يقول المثل الشعبي( الما شفتو في دار أبوك بيخلعك) نشهد هذه الأيام تنطعا وغلوا في الدين ما عهدناهما في بلادنا قبل ذلك كأننا ما عرفنا ديننا الا في عهد الانقاذ. وأننا لو اعذرنا البسطاء والدهماء فكيف بنا ان نتجاوز عن قصور فهم نواب البرلمان والحكوميين للدين ومقاصده. فقد اختذلت هذه الفئة دين الله في ترصد تنانير النساء وسراولهن. ولعلكم تذكرون مجادلة ومماحكة نواب الشعب في أمر ختان البنات ونكاح القصر والبلاد تتقطع أوصالها وينهار اقتصادها وهم في غيهم يعمهون. وأخيرا قال أحد نوابنا الاماجد ان الناس يعرضون بناتهم في شارع النيل. ما السر في كل هذا الغلو والتنطع؟وليه الناس دي مخلوعة كدا؟! الدارس والذي عنده علم من الكتاب والمتتبع لأمور السياسة السودانية لا يمكن ان يذهب بعيدا ببصره عن أستحكام حلقات الخناق حول رقبة الحكومة الحالية. إذن كيف السبيل الي درء هذه المخاطر؟ الحل الأمثل؟ ال deflection المضايقة في الأرزاق وأكل العيش لم تجدي لان إيمان الناس يعصمهم من الشكوي لغير الله فهى مذلة ولكن النفث في روعهم بسفاسف الامور يفتنهم ويقطع اوصالهم عشرون مليار دولار من عائدات النفط خسرها الشعب السوداني بشقيه الشمالي والجنوبي بسبب السياسات الرعناء والعنجهية أعظم سكك حديدية وخطوط بحرية ومشاريع زراعية راحت في غمضة عين وانتباهتها أعظم خدمة مدنية وعسكرية وشرطية في كل أفريقيا اندثرت وانفرطت كما العقد المنثور أجدع ناس وأحسن شعب علموا الشعوب الثورة علي الظلم استكانوا وقنعوا بما هم فيه من ذل وهوان حتي ضاقت عليهم الارض بما رحبت كل ذلك لان الحكومة شغلت الناس بالفارغة وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا ﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً* الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ﴾ [ سورة الكهف: 103-104 ] الجزء ادناه اسعارة من احدي المكتبات الغلو مجاوزة الحد، والحد هو النص الشرعي، كلام الله، وما صح من كلام رسول الله، هذا النص الشرعي ينبغي أن تفهمه لا على مزاجك، ينبغي أن تفهمه وفق قواعد علم الأصول، ووفق قواعد اللغة العربية، فالنص الشرعي القطعي الثبوت؛ سواء كان قرآناً، أو حديثاً صحيحاً، يجب أن تفهمه وفق قواعد علم الأصول وقواعد اللغة العربية، وإنّ مجاوزة هذا النص هو الغلو في الدين. لذلك أكثر الغلاة في الدين رأيُهم هو الأصل، فالنص الذي يغطي غلوهم يتمسكون به، ويرددونه، ويسلطون عليه الأضواء، والنص الذي ينقض غلوهم يهملونه، فإذا ذُكِّروا به صرفوه إلى غير المعنى الذي أراده الله عز وجل، فأن تختار من النصوص ما يروق لك، وأن تكثر من ذكره، وتسلط عليه الأضواء، وتهمل نصاً آخر فهذا أيضاً غلو في الدين، أن تأخذ شيئاً بلا دليل، لأنه راق لك فهذا غلو في الدين، أن ترفض شيئاً معه أقوى دليل لأنه لم يَرُقْ لك فهذا غلو في الدين. شيء آخر في الغلو، الغلو في الدين أيها الأخوة نوعان: نوع خطر جداً، وهو النوع الاعتقادي. عقيدة تخالف ما جاء في القرآن الكريم هذا غلو، أو انحراف، أو خروج عن قواعد الدين، فأخطر شيء في حياة الإنسان أن يسأل نفسه هذا السؤال: هل تصوراتي صحيحة؟ هل نظرتي صائبة؟ هل رؤيتي صحيحة؟ هل اعتقادي صحيح؟ هل إيماني صحيح؟ أما إذا وجد في إيماني جانب غير صحيح أو تصورٌ موهوم، وإذا ضخمت، أو قلَّلت، أو أغفلت، أو خرجت فهذا كله غلو في الدين، ولا تنسوا قوله تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ﴾ [ سورة النساء: 171 ] وفي حديث صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ: ((الْقُطْ لِي حَصًى فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ، فَجَعَلَ يَنْفُضُهُنَّ فِي كَفِّهِ، وَيَقُولُ: أَمْثَالَ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ)) [سنن ابن ماجة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ] الغلو الاعتقادي خطير! من أبرز تعاريفه أن تأخذ فرعاً من فروع الدين، وتكبره، وتضخمه حتى تجعل منه الدين كله، الآن لو تتبعت الفرق الإسلامية والجماعات، فكلُّ فرقة أو جماعة أخذت جانباً صغيراً، وضخمته، وجعلته هو الدين، هذا هو الغلو، والصواب في هذا التوازن، والوسطية، والاعتدال، والحق دائماً وسطٌ بين طرفين. الغلو الاعتقادي أيها الأخوة خطير، لماذا؟ لأن المغالي على خطأ وهو يظن أنه على صواب، المغالي لا يتوب من غلوه، إذا كان الغلو اعتقادياً فهو كما وصفه الواصفون: لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري، فمِنَ الناس مَن يدري ويدري أنه يدري فهذا عالم فاتبعوه، ومنهم من يدري ولا يدري أنه يدري فهذا غافل فنبهوه، منهم من لا يدري ويدري أنه لا يدري فهذا جاهل فعلموه، ومنهم من يدري ولا يدري أنه يدري فهذا شيطان فاحذروه، فالذي لا يدري ولا يدري أنه يدري فهذا مُغالٍ في الدين، أما الغلو العملي فهو أقل خطراً. أحياناً وسوسة في الوضوء، فيعيده مرتين أو ثلاثاً، وسوسة في الطهارة، وسوسة في بعض الأفعال، هذا غلو، لكنه عملي سهل، أما أخطر غلو في الدين فهو الغلو الاعتقادي، تأخذ فرعاً، وتضخمه، أو تغفل كلية من كليات الدين، أو تغفل جانباً من جوانب الدين. أسباب الغلو : لو سألنا هذا السؤال: ما هي أسباب الغلو؟ مَن يقترح سبباً وجيهاً لأسباب الغلو؟ أشد الأسباب براءة الجهل، يفعل الجاهل بنفسه ما لا يستطيع أن يفعله به عدوه، الجهل علاجه العلم، فلا طريق إلى الله إلا بالعلم، الجهل أحد أَوْجَه الأسباب البريئة في الغلو، فالجاهل يجب أن يتعلم، لكن المشكلة أحياناً أن الإنسان جاهل، لكن يظن أنه عالم، فهذا يرفض أن يتعلم، لذلك قالوا: تعلّموا قبل أن ترأسوا، فإن ترأستم فلن تعلّموا، الجهل علاجه العلم. سيدنا عمر بن عبد العزيز ناظر ألفين من الخوارج، وفي مجلس واحد رجعوا عن خروجهم، وعادوا إلى الصراط المستقيم، فالإنسان إذا اعتراه الجهل، وقاده إلى الغلو، وإذا لم يصغِ إلى النصيحة، يبقى جاهلاً، ويموت جاهلاً متلبساً بغلوه. غلو آخر أسبابه غير الجهل، هو الهوى، الإنسان أحياناً تكون عنده رغبة في شيء دنيوي، فيجرُّ النصوص لصالحه، في الإنسان انحراف، وفيه هوى معين، ومطمح معين، وله دنيا معينة، فتجده يجرُّ النصوص كلها لمصلحته، هذا أيضاً غلو في الدين. قال: أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى فصادف قلباً فارغاً فتمكنا * * * منعم جعفر [email protected]