لقد سئل المرحوم محمد أحمد أبو سن عن المفتش الإنجليزي في منطقتهم وكيف حاله معهم، فقال رحمه الله ما هو بطال.. ولكنَّه طول! ونحن الآن لا نستطيع أن نقول بأن الإنقاذ بطالة- لأننا لن نجد منهم من يقبل هذا المنطق أو هذه الحقيقة-ولكننا فقط نقول إن الإنقاذ قد حكمت السودان بما فيه الكفاية لهم ولنا.. والواجب أن نجد من الأسباب بأن نقول لهم كفاية يا جماعة طولتوا والتغيير سنة الحياة-والواجب أن ترحلوا قبل أن تجدوا من يقولها لكم قطعاً وللصبر حدود- وإننا نرى بأن العالم من حولنا قد انتشرت فيه ثورات الشباب، وفي بلادنا شباب، وسيكون الرافضون لكم قطعاً أكثر وأكثر من الذين يقفون بجانبكم، وهذه حقيقة يجب ألا نختلف حولها ولكننا في السودان لا نريد أن يحدث بيننا ما حدث في بلاد أخرى، خاصة وبين أهل السودان روابط أسرية، وقبلها رابطة الإسلام، لا تحتمل أن تُزهق الأرواح- رغم أننا نعلم أن في نظام الإنقاذ أصحاب مصالح لا يقبلون رحيلها بسهولة- ولذلك فإن حرصنا ودعوتنا بأن لا تعم الفوضى ولا نريد لما حدث في مناطق أخرى أن يحدث في بلادنا، ولا نريد أن نقول لحكومة الإنقاذ ارحلي ففي كلمة الرحيل قسوة قد لا تقبلها أخلاق أهل السودان، ونحن نريد في هذا الوطن العزيز أن تسود بيننا روح الإلفة والمحبة والاحترام المتبادل والذي تفرضه مصلحة هذا السودان، ولتكون هي الأولى والغالبة على المصالح الذاتية، وقد سمعنا من السيد رئيس الجمهورية كلمات تنطلق من هذه المعاني الطيبة، وقد سمعناه وفي كلمة له في شندي يقول لو قال لنا هذا الشعب اذهبوا فإننا سوف نفعلها ونذهب-والآن فإني أقول للسيد الرئيس عمر البشير: لو أردت أن تسمع هذا الحيدث من الأغلبية فأرجو أن تعطيهم الأمان لتجمُّع سلمي وفي مظاهرة على مستوى السودان لتسمعك صوتها بالرحيل.. فإني على ثقة بأن أهل السودان جميعاً يريدون للإنقاذ أن ترحل، ونحن لا نريد ذلك ولا نقبله، بل نريد للإنقاذ أن تذهب عن طواعية وبقناعة تامة، لإن مصلحة هذا السودان في هذا الرحيل، ولذلك فإننا نريد من الإنقاذ أن تذهب بدون ثورة، ولها من الاسباب ما يدفعها بأن تعجل لهذا الرحيل وفي كرامة، لأننا نعتقد بأنه يكفي أن يحكمنا نظام الإنقاذ لأكثر من عقدين من الزمان، ونقول إن أمر الانفصال الذي حدث بالفعل فهذا وحده يعتبر سبباً ويعطي الفرصة لحكم جديد- والواجب أن ينتهز السيد رئيس الجمهورية الفرصة ويقوم بحل هذه الحكومة واستبدالها بحكومة جديدة لا نسميها ذات قاعدة عريضة- بل حكومة يستعين فيها برجال من القوات المسلحة من المعاشيين والقدامى الذين تم إبعادهم حين مجيء الإنقاذ بحجة أنهم لا يؤيدون النظام. ونؤيد أن يكون عمر البشير ضمن هذا التكوين والذي تكون مهمته مؤقتة لإجراء انتخابات جديدة، وأن تستعين هذه الحكومة برجال قانون بعيدين من الأحزاب لصياغة دستور للمرحلة المقبلة التي يأتي منها نظام ديمقراطي تعددي صحيح -وأن يتم في هذه الفترة المؤقتة التحقيق في أي شبهة فساد حتى نبعد هؤلاء من الدخول بأموالهم لشراء الأصوات.. وإننا نحذر من الدعوة للحكومة ذات القاعدة العريضة ونحذر أحزابنا الكبيرة وخاصة الأمة والاتحادي الديمقراطي من الوقوع في هذا الخطأ الكبير.. لأن المشاركة في حكومة ذات قاعدة عريضة معناه بقاء المؤتمر الوطني إلى ما شاء الله، لأن المشاركة معه في حكومة معناه أن يعود مرة أ خرى وبدون منافسه، لأنه سوف يظل هو المسيطر على نظام الحكم وفي يده كل شيء، وسوف يعطي الأحزاب الفتات وسيكون المصير مثل مشاركتنا في حكومة الوحدة الوطنية من قبل.. ومن الأشياء المهمة التي أقف عندها بشدة «الغفلة» التي تعيش فيها أحزابنا والتي نسمع بمفاوضتها حول المشاركة وهم يسمعون الإساءة التي توجه لهم من قاعدة المؤتمر الوطني، وبالأمس قال عنهم نافع «إنهم مترفون وبائعو كلام»، ورغم ذلك هم يتهافتون نحو المشاركة، رغم أني أبرئ الحزب الاتحادي الديمقراطي فقد انحصر لقاء رئيسه مولانا الميرغني مع إبراهيم أحمد عمر في أمر الدستور ودارفور ولم يتعرض بيان مكتبه إلى مشاركة، ولكن هناك من المحسوبين على الحزب وهم يتهافتون ويجهزون أنفسهم ليجدوا نصيبهم من الكيكة المسمومة، وهؤلاء لا يدرون حجم الخطأ الذي سيرتكبونه في حق الشعب السوداني إذا شاركوا هذا النظام في حكومة.. ونكرر بأن هذا معناه بأن يظل المؤتمر الوطني جاثماً على صدر هذا الشعب المنكوب في أحزابه وقياداتها التي لا تبحث إلا عن مصالحها الخاصة والقبول بالمشاركة في حكومة ذات قاعدة عريضة.. هذا معناه عدم التغيير، وهذا معناه بقاء المؤتمر الوطني بدون رحيل..أما الحديث عن الوطن، فالواجب أن يكون من في يدهم الحل والعقد، أن يكونوا الأحرص، وأن يقوموا بتغيير هذا النظام بدون ثورة، ونحن لا نحتاج لها إذا حكَّمْنا العقل وحفنا الله في هذا الشعب المغلوب على أمره.