بعد تعيين مبعوث الرئيس الامريكي باراك اوباما لدولتي السودان دونالد بوث تغير فجاة لغة الحكومة السودانية حول قضية ابيي ، فقبل تعيين المبعوث و مزاولته للعمل رسمياً كان السودان يتحدث إن الخطوات التي يقوم به جوبا بصدد قيام استفتاء ابيي في شهر اكتوبر لن يكتب لها نجاح قبل تكوين المؤسسات المدنية و موافقتها لمقترح الوسيط الافريقي ثابو مبيكي و إن ما يجري في جوبا حول قيام استفتاء احادي هي للاستهلاك الداخلي لا اكثر ، لكن بمجرد وصول المبعوث الى السودان إشتد لغة الحكومة السودانية و بدا يحزر بشدة الولاياتالمتحدة من التدخل في شئون السودان الداخلية و التحذير من خطورة التاثير في علاقات جنوب السودان و السودان الذي يصفونه بالمتطورة بعد زيارة الرئيس كير للخرطوم ، اتفق مع الحكومة السودانية في قلقها و الاسباب خلف تعيين المبعوث الامريكي في هذا الوقت قبل بضعة ايام من حلول شهر اكتوبر ، و من المعروف إن الولاياتالمتحدة لم تعين مبعوثاً لها لدولتي السودان منذ انتهاء فترة المبعوث السابق برنستون ليمان اي ما يقارب السنة فلماذا انتظرت الولاياتالمتحدة سنة كاملة حتى تقوم بتعيين مبعوثها ؟ ربما للامر علاقة بقضية ابيي بشكل كبير كما آن اي تدخل امريكي في هذا الوقت سيقلب الطاولة على الحكومة السودانية و ربما سيحسم قضية ابيي و هو ما سيضع الحكومة السودانية في موقف حرج جداً و على الرغم من الاشتراطات السودانية للتعاون مع دونالد بوث مثل رفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب و إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة إلا آنها عبارة عن زوبعة لا اكثر فالولاياتالمتحدة لن تتعامل بمنطق الاخذ و العطاء مع السودان و هو في اوهن حالاته فلن يكون امام الحكومة السودانية سوى الرضوخ للعصاء الامريكية . ليس من المعروف الاسباب التي جعلت الولاياتالمتحدة تنتظر سنة كاملة حتى تعين مبعوث جديد لكن ربما طبيعة العلاقة بين جوبا و الخرطوم لم تروق لها فالعلاقة اصبحت تتارجح شمالاً في صالح الحكومة السودانية في ظل الصراعات التي يعيشها الحزب الحاكم في جنوب السودان ، فالعلاقات التي يصفها جانبي السودان بالمتطورة و الاخوية سيجعل من ابيي ضحية لان جوبا تميل الى الهدنة مع الخرطوم لضمان مرور البترول عبر الاراضي السودانية دون إن تعكرها قضية ابيي ، لن يكون غريباً إذا كان مهمة المبعوث الامريكي الجديد هو إقامة إستفتاء ابيي في شهر اكتوبر فبروتوكول منطقة ابيي الواردة في اتفاقية السلام الشامل مقترح امريكي قدمها وقتها دانفورث مبعوث الرئيس بوش للسلام في السودان ، ليس امام السودان الكثير من الاوراق ليلعب بها مع امريكا فرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب لن يضع نهاية لمشاكلها مع امريكا بل سيعجل برحيلها لكن هذا لا يعني إن الولاياتالمتحدة تسعى للاطاحة بالنظام الحاكم في السودان طالما هي تحقق لها اهدافها و لو مرحلياً ، لا اظن إن الحكومة السودانية مستعدة لخسارة الكثير مع امريكا بسبب قضية ابيي بل ستسعى لمقايضة ابيي ببعض المكاسب مثل مساعدتها في إعفاء الديون الضخمة التي اصبحت تثقل كاهلها و حتى لو كان مجرد وعود امريكية وذلك إذا كانت الادارة الامريكية ساعية الى وضع حد لقضية ابيي باعتبارها القضية الكبرى التي تبقت من اتفاقية السلام الشامل و فيما يخص العلاقات بين جنوب السودان و السودان ، سيظل الحكومة السودانية ترفض قيام استفتاء ابيي في اكتوبر بالشروط التي وضعتها الالية الافريقية و ربما ستفاجئ المسيرية بالتخلي عنهم في ساعة صفر و ربما إستعدت لمواجهة المسيرية في حال اصبح الامر خارج سيطرتها . ما سيدعم مهمة المبعوث الامريكي دونالد بوث و يضعف الموقف السوداني من استفتاء ابيي هو تمسك الوسيط الافريقي بمقترحه باقامة الاستفتاء في اكتوبر بالاضافة الى دعم ممثلي النرويج ، بريطانيا ، الولاياتالمتحدة ، المعروف بالترويكا التي اكدت في اجتماعها الاسبوع الماضي في اوسلو حيث جددوا دعمهم لمقترح الوسيط الافريقي للحل النهائي لقضية ابيي و اكدوا بضرورة قيام استفتاء ابيي في موعدها بجانب الدعم الافريقي . لقد حاول حكومتي جوباوالخرطوم تمتين علاقاتهم دون إن يتاثر بقضية ابيي او بمعنى اخر تاجيل استفتاء ابيي الى وقت اخر و اعتقد إن ذلك ما جعل الرئيس الامريكي يسارع في اللحظات الاخيرة بإرسال مبعوثه لعله ينقذ ما يمكن إنقاذه كما إن وجود المبعوث الامريكي سيعيد التوازن في علاقات الدولتين بعد إن إستطاع الحكومة السودانية من ترجيح الكفة الى صالحها مستغلة ضعف حكومة جوبا وعدم وجود قيادات تاريخية لها وزنها الشعبي والسياسي و تحظى باحترام كبير مثل الامين العام للحركة الشعبية باقان اموم ووزير رئاسة مجلس الوزراء السابق دينق الور ووزير الخارجية السابق نيال دينق لذلك اعتقد إن التوقيت الامريكي كان دقيقاً جداً على الرغم من آنها متاخرة لكن إن تاتي اخيراً خير لك إن لا تاتي ، مهمة المبعوث الامريكي سينقذ جوبا من شرك حكومة السودان و سيكون لها ما بعدها و الكلمة ذات التاثير في مسار قضية ابيي سواء في اكتوبر او بعدها . إذن الايام القادمة ستكشف الكثير حول مستقبل ابيي بعودتها الى حضن الوطن جنوب السودان . كور متيوك [email protected]