أنا لا أحب الأماني التي ترتدي ثياب الشيفونات والسهرات أو تغطي وجهها بالخمار الأسود ... وأنا لا أحب الأماني الملطخة وجهها بالألوان النرجسية لتبدو جميلة في القنوات .. وانا لا أحب الأماني التي تخفي وجهها المكبوت مكندك بمكياج ليلة حمراء يزيف نضرتها الوضاحة في إنتظار فجر المشارق .. وأنا لا أحب الأماني التي لا تتعطر بعرق الكفاح الحاضر المتنسم لأريج المستقبل ... وأنا لا أطيق رائحة الأماني التي تدخن الأوهام في مقاهي الحكام وتلعب الورق في وسط الأبواق فلا يخرج من شفتيها إلا الوعي الزور ... وأنا لا أهوى أماني الأحرار التي تهوى الفلسفة الزائدة ولا تحقق نفسها في وجه الزمن بالإصرار... وكم أحتقر الأماني المنمقة التي تمارس الرومانسية الحالمة و "الأتكيت" والأكل بالشوكة والسكين والبيتزا والكلب الحار، ولا تعرف طعم أكل العصيدة باليد ونكهة الفول بالشمار .. ولا أريد أن تربطني علاقة من أي نوع بالأماني التي تشيب دون أن تحقق شئ من عنفوان الشباب و تصاب بأمراض الشيخوخة مبكرا فيتقوس ظهرها ويضعف قلبها ويضيق صدرها فيصعب تنفسها وتصبح تعاني من السعال الدائم وتختم حياتها بالمشي على عكازات أو كرسي متحرك في نهاية المسار... وأنا لا أستطيع تقبيل شفاه الأماني التي فرغ فمها من الطموحات فصارت كالعجوز التي تساقطت أسنانها!!..وأنا لا يمكنني أن أراقص الأماني التي ترهلت بطونها من تخمة الأمال وقلة السعي و تراكم شحم النسيان .. فأنا أحب أن أطوّق بذراعيّ الأماني ذات الخصور الضامرة الممشوقة الرشيقة من كثرة رياضتها في مضمار تحقيق الذات .. وكم يؤرقني أن تمشي الأماني بدلال وغنج مثل عارضات الأزياء وبنات العائلات الموسرة وهي فارغة المحتوى والرأس .. أو تقف في بلاط السلطان وعلى جدران الزعامات الطائفية كما الطيور التي على رؤوسها الطير أو المحنطة .. فمتى كانت الأماني من دون أجنحة ومتي أصبحت مومياء تحنط مثل ملوك الفراعنة؟؟.. وكم يزعجني أن أجلس إلى أمنية ثرثارة .. تحكي عن قصص بطولات عقيمة لم يولد نباتها ثورة تؤتي أكلها ثمرة كانت في إكتوبر أو في أبريل.. فليس الفتى من يقول كان أبي .. والأب دمرها في زمن الغفلة بالغسيل الأصفر ولم يصمد، ومايزال عقل إبنه يعاني لوثتها بإنتباهة.. أما ما يصيبني بالغثيان فهو أن تصير الأماني مثل الأوهام .. وأن تنبت من فوهاتها حمم الغدر بدل ينابيع الماء، والورود السود بدل الياسمين .. فتصبح حطام في زمن الحسرة على السياسية والبكاء بتعاسة في زمن موت الحماس للتغيير والوفاء للغير .. إكتشافي ليس بمثير فمنكم من يهبط برمي حمله على جبل وهن وفير تملأ جسده ثقوب الخيانة .. قد يُشق صفه، فيشُق على كل يوم أن أرى الإحباط يتلفح وجوه الغلابة الكالحة وهي ترجو وتتأمل في الوجه إبتسامة كاذبة .. جف حبر الشرفاء في أذان الأسياد وتشققت صخور النصح في طرف العباءات .. يا الله .. يا لحرارة السلطة .. ويا لحرارة الجاه .. ويا لحرارة المال .. ويا لبرودة الوطنية .. ويا لبرودة التضحية .. ويا لبرودة هذا الطقس .. هذا جو أوروبي في سماء أفريقيا وزمن الربيع العربي، أو الفجيع العربي، سمه ما شئت، تجارة ضيزى، حيث يباع الغالي بالرخيص والساقط بالنفيس..... قدر السودان يا سادتي هو أن يضيع منذ ولادته بأيدي من لا يعرف قدره ولا يحترم شعبه .. جريمة تحرش ثم إغتصاب وحشي لصبية يانعة لم تبلغ الحلم .. برئية كانت بإنتظار مستقبل مشرق .. هذه الزنجية السمراء لم يراعي عهدها وامانتها ويحفظ حقها أبناء مدينة السياسة .. فلم تسلم من خبث العسكر ودهاء المستعربين ومكر المتأسلمين .. جرثومة لا شرقية ولا غربية تأكل أكل السوسة والعافية المدسوسة .. إلى يومنا يبيعها المجرمون في سوق الإماء والبطر .. ويزرعونها في الإناء .. كوردة سوداء .. للغجر .. صار من حقي يا سادتي أن أسأل أسئلة تصارعني .. نتشاجر بأيادينا من مدة .. تلطمني والطمها .. نتناطح .. كنت أغطي عينيها وتغطي عيني .. وأكمم فمها وتكمم فمي .. وامسك بزمام رقبتها وتمسك بزمام رقبتي .. ونسقط خائري القوى فلا يخرج أي صوت منها ومني إلا همسا.. أسئلتي تبحث عن إجابات شافية ولا تريد ان تدور في حلقة مفرغة ك: من أين أتى هؤلاء؟ .. لكني اليوم أطلق سراحها من المؤبد لتخرج من سجون قلقي ومعتقلات أرقي إلي فناء الحرية .. إلى أين تغدو يا بلدي الحبوب؟، فهل أنت ملغوم بنظرية المؤامرة والمغامرة؟، لماذا يحكمني الإسلاميون ودولتهم الرسالية تتهمني بنقص ديني لتكمله، ثم ينحرونني وأنا لم أكمل حتى نصف ديني!..وبذلك يطلعوا ديني بأكمله وإنا لله وإنا إليه راجعون.. ألم يكتفوا بذبح ما قبلي من الشعب قرابين لإله الهوس لأجل المثلث .. إلي أين تقودنا النتانة و ماذا بعد هذا الإرث القمئ؟ هل من حشرنا في هذا النفق المظلم حبيسا وبلانا برئيسا بقادر على إجابتها؟ .. هل هذه مسرحية كاذب ما سابش حاجة؟ من الكذب ومايزال يكذب.. هل ربيعنا قد أزف؟، أم سنكتفي بربيع عبدالعاطي!..أبحث عن إجابات شافية لهذه الأسئلة للخروج منها بكرامتي وليس كرامة أي بليلة!.. ومهما يكن فأسألتي إنعتقت من طرف دولاب المعتقلات الملئ بالقمصان الوفيرة التي ترتديه الأرواح الشريرة وتحمل في يدها سواطير فتقع في فخ التعقيدات مجددا .. أماني ما تزال تائهة في الصحراء لم تجد حتى سرابا تحسبه ماءا .. فسقطت في غيابات الجب .. فإلتقطها التجار ليربوها كبقرة حلوب تتضرع.. صفراء فاقع لونها تسر الناظرين .. تدر على الزبانية اللبن والعسل .. ومن ثم تذهب لتغط في نوم عميق، وكبيرهم في دوحة يحدوها الدعاء في واحة خضراء الدمن.. ويدلّك ضرعها بالثبات وعدم الفرفرة عند الذبح ليأكل لحمها ويلبس جلدها ويقرش عظمها في النهاية... لذا منذ اليوم غادرت أمالي وقتلت السندباد الذي كان يحملني في بساط الريح ويحكي لي عن الأوطان وكيف تبنى بجيل بعد جيل .. أغادر بسفن الواقع موانئ الذكريات أرفع يدي إلى الأماني بلا رجعة .. وأنا أبحر مبتعدا عن شواطئ الرجاء أتذكر الأوهام والعيش علي فتات الماضي وخيبة الأماني التي تكافح لتحقيق ذاتها... بشراع جديد ورحلة جديدة بين حلفا ونملي، والجنينة و بورتسودان .. فسترجع يوما حتما نملي .. ليس بشراع الأماني .. بل بشراع منسوج من قماش البطولات .. شراع يصنعه جيل سوداني جديد .. خياله ليس مثليا.. وعقله لم يمسسه بشر ولم يك بغيا.. .. هو مريم الأخرى وفي لبه شئ من حتى .. فأنا سائر في رحلة شاقة تكابد فيها أحلامي قُطاع الطرق المسلحين .. فإن ذهبت الأماني فقد بقيت لي الأحلام .. وبقي لي كل السودان .. فأنا شمالي لأنني جنوبي .. وأنا دفوراوي لأنني بجاوي .. والسودان ليس الإنقاذ .. والإنقاذ لم يكن يوما من السودان .. الإنقاذ هي لعبة الغجر .. تقتل الأرواح وتلعب بالبيضة والحجر .. وتذر الجميع في فتن ليعيش في خطر .. لذا فتحت هذا الصدر لكي لا يتلوث هذا النهر .. فإن صافحتني يد القدر .. فمرحبا بها لأن حلمي ماض وإن أطلقت المعارضة الرصاص عليه في الظهر! .. فمسك دمي الأقحواني بلا حدود أمد الدهر.. فهو ثورة سرمدية إلى أبد النصر .. ومهجة روحي مشرئبة تلمع في قلب من بهم غصن الوفاء النضر.. فحلمي البسيط: سودان ما فيهو عنصرية وما فيهو قبلية سودان جميل .. في الرابط الأسفل تراني. http://www.hurriyatsudan.com/?p=127789 لك تحية المجد أيها الخالد مصعب وأسكنك الله فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.. [email protected]