قد يندهش المرء حين يعلم أن الحارة(43) الوحدة – الجزء الخامس بإدارية البقعة هي أقدم منطقة سكنية إلى الغرب من أمبدة حمد النيل. وعند نشأتها كانت أشبه بجزيرة معزولة محاطة بالفيافي و الوهاد إحاطة السوار بالمعصم !. منطقة كهذه يتوقع المرء انتهازها فرصة الاستقرار المبدئي المبكر للوصول إلى مستوى راق من الاستقرار النهائي باستقطاب كل الخدمات الأساسية قبل ميلاد المناطق التي سدت – فيما بعد - كل فجوات الفراغ المحيط بها ثم حظيت بكل الخدمات التي لم تحظ بها منطقة الجزء الخامس!..أليس هذا مدهشاً؟!.. لكن علام الدهشة و الكل يعلم أن العجلات الانجازية للمحليات تتمحور على جدية مساعي اللجان الإدارية للأحياء .. ( اللجان الشعبية الآن )، وبالتالي كلما كانت اللجنة قوية ، نشيطة ، متحركة ، وتضع مصلحة الحي قبل مصلحة أفرادها، كلما استطاعت أن تثبت وجودها الفاعل و تنجز، والعكس صحيح. وكل مواطن بالجزء الخامس – الوحدة يعلم أن بلية هذا الحي في لجانه الإدارية سابقاً، ثم الشعبية فيما بعد ، والسيرة التاريخية لكل منها تعج بالحكاوي/ البلاوي التي تأكل (الوش)!، مع دورانها الأشتر في فلك عضوية فئوية مؤطرة قبلياً بحكم الأغلبية الميكانيكية دون أن تملك- اللجان – البصيرة التي تستطيع بها استلال سيقانها النحيلة من وحل الفئوية القبلية التي جاءت بها ،وبالتالي استقطاب اعتراف المواطنين.. كل المواطنين بها ورضاهم عنها ، لكن عدم امتلاك هذه اللجان البصيرة المتمثلة في امتلاك الرؤى الإستراتيجية البنائية ، زائداً ارتباط قادة هذه اللجان بوظائف رسمية في الدولة ، و بالتالي عدم توفر الوقت الكافي لهم لمتابعة تكاليف مواقعهم كإداريين لهذه اللجنة أقعدتها عن ممارسة دورها المفترض. وقد فطن الآخرون – الأحياء الأخرى لهذه العلل و المكبلات فتجاوزوها بلجان تضم في تكوينها كل ألوان الطيف الجهوي والقبلي المكون لأحيائهم، وبقادة لا تربطهم بوظيفة رسمية بالدولة أي وشائج ارتباط. وأخيراً جداً فطنت الأغلبية الميكانيكية التي تفرخ لجان الوحدة – الجزء الخامس للعقبة الثانية وأزالتها بتكوين لجنة شعبية برئاسة مواطن غير مرتبط وظيفياً بالدولة ، وعندئذ بدأ حراك واضح بالمنطقة أثمر عن ربط المنطقة بشبكة للمياه ، أما الكهرباء فقد كان لانتخابات 2010م الفضل في غرز أعمدة الكهرباء في كل شوارع الحي فظلت ما لا يقل عن أربعة أعوام تقف كعلامات التعجب دون أسلاك حتى قبل رمضان المنصرم بشهر أو يزيد قليلاً، حيث تكرمت الجهة المنفذة للعمل بربط الأعمدة كلها بالأسلاك في زمن وجيز لم يتعد الأسبوع !!( طيب من زمان كنتو وين؟!)، وأعقبت ذلك بالمحولات الكهربائية فغطت كل المنطقة !، ثم فطنت بالتضامن مع اللجنة الشعبية إلى أن هناك مواطنين يحتاجون ل( فتح الأضان )، هم سكان الجزء الخامس ، فطاف طائفهم ذات مساء مبشراً بقرب بزوغ شمس الكهرباء بالمنطقة ،مؤكداً على مصداقية القائمين بالأمر وجديتهم في تنفيذ الحلم الكهربائي الذي شابت رؤوس بعض أهل المنطقة في انتظاره!، ولم ينس أن يحث المواطنين على دفع ما عليهم دفعه ، فليس ثمة حلم بلا ثمن !. وكنت استمع إلى مايكرفونهم يقوم بالتنوير اللازم : المبلغ الكلى المطلوب من المواطن ( خمسة مليون وخمسمائة جنيه بالقديم ) .. وعلى القادر دفع مبلغ مليون جنيه قسط أول ، ويمكن لغير القادر أن يدفع مبلغ خمسمائة جنيه ، ويدفع بقية المبلغ في أقساط شهرية حتى يكتمل . ثم أكد السيد معتمد أمبدة ذلك في إفطار رمضاني جماعي تم تنظيمه بميدان مدارس الوحدة بالحي حيث تم تجريب أو قل ( الافتتاح الهوائي ) لكهرباء المنطقة بإضاءة بعض الكشافات ،والتي ظلت مضاءة ليلاً ونهاراً لتؤكد للمواطنين الكرام أن دماء الكهرباء تسري في عروق أعمدتهم اليابسة، وتمر فوق منازلهم لكن .. مرور الكرام مالم يتم الدفع!. حتى هنا يمكن أن يكون الأمر (عادي جداً وكده)، لكن الذين سارعوا إلى المحلية لدفع القسط الأول المحدد ذكر بعضهم أنه دفع خمسمائة جنيه، بينما ذكر آخرون أنهم طولبوا بدفع المليون كاملاً أو ( يركبو الشارع ) فركبوه بكل سرور عائدين بخمسمائتهم التي هم في أمس الحاجة إليها لمقابلة احتياجات معيشتهم الضنكة التي يتبارى تجار( سوق الوحدة ) في زيادة معاناتهم منها بأسعار سوقهم الأكثر انفلاتاً في السودان ( كان ما أخاف الكضب !!). عموماً وحتى كتابة هذه السطور ما زالت الحارة 43 الوحدة – الجزء الخامس، خارج خارطة الإمداد الكهربائي،علماً بأن شرقها الجزء الرابع – البقعة ، وشمالها الحارة 36 التعويضات – البقعة ، وجنوب شرقها الحارة 33 ابو سعد ، كلها تنعم بالكهرباء ،ولم يعد يشارك الوحدة في مصابها الكهربي سوى الحارة 52 الصالحين ( ابوسعد / البقعة ؟!) جنوباً ،و( معسكر) ود البشير غرب الجزء الخامس المنكود الطالع!. نرجو الاسراع في إمدادنا. فالكهرباء التي تم غرز أعمدتها الأسمنية في انتخابات 2010م السابقة ، نرجو أن لا يصبح توصيلها لبيوت المواطنين برنامجاً انتخابياً لمرشح في انتخابات 2015م القادمة !!. فهل عشمنا في الكهرباء أشبه ب (عشم إبليس في الجنة)؟!. فإن كانت الكهرباء جنة، فإننا قطعاً لسنا إبليس .. نفيدكم بذلك عن يقين أيها السادة الكهربائيون الكرام !!. وبإذن الله سنعود . يوسف جابر جودة [email protected]