تعجبني جداً كتابات الزميل المحترم أبو عاقلة أماسا الذي ينطق بالحق على خلاف الكثير جداً من كتاب صحافتنا الرياضية. . وقد طالعت له اليوم مقالاً ساخناً وصريحاً تناول آخر جمعية عمومية للمريخ وأسهب في وصف مواطن الخلل في مثل هذه الجمعيات (المضروبة). . لكنني اختلفت خاتمة المقال، حيث طالب أبو عاقلة رئيس النادي جمال الوالي بتصحيح الأوضاع حتى يستفيد المريخ من قاعدته الجماهيرية الواسعة. . والواقع أن جمالاً لا يمكن أن يصحح أي وضع في المريخ لأنه ببساطة أحد أهم وأكبر أسباب هذه الأوضاع غير السليمة السائدة في النادي الأحمر منذ سنوات عديدة. . جمال يا عزيزي أماسا جزء لا يتجزأ من نظام لم نعرف لمسئوليه سوى الفساد والمحاباة والضحك على عقول الناس منذ أول يوم تولوا فيه أمر هذه البلد. . جمال هو من رتب وخطط ودفع جزءاً عزيزاً من أموال الشعب السوداني لاختيار نفسه كأفضل رئيس نادي عربي. . جمال هو مهندس صفقة اختيار حرم رئيس الجمهورية كسيدة العرب الأولى للعام الحالي. . جمال هو من انفق الكثير من الأموال في صفقات خاسرة خلال أكثر من عقد مضى. . جمال هو من بدد الكثير من الموارد في احتفالات وبطولات لم يجن منها المريخ أو كرة القدم السودانية شيئاً. . والهدف كما هو معلوم كان ولا يزال هو تخدير جماهير المريخ. . المخدر الحقيقي يقدمه أمثال جمال ومن يهللون ويطبلون لهم ( أبو عاقلة قطع شك ليس واحداً من هؤلاء). . المفارقة أن هناك من شكك في القوة العقلية للمتظاهرين قبل أيام واتهمهم بتعاطي المخدرات، مع أن التخدير الحقيقي يقوم بها كتاب الغفلة من أنصار الإداريين وأصحاب المال. . من يفعل كل ما تقدم لا يمكنه أن يصحح الأوضاع في المريخ يا عزيزي أماسا، بل العكس هو ما يحدث. . حراميها لا يمكن أن يصبح حاميها والعكس صحيح دائماً. . الوضع الحالي من عضوية مستجلبة وشلليات يسعد أمثال جمال. . وحتى نكون منصفين لابد أن نؤكد على أن هذا هو واقع معظم انديتنا الكبيرة منها والصغيرة وليس المريخ وحده. . وينسحب نفس الوضع على الاتحادات وغيرها من مؤسساتنا. . فليس هناك ديمقراطية حقيقية في أي منها. . معظم الأندية تلجأ لخيار العضوية المستجلبة حتى تضمن فوز من يحققون مصالح بعض ضعاف النفوس من صحفيين وحاشية. . هو موضوع كتبنا عنه كثيراً دون أن يجد ما نسطره أذاناً صاغية لأن أصحاب المصالح كما ذكر الأخ أبو عاقلة يريدون لهذا الوضع أن يستمر حتى لا تتضرر مصالحهم. . لكن يبقى السؤال: ماذا عن جماهير الأندية؟! . لماذا لا تثور هذه الجماهير وترفض العبث؟! . لماذا تسمح الملايين التي تناصر الأندية لثلة من المنتفعين بهكذا تلاعب؟! . أليس مخجلاً ألا تتعدى العضوية التي تنتخب المجالس في الهلال والمريخ المئات؟! . إلى متى سيستمر هذا الوضع البائس المخجل؟! . وإلى متى ستواصل جماهير الناديين سلبيتها مكتفية بالهتاف للاعبين وحمل الجدد منهم على الأعناق مع بداية موسم التسجيلات من كل عام؟! . بلغ السيل الزبى حقيقة في هذا الشأن، وعلى جماهير الناديين الكبيرين على وجه الخصوص أن تصحو من غفوتها وتقول لا لأصحاب المصالح. . فهذه الأندية ليست ملكاً لمجموعات بعينها. . بل يفترض أن تكون ملكاً لهذه الملايين التي تتابع التمارين والمباريات وتدفع بسخاء من أجل مشاهدة لاعبيها. . لكن تظل عبارة " النادي ملك جماهيره" مجرد حديث نظري إلى أن يأتي يوم تهب فيه هذه الجماهير وتفرض على إدارات الأندية واقعاً جديداً اسمه " عهد الجماهير". . لابد من ثورة في وجه كل منتفع دنيء عديم الضمير لأن مؤسساتنا لا يمكن أن تكون محترمة طالما أننا نتركها فريسة سهلة لمثل هؤلاء البشر الذين لا يهمهم سوى ما يدخل جيوبهم. . لو ثارت جماهير الناديين الكبيرين واستردت حقها المسلوب، لربما ساعد ذلك في استرداد الشعب السوداني لحقوقه الأكبر المسلوبة أيضاً. [email protected]