(1) كانت توبته التي دلقها أمام سطوة الدم وسطوة الجثث المقيدة ويداه ملطختان بمقابض ودخان البنادق توبة الخائف الذي رفع عنه الغطاء ورأى قبح المسؤولية وتبعاتها وهو يهرج ويحرض ويغري في ذلك الزمن المنفلت حيث كانت المنصة استديو نباح تتصل بالقمر في قطر وربما كان نادما فليس بعد الخسارة إلا الندم وليس بين الندم والخوف إلا شعرة ولا يندم الإخوان ولا يستيقظون من وحلهم إلا حينما يكون بينهم وبين جرائمهم سوط القاضي وصولجان المساءلة . (2) كان ينادي بالشرعية مثل كل من حوله مع أنه حسب اعترافاته كان لا يوافق المعزول مرسي على 70% من قراراته وهذه النسبة المئوية الكبيرة في السياسة كافية لينزع الشرعية من الرئيس الذي يؤيده وتؤهله لينضم لثوار الثلاثين من يونيو دعما للتغيير وخريطة المستقبل , وذاك إذا علمنا أن مرسي نفسه لم يفز في الانتخابات إلا بفارق لا يتجاوز واحدا في المئة وأن اللحظة التي فاز فيها وقسمت المجتمع إلى قسمين هي اللحظة نفسها التي أطاحت به ولو بعد حين وبرغم أن الغالبية العظمى ممن خرجوا في ثورة 30 يونيو ووضعوا حدا لحكم الإخوان السري لا يوافقون مرسي في قراراته إلا في حدود 55% أو 60% وربما أقل من ذلك بكثير فمال بال صفوت حجازي صاحب القول الشهير – اللي حيرش مرسي بالمية هنرشوا بالدم – بقي في رابعة العدوية ينادي بعودة الشرعية التي لا تساوي عنده أكثر من 30% ويجمع السلاح والذخيرة كقيادي ويطلق النيران على الجيش والشرطة ويمارس التعذيب ودفن الجثث تحت المنصة كما جاء في الأخبار , فهو قطعا لا يوافق على شرعية مرسي , وهذا يعني أن الكثيرين في رابعة والنهضة الذين استمرؤوا الطعام المجاني بشكل أو آخر يرفضون الطريقة التي أدار بها المرسي البلاد في حالة كانوا من غير المغيبين والمخدرين وأنهم يمكن أن يصنفوا في درجة من درجات الحركات المدنية وحركة تمرد التي قادت الثورة , ولكنه الإرهاب , الذي لا يحتاج إلى الموافقة على شيء . ومن هنا كان صفوت حجازي لو كان صادقا في أقواله مؤهلا للانضمام للشعب لولا قواعد الإخوان التي تحتم السمع والطاعة حتى ولو كان المرشد مخطئا وعلى وشك أن يوردهم موارد الهلاك . وربما لأنه رأى السلاح يجمع فثارت في نفسه غريزة التغلب أو أنه تعلق بمنصة رابعة التي تتيح له مخاطبة الجموع وتنشر صوره في الفضائيات . (3) لا يوجد رجل يشبه صفوت حجازي في السودان سوى ذاك الرجل الذي يسميه السائحون بود إبراهيم الذي انهار في أول أيام السجن وأطلق كل القلق والتردد المحتجز في أعصابه الإخوانية وهو كان يحلم بأن يوجه دبابة إلى القصر الجمهوري ليقصف الرئيس البشير في مكتبه أو يواجهه ويطلق عليه الرصاص عيانا بيانا أو على الأقل أن يسلمه لأمريكا فتسلمه أمريكا لخصومه كما سلمت صدام حسين فشنق وكما أسلمت القذافي فسحل وعذب أو يسلمه للمجتمع الدولي يفعل به ما يشاء وحينما اكتشفت خطته أطلق كل التفاصيل القذرة المخصصة للأذرع الانقلابية وطلب الاسترحام , هم جميع وقلوبهم شتى , يكثرون عند الطمع ويقلون عند الفزع .. (4) الإخوان على ضلال – هكذا اعترف صفوت حجازي – ولكنهم لا يكتشفون هذا الضلال إطلاقا ماداموا يلبسون أحذية السلطة الغليظة ويتدثرون ببطاطينها الدافئة الناعمة التي تبعث على الأحلام المحرمة وما أن يرفع عنهم الغطاء حتى يرى الناس عري اعتقاداتهم ومخاوفهم من المساءلة والندم على ما فات كباب من أبواب التوبة يدعو إلى الجريمة والخديعة وقتل النفس التي حرم الله فليس بين الندم والرصاصة إلا رأس الضحية . اعترافات حجازي تمت اختياريا فهو لم يعترف أمام قاض حتى يقال إنه اعترف تحت قسر الأمن وقبض وهو يحاول الفرار إلى ليبيا التي وصل قريبا من حدودها ويريد الذهاب هناك حسب قوله كي يراجع نفسه ويتوب بينما يرى آخرون أنه يريد أن يذهب من ليبيا إلى قطر حيث تعيش عشيقته الجزيرة هناك لطق الحنك وبث الشائعات وإشعال الحرب الأهلية فباب التوبة مفتوح والندم على ما فات من قتل وتدمير وشق الجيش المصري إلى نظامي وحر متيسر وتسنده مئات الفتاوى . (5) من أغرب اعترافات صفوت حجازي التي تدل على أنه غارق في الجريمة حتى لحيته التي حلقها وهو في طريقه إلى الفرار اعترافه أنه لا ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين وليس متعاطفا معهم وبالتالي فهو مخموم مع المخمومين في رابعة ولكن إذا رجعنا لموسوعة عضوية الإخوان سنجد صفحات طويلة عريضة تتحدث عنه كقيادي وعالم تلقى جميع العلوم على أئمة في السعودية ومصر وخطب في مساجد الإخوان وقاد معهم الحملات السياسية والدراسية ولهذا فوراء الرجل أحاديث وأحداث جليلة ستكشف عنها التحريات والأيام ومما يشجع الإخوان على ارتكاب الجرائم جنوحهم للسرية في أي عمل يقومون به لا سيما العمل لإقصاء معارضيهم حتى ولو كانوا من أبناء جلدتهم ولو طال بهم الحكم لملأوا المسارح والكورنيش ودور العرض السينمائي بطائرات الأنتنوف التي تسقط بدون سابق إنذار فما بالك بمن يقبضون عليه ويظنون أنه شرطي أو ضابط يتجسس عليهم , ومن أغرب اعترافاته كذلك قوله إنه يكره القرضاوي وهو يمثل قلعة الإخوان الخارجية الذي يحرض أمريكا وإسرائيل على الجيش المصري ويحضر ويخطط مع التنظيم الدولي للإخوان ويحرض تركيا وقطر ودول الخليج ويشيع أن ما حدث في مصر انقلاب عسكري ويحرض على المظاهرات وينادي ضباط الجيش بأن ينشقوا وهذا كله ما ينادي به صفوت حجازي نفسه ليل نهار ولكنهم الإخوان دائما هكذا يتنافسون ويحسدون بعضهم البعض حتى ولو كان المحسود تقيا وعابدا ونقيا , وفي السودان أكلوا لحم الترابي وهم تلاميذه وأولاده وأفشوا أسراره وأسرار أسرته حتى حاصروهم في ركن قصي وهم من صوروا بيوت وقصور وزوجات وأولاد المسئولين والدستوريين وأرسلوها لليوتيوب والفضائيات ولا يوجد سر أو قصة فساد لا يوجد خلفها أحد من ( بني إنقاذ ) بل هم يورطون منسوبيهم في المفاسد والجرائم والأعمال الفاضحة ليتخذوا من ذلك أداة ضغط (ولوي) ذراع وكسر عين وما من فضيحة خرجت إلى العلن وعرفها الناس كانوا عنها بمعزل وعن نتائجها بمنأى . (6) كان حجازي مغرما بالإعلام ككل الإخوان العاشقين للخطابة والجماهيرية والمنابر ومن ثم الشهرة , فهو يتنفس ويأكل ويشرب أمام العدسات , ويبكي ويضحك وينام أمام الكاميرا , ولذلك طلب عدم الإعلان عن اعتقاله لأن له أتباع ومشاهدين يحبونه ثم تصل به الخيانة العظمى كي يتذرع بالمبادئ العليا من أجل التخلي عمن كانوا معه مرابطين لمدة 50 يوما كما اعتاد دائما التذرع بالمبادئ الدينية المثلى لهدف من أهداف الدنيا عندما يقول للجنود مساوما لهم إذا لم يعلنوا عن وقوعه في الأسر بأنه ( يستطيع أن يفعل الكثير لمصر ) وهذا يعني أن يفشي أسرار التنظيم الذي كان أحد قواده وصانعا من صناع سياساته بل أن يفشي كل ما هو خاص عرفه أثناء دخوله وخروجه في تلك المنازل التي وثقت فيه وضمنت عقله وقلبه . ونقول له ألم تسمع بشيوعي يدعى محمد إبراهيم نقد , كان آخر رجال أهل الكهف , وقضى زهرة شبابه تحت الأرض فارا بجلده وبسمعة حزبه وأصحابه في مسيرة طويلة مظفرة إلى أن بقي له من العمر أقل من القليل فأطل برأسه حتى يرى المكان الذي سيدفن فيه. (7) يشعر صفوت حجازي بفداحة الجرائم التي شارك فيها , فيقظة التقي النقي لا تتم بمثل هذه السرعة , فالندم لابد له من عقوبة , الاعتراف , والخائف من جرائمه يضعها دائما في طرف لسانه , والرجل مستعد لتقديم كل التنازلات والاسترحامات منذ الآن , وقبل وصول المحكمة , إنهم هكذا في جماعات الإسلام السياسي يقتلون القتيل ويسترحمون , فالعقاب دائما ( قدام ) , أما عقاب الحياة الدنيا فهو رصاص فشنك يمكن إفساده بمال أو سلطة أو قاضي موال . صفوت حجازي يريد أن يكفر عما جنته يداه ولذا سيعترف بكل شيء . (8) الداعية السياسي لا يرفض القتل ولا يرفض لبس ( النقاب ) كما لبسه المرشد محمد بديع وصار علامة عليه من وإلى رابعة وبسببه فضت وجوه في الشوارع والمواصلات , لم يتركوا للنساء حتى خجلهن , ولبسه صفوت حجازي , فالداعية لا يعاف شيئا يعتقد أنه من أوامر الله . وهكذا قطعوا إصبع شاب أتهم بمحاولة سرقة موبايلات و عذبوا أخر أتهم بالتجسس . وكان نصيب صفوت حجازي من الجرائم التي سيعاقب عليها هي التحريض والشروع في القتل وهو ضالع في اختطاف ضابط وشرطي واحتجازهما قسرا وتعذيبهما بمنطقة رابعة يعاونوه في ذلك محمد الزناتي وعبد العظيم إبراهيم وهما طبيبان أشرفا على التعذيب بالمستشفى الميداني للاعتصام . ويواجه اتهامات في أحداث بين السرايات وشارع النصر والحرس الجمهوري الذي راح ضحيته أكثر من 50 قتيلا عندما حاول الإخوان فجرا بمليشيات مسلحة أن يقتحموا دار الحرس لاعتقادهم بوجود الرئيس المعزول مرسي بداخله . (9) سنرى في الأيام القادمة العجب العجاب من مفسر الأحلام صفوت حجازي الذي سيستبدل ميكرفون الجزيرة بميكرفون المحكمة وسيشكل مركز جذب إعلامي قوي وسيوجه ضربات قوية لتنظيم الإخوان إذا لم يخلع نقاب التوبة , خاصة عندما يعلن له المحامي أن عقوبات جرائمه قد تصل إلى المؤبد أو الأشغال الشاقة . (10) اعتقد أن صفوت حجازي شكل مرحلة جديدة , يدعو فيها الناس وخاصته إلى التوبة والمراجعة , ودعوته لا يجب أن تذهب في فراغ لأنه زعيم تلطخت يداه بالدماء , وقائد في جماعة دينية تنتمي لدين يدعو لمكارم الأخلاق , وإن كان هناك من هو حقيق بأن يسمع لنداء توبته التي ستتوج بالعقوبة الصارمة المستحقة فهو جماعات الإنقاذ من عسكريين ومدنيين ومتطفلين وحيران . الإنقاذ التي قالت كتلك الذبابة : من يدلني على العسل فله درهم , وعندما هبطت فوقه صاحت : من يخرجني منه فله درهمان ثم خرج حجازي مضطربا من العسل دون أن يدفع له احد شيئا ووجد مستقره في سجن طرة ليتوب بهدوءكما يشاء وليأخذ القانون والعدالة مجراهما كما هي العادة , وهذا سبيل كل طامع في حقوق الآخرين بغير وجه حق وكل قاتل يقتل باسم الدين أو أو التمكين وإلى أن تخرج تلك الذبابة من مكانها محطمة وممزقة فإن الإنقاذ ستنتظر قليلا إلى أن يحين الوقت الذي ستخرج فيه لتجد متسعا من الوقت لتتوب كما تشاء ومتسعا من الوقت لتحلق ذقنها بأي شكل ومتسعا من الوقت لتلبس نقابها في الشوارع والطرقات ومتسعا من الوقت لتواجه الحقائق التي واجهها صفوت حجازي في سجنه . [email protected]