآخر، هي من يوفير الأمن للمجموعة الفارضة نفسها علي الحكم والجماعة الإسلاموية الداعمة لها. ليس من الخارج كمل تستوجب مهنيتها المهدرة! ولكن من الداخل وبالأخص ضد غضبة الداخل وهبته. وهو ما أطال من عمر هذه المحنة، التي تتعرض لها البلاد وتلقي بكلكلها علي العباد! وهذا للأسف ما يمثل صلب تكوين عقيدة الرتب العليا والمؤدلجة بالأخص، التي يسهل توظيفها وإستغلالها وتوجيهها. بسبب التشوه الكبير الذي أصاب بنية وعيها ودورها وطموحاتها السياسية، وإمتداد نفوذها بصورة مفرطة داخل الحيز المدني! وكما أن وجود الرئيس البشير بالذات(إختلاط التكوين العسكري بالأيديولوجي، مع تدني المهارة السياسية، إذا ما تم تجريده من السلطة وشدة تأثيرها وشراءها للقبول والأتياع والمواقف!) يمثل نوع من( القش او الورق المقوي، الذي يمنع زجاج القادة الإسلامويين، من التصادم والتكسر) أي يمثل عازل يمنع تقابل وتقاتل الإسلامويون مع بعضهم البعض وذهاب ريحهم جميعا! خصوصا مع شدة نزعاتهم للإمارة والرئاسة، وحبهم المرضي للتملك والألقاب الفخيمة، وتصدر الواجهة الإجتماعية، والزهو بخيلاء كالطواويس، وسط المواطنين الغبش المعدمين، بسبب سوء إدارتهم للبلاد وجهلهم بتدبير أمر مطالب العباد. وذلك لأن حصر المنافسة بين الأسلاموين فقط! يبرز أقصي درجات العنف اللفظي والمادي، والفجور في الخصومة، ونفي الآخر وتجريمه والتخلص منه معنويا او حتي جسديا بينهم! بمعني أن وجود الإسلامويين في المشهد السياسي، يعني حضور المكر والصراع وإستخدام كل الوسائل المشروعة والغير مشروعة في حسمه! مما يعطل مسيرة النظام وتماسك الجماعة ويضعف من سيطرة الحكومة الأمنية علي البلاد. ولكن من الناحية المقابلة، وجود رئيس بهذه المواصفات، من ضعف الأداء وفقدان الأهلية الدولية علي الأقل. يصح أنه يعطي المحيطين به مساحة واسعة للحركة والتأثير وتحقيق المزيد من المنافع الذاتية، التي تطرقنا لوسيلة الحصول عليها سابقاً. ولكنه في نفس الوقت يخصم من رصيد المنصب الذي يدر عليهم كل تلك المصالح! كما أنه يجعل هيبة المؤسسة العسكرية وإحترام الإسلامويين يتأكلان بإستمرار. وللحقيقة والتاريخ وحتي لا نحمل الرئيس وزر كل الأخطاء وحده. فهذه الحكومة وبتركبتها الحالية حملت سيئات الحكم من كل أطرافه. فوجهها العسكري يعكس منفردا، مسيرة طويلة من تاريخ تلك المؤسسة مع الحكم وطريقة تعاملها مع السلطة. وما يستتبع ذلك من فتح لأبواب الشرور بكل مسمياتها وألوانها. من إدمان للعنف والدموية والوحشية وتمكين للفساد، و السعي بقوة الحديد والنار من أجل البقاء والإستمرار في السلطة الي ما لا نهاية. غصبا عن سنن التغيير الجارية وأحكامها التي لا تقبل النقض! إضافة الي فشلها الذريع في إدارة البلاد والمحافظة عليها سالمة ضد الحرب الأهلية والإنقسام. ورهن قراراتها ومقدراتها للخارج، بكل تناقضاته وتضارب مصالحه! أو بوجهها الإسلاموي، وما يحمله من عوامل تعطيله الذاتي للتجربة والممارسة السياسية. وتفجيرها من الداخل، بإثارته للفتن الدينية والعرقية، وتقسيم المواطنين الي درجات حسب إقترابهم او إبتعادهم عن مشروعه. لفرضه وجهة نظر واحدة، بغض النظر عن صحتها اوملاءمتها للواقع المعني بالتطبيق! وفرض سيطرته علي مقدرات وثروات البلاد ، وعقول ونفوس المواطنين أيضا(لله طبعا). أي إما الإحتواء تحت عباءته والأمان من شره، او الرفض له والتفلت من سطوته، وبالتالي التعرض لحرمانه ونفيه وتصفيته! والخلاصة أنه عندما تجتمع المؤسسة العسكرية بجبروتها وعنفها، والأيديولوجيا الإسلاموية بسيطرتها ونفيها وإمتلاكها للحقيقة الكاملة! يعني ذلك بوضوح إمتناع السياسة، وإمتهان كرامة الوطن. وضرب حيوية المجتمع وعوامل بنائه الذاتي وإنطلاقه الي المستقبل بثقة وثبات في مقتل. وحضور النفي والنفي المضاد، وظهور الإنتماءات القبلية والأثنية او بعثها من عمق الماضي. وسجن البلاد داخل أطر ضيقة، تتلاءم مع ضيق أفق العسكريين والإسلاميين، الذي يفتقد التنوع في المعارف والخبرات والتعامل الإنساني والتعايش، مع مختلف التكوينات الإجتماعية والعقدية. و تثير حساسيته ومخاوفه، الإختلافات والخارج وأن يحكمه غيره إذا ما كان إكفأ منه! وللأسف تنعكس عواقب ذلك الضيق، مزيدا من التضيِّق علي المجتمع، والعسر والتخوين علي العباد. والحرمان ليس من الخدمات الأساسية فقط، التي لا تستقيم الحياة دونها! ولكن حتي من مجرد التعبير عن رايهم، او مطالبهم ولو بصورة سلمية! لأن كل ذلك يناقض الوعي العسكري والايديولوجي الإسلامي، الذي يعتقد أنه الوعي الصاح والحقيقي المطلق! الذي يعلم ما بين يدي الجماهير وما خلفها، ولا يخفي عليه شئ من مخاوفها وإحتياجاتها وهموها. وتاليا إمتلاكه كل الإجابات والحلول بشكل حصري! ويعي مصلحة الجماهير أكثر منها، وهو أجدر منها بإدارة نفسها! ومن أكبر علامات ذاك الزيِّف او الوعي المضلل، الذي يسكن ذلك النوع من المؤسسات والتنظيمات والأفراد، أنه لا يعترف بالخطأ! او يحوِّل ذلك الخطأ لنوع من الإجتهاد المحمود! الذي تبرر مقاصده الخيِّرة، أي شبهة تقصير او سوء تقدير للإمور او أي عجز في التدبير يكتنفه! وتاليا لايستتبع ذلك مراجعة اومحاسبة او إقالة! ولكن يمكن أن يحوَّل المتسبب في الخطأ الذي يرقي لمرتبة الجرم، الي موقع آخر، او يمنح إستراحة محارب حتي تهدأ الإمور، او ذرا للرماد في العيون وتوجيه الإنظار بعيدا عن حجم الخطأ وتتبع عواقبه الكارثية! والسبب أن الخطأ في عرف ذاك الوعي، يعني التشكيك في مثالية ذاك الوعي. وهذا نفسيا غير محتمل، ويؤرق صاحبه. ويمكن أن يتسبب في شرخ بنية ذاك الوعي، الذي لا يحتمل الشروخ. أي إما أخذه كاملا أو تركه، ولكنه في نفس الوقت لا يحمل في تكوينه، سعة الإختيار او ترف المفاضلة! أي يفرض نفسه مسبقا وقبل عملية الإختيار، أي سابق علي الإختيار! لأن الإختيار في حقيقته يحمل مظنة الإحتمال، وهذا ما لا يجوز في حقه وإطلاقه وتجاوزه للكل وعلي كل المستويات!
لذلك خطأ بحجم ترتيبات هذه الرحلة الفاشلة التي ظهرت الي العلن فجأة! سواء في وجهة الرحلة(أيران كدولة منبوذة ومغضوب عليها دوليا وتتفادي الدول العاقلة والمسؤولة الإقتراب منها!) او توقيتها(تزامنت مع سيول وفيضانات ومآسٍ داخلية تحنن قلب الكافر والطاغية) او وسيلتها( طائرة خاصة غير مسموح لها القيام برحلات تجارية). لم تخلفها او تعقبها أي محاسبة لأولئك المتورطون في إرتكاب كل تلك الأخطاء، أو أصحاب تلك الفكرة الجهنمية(المهببة التي تصلي بنارها أي موظف مهني، او مستشار يعي ولو جزء يسير من دوره). وبدلا عن ذلك تمَ إلقاء اللوم علي سلطات الطيران السعودية(التي يجب أن يتعلموا منها أصول المهنية التي تعلو علي كل إعتبار). أي تحول المخطئ الي قاضٍ وجلاد! وهذا المسلك التبريري الصبياني العاجز! لا يمثل إهانة للحقيقة والواجب وفضيلة الإعتراف بالخطأ فقط! ولكنه يمثل إستهانة بمنصب الرئاسة والدولة السودانية، وبحق وسمعة مواطنيها ومدي مهنيتهم وإنضباطهم. وقلب للحقائق بصورة محزنة، تتخطي مسألة السياسة ونظمها والحكم ومسؤوليته. الي نوع من الهرجلة والتخبط وفقدان البوصلة والعجز، الذي يبين المرحلة المتردية التي وصلت إليها الدولة السودانية، والإنقلابات التي لم تطال السياسة والقيم فقط! ولكن حتي وظائف المؤسسات والهيئات ومسؤولية أولئك القائمون علي أمرها! وإلا فماذا نسمي ما تقوم به مؤسسة الرئاسة وهيئة الطيران المدني والسفارات، من تجاوز لمهامها! والأسوأ من ذلك مشاركتها في إنتهاك وأجباتها او القوانين التي تحكمها! لكل ذلك يمثل فشل هذه الرحلة الميمونة!(لا نعلم لماذا لم تتدخل السحب والرعود وطيور الفضاء، لستر سرها وفتح الممر الآمن أمامها، طالما أنها من دولة إسلامية والي دولة إسلامية! يديرهما التقاة والأئمة المتجردون لوجه الله!) التي ظهرت للعلن وبهذه الملابسات و(الدغمسة). إعلان صريح، ليس بفشل الرئيس وعجزه عن إدارة البلاد، فهذا معلوم منذ البداية وبالطريقة المخالفة للشرعية والقانون التي وصل بها الي سدة الحكم! وإنما لخصمه من قيمة هذا المنصب! ولتسببه (في شيل حال) مواطني هذه البلاد في الداخل والخارج. بهذا المستوي المتواضع، في إدارة دولة بحجم وقيمة وأهمية هذه البلاد، ليس داخليا ولكن إقليميا ودوليا. وهي مؤهلة لتلك القيمة والأهمية إذا ما أحسنت إدارتها. وتملك ما تقدمه لنفسها وللآخرين من فوائد لا حصر لها. وما يدعو أكثر للأسف والشفقة، أن التردي تخطي مرحلة كارثية الأداء، الي المتابعة والإشراف علي التجاوزات، للقواعد الحاكمة للمنصب والمؤسسات ذات الصلة في الداخل. ومحاولة نقل ذلك الفعل المشين، لتطبيقه علي الخارج كما أشرنا سابقا، وعدم الإحتراز من كشفه وفضح مؤسسات البلاد الداخلية، عن فقر حالها وقلة حيلتها وضعف مهنية كوادرها وتسيبها وغفلتها. وكل ذلك بدلا عن إحترام واجبها والقواعد التي تُعلنها، وتقديم نموذج يحتذي به الأداء والمهنية والإنضباط. وإظهار الوجه الحازم تجاه كل من يتجرأ عليها، او يفكر في مجرد التستر علي الأخطاء داخلها او خارجها. وإلا ساد منطق حاميها حراميها، وحارس قوانينها منتهكها! ليس داخل حوش الرئاسة فقط! ولكن في كل البلاد، وبصورة علنية ومقننة ومجاهر ومفتخر بها هذا من جانب! ومن الجانب الآخر لأن فشل الرئيس في مهامه وإستمراره رغما عن كل ذلك. يرسل رسالة واضحة لكل دول العالم مفادها، أنه فشل يحمل في طياته، عقم هذه البلاد عن إنتاج ليس من يحسن إدارتها فقط! ولكن مجرد من يسيرها ولو بطريقة بطيئة الي الأمام. وهذا لوحده يثير السخرية والألم والصمت الموجع!
آخر الكلام
أن يخطئ المرء في أمرٍ ما وارد، أن يكرر نفس الخطأ محتمل! ولكن أن يحترف الخطأ، فهذه جريمة. وأن يعتقد أن الخطأ هو قمة الصواب، فهذه جريمة أكبر. وأن يدعوا الآخرين للأقتداء به! فهنا تكمن المأساة. وللأسف هذا ما يبدو أن البلاد قد وصلت إليه. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عبدالله مكاوي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.