قد ينسى الإنسان أو لعله لفرط أنانيته يتناسى تاريخه ، فيبدّل مواقفه مثل قميص الأفعى ظناً منه أن التاريخ سينسى ولن يسجل له ما فعله في صحائفه التى لا تبلى أبدأً ..! فحينما قام كيزان السودان بإنقلابهم المشين في يونيو 89.. جاءوا بعذرٍ هو الأقبح من ذنبهم ..فبرروا فعلتهم بأنهم كانوا يسابقون الزمن مع جهات آخرى كانت تسعى لإغتيال ديمقراطية ما بعد ابريل التي كانت تحتضر بسكين النزاعات الصدئة وهي تتجاذبتها الأحزاب وقتها ، ودخلت مشكلة الجنوب ككرة تقاذفتها أرجل الحزبين الكبيرين كل يركلها تجاه مرمى الآخر، فاستغل الإسلاميون غفلتهما تلك، وذروا الرماد في عيون الناس رافعين المصاحف على أسنة السيوف هاتفين ..بأن الشريعة قبل الغذاء ..الخ تلك الشعارات التي غبروا بها الشارع نهاراً فيما كانوا يدبرون في غلس الليل لإحراز قصب السبق على الآخرين كما زعموا في تبرير الإنقلاب على ديمقراطية أعطتهم ما لم يكونوا يحلمون به من نواب في البرلمان قفز بهم الى المرتبة الثالثة من حيث الكتلة النيابية .. ومعروف طبعاً ما فعلوه في قوانين إنتخابات فترة سوار الذهب من تفصيل على مقاساتهم ! الآن هم ذاتهم الذين يتباكون بالصوت العالي وتولول نائباتهم في البرلمان الغائب، حينما إحتاط الجيش المصري بالتفويض الجماهيري المهول ليسبق إنقلابهم في مصرعلى الديمقراطية التي حصروا شرعيتها في الصندوق وصولاً الى تمكينٍ كانوا يبيتون له نية السوء بالقدر الذي لن تحتمله مصر بكل ثقلها الإقليمي عربياً وأفريقياً واسلامياً بل وعالمياً ! ولن يتركها جيشها الوطني غير المؤدلج لهم لقمة سائغة ، مثلما أضاعوا السودان وقسموه واشبعوه حروباً وفشلاً وتجريباً وعزلة ! فما فعله جيش مصر..وإن لم يكن إنقلاباً صريحاً بل كان إستنادا الى تصحيح الشارع لمسار ثورة سرقوا قطارها بانتهازيتهم فأستعاده أهل المصلحة التي بذلوا فيها الغالي والنفيس ..فعلوه هنا صراحة بل وبجاحة بالدبابات ولحى الخداع لمن كانوا يجلسون معهم تحت قبة البرلمان وفي قاعات مجلس الوزراء و قبل كل ذلك ضحكهم على الشعب الذي إفتروا على تفويضه بالتزوير وقلب الحقائق وتزييف النتائج ! وكل حصادات فعلتهم تلك تتحدث عنهم و تنذر وتحذر الآخرين من عدم تصديق تشدقهم بإحترام الديمقراطية أو الإيمان الإ بشرعية اللصوصية التي جلبت المهالك لبلادنا ، تباً لهم ! فالدولة المصرية ليست هي سبية السودان التي إستسلم لهم شعبها فركبوا على ظهره كل هذه السنوات ولم يحرك ساكناً يمكن أن يخيفهم بصورة جادة ، فاستمرأوا إذلاله بإنتهازية .. كشفت المزيد من سوءاتها رجفة فرائصهم تجاه ما حدث لمن لم يستفيدوا من تجربتهم كما ذكر ابراهيم السنوسي فطالهم رأس السوط دون شك.. وتذكروا فعلتهم التي سبقوا عليها الآخرين ، فارتدت الى نحور جماعة مركز المرشد هناك ، وما الهيستريا التي قابلوا بها زيارة وزير الخارجية المصري الإ دليلاً على تلك الإنتهازية الخائبة التي تناسوها وأرادوا أن ينساها الجيش والشعب المصري وقد قالا لهم .. لو إنت نسيت أنا ما نسيت على رأى الراحل .. حسن عطية ! [email protected]