ما عاد هناك وقت للحديث عن إصلاحات أو ترقيعات أو حلول لأزمة استفحلت طوال ما يقرب من ربع قرن جثمت فيه هذه الطغمة الحاكمة على صدر الشعب السوداني تسقيه الويل والثبور ، وكل يوم تأتي بالجديد من الممارسات التي تصب في إنهاك المواطنين لا يسندها شيء غير إرهاب القوة وسطوة البطش واستخدام الآلة الأمنية دون وازع من ضمير أو أخلاق! وما عاد هناك وقت أو متسع لنسمع للخبراء والمتنطعين من جماعة الإنقاذ الذين يحاولون أن يبرروا ما يجري في السودان من انهيار في كل شيء ، في دولة هتك عرضها واستبيحت أراضيها وانفصل جزء عزيز منها بسياسات بالية وبساسة هواه لا تاريخ لهم في إدارة المفاوضات أضاعوا على السودان وحدته وادخلوه في نفق التشرزم الذي بات يلوح في كل جانب من أجزاء السودان والثمن كله هو البقاء والتشبث بالسلطة ولتذهب وحدة السودان إلى الجحيم. كتب على الشعب السوداني أن يسمع في كل ستة أشهر أن هناك حزمة من الإصلاحات الاقتصادية ستقود السودان إلى مصاف دول العز والكرامة في مواجهة دول البغي و الاستكبار وهو يعاني من شظف العيش والفقر والجوع والفاقة ويأتون بسياسات مالية واقتصادية إذا سألت تلميذ في الابتدائي سيقوم بوصف تلك الروشتة البالية المعروفة سلفاً وهي أسهل الحلول ( رفع الدعم عن المحروقات والقمح أو زيادة أسعارها) ليدفع المواطن ثمن كل الأخطاء والممارسات الشائهة والفطيرة التي يمارسها النظام من سفه الصرف التفاخري والبذخ الذي لا تخطئه العين ، ومن الفساد الذي لا يحتاج لشاهد أو شهود. فهل يعقل أن يطالبنا رئيس النظام بالإتيان بأدلة على الفساد وهناك المباني الفاخرة والعمارات التي تطاولت والكل يعرف أصحابها كيف كانوا وفي غمضة عين كيف أصبحوا في حي الرياض والمهندسين وفي كافوري وغيرها من الأحياء الراقية ، والذين يملكون الشركات عابرة القارات اقتنصوها من رحم الحكومة بينما هن موظفون عاديون ، والمجتمع السوداني لصيق ببعضه متشابك في علاقاته لا احد يستطيع أن يخفي حياته الخاصة. لقد برز هؤلاء كالنبت الشيطاني وحقت عليهم كلمة أستاذنا الطيب صالح ( من أين أتى هؤلاء ....؟). كيف أصبح أصحاب الولاء بعد أن كانوا لا شيء وصاروا كل شيء!!؟ إنها سياسة الهروب إلى الأمام من واقع واضح بين فالفساد عشعش في كل مفاصل الدولة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ولن يجدي الاستخفاف بعقولنا وبدلاً من أن نعالج أصل الداء نتكلم عن القشور. كنت اعتقد بعد الهالة التي روج لها النظام بأهمية اللقاء الصحفي لرئيس النظام أن تكون هناك حلول واقعية وقرارات شجاعة تصب في مصلحة الشعب المغلوب على أمره وأن تكون هناك قرارات قوية ضد الفساد المسبب الأول للازمة الاقتصادية التي تحيط بأعناق الشعب السوداني ، ولكن للأسف معظم فقرات اللقاء استخفاف واستهزاء بالعديد من فئات الشعب وأخيراً فرض الرأي النهائي رضي من رضي وأبى من أبى ، اهكذا تعامل الشعوب ممن يدعون قيادتها؟ فشل كامل ، وإخفاق تام في مختلف مناحي الحياة. ربع قرن من الهوان حتى أصبحنا من المنبوذين والعديد منا يتجولون في مختلف أصقاع الكرة الأرضية نحمل هذا الجواز الذي وصمته الإنقاذ بكل الصفات المرفوضة على مستوى العالم من سياسات سالبة لحكومة لا تلقى بالاً لحقوق الإنسان وتمارس القمع والقهر وكأنها في تعيش في عالم آخر. وكم عانى الكثيرون خارج الوطن والذين فرضت عليهم الظروف التنقل والسفر من هذا الجواز المشبوه لدى كثير من الدول!!! وكانت آخر بدع اللقاء الصحفي ذلك الحديث عن المغتربين بهذه الصورة السلبية التي تنكر دورهم في إنقاذ هذا النظام وهو محاصر من كل جانب خاصة في أيامه الأولى عندما كان المغتربون هم البقرة الحلوب الذين (حلبوا) حتى جف ضرعهم ..... ولو توقف هؤلاء المغتربون عن إرسال تحويلاتهم لشهرين أو ثلاثة شهور لجثا هذا النظام على ركبتيه!! والشيء الوحيد الذي نجحت فيه الإنقاذ هو تكميم الأفواه وفرض سياسة القبضة الأمنية التي بدأت تتضعضع وتنهار كل يوم ، وحتماً إرادة الشعوب هي الغلابة مهما طال الزمن. ولن تنفع المساحيق والمكياجات أو المسلسلات القديمة مثل ( سائحون) أو (اصلاحيون) الذين يخرجون لنا من تحت عباءة الإنقاذ أو من تحت طاولتها فهذه سياسات فاقدة الصلاحية لن تنفع اليوم ولن تقنع أحداً. ولكن ما نعرفه أن هناك روشتة واحدة تعالج هذا النظام هي ( الرحيل ولا شيء قبل الرحيل ) اليوم وقبل الغد!!!!! علي عثمان المبارك - صحفي [email protected] جوال 0545708175