تمر بلادنا بمنعطف خطير بات يهدد كيان الوطن ككل, وأضحت وحدة ماتبقى من التراب السوداني في مهب الريح, في ظل بروز عدة مؤشرات تدل على ذلك. وضعف وتوهان للمعارضة السياسية بشقيها المدني منها والعسكري وطغيان الذاتية على حساب القضايا المصيرية, أهم السمات التي تدل على إنفراط عقد الوطن وضعف الحس الوطني على حساب القبلية المفرطة والتي شكلتها عدة عوامل طيلة تاريخنا الحاضر والمعاصر حتى غدت السمة الغالبة في أي عمل جديد يظهر. والآن نحن إذ نواجه هذا الخطر بمسئولية وطنية وكقوى حديثة آلت على نفسها مسئولية التصدي لهذا الوقع المرير بكافة تجلياته والمساهمة الفعالة في بناء دولة المواطنة الحديثة التي تقطع مابين ماضيها الاستعماري والشمولي كشرط لتحقيق ذلك, كان لزاما علينا الافصاح عن الواقع الماثل بكافة تداعياته حتى نستطيع إزالة الغباش والتدليس الذي يمارسه الاعلام المضلل هنا وهناك للرأي العام وفضح التيارات القميئة التي ظلت تدعي المناداة بحقوق الجماهير تحت عدة مسميات براقة لا تشبه أفعالها وممارساتها البتة, تخضع البسطاء للزج بهم في اتون الجحيم بحجة إنهم يدعون الى تحرير وعدالة ومساواة. ولكن الحقيقة الماثلة إنهم يسعون الى كراسي السلطة على حساب الدم السوداني, وقد أثبتت التجارب الماثلة ذلك منذ أبوجا والان يعيدون نفس الكرة بنفس الوجوه الدنيئة التي ولجت الي الصراع من بوابة القبلية النتنة لذلك تراهم يحشدون أسرهم والاقربين بعد أن إنكشفت حيلهم أمام الغالبية العظمى من الناس . إن النظام الحالي(نظام الجبهة الاسلامية) أكد للجميع بما لايدع مجالا للشك بأنه من أسوأ الانظمة التي مرت على البلاد منذ تشكل مايعرف بدولة السودان بوضعها الحالي, بل أسوأ نظام عرفه التاريخ المعاصر, وهذا واضح للكل سواء كان المواطن البسيط, او على المستوى الاقليمي ,او الدولي. نظام إشتهر عالميا بالابادة الجماعية والنهب والقرصنة, حتى الاغاثات التي تأتي للمنكوبين يقوم بسرقتها؛؛ لذلك لاأعير النقد تجاهه اهتماما , باعتباره نظام هالك ونعمل على إجتثاثه من أرض السودان. بقدر ما احاول أن ازيح الستار عن الغيمة التي تطل من حين لاخر مستبشرة المقهورين والمسحوقين ومعدمي القري ان تبقت, وكادحي المدن بمطر يتنزل عليهم خبزا" وعدالة وحتى يتسنى لنا خلق رأي عام تجاه الواقع المقرف حقا". إن الساحة السياسية حتى الآن لم تكن مؤهلة لإحداث التغيير المنشود طالما يتسيد المسرح الطوائف ومحدودي الرؤيا الذين لاينظرون الا تحت اقدامهم والذين أنتجتهم أفرازات الازمة, مدفوعين بغبن أجتماعي, وليس بوعي سياسي ولا تسندهم أي افكار سوى مفردات بائسة مل الشعب تكرارها. وهذا مادفع الكثيرين من الشرائح الواعية التي كان يكمن أن تساهم في دفع عجلة التغيير الى الامام' بدلا" عن الشجب والسخط على الواقع والتفكير بل العمل الى البحث عن بدائل لم تكن مجدية على الاطلاق. فالاحزاب التقليدية أثبتت بالتجربة إنها عاجزة عن القيام بأي فعل يلبي تطلعات واشواق الجموع القفيرة التي تلتف حولها, بل تخطى التاريح حقيقة الاحزاب التقليدية واصبحت تدور في فلك النظام الفاشي المتهالك, وخير شاهد على ما أقول تدافع الالاف ابان أعلان الصادق المهدي تزكرة تحريره الى ميدان الخليفة , ويأتي ليحدثهم أن الباب يفوت الجمل؟؟ ' أليس هذا حزب جدير بالوجود في الساحة كممثل لتطلعات شعبنا ؟. على كل إن الاحزاب الموجودة في الساحة هي احزاب مركزية بالدرجة الاولى تمثل نخب الشمال النيلي تدار باساليب فاسدة من المركز وهي التي ورثت جهاز الدولة من المستعمر وهي جزء من الأزمة. لذلك نشأت الحركات الثورية في الاقاليم كمعبر عن حقوق ومكتسبات الكثيرين الذين ملوا لعبة الطوائف والعسكر. ولكن للاسف ان هذه الحركات فقدت مصداقيتها لدى الغالبية العظمى إلا من لم يتعلم من التاريخ بفعل ممارساتها القميئة وجنوحها نحو الذاتية, بإعتبار إن قياداتها من ذوي الوعي الناقص ولا تنظر الا بمقدار من الذاتية الموقلة في القبيلة, والمتتبع للتاريخ القريب من أبوجا الى مايسمى بملتقى أروشا الان يدرك ان نفس الوجوه تكرر نفسها على المسرح بعد أن أرتوا بدماء البسطاء شركات وبارات وفنادق, والان يعيدون نفس الدور.. ويا للغباء فقد إنكشف أمرهم كاصحاب مصالح ذاتية. كيف لا, وبالامس القريب ينادون بإسقاط النظام واليوم يذهبون ليلاقوا عصابة الانقاذ في مسرح العبث بإسم السلام والبحث عن حل شامل لازمات الوطن؟؟ وغدا" سيحدثوننا عن تباشير السلام ؛ ألم يكن لهذا الشعب زاكرة كي يسمع لهذا النعيق والنهيق. إن الواقع الان يسير على حافة الانفجار. وقد تغيرت الاشياء بفعل الازمة المستفحلة. فالالاف يموتون في حروبات تافهة ولا احد يعر ذلك أهتماما بينما تقوم الدنيا وتقعد عندما تداهم السيول والامطار البيوت في الخرطوم. أليس الذين يموتون في دارفور منذ عشرة اعوام واخيرا في ج كردفان والنيل الازرق بسودانيين يستحقون حملات نفير؟؟ اليس الصراع اللعين الذي يديره النظام عبر اجهزته الامنية ويقف من خلفه بالدليل احمد ابراهيم الطاهر رئيس برلمان الزيف , والسماني الوسيلة , وابراهيم محمود حامد . وغيرهم من زبانبة النظام الذين سنخصص مقال كامل لتوضيح الحقائق للقارئي الكريم حول الصراع الاخير. بين الرزيقات والمعاليا فى حرب لا رابح فيها احد وحصدت الاف الارواح البريئة. الا يستدعي ذلك نفير والجثث عافتها حتى الكلاب ؟ الحقيقة الماثلة الان ان الدم السودان ليس بواحد وان إهتماماتنا تجاه الوطن ليست بواحدة إيضا" وذلك بفعل عدة عوامل أوصلتنا لها النخب المركزية التي تحكمت في جميع المؤسسات السودانية منذ خروج المستعمر والى يومنا هذا وبالتالي تشكلت صورة قاتمة عن الاخر وأثبتنا لانفسنا فعلا اننا كسودانيين لم نتعارف في ما بيننا بعد. أن السبيل الوحيد للخروج من النفق المظلم الذي وضعتنا فيه قوى المركز عوائل , طوائف ,عسكر.أنقاذ, ... الخ السير في طريق القوى الثورية الديمقراطية التى لم تتلوث أيايها بدماء البسطاء ولم ترتزق من عرق الغلابة , وأن قوي التغيير الحقيقية قادمة لا محالة وقريبا لاننا نؤمن أن التغيير ليس تغيير في السلطة فحسب .بل التغييير الحقيقي يتمثل في تغيير النظام الاجتماعي القائم الموروث من المستعمر والذي هو سبب كل الازمات والشرور وخلق الفوارق الطبقية والعرقية, نسعى الى تغيير شامل يزيل التضاد بين الريف والمدن والغاء نظام الطبقات وخلق دولة المواطنة الحقة التى تعمل على رعاية ورفاه المواطن السودني, وهذا لايتأتى بما يسمون أنفسهم جبهة ثورية لانهم في النهاية سيصلون الى تسوية للحاق بالسلطة القائمة, كل مافي وسعهم الالتحاق بوظيفة عليا في الدولة وفاقد الشئ لايعطيه ونواصل جمال الزين محمود كباشي [email protected]