أتصل بي قبل مدة أحد العارفين ببواطن الإمور يسرني أمرآ جللآ في حسبانه وهو أن السفارة السودانية بلاهاي تدفع مساهمات "منح" مالية بشكل مستمر لبعض المنظمات السودانية بهولندا!. ثلاثة منظمات فقط منتقاة بعناية كما تدفع قروش بشكل راتب لحفنة من المتفرغين للعمل الخفي ذي الأهداف الخفية!. كنت مثل الكثرين أسمع مثل هذه الأخبار بشكل مستمر دون أن أتيقن كوني على الدوام بعيد ومستبعد (مثل الأغلبية) عن دائرة السفارة كوني بالقطع معارض للنظام وعلى الدوام حتى آتاني اليقين بعد حين في شكل معلومات موثقة ومؤكدة لا بل سارت بها الركبان. وهو أمر غير قابل للنكران. بس لنأخد الأمر بهداوة وحبة حبة. المشكلة شنو إذا ما دفعت السفارة السودانية بلاهاي أو في أي حتة في الدنيا، مساهمات مالية في شكل منح من أجل دعم المنظمات الطوعية ومنظمات حقوق الإنسان، سواءآ كانت سودانية أوهولندية؟. المشكلة وين؟. ثم أنه لا توجد منظمات سودانية بهولندا، كلها هولندية لأنها مسجلة وفق النظام الهولندي وخاضعه له، لا لأي جهة غير ذلك. ولو أنها تقول بأهداف محددة عندها علاقة مباشرة بالجالية السودانية حصريآ بهولندا أو السودان ككل أي كبلد، غير أن هذا لا يجعلها منظمات سودانية إلا مجازآ كونها من الناحية القانونية غير خاضعة لا للسفارة السودانية ولا للنظام السوداني برمته بل للنظام الهولندي تمامآ. قلنا نأخد الأمر بهداوة. طيب ليه السفارة السودانية ما تدفع قروش إن أرادت؟.... مش السفارة الهولندية في الخرطوم عندها منحة سنوية لمنظمات المجتمع المدني داخل السودان؟. طبعآ، أنا أعرف هذه المعلومة جيدآ. هو أمر ممتاز ووجب تشجيعه. بس لماذا هناك حلال وهنا حرام؟!. لكن بعد، هناك قضية خطيرة!. الشفافية. السفارة الهولندية في الخرطوم عندها ميزانية محددة معلنة للملأ وعندها شروط معلنة للملأ من أجل منح المساهمات المالية ومن أجل أهداف محددة أيضآ معلنة للملآ. (هنا نغض الطرف عن الفرق الشاسع بين هولندا كبلد غربي غني ماديآ والسودان كبلد عالم ثالثي يحسب من أفقر بلدان الكرة الأرضية من حيث GNP & GDP per capita فإن كانت السفارة السودانية بلاهاي عندها ميزانية لدعم منظمات المجتمع المدني الهولندية "السودانية" فهو أمر لا غبار عليه من حيث المبدأ، بس مفروض نعرف، كلنا نعرف، القروش كم؟ وشروط المنحة شنو؟. وأهدافها شنو؟. ونقرأ التقرير النهائي كل عام وجدول بياني بالمنظمات الفائزة بمنحة السفارة السودانية بلاهاي، وربما نطمح في تقرير مفصل يخبرنا عن النتائج التي تحققت وفق منظومة PCM وكدا كلو تمام، وبراوة على السفارة، وإلا هناك مشكلة و خطيرة جداً، كون أي قروس تدفع في الخفاء (غموتي) عندها شروطها الخفية "الغميسة" وتلك هي القضية. كما أن ما تفعله السفارة السودانية من هذه الناحية يعتبر تدخل في شئون الدولة المضيفة "كون السودانيين في هولندا هولنديون" وهو أمر مناف ومناقض ويجافي الأعراف الدبلوماسية المرعية. زيادة على أن أي سفير في أي حتة في الدنيا يمثل مؤسسة الرئاسة ورئيس دولتنا في السودان مدعو إلى لاهاي (هولندا ذاتها) لأنه متهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي لقطاع من شعبه هو وآخرين من حزبه وحكومته. فهل يستقيم بعد هذا كله ما تفعله السفارة الإنقاذية في هولندا؟. طبعاً لا!. سأحدثكم في الحلقة القادمة عن تفاصيل أكثر وعن إمور أخر أدق وأغرب من الخيال منها إثارة النعرات العرقية والتجسس على الناس ومحاولة تشويه سمعة أبناء وبنات الجالية السودانية بهولندا وأشياء أخرى. وسيكون عندي ليس المنطق وحده بل الشهود والوثائق. محمد جمال [email protected]