(1) الأخبار التي تقول إن ما يحدث في مدن السودان وقراه هو ( احتجاجات ) أبعد ما تكون عن الحقيقة , إنها ثورة , تشارك فيها الأحياء والأسر , وتقدم الشهداء , ولها أهداف واضحة , وما يزيد من خطورتها أنها بلا قيادة , إنها الهبة الشعبية الكبرى , بكل الغضب الكامن المكبوت منذ سنوات النسيان والأكاذيب , وستطيح بالحكومة إن عاجلا أو آجلا . (2) القوات النظامية لا تجد القناعة الكافية للدفاع من أجل نظام الإنقاذ بعد أن رأت كيف يهب الشعب من سباته , وهذا أول ما قدمته الثورة من تطورات وحقائق , إنهم ينسحبون من المواقع ويخلون الشوارع وبعضهم ينضم للهتاف الصاعق , وهذا يعني أن نظام الإنقاذ مكشوف في العراء وأن أبواب الثورة مفتوحة لكل داخل جديد . (3) الحكومة استعملت الرصاص الحي على نطاق واسع , وأسفر ذلك عن سقوط أكثر من مئة شهيد حتى الآن ( عليهم رحمة الله ) في مدني والخرطوموأم درمان وبقية المدن الثائرة وذلك عندما أصابها الهلع من هدير الشوارع ولكنها تنصلت من مسؤولية الدماء المسفوكة وفي مخيلتها دائما ذلك التصريح المنشور ( للجبهة الثورية ) أنها ستحمي المظاهرات إذا تعرضت لإطلاق نار . (4) من الحقائق المهمة التي ظهرت جليا للعيان أن الشعب الآن يعرف تماما من هو عدوه ؟ لقد تمايزت الصفوف وعرف من في ( السفينة ) من يليهم من مخلصين أمام الجبل الخارج عن القانون والأعراف الدولية والإنسانية . لقد أصبح الشعب في جهة – وأصبح المؤتمر الوطني بعضويته التي هامت في الطرقات وتجنبت المرور بشوارع الثورة في جهة أخرى , وهذه خطوة من أهم الخطوات لاقتلاعهم . (5) بعد اتساع نطاق المظاهرات التي شارك فيها حتى ( طوب ) الأرض وانكفاء أجهزة الدولة الرسمية قامت الحكومة وهي في أعجز حالاتها بإنزال مليشيات ( أبوطيرة ) ومليشيات المؤتمر الوطني الخائفة المرعوبة من وجه الله الحق في شوارع أم درمان ( ويقال إنها جلبت من شندي ومناطق أخرى ) وهي تطلق من أسلحة آلية النيران عشوائيا وترهب المواطنين وتعيث فسادا داخل الأحياء وتطلق البمبان وسط الأطفال والنساء والمواطنين العزل بل في ذلك الهدوء من مساء يوم الخميس كانوا يطلقون البمبان داخل ملاعب ( البلاي استيشن) ورغم ذلك تفشل في القضاء على روح الثورة في النفوس . (6) انهيار الأوضاع الشامل لحكومة الإنقاذ يمكن أن نقرأه في الآتي : أ . تصريحاتهم المهتزة بأنهم لا يخافون المظاهرات , وأنهم سينزلون شباب حزبهم في الشوارع ( وللحقيقة والتاريخ فإن هؤلاء الشباب الآن في الطرقات وأنزلوهم في اللحظة الأولى وهؤلاء الشباب الآن حائرون في إيقاف المد الثوري لحركة الجماهير . ) ب . تصريحات والي الخرطوم الكالحة بأنه سيضرب المظاهرات بيد من حديد بعد أن كبدته سمعته ومكانته كدباب ومحترف حروب . ومتكبر على المواطنين الذين مرغوا أنفه في التراب . ج . قطع الإنترنت منذ منتصف نهار الأربعاء وحتى الآن والتشويش على الاتصالات التلفونية وإرسال بعض المحسوبين عليهم ليقنعوا الناس بالرجوع إلى منازلهم التي حسب زعمهم قد نهبتها عصابات ( النيقرز ) التي أطلقوها هم أنفسهم من الحراسات والسجون كما حدث إبان الثورة المصرية في 25 يناير . د . الشلل الواضح الذي تعيشه مدن كمدينة أم درمان التي دخلت في ما يشبه العصيان المدني . وانعدام الخبز في بعض الأنحاء وإغلاق المحلات أبوابها مبكرا . و . انزال مليشيات بملابس مدنية غريبة الأشكال تقتحم الأحياء على رأس كل ساعة لإثارة الذعر والتخويف . ه . تغير أحاسيس الناس وشعورهم الأكيد بالرغبة في التغيير العاجل بأي ثمن . بعد أن لقنوا المستفزين والمتكبرين من المؤتمر الوطني درسا عظيما لن ينسوه والآتي أكبر وأعظم . (7) الثورة ( مستمرة ) فالنظام الاقتصادي لا يمكن إصلاحه بعد تخريب إداري متعمد بواسطة التمكين لمدة ربع قرن من الزمان ومع كل زيادة سعر سيقتنع الجميع أكثر بأن الحل في الثورة وفي إنهاء النظام . (7) المواطنون ينتظرون ويتحدثون عن انحياز القوات السودانية المسلحة وقوات الشرطة ويحسون بأن ذلك سيتم قريبا بأي شكل من الأشكال , فكلما سفكت دماء طاهرة بريئة كلما رأوا النور في الأفق . (8) نائب رئيس الجمهورية الذي خلع الرداء المرقع المزور لتمثيله للشعب السوداني وكشف عن نزعته الاستعمارية للمواطنين , واضطهاده لبني قومه , وكشف عن أسنانه البذيئة لتحطيم وتمزيق المجتمع , نادى بإنزال شباب الحزب وفي أيديهم السلاح في الشوارع من أجل قتل المواطنين و المتظاهرين بعد أن شعر بأن الشرطة لا تتجاوب معه ولا تحميه من ثورة فتية آمنوا بربهم فزادهم هدى , وإذا كان الأمر كذلك فيجب على الشعب السوداني أن يفكر في تسليح المدنيين لحماية أنفسهم وأهلهم ودورهم وأموالهم من مليشيات أحزاب متفلتة تشكل من اللصوص والمجرمين والمحرومين والمعوقين نفسيا وروحيا وتسليح تلك المظاهرات الضخمة التي وثبت وثبتها الكبرى في يوم 23 سبتمبر وهزت عروش الطغاة وزلزلت كراسيهم المهترئة الساقطة لا سيما وأن هناك صيحات اجتماعية كثيرة باللجوء للسلاح والحماية الذاتية بعد أن جيرت كل الأجهزة المسلحة لصالح حفنة من المنتفعين الذين يريدون حماية قصورهم وأموالهم وأن يتركوا بقية الشعب لنيران المليشيات . (9) المجد للشهداء . المجد للشهداء . الثورة لن تتوقف . فهي انتظمت كل السودان . ولابد لها من تحقيق مطالبها الرئيسية . نظام جديد يوفر السلام العادل والشامل , وإنهاء الحروب ما ظهر منها وما بطن , وضع دستور جديد دائم , فترة انتقالية ثم انتخابات حرة نزيهة . المجد لمن خاضوا غمار المواجهات . المجد لمن تزاحموا في الطرقات. لا يوجد في السودان من ينتحب على شهيد سقط . كلا . إنهم لم يموتوا في مشادة كلامية في حفل صاخب . وإنما ماتوا من أجل وطن وشعب وفي أرض مازالت في أمس الحاجة للشهداء . وما بدلوا تبديلا . فما أهنأهم بهذه الشهادة الكبيرة ! وما أسعدهم تحت وطأة هذا المجد العظيم ! . [email protected]